مركز المرأة العاملة في برطلة واحة لنشر السلام بين المكونات

بدء بواسطة aram shamanny, ديسمبر 09, 2012, 06:52:53 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

aram shamanny

مركز المرأة العاملة في برطلة
واحة لنشر السلام بين المكونات



ارام توما شابا

مدينة الموصل ( ام الربيعين ) ، مثلما هو ربيعها زاه بالوان الورود المختلفة والطبيعة الجميلة ، هكذا هي زاهية بفسيفساء التنوع السكاني الذي فيها ، ويُقال عنها بانها عراق مصغر ، كونها يعيش على ارضها أناس من مختلف القوميات والثقافات والاديان والمذاهب ، فيها العرب والاكراد والمسيحيين والايزيديين والشبك والتركمان والكاكائيين .
عائلة ( ام داني )  واحدة من عوائل هذه المكونات التي سكنت الموصل ، كانت هذه السيدة ومنذ سنوات زواجها الاولى هي الرجل والمراة في البيت لظرف ألمَّ بزوجها ابعده عن القيام بواجباته كرب للاسرة .
اضطرت ( ام داني ) ان تأخذ الدورين معا ، العمل خارج المنزل لتامين متطلبات العائلة  المعيشية ، وفي نفس الوقت هي ربة المنزل لتقوم بمهامها المنزلية ، فقامت بكلا الواجبين خير قيام حتى بعد ان كبرت العائلة .
بدأت حياتها العملية ، عاملة في صالون حلاقة ومع مرور الزمن والاصرار على تطوير نفسها امتلكت صالونا خاصا بها ، فغدت ربة عمل مسؤولة عن مجموعة من العاملات ، هذا ما وفر لها حياة رغيدة ومستقرة .
تسير معها الحياة بصورة اعتيادية حتى عام 2006 حيث دخلت مدينتها الموصل الى اشبه ما يكون بحرب طائفية ، حيث عمليات الاختطاف والاغتيالات على الهوية ، وكان اكثر المكونات تأثرا بهذه الاحداث هم المسيحيون والتي عائلة السيدة ( ام داني ) منهم .
في احد ايام الشتاء الباردة من شهر كانون الثاني 2006 كانت ( ام داني )  واقفة في شرفة شقتها ، تراقب الشارع منتظرة قدوم ابنها الذي رافق شقيقها الى عمله ، طال انتظارها وبدأ الخوف يدخل كل زوايا المكان ، سيما والظروف الامنية في المدينة لا تسرُّ احد .
يصل شقيقها وبصحبته ابنها وما ان ترجل من سيارته حتى انقض عليه رجال ملثمون ومسلحون ترجلوا من ثلاث سيارات ، امسكوا به وقادوه الى احدى سياراتهم ليضعوه في صندوق السيارة الخلفي ، كانت صرخات السيدة ابتسام كافية لحضور الجيران وبعض سكنة الحي ، ولكن لا احد يتقرب ، فتدخله يعني انهاء حياته وحياة الاخرين ولكن صرخاتها كانت كافية لارباك الرجال المسلحين فتركوا ابنها واختطفوا شقيقها .
مشهد مروع لم تكن لتشاهده حتى في الافلام ، ولكن كان واقعا حدث امام انظارها ، هنا بدأت مرحلة اخرى من الرعب والابتزاز والتهديد ، تعمل كل شيء من اجل انقاذ حياة اخيها من يد المختطفين ، اتصالات يجريها المختطفون مع السيدة المنكوبة ، وبعد مساومة طويلة يطلق سراح شقيقها بعد ان دفعت كل ما تملك وعائلتها فدية للمختطفين .
كان الحادث كافيا لتقرر ( ام داني )  ترك الموصل والتوجه الى مكان اكثر امانا فجاء اختيارها لبرطلة التي استقبلتها وعائلتها ، يؤمن لها سكن من قبل لجنة الطواريء في احد المجمعات السكنية التي انشات خصيصا لاستقبال العوائل المهجرة من المناطق الساخنة .
تركت ( ام داني )  دارها وعملها وكل ما لديها ، ولم يبقى لها مصدر رزق . وبما انها المعيلة الوحيدة لعائلتها ، اضطرت للبحث عن بدائل ، فوضعت كل الذي مر وراءها لتبدأ حياتها من جديد .
تعرفت على مركز المراة العاملة في برطلة ، تدخل عضوة فيه ، وتعطي دورات في فن الحلاقة النسائية للمتدربات فيه ، بالاعتماد على الخبرة التي تملكها حتى تخرجت على يديها العشرات من المتدربات ، بل ساعدها ذلك ايضا على الدخول في علاقات مع نسوة من مختلف المكونات والشرائح الاجتماعية مما كان دافعا لها لافتتاح محل خاص بها ويصبح مصدر رزق لها ولعائلتها.
تقول السيدة ( صابرة صليوة ) المسؤولة عن مركز المرأة العاملة في برطلة ، ان المركز هو احد منظمات المجتمع المدني ، مختص بشريحة النساء من المهجرات والارامل ، وبعنصر الشباب وبدأت اخيرا الاهتمام بالطفل .
يقوم المركز باعطاء دورات تعليمية مهنية تساعد المشاركين فيها على بدء خطواتهم الاولى في العمل من خلال الدروس التي يتلقونها على ايدي مدربين اكفاء في المجالات التي يهتم بها المركز ، بالنسبة للنساء ( حلاقة ، خياطة ، نسيج ) ولفئة الشباب ( تصوير ، تصليح اجهزة الهاتف النقال والحاسوب )  .
تقول السيدة صابرة ، كنا نعاني في بداية عملنا في المركز من صعوبة التجانس بين المشاركين في الدورات نتيجة التنافر الموجود بين افراد المكونات المختلفة بسبب الخوف من الاخر ، نتيجة للاوضاع التي كانت سائدة في البلاد وقتئذ ، لكن باستمرار العمل مع هذه الشرائح وتبديد هذا الخوف الغير المبرر من خلال التاكيد على المشتركات والنقاش في مواضيع تخص ورش العمل ، والعمل ايضا في مجموعات تضم متدربين من مكونات مختلفة ، كل هذا ساعد على اظفاء روح المحبة والتسامح والسلام بين المشاركين في هذه المشاريع ، ومما ساعدنا اكثر على ذلك هي النتائج الجيدة والخبرات التي يحصل عليها المشاركون بعد انتهاء كل دورة ، مما شجع اخرون للانخراط في هذه الدورات .
تضيف السيدة صابرة ، ان الاختلاط بين الجنسين ومن مكونات مختلفة كان من بين المحرمات ، ولكن الاهتمام بالعمل واهميته بالنسبة للمشاركين شجع على تجاوز هذه المشكلة ايضا .
كَبُرت مهام المركز وزاد عدد المشاركين فيه واتخذته جهات اخرى لتنفيذ برامجها و اصبح مقرا لانطلاق عمل الكثير من المنظمات التي عملت في برطلة وخارجها وانجزت مشاريع تخدم المنطقة مثل ( بناء مدارس ، ملاعب ، محطات توليد كهرباء ، وغيرها ) ليثبت بحق ان مركز المرأة العاملة هو واحة لنشر السلام بين المكونات في المنطقة .





ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة