ممارسات تربوية شاذة ... كاد المعلم ان يكون رسولا / د . علاء كنة

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, مايو 18, 2012, 04:03:25 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

ممارسات تربوية شاذة ... كاد المعلم ان يكون رسولا



د.علاء كنه

نعم صحيح إن تربية الطفل تقع بالمقام الأول وبشكل رئيسي على الأسرة، ولكن هناك أيضاً أموراً أخرى مشتركة وهي أن للدولة أيضاً الدور المهم في توفير الرعاية والحماية له بموجب القوانين والأنظمة، وإنتهاءاً بالمدرسة كذلك والمتمثلة بالمعلمين والتربويين والذين يعتبرون معنيين به ومسؤولين مسؤولية مباشرة عنه.
وبموجب قوانين حقوق الطفل فإن للطفل الحق في أن ينعم بطفولة سعيدة تتوفر بها كل وسائل الأمن والطمأنينة بعيدة كل البعد عن العنف والإبتزاز والإستغلال بانواعه المختلفة، وخير دليل على ذلك في بلدان "الكفار" حيث للطفل الحق في الإتصال بدوائر الشرطة في حال إقدام تعرضه الى إيذاء جسدي أو ماشابه من قبل أحد أفراد أسرته، أي تمنح له الحماية بموجب القانون. إن الإتفاقية العالمية لحقوق الطفل ومنظمة اليونيسيف ماهي إلا أدلة واضحة على أهمية الطفل والسعي الى حماية حقوقهم وزيادة الفرص المتاحة لبلوغ الحد الأقصى من مهاراتهم وقدراتهم. ولاأدري لماذا الإطفال في الدول العربية عامة وفي العراق خاصة ليسوا مثل بقية أطفال بني البشر، مع العلم أن أمتنا هي الوحيدة التي تنادي وتولول ليل نهار بانها خير أمة.
إن المدرسة ماهي إلا وسيلة تربوية يتم فيها تربية النشئ الصالح ليكونوا عماد المستقبل، ولاينكر أحد الدور المهم للمعلمين والكادر التدريسي فيها ومكانتهم في إتاحة فرصة جيدة للطلبة وخصوصاً الأطفال لمساعدتهم للتعرف على حقوقهم، وإرساء قواعد الإحترام سواء للوالدين أو للمعلمين والمحافظة عليها. وبنفس الوقت يعتبر المعلمون مثالاً يحتذى به في إحترام كرامة وقدرات الأطفال.
وفي مدارس الغرب "الكافر"! تسعى إدارات المدارس وبشكل كبير في إشراك أولياء أمور الأطفال وبعض من عينة أفراد المجتمع وتشكيل مجالس دورية منتخبة من أجل تعزيز حقوق الأطفال وتطوير قدراتهم، وتشجيعهم على إجراء الحوار حول قضاياهم ومشاكلهم، وتشجيعهم على التعبير عن وجهات نظرهم وأرائهم من خلال خلق منبر خاص بهم. 
الذي أثار حفيظتي وجعلني أكتب هذا المقال هو قرائتي لخبر غريب من نوعه أثناء تصفحي لأكثر من موقع إلكتروني وهو بخصوص حادثة وفاة أو بالأحرى حادثة قتل لأحد الطلبة في أحدى المدارس الإبتدائية في مدينة العمارة جنوب العراق، والقتل هذه المرة لم يكن على الهوية أو بقنبلة مفخخة أو على يد قناص والتي هي من الطرق المألوفة والمحببة! لقتل العراقيين والتي إعتادوا عليها على أيادي "المجاهدين الشرفاء"! حتى بعد رحيل المحتل وطردهِ شر طرده! وإنما كانت هذه المرة على يد معلمة! نعم معلمة الطالب نفسه، وقد يستغرب البعض وخاصة الذين لم يسمعوا بتلك الحادثة المشؤومة والتي في نظري لا أعتبرها سوى أحدى رواسب وتبعية الماضي وتَركته اللعينة، تلك التَركة الثقيلة التي عصفت بالتعليم كالأعصار وأردته قتيلاً، وخاصة أبان فترة الحروب والحصار، تلك التَركة التي كانت تمنح للبعض الحق في التمادي في القوة والتسلط عندما كان المعلم الحزبي يمارس السلطة المستبدة والعنف المفرط ضد طلابه. وتتلخص عملية القتل هذه عندما قامت إحدى المعلمات بمعاقبة ذلك الطالب وذلك بحبسه حبساً إنفرادياً! ولكن أين؟ تصوروا.. في المرافق الصحية للمدرسة، نعم (المرافق الصحية)، والمرافق الصحية في أغلب المدارس العراقية بمختلف مراحلها لا بل حتى الموجودة في بعض الجامعات هي غنية عن التعريف ويتفق معي الغالبية بانها لاتليق بالبشر لا بل لاتصلح حتى لإستعمال الحيوانات، وأتذكر جيداً عندما كنا طلاباً كيف كُنا نتفادى حتى بالمرور من قربها لقذارتها والروائح التي تنبعث منها، والجميع يعرف ماأقصد، ووقع الحظ العاثر لذلك الطالب المسكين مع تلك المعلمة البائسة والتي لاتصلح أن تكون مربية وإنما تصلح أن تشغل وظيفة ضابط أمن في إحدى الدوائر الأمنية في عهد القائد الضرورة!.
والطامة الكبرى هنا هو إن تلك المعلمة (المسطولة) فاتها أن تحرر ذلك المسكين من حبسه الإنفرادي عند إنتهاء الدوام الرسمي للمدرسة، كما هو معمول به في ميثاق حقوق الطفل!! وذهبت تلك المتعوسة للبيت لتتابع حلقة جديدة من حلقات المسلسل المكسيكي أو ربما مسلسل مهند ونور!، لتتذكر في منتصف الليل إنها قد نسيت ذلك المسكين في سجنه الهادئ، لتسرع لتتصل هاتفياً بالسيد مدير المدرسة المبجل والذي يحتفظ بخيرة الكوادر التدريسية في مدرسته! ليهرع في منتصف الليل الى المدرسة ليفتح باب المدرسة ويتوجه مباشرة الى غرفة العمليات!(المرافق الصحية) ليرى الفاجعة! وهي إن الطالب قد فارق الحياة من جراء إستنشاقه لأنواع الروائح العَطرة لمرافق ربما لم يقم أحد بتنظيفها لسنوات. والأتعس من ذلك هو إنتهاء تلك الفاجعة بمصيبة أخرى وهي حدوث مواجهة دموية بين عشيرة الطرفين، بين عشيرة أهل الطالب المسكين وأهل المعلمة البائسة لتنتهي بمقتل ثلاثة أشخاص من الطرفين وتهريب المعلمة الفاضلة! ذات الخبرة الفريدة الى جهة مجهولة خوفاً من الثأر للطفل.
وإذا كان الخبر صحيحاً فان ذلك يعني بحق كارثة جديدة تلحق بالمؤسسة التعليمية في العراق وتدني مستواها المهني، حيث لم يدر في خلدي أن هناك في عراق اليوم وبعد زوال ذلك النظام وأزلامه من الكوادر التعليمية والتدريسية بهذا القدر من الجهل، خاصة بعد ما سمعت بحصول الكثير منهم على كثير من الإمتيازات والمكأفات بعد سقوط النظام بعد أن كانوا يعانون شظف العيش جراء وضعهم المعاشي المزري. كما لا أنكر أن المعلمين كتربويين يعانون الكثير من مهنتهم بالتعامل مع أنواع من الطلبة وإن عدم القدرة على السيطرة على سلوكيات البعض منهم في الصف يؤدي الى وقوع البعض من التربويين والتدريسيين في أخطاء ومكبات عديدة، وقد يضطر البعض منهم كما هو معهود في أغلب مدارسنا في الدول العربية ولحد يومنا هذا الى إستخدام طرق إبداعية متنوعة تتفاوت مابين الضرب بالعصي أو الصراخ لتصل أحياناً الى حد الشتم وتوجيه الإهانات، لا بل في بعض الأحيان الى التشابك بالأيادي، للمحاولة للسيطرة على زمام الأمور في الصف وإرجاع هيبة المعلم أمام الطلبة، لكن من المستحيل أن تصل العقوبة بحق طفل الى هذا الحد من القسوة.
إن تلك الطرق وغيرها لا تؤدي سوى الى الإضرار بالعملية التربوية والتعليمية، وماهي إلا نتيجة لضعف المعلم، وضعف المتابعة الميدانية والأشراف التربوي، وإن تلك الأساليب البالية ماهي إلا عاهة في مجتمعاتنا العربية لا بل جرائم تمارس بحق الطلبة وخاصة الأطفال منهم ولاتقل عن مايقوم به مجرمي القاعدة وأمثالهم عندما كانوا يقومون بتجنيد الأطفال لتنفيذ جرائمهم، وكما يقال أن "أول السل زكام"، فاذا كان المربين بهذا المستوى ويتم حل مشاكل الطلبة بهذه الأساليب فماذا تتوقع من الجيل الذي يتربى على أيديهم، فالمعلم الناجح والكفوء هو من يفرض شخصيته وإحترام الطلاب له بدون إستخدام تلك الأساليب، ومن أجل الحد منها فمن الضروري تظافر الجهود لكل من الدولة والمدرسة والأسرة من خلال إسهام جميع الجهات في المجتمع من مؤسسات حكومية وخاصة، أكاديمية وتعليمية، إضافة الى منظمات المجتمع المدني، وأن يكون لوزارة التربية الدور الفعال في خلق وحدات ومراكز تدريبية لتدريب وتأهيل المعلمين لتحسين مهاراتهم في المحافظة على إدارة الصف وكيفية التعامل الأمثل مع الطلبة، وإشراكهم في دورات مكثفة لتوعيتهم وتثقيفهم بخصوص حقوق الطفل، ودورهم المهم في تنشئة جيل جديد في ظل عراق ديموقراطي جديد، وكذلك يجب أن لاننسى أهمية تطوير البرامج الإرشادية وتوفير كل الدعم والإمكانيات والطاقات للمرشدين التربويين للقيام بدورهم الفعال من خلال الدورات التفتيشية للمدارس وبشكل دوري لغرض متابعة سير العملية التربوية والتعليمية فيها على حد سواء.

د.علاء كنه
سان دياكو/كاليفورنيا


لقراءة المزيد من المقالات الدخول للموقع التالي:
www.alaakana.com
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

د.عبد الاحد متي دنحا

شكرا الاخ العزيز الدكتور علاء على الكتابة عن الاطفال و وضع المدرسة العراقية في الوقت الحاضر  وانطلاقا من الحادثة الاليمة كما ذكرت "الذي أثار حفيظتي وجعلني أكتب هذا المقال هو قرائتي لخبر غريب من نوعه أثناء تصفحي لأكثر من موقع إلكتروني وهو بخصوص حادثة وفاة أو بالأحرى حادثة قتل لأحد الطلبة في أحدى المدارس الإبتدائية في مدينة العمارة جنوب العراق"
لقد حدث لي نفس الاندفاع في الكتابة عن حالة الطفل العراقي والمدرسة العراقية, و كان ذلك في حزيران 2011 حيث اردت كتابة مقالة بسيطة عن الطفل في يوم الطفل العالمي ولكن عندما بحثت عن وضع الطفل العراقي بدات بكتابة عدة مواضيع وعي:

ظاهرة أطفال الشوارع في العراق 1
ظاهرة أطفال الشوارع في العراق 2

المدرسة وأهميتها في انشاء الطفل العراقي 1
المدرسة وأهميتها في انشاء الطفل العراقي 2

ثانيا: واقع التعليم الابتدائي في العراق 1
ثانيا: واقع التعليم الابتدائي في العراق 2

ظاهرة التسرب من المدارس العراقية ج1
ظاهرة التسرب من المدارس العراقية ج2

العنف التربوي و معالجته1
العنف التربوي ومعالجته 2
العنف التربوي ومعالجته 3
العنف التربوي ومعالجته 4
العنف التربوي اسبابه ونتائجه ومعالجته ج5
العنف التربوي اسبابه ونتائجه ومعالجته ج6 والاخير

الأمية في العراق, أسبابها وتأثيرها وطرق معالجتها ج1
تفاقم الأمية في العراق  ج2

وهي منشورة في عدة مواقع  منها موقع برطلي نت و موقع عينكاوة

مع تحيات

عبدالاحد
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير

ماهر سعيد متي

د علاء :شكرا على المقال المعبر ..  هذه صور لاطفال سرقت احلامهم .. تحياتي





مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة