تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

تحليق غيمة في فضاء بلدتي

بدء بواسطة أمير بولص ابراهيم, نوفمبر 23, 2014, 07:06:28 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

أمير بولص ابراهيم

تحليق ُ غيمة في فضاء بلدتي
في لحظة ٍ من سكون الضوضاء حولي ، اطلقت العنان لخيالي فشكلته على شكل غيمة ٍ صغيرة ٍ تُحلق ُ في فضاء بلدتي ( برطلي ) وهي أسيرة ٌ يُكبلها ظلام ٌ لا يجليه ِ إحساسٌ ولا براءة ٌولا إبتسامة .حلقت الغيمة ُ مبتدأة ً من مدخل البلدة وهي تسمع أنين الأشجار الصغيرة فيتشكل على ملامحها حزن ٌ بلا منتهى .. كان طريق مدخل البلدة فارغاً يشتاق لصدى وقع اقدام المارة ِ ولصوت تماس عجلات المركبات معه ،وكانت أعمدة الإنارة تشكو هجرة الطيور من أعشاشها فوق تلك الأعمدة ، تمادت الغيمة ُ بجرأة ٍ في التوغل نحو عمق البلدة منتشية بعبق ذكرياتها وهمس ماضيها وحزن حاضرها الذي غادرها مع أهلها .
كانت عيون الغيمة ِ تتمعن في رؤية ِ منازل البلدة وهي تشكو هزيز ريح ٍ تجوب اركانها ..ابواب المنازل ونوافذها مشرعة للقاصي والداني .. ثمة اشياء مبعثرة ٌ هنا وهناك ، القبور مازلت كما هي صامتة تنتظر قدوم النسوة لإحياء ذكرى موتاهم .. المدارس فاتحة ابوابها بلا تلاميذ ، تصغي مصاطبها لقهقهات جالسيها ، الأزقة القديمة مازالت تردد أغاني التراث رغم هذيانها ، المقاهي أعلنت عطلة دون ان تعلن موعد انتهائها لأن روادها يتسكعون في شوارع بلا نهايات لمدن أكبر .حلقت الغيمة فوق الأسواق فرأت اتربة ً تعلو بواباتها ويافطاتها تتساءل عن عودة من كان يشاركها تحية الصباح وسلام الليل .. راودها حنين ٌ للصلاة ِ فتخطت حواجز الخوف وتخطت وجوها ً لم تألفها في الطرق المؤدية ِ إلى ابراج النواقيس.. دلفت ابواب كنائس البلدة .. لامس وجهها كلمات الترانيم ، شعرت بقدسية حيث ابخرة القداس لم تتلاشى بعد وضياء الشموع مازال يؤدي دور المصلين بديلا ًفي قداس التجلي ..رغم مرور ايام على ذلك الحدث ..سجدت روح الغيمة ِ وأدت صلاتها نيابة عني وعن أهل بلدتي .. تشابكت دموعها مع ابتسامتها أمام أيقونة للعذراء مع ابنها الحبيب ..تأملت بشغف ٍ منقطع النظير تلك الأيقونة ِ.. نقلت رسالة شفهية ً عبر ذلك التشابك بين الحزن والفرح مفادها إن رجاءنا بهما مازال قائما ً رغم الاوجاع والصعاب .. انتهت الغيمة من تلك المراسيم .. اغلقت نوافذ وابواب الكنائس كي لا تطفئ تلك الريح ضياء شموعها ، وَّدعت نواقيسها لترحل عائدة ًإلي َّ .. عادت .. احتضنتها وانا أستنشق ُ تأريخ بلدتي في قطرات مطرها الذي أزاح حزني ورسم لي ابتسامة لن يمسها موت الحاضر وإن بلدتي باقية رغم وجعها ترفض ُ أن يُدفن َ تأريخها ..لأنها خالدة في ذاكرة أجيالها ....


                                                                أمير بولص ابراهيم