تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

المسيحيون العراقيون (10)

بدء بواسطة عبدالله النوفلي, مايو 04, 2012, 12:26:38 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

عبدالله النوفلي

المسيحيون العراقيون (10)
قد يعتقد القاريء بأنني أو غيري من الذين يكتبون عن شعبنا المسيحي، كوننا نبحث عن المشاكل التي يعاني منها هذا الشعب ونستغل آلامه ونبحث عن إثارة عواطف المواطن أو القراء كي يصبح الموضوع الذي نكتب حوله مشوقا، وقد يلجأ الكاتب أيا كان إلى بعض الاضافات المشوقة حسب وجهة نظره، وأحيانا أخرى يلجأ الكاتب إلى النقد المباشر والموجه لجهة أو أسم معين سواء حزب أو تنظيم أو منظمة أو اتحاد أو مشابه ذلك، فأساليب وفنون الكتابة كثيرة، ولكن من يتابع ما أكتبه سيجد أنني لست ممن يحاول خداع القاريء أو أكتب عما لا ناقة لي به أو أنني لا أحاول المساس بأي من أبناء شعبنا سواء كان حزبا او أفراد أو رجالات دين، وجلّ ما أفعله هو الإشارة لما أريد أن أوصله للقاريء وعليه الاستنتاج، لأن غايتي هي البناء وليس الهدم وما فات شخصا او حزبا معينا اليوم ممكن أن يعود ويتم أصلاحه غدا ونستفاد كلنا كشعب من خبرات من كان اليوم منا مثار انتقاد وتجريح و ...
فما نجده في الكتابة التي ألجأ إليها كي أقدم ما أراه للقاريء هو تحليلا هادئا ومحاولا كسب كل ألوان شعبي من الكلدان والآثوريين والسريان والأرمن، وكشماس في الكنيسة أحاول البحث فيما قاله آباء الكنيسة وتراثها الديني كي أستند إليه في بعض كتاباتي وحول هذه النقطة نجد مار بولس يقول: " فاني اذ كنت حرا من الجميع استعبدت نفسي للجميع لاربح الاكثرين.  فصرت لليهود كيهودي لاربح اليهود. وللذين تحت الناموس كاني تحت الناموس لاربح الذين تحت الناموس.  وللذين بلا ناموس كاني بلا ناموس.مع اني لست بلا ناموس الله بل تحت ناموس للمسيح.لاربح الذين بلا ناموس. صرت للضعفاء كضعيف لاربح الضعفاء .صرت للكل كل شيء لاخلص على كل حال قوما." (1 قور 20:9-22).
وبهذا لا أحاول الاصطناع كي أكسب رضا هذا أو ذاك لأنني أولا وأخيرا جزء من هذا الشعب ويشهد عليّ أبي وجدي وهكذا وبذلك أزداد فخرا لأن ما أنا عليه هو نتاج فعل أبائي وأجدادي وما ورثته من شعبي من عادات وتقاليد، كما أنني ابن منطقة الموصل وسهلها الخصب وعلى تماس معها إلى اليوم ونتيجة ذلك فقد عايشت العديد من الأحداث التي عانى منها شعبي وأهلي المقربين، ونتيجة ذلك عندما أكتب اتناول أحداثا حدثت بالفعل محاولا أستقراء ما حدث كي نستطيع تلمس طريق المستقبل الأفضل لي ولشعبي. وكلي أمل أننا سنتجاوز الإخفاقات ونعمل على إيجاد الحلول الملائمة كي نرتقي بشعبنا إلى أفضل مرتبات الشرف بين الأمم الأخرى ويكون للسورايي مكانا محترما تحت الشمس ونعيش كغيرنا من الشعوب بصورة طبيعية وبكرامة.
فقد عاش أهلي أوقاتا صعبة في هذا السهل الخصب من نينوى وكانت أمواله عرضة للسرقة والنهب  ايام الفقر والجوع الذي كان عليه حال كل العراقيين خاصة مع بداية القرن العشرين والحربين العالميتين ومعانتهم مع سياسات العثمانيين التي عملت على تجنيد الشباب من المنطقة كمقاتلين لإدامة عجلة الحرب، وممن كان شاهدا على هذا الظلم هو جدي رحمه الله الذي روى لي بعضا من فصول تلك الأيام السوداء عندما تم أسره من قبل جندرمة العثمانيين وتم وضعه في قفص الاسر الذي كان نقطة تجمع المقاتلين قبل أرسالهم للحرب وكان في بلدة تلكيف الحالية آنذاك، وتحدث رحمه الله عن فضاضة تعاملهم مع أسراهم الأمر الذي جعلني متيقنا مما حدث لشعبنا المسيحي بعد ذلك في مذابح يندى لها الجبين في تركيا الحالية.
وحينها كان الخبز الذي يتناوله أهلنا وأهل المنطقة عموما هو خبز الشعير !!! وكانت الجيوب خاوية حالها حال بطون الناس آنذاك لأن الزراعة التي كانوا يعتمدون عليها لم تكن تدر لهم شيء يذكر، ورغم كل هذا فإن الروح التي كان يحملها جدي دفعته كي لا يستسلم لآسريه حيث لم يترك لحظة تضيع بل فكر بجدية بخطة يستطيع من خلالها فك أسره وكان له ذلك في ليلة ظلماء حيث نفذ خطته وفلح في تنفيذها وقضى ذلك الليل طريد آسريه الذين يأسوا أخيرا وساعده في ذلك الظلام الذي كان ستارا له كي يتوارى عن الأنظار حتى أنه روى لي أنه في أحدى اللحظات كان الجندرمة واقفين فوق رأسه وهو في حفرة أسفلهم يحبس الأنفاس ولم ينتبهوا له، وبعد عودتهم خائبين تلمس طريق عودته إلى قريته الذي لم ينفعه سوى خيوط الفجر الأولى التي عرف بواسطته أين هو وصحح مساره كي يصل قريته وهو يحسّ حينها أنه انتصر على الظلم وأعاد الأمل لعائلته التي كانت ستعاني كثيرا لغيابه خاصة وهو كان معيلها الوحيد.
إنها واحدة من الحكايات القصيرة التي لا يسمح المجال لكتابة تفاصيل أحداثها لأنها لم تنته هكذا بل كانت هناك متابعات وأختفاء كلعبة القط والفار وكان المهم في الأمر أن نجح أخيرا وفشلت كل الجهود الرامية لإيجاده وأعادته للأسر.
ذكرت هذا كي أبرهن لشعبي وللقاريء أننا كشعب نستطيع فعل أشياء كثيرة وليس فقط الهرب ونحو المجهول أحيانا لأن المواجهة قد تكون أحيانا أكثر ذي فائدة وهذه لا تعني بالضرورة القتال بل أن نحكم عقلنا كي لا تكون الخسائر كبيرة ونربح أنفسنا ومالنا وشعبنا، ووضعنا اليوم لا يختلف كثيرا عما تحدثنا عن نتف منه الذي حصل مع البدايات الأولى للقرن العشرين رغم ان العالم يسير بسرعة البرق نحو التقدم ولدينا في حساب السنين قرنا كاملا حتى أن السيارة يومها لم يكن استخدامها شائعا بعد واليوم يستخدم العالم الصواريخ في النقل الفضائي، والتكنولوجيا جعلت من العالم قرية صغيرة، لكن شعبنا بقي رهن جلاديه منتظرا ساعة رفع الجلاد لسوطه ضدهم كي يمارس التعذيب، أي أن شعبنا دائما يتلقى الضربات دون ان يكون هو المبادر على الأقل كي يخطط لتفادي هذه الضربات على أضعف الإيمان، فالوضع اللحالي يطلب منا ان نقوم بضربات أستباقية كي نوقف الشر وزحفه نحونا، أسوق هذا لأن بعد أحداث زاخو ودهوك اوائل كانون الاول 2011 حيث شهدت زحف الأشرار نحو قرى وبلدات كي يضربوا مصالح للمسيحيين والأيزيديين فيها و (شيوز) القرية الآمنة مثال على ذلك ومعها سميل وغيرها، فلو كان لنا رصد جيد للأشرار لاستطعنا أيقافهم قبل دخول القرى والبلدات وجعلنا أبناء هذه القرى في مأمن خصوصا الأطفال والنساء والشيوخ، لأن درع حماية أهلنا يجب أن يتقدم كي تبقى البلدات آمنة داخليا فكما شاهدنا إن المعركة ستقع ولا محالة.
إذا أبسط شيء يفتقر له شعبنا هو التنظيم والادارة لأنهما غائبتان عن عمله وحياته اليومية حيث غالبما ما يتم ألهائهم بأمور قد تبدو كبيرة لكنها تافهة ولا تساوي شيئا وربما لها دلالات للمهتمين بها أكثر مما تهم الشعب المسيحي سورايى العراق وهذا بالفعل ما حدث في الأيام الأخيرة والزوبعة التي حاك لها من أراد أن تصبح هكذا في الظلام وبعيدا عن الأنظار ورتبها لغاية في نفسه لا نعرفها، لأن ديوان الوقف هو دائرة حكومية وتقدم الدعم والاستاد للوقف؛ سواء المسيحي أو الايزيدي أو الصابئي وليس من أهدافه عمل أي شيء تجاه المهجرين أو الذين يعانون ظلما ما، لوجود وزارات أخرى في الحكومة العراقية تهتم بهذا، ودائرة الوقف ممكن أن تصرف المليارات على الأبنية لكنها لا تستطيع صرف فلسا واحدا في باب للصرف غير موجود في ميزانيته.
ورئاسة الوقف تعمل وفق القوانين الحكومية ومسألة تمثيلها لهذه القومية أو تلك هي استحقاق وطني حسب المخطط الذي يسير عليه العراق ككل، وأنا شخصيا الذي قمت بتأسيس هذا الديوان منذ تأسيسه في 3 تشرين الثاني 2003 مع أخوة أعزاء قليلون حينها، عملنا كي يكون عمل الديوان مهنيا غير سياسيا وأن يكون الديوان على مسافة واحدة من الجميع وليس الكنائس المسيحية فقط بل معنا الإيزيديين والصابئة المندائيين وعندما كانت تحدث مناسبة لأي طائفة أو دين كنا نسخر كل أمكانات الديوان كي نستطيع تقديم الدعم اللائق لتلك الكنيسة او الديانة، وسبق أن أبلغت لجنة الأوقاف في البرلمان بأن رئيس الوقف يجب أن تختاره المرجعيات ولا دخل للسياسيين فيه وضربت لهم مثلا عن الوقف الشيعي وقلت له حينها هل تستطيعون رفض من ترشحه المرجعية لهذا المنصب؟
وتقرير من سيكون الرئيس كان قد تم منذ طلبي الاحالة على التقاعد وكانت في كتاب رؤساء الطوائف ثلاثة أسماء وهي نفسها إلى اليوم وحينها كان طلب رؤساء الطوائف أن يتم البحث بها حسب تسلسل ورودها لكن على الحكومة عندما ترفض أحدهم أن تقدم الأسباب حتى لا تحدث مشكلة ويضن المرجع الديني بأنه تم تهميشه أو عدم الرجوع لرأيه في هذا المجال، وللمعلومات أيضا فإن الوقف لا يوزع الأموال على الكنائس بل يقوم بأعمال البناء والترميم والتجهيز لما تحتاجه هذه الكنائس وكل ذلك موثق في سجلات ويتم جردها سنويا، وتشرف على هذه الأعمال لجان الرقابة المالية واللجنة الخاصة بالوقف موجودة فيه طوال السنة تراقب وترى ما يتم فعله، وصحيح أن السياسيين يحاولون أيضا كي يتم تويع المناصب لمن يرونهم ملائمين من وجهة نظرهم أكثر من غيرهم تماما كما هو صحيح لرجال الدين والمفروض أن تقدم الدولة الايضاح كي تهدأ النفوس وتكون أموالها تصرف بصورة نزيهة ولما هو مخصص له.
والكل عندما ينفعل فذلك عملا بما قيل في الكتاب (غيرة بيتك أكلتني) لأن النتيجة لا أحد يضع شيئا في جيبه ولكي يدخل المؤمن إلى الكنيسة ويجدها بأبهى حلة ويسكن الإيزيدي دار الضيافة الذي أنشأه الديوان في منطقة الشيخ عادي وهو يفتخر ببناء حديث وفخم ويسكن يوما أو يومين ليجد مسكنا لائقا ومطعما فاخرا وأرضا خضراء يلعب على أديمها أولاده، كذلك كي يفرح الصابئي وهو يمارس طقوسه الدينية في أرض التعميد في منطقة القادسية ببغداد وهي قد ارتدت حلة جديدة لم يألفها أبدا من ترك العراق منذ سنوات، كل هذه الأمور وغيرها وعلى عموم رقعة العراق فللديوان مشاريع كثيرة من الشمال إلى الجنوب ولكافة الأديان الرسمية غير المسلمة علينا جميعا ان نقف معها لأنها بالنتيجة لخير الشعب المؤمن وأتباع الديانات: المسيحية .. الأيزيدية .. الصابئة المندائية.

ولحلقاتنا تتمة
عبدالله النوفلي

ماهر سعيد متي

إذا أبسط شيء يفتقر له شعبنا هو التنظيم والادارة لأنهما غائبتان عن عمله وحياته اليومية

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

عبدالله النوفلي

أخي الكريم
شكرا لتحياتك
وأتمنى مرورك دوما بمواضيعي