"المحافظة المسيحية" - تلك المزحة السامة!

بدء بواسطة صائب خليل, سبتمبر 01, 2011, 10:40:47 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 2 الضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

جزء من عنوان هذه المقالة من عنوان مقالة وليد يلدا "فكرة استحداث محافظة للمسيحيين هل هي مزحة" والتي يصور فيها مشروع المحافظة كحماية أرواح المسيحيين، وأن رفضه استهانة بدمائهم، فيسأل "هل ان دماء مكونات شعبنا من المسيحيين وباقي الاقليات المتعايشة في العراق رخيصة لهذا الحد؟! بحيث مكتوب عليها ان تسال دمائها بكل مرة او مناسبة مأساوية كما حصل في فاجعة كنيسة سيدة النجاة في الكرادة. ويقول بأن ما كتبه مجرد " تساؤلات" (1)

وقال رئيس الجمعية الكلدانية في عينكاوا، بولص شمعون: "استحداث محافظة خاصة بالمسيحيين يمثل الحل الوحيد لمشكلتهم في العراق". لكن سكرتير المجلس القومي السرياني الكلداني الآشوري، ضياء بطرس يريد أن يوضح، أن المطالبة باستحداث محافظة خاصة بالمسيحيين "لا تعني تسميتها باسم المحافظة المسيحية".(؟؟) كيف؟ يقول بطرس: "لأن الدستور يمنع استحداث مثل هذه المحافظة أو تشكيل مناطق على أسس طائفية أو دينية"! (2) والحل برأي بطرس، هو أن "يكون اسمها محافظة سهل نينوى!". حلينا مشكلة إعتراض الدستور! المشكلة الدستورية كانت في الإسم إذن! الا يشبه هذا حل مشكلة معاهدة بقاء القوات بتسميتها "إنسحاب القوات" و التخلص من ضرورة دستورية بموافقة البرلمان على اتفاقية فسميناها في حينها "مذكرة تفاهم" وحلت المشكلة!

وليد يلدا غاضب من ضحك الناس على ما يبدو، لذا يسأل لماذا، ويرجو "الاجابة عليها يا سادتي المعترضون على مشروعنا وبكل حكمة وادلة عينية حاولوا ان تُقنعوا او تَقنعوا وتتركوا الشعب يقرر مصيره بحرية".
ونحن هنا بصدد أن نحاول أن "نقنع أو نقتنع".

لنحاول أن نفهم اولاً ما هي "المحافظة المسيحية" هذه..
يقول يونادم كنا، الذي أبدى أحياناً بعض التردد منها ومن المشاريع المشابهة, وأحيانا الحماس، مثل عدد من الآخرين (3) (4) (5):

أن "المطالبة بإنشاء محافظة في سهل نينوى للمكون القومي (الكلداني السرياني الآشوري)، لا يعني إنشاء كانتون على أساس طائفي أو عرقي، بل أن المحافظة المقترحة ستكون لكل المكونات في المنطقة من أيزيديين وشبك وعرب وكرد، فنحن لا نريد الإنفصال عن باقي المكونات، كما أن إنشاء كانتون على أساس قومي أو ديني هو مخالف للدستور العراقي".

هل فهم أحد شيء؟ "محافظة للمكون القومي....ليست على أساس قومي!".. ؟

تفضلوا هذا آخر ، الأمين العام للمجلس القومي الكلداني ضياء بطرس إن "مشروعنا للمحافظة لم يبن على أساس ديني أو طائفي".
يعني "محافظة مسيحية... ليست على أساس ديني" !

ورغم أن الجميع يؤكد ان الموضوع مخالف للدستور، حتى مؤيدي المشروع الذين يحاولون أن يجدوا له مخرجاً فأن النائب عن دولة القانون خالد العطية يؤيد ويؤكد وعكس الجميع بأن المشروع دستوري بل أنه "الحق المشروع والدستوري"! (6)

إذن هي محافظة للمسيحيين، لكن إسمها "سهل نينوى" وليس "المحافظة المسيحية"؟
ليس بالضبط، لأن بطرس يرى أن مثل هذه المحافظة، إذا ما استحدثت فعلا، "لن تقتصر على المكون المسيحي فقط بل وستضم مكونات أخرى تعيش هناك مثل الكرد والشبك والايزديين". يعني فقط أن لا يكون فيها مسلمين عرب! لنسمها إذن "المحافظة النظيفة من المسلمين العرب" ، أو "الإرهابيين العرب"؟

ومضى سكرتير المجلس القومي السرياني الكلداني الآشوري ضياء بطرس، بالقول، إن الرغبة للتوجه إلى هذه المحافظة "ستكون اختيارية على أن يظل من يرغب بالعيش في بغداد أو الموصل أو غيرها فيها"، أي أن الجماعة يؤكدون بأنهم لن يأخذوا المسيحيين مخفورين إجبارياً إلى المدينة ليعيشوا فيها! 
بطرس يرى سبباً آخر لإنشاء للمدينة: "لكن الحل يكمن في تشكيل محافظة خاصة بالمكون المسيحي لوجود بطالة في المنطقة يعاني منها نحو تسعة آلاف شاب وشابة من الخريجين على الأقل وبتحويل المنطقة إلى محافظة ستوفر لهم فرص العمل"
سمعت أن محاربة البطالة تكون بانشاء المصانع والمزارع، أما محاربتها بإنشاء المدن فهو أمر مبتكر وجديد علي.

وأخيراً زعل ضياء بطرس "لعدم موافقة الحكومة الاتحادية على تشكيل محافظة خاصة بالمسيحيين"، مستنتجاً أنها "تنظر إليهم على أنهم مواطنين من الدرجة الثانية في البلاد" (2)
معه حق! الحكومة منذ "التحرير" أنشأت حوالي 12 محافظة لمختلف المكونات، كل من أراد محافظة أنشأوا له محافظة  إلا المسيحيين، الا يعني ذلك أنهم يعاملونهم كمواطني درجة ثانية؟

لا يعقل أن تصل البلاهة إلى هذه الدرجة، فلا تخطر ببال هؤلاء أسئلة وتناقضات يستطيع طفل أن يكتشفها، لذلك لا عجب ان يتساءل البعض إن لم يكن الأمر "مزحة"؟..

لنطرح نحن الآن بعض الأسئلة و مثلما قال وليد يلدا، نقول "يرجى الإجابة عليها يا سادتي المؤيدين للمشروع"...

محافظة مسيحية..إن لم تمنع أحد من السكن فيها، فليس هناك أية مناسبة لتسميتها مسيحية، أو أن يفرح المسيحيون بها، وبالتالي لا بد من منع المسلمين من دخولها أو السكن فيها. أتوقع أن اليهود وغيرهم سيكونوا موضع ترحيب.. المشكلة مع المسلمين الإرهابيين...ألم يردد الكثير حتى من العراقيين عبارة الموساد : صحيح أن ليس كل المسلمين إرهابيين لكن كل الإرهابيين مسلمين؟ وطبعاً العقل الذي يعجز عن طرح الأسئلة أعلاه عن محافظة مسيحية سيعجز بالتأكيد عن اكتشاف أن "كل الإرهابيين مسلمين" لأن الإرهاب تم تعريفه على أساس أنه ما يقوم به المسلمون من جرائم، أما غيرهم فتسمى عادة بواحدة من الأسماء الحسنى مثل"العنف الذي لا معنى له"، او تربط شخصياً بمرتكبها فقط.. الخ.

حسناً، دعونا لا نناقش ذلك، المسيحيون يريدون محافظة لوحدهم لحمايتهم من إرهاب المسلمين كيف سينفذوها؟

وسؤالنا: هل ستمنعون المسلمين من دخول المدينة؟ ستكتبون على مداخلها: "محافظة سهل نينوى ترحب بكم....إن لم تكونوا مسلمين"..؟ أم يسمح لنا بالدخول دون السكن؟ أم السكن دون المشاركة في الإدارة؟ أفترض أنها ستكون مجهزة بسيطرات إنظباط مع كلاب مدربة تتأكد من خلو السيارات الداخلة إلى المدينة من المسلمين (وإلا فلن يمكن حمايتها من الإرهابيين، ولا معنى لإنشاء المدينة).

لكن كيف ستعرفون المسلم؟ هل مكتوب في الهوية أنه مسلم (أنا أعيش في الخارج ولا أدري ما يكتب في هوية العراقي)، أم ستطلبون تغيير الهويات في العراق ليكتب فيها الدين من أجل مشروعكم؟

طيب إذا قال واحد في السيطرة أنه لا يؤمن بأي دين؟ هل ستعتبرونه مسلم أو مسيحي أو صابئي بالوراثة؟ هل ستححققون في ديانة والديه مثلاً؟

طيب، هل ستسحبون جميع المسيحيين من باقي العراق؟ هل سيريد جميع المسيحيين ترك مدنهم والذهاب إلى هذه المدينة العصماء؟
يقول يونادم كنا: "نحن لا نريد من خلال إنشاء محافظة في سهل نينوى تجميع المسيحيين من كل أنحاء العراق في رقعة واحدة".
ويقول ضياء بطرس أن المسيحيين "لا يشترطون جمعهم كلهم في هذه المحافظة".

إذن ستتركون بعض المسيحيين خارج أسوار المدينة المحصنة.. لكن كيف ستتركون هؤلاء المساكين بين الإرهابيين لوحدهم وقد أصبحوا أقلية أشد قلة مما كانوا قبل هذا المشروع الذكي؟ إذا كان هؤلاء سيقتلون فليس من الأخلاق تركهم وحدهم، وإن كانوا في تقديركم قادرين أن يدافعوا عن انفسهم ويبقوا على قيد الحياة خارج المدينة المحرمة، فما الداعية للمحافظة المسيحية؟

طيب هذي المحافظة، ستكون كاثوليكية أم بروتستانتية؟ أم فيها قسمين معزولين مثل بلفاست؟ آسف..أكيد غير مسموح لنا بالتدخل في الشؤون الداخلية لمحافظتكم المستقلة إسوة بـ "فدرالية" كردستان ودولة الفاتيكان..

سؤال آخر..هل تتوقعون أن يرحب بكم المسلمون في بقية محافظات العراق، إن قمتم بأي تمييز ضدهم في هذه المحافظة ، حفاظاً عليها من "الشوائب الإثنية"، بفرض أنه يمكنكم أن تفعلوا ذلك؟ هل سيكونوا ملامين من رفض مشاركتهم في أي إدارة أو حكم؟ إن رفضتم بيع البيوت للمسلمين في تلك المدينة ، فهل سيكونوا ملامين في رفض أي بيع وشراء معكم في المدن الآخرى؟ هل تتوقعون أن يسمح لكم ببناء كنيسة في أي مكان، أم أنكم ستسمحون ببناء الجوامع في مدينتكم المقدسة، فتطير قدسيتها وتصبح مدينة عادية فيها الجوامع والكنائس معاً وغير مميزة "ثقافياً"؟

وبمناسبة التمييز، كيف وعلى أي مبدأ ستميزون أنفسكم عن الدعوات الإسرائيلية بالإعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية، وهي الدعوة التي احتقرها العالم كله وليس الإسلامي فقط؟

طيب إذا كان المسلمين بهذا التوحش، ما الذي يضمن لكم أنهم لن يقصفوكم بالصواريخ؟ خاصة في هذا الوضع في مدينة كل سكانها مسيحيين، والذي يضمن لكل مسلم إرهابي متعطش لقتل المسيحيين أن صاروخه سيقتل مسيحيين فقط؟ هل ستجعلوها مدرعة مثل السفارة الأمريكية؟ هل ستطلبون "منظومة صواريخ متطورة" تحميها؟ هل ستنظم مدينتكم الفاتيكانية إلى اتفاقية "الدرع الصاروخية"؟

هل نقول أن المشروع نكتة، أم كل من فكر به أو أيده أو أطلقه نكتة؟

كل شيء يقول أن هناك نكتة، أو مزحة ، لكني لا أصدق بالنكات في السياسة، لذلك بحثت عن تفسير آخر. وخير ما وجدت لتفسير النكتة، هو هذا:
الأمين العام للمنبر الديمقراطى الكلدانى، سعيد شامايا: «إننا كمسيحيين نريد منطقة خالية من التشويه الديموجرافى، وأن ندير أمورنا بأنفسنا».(7) "خالية من التشويه الديموجرافي" .. عبارة قوية ومعبرة... هل قال هتلر ما هو كثير البعد عن ذلك ليعتبر ذو أفكار "شوفينية بغيضة" وتنصب على أفكاره عدا أعماله، لعنة البشرية؟

من يقف وراء هذه الفكرة ومن يدعمها؟
مسؤول العلاقات بالحزب الديمقراطي الكردستاني غازي فرمان أكد إن "وجود محافظة للمسيحين في سهل نينوى يجعل من المسيحيين احراراً في اتخاذ قراراتهم دون الرجوع إلى أي جهة". وأوضح أن "حكومة إقليم كردستان ستدعم المسيحيين فيما لو أسسووا محافظة مستقلة لهم وستقوم بحمايتهم"(8)
أتباع الحزبين الكرديين الرئيسين متهمون من قبل الكثيرين، خاصة من المسيحيين، بأنهم يؤيدون المشروع لأنهم ينوون من خلاله السيطرة على ما يسمونها "المناطق المتنازع عليها".

بعد هذه الحركات التي يفرضها مثل هذا المشروع، هل سيكون وضعكم أكثر أماناً، من "الإرهابيين الإسلاميين" لو فكرتم بالخروج من مدينتكم المسورة؟ أنا أحس أن مدينتكم غير الفاضلة هذه مشروع إسرائيلي لتأسيس مكان آمن لعصابات كعصابات أقباط مصر في كنيستهم المحصنة، التي صارت دولة داخل دولة بفضل قوة تأثير إسرائيل في مصر، وليست قوة تأثير إسرائيل ببعيدة عن "سهل نينوى" عند حدود كردستان. لذلك، وأنا البعيد عن كل مشاعر التمييز الطائفي والديني، أشعر لأول مرة في حياتي بمرارة تجاه المسيحيين وبخطر إضافي يتهدد البلاد منهم إن تم المشروع، بل وأستهجن حتى تفكيرهم بهذا المشروع.

لا أتصور إني سأكون الوحيد في ذلك، لذلك اتساءل: بعد كل المشاعر السلبية التي ستثار ضدكم بسبب هذه المدينة؟ كيف تتوقعون أن يعاملكم المسلمون بعد أن عبرتم عن اعتبارهم إرهابيين يجب التخلص منهم بمدينة محصنة منهم؟


وانظروا أيضاً ما وجدت! هذا المقال الذي يكفي عنوانه: " ثمة فرصة تاريخية لقيام "دولة آشورية مسيحية" في العراق "(9)،
والأدهى ان الكاتب ليس عراقي، هو سوري إسمه سليمان يوسف، ويقول، بعد أن يتحدث عن الإهتمام الأوروبي والأمريكي الشديد بموضوع حماية المسيحيين، والتأكيد على وعد بلفور - عفواً طالباني بإنشاء محافظة قومية للمسيحيين، وأنه مادام الدستور فدرالي، فكل شيء ممكن فيه، ولذلك فأن سليمان يرى " أن ثمة فرصة تاريخية لقيام دولة آشورية (...) في بعض المناطق التاريخية للآشوريين في بلاد ما بين النهرين".!

ونكمل ما يقوله سليمان : "هذه الفرصة ممكنة فيما لو صمد الآشوريون والمسيحيون في وجه العاصفة وتشبثوا بأرضهم وتصاعدت التحركات والتظاهرات والاحتجاجات في مدن وعواصم العالم وتضافرت الجهود الآشورية والمسيحية العراقية والمشرقية عموماً مع الجهود والمساعي الأوربية والدولية الجادة في انقاذ آشوريي ومسيحيي العراق وحمايتهم.
من المهم جداً، أن يدرك ويقدر الآشوريون بمختلف تياراتهم ومذاهبهم الكنسية أهمية هذه اللحظة التاريخية التي يجتازونها لجهة تحديد مصيرهم ومستقبلهم ليس في العراق فحسب، وانما في جميع دول ومجتمعات المنطقة.لهذا عليهم عدم تفويت هذه الفرصة التاريخية في حسم خياراتهم السياسية وعدم التردد في المطالبة بحكم ذاتي في بعض مناطقهم التاريخية،مثل"سهل نينوى"."

قيام أي دولة يشبه هذا؟ لم تحزروا؟ تفضلوا هذه الجملة أيضاً:
"أن مثل هذه الدولة الآشورية المسيحية،ستشكل عامل استقرار واطمئنان لجميع الآشوريين والمسيحيين في دول ومجتمعات منطقة الشرق الأوسط."
ببساطة، هذا الوضيع، يريد دارفور ثانية في العراق، بكل صراحة، تجمع تحت سقفها المسيحيين في كل المنطقة وتتظافر على إنشاءها "الجهود الآشورية والمسيحية العراقية والمشرقية عموماً مع الجهود والمساعي الأوربية والدولية" والتظاهرات في كل أنحاء العالم! دولة إذن تحمي كل مسيحي في المنطقة، ولكل مسيحي في المنطقة فيها حضوة خاصة مادام مسيحياً، يريد إسرائيل أخرى بشكل مصغّر ومسيحي.

هكذا إذن تبدأ "النكتة" أو "المزحة" تأخذ شكلاً سياسياً مفهوماً، فلا غرابة أن يطلقها جلال الطالباني، فمن هناك انطلقت أو دعمت كل المشاريع الإسرائيلية التقسيمية في العراق، فهل هذا ما تريدونه أيها المسيحيون العراقيون؟ وما الذي تتوقعون أن يكون شعور بقية العراقيين تجاه مثل هذا الشيء؟ وكيف يمكن أن تتطور الأمور فيه تجاهكم برأيكم؟

من خلال مناقشاتي لا أتصور أن الجميع يدرك خطورة ما يتكلم عنه، حتى المثقفين على اعلى المستويات، فشلوا في اكتشاف الأسئلة الخطيرة التي تحيط بالموضوع، وتقبلوا بسذاجة وبلا تفكير بالتداعيات: محافظة مسيحية.. نعم لم لا؟ لكن هؤلاء لا يعلمون أن هذه الحركة هي الخطوة التي تبدو بريئة لما سيكون مشروعاً إسرائيلياً أمنياً يسيطر عليه العملاء المدربون جيداً في القواعد السرية لجارتهم الشمالية الفدرالية، على السياسة وعلى العمل الإرهابي، وعندها سيكون الوقت متأخراً لإكتشاف أي شيء، وتكون نواة دارفور الجديدة قد ولدت، وبرعاية أمريكية إسرائيلية ودولية تحميها من أي خطر، حتى تكبر وتأخذ دورها المرسوم لها.

لقد تحجج الكثير من الدعاة إلى هذا المشروع بعملية كنيسة سيدة النجاة، وفي تقديري أن العملية لم تكن إلا لهذا الغرض: أن تقدم حجة لمشاريع من هذا النوع، مشاريع غير معقولة، بحاجة إلى أسباب مخيفة للتحريض على تنفيذها. وعملية كنيسة النجاة كان من الواضح لأي ذهن هادئ أن يلاحظ أنها لم تكن عملية إسلام ضد المسيحيين، بل لم تكن ضد المسيحيين أصلاً في قصدها، وقد بينت من خلال مقالاتي أنها لم تكن تقصد إنزال أكبر قدر من الأذى بهم وإنما نشر الرعب بينهم ، وذلك من خلال تمثيلية الغرفة التي ألقيت فيها القنابل (الصوتية على ما يبدو) لمدة ساعات دون أن يقتل إلا بعض من فيها وفي العادة تكفي قنبلة يدوية واحدة لقتل من في الغرفة، وكذلك "الإنتحاريين" العجيبين ألذين ينتحرون بعيداً عن الضحايا!! كل هذا لم يلفت نظر الإعلام العراقي لسبب ألله يعلمه رغم أني كتبته بوضوح أكثر من مرة، وكذلك يعلم الله السبب وراء عدم مساءلة فراس الغضبان عن قصته الملفقة التي تدعم فكرة زيادة إرهاب أكبر عدد ممكن من الضحايا (10).
حتى ذوي الضحايا لم يكونوا بالشجاعة اللازمة لطرح تلك التساؤلات، وبالتالي تركزت الفكرة المطلوبة : مسلمين إرهابيين يصرخون ألله واكبر ويطلقون النار على المسيحيين، تركزت في أذهان المسيحيين من خلال تكرارها وإهمال الإشارة إلى التناقضات التي تفضح كذبها في الإعلام، وبالتالي صارت المشاريع المشبوهة مثل "المحافظة المسيحية" مشاريع يمكن إدخالها بالعقل من خلال خلفية الإرهاب التي تمت فبركتها والعناية بإدامتها في رؤوس الناس، وبالرغم من التكشف التدريجي الموثق للحقائق التي تقف ورائ ذلك الإرهاب بالذات.(11)


لحسن الحظ، ليس كل من في هذا البلد صار يفكر بشكل "نكتة"، لننظر إلى رجال من نوع آخر لنزيل الغثيان والتشويه الفكري الذي يسببه من جاءونا بتلك النكت الباهتة، سواء كان من المسيحيين أم غيرهم.

"اكرر إنني وكهنتي سنكون آخر من يفكر بترك الموصل الحبيبة." هذه كلمات الشهيد المطران مار بولس فرج رحو  رئيس اساقفة الموصل الكلدان (12)



وقال "سنقيم قداسا في كنيسة مار بولس التي ضربت للمرة الثانية، وهي الآن بدون أبواب ولا شبابيك، وصلاتنا هي لبعث الرجاء في قلوب أبناء الرعية ولنثبت صمودنا وبقاءنا في البلد" على حد قوله. (13)
وقال: "المسيحيون في الموصل كنائسهم مفتوحة ويصلون فوق الارض"
وعمل بمثابرة وصبر كما نعاه أحد الكتاب، لترسيخ فكرة "العراق بيتنا جميعا" (14)
ولا يلقي هذا الرجل الشجاع باللائمة حول الإرهاب على "الأشباح" المجنونة ذات القنابل الصوتية كما يفعل الجميع، بل يقول بكل صراحة في هذا التسجيل الثمين: هناك مخطط امريكي لافراغ العراق من مسيحييه (الإنتظار قليلاً ليبدأ الحوار بالعربية)، لمن يريد أن يسمع. (15)

أي أن "المحافظة المسيحية" ليست سوى الخطوة الثانية للعملية الإرهابية – السياسية التي كانت خطوتها الأولى فاجعة كنيسة النجاة، وأن من يشارك في دعم هذا المشروع، إنما يشارك في تلك العملية الإرهابية وليس يقف ضدها كما قد يتصور. أن خير ضمان لعدم تحقيق إرادة الإرهابيين هو أن نعمل على أن لا تكون لعملياتهم أية تأثيرات في القرارت السياسية التي نتخذها، وإلا فإن قبلنا أن تكون قراراتنا رد فعل لتلك العمليات، فإننا نرشد من يقف وراء تلك لمشاريع إلى الطريقة التي يقودنا فيها إلى ما يريد. إننا نقول له عندذاك: قم بعملية إرهابية وسنكون أكثر استعداداً لقبول فكرتك!

المطران الرائع هذا تم التخلص منه، ربما بالذات لأنه كان رائعاً، فهل انقلب الباقون وصاروا يبحثون عن مخبأ تقدمه لهم مشاريع مشبوهة بمدينة مسورة خاصة بهم؟ ليس الجميع لحسن الحظ، والتشكيك بتلك المدينة غير الفاضلة منتشر أيضاً بين المسيحيين، ومن هذا الجانب نأخذ هذه المقالة المتسائلة الرائعة لـلناشط القومي الكلداني كما يصف نفسه، نزار ملاخا حيث يكتب في "بحزاني" تحت عنوان:"محافظة للمسيحيين مرة ثانية" ما يلي:
"هل هناك طبخة جديدة تُطبخ للمسيحيين العراقيين يُشارك فيها أطراف مسيحية ومسلمة عراقية وغربية ؟ متى كان المسيحيين العراقيين بمعزل عن إخوتهم المسلمين العراقيين ؟ متى كان الكلدان العراقيين منزوين بعيدا عن الأكراد والعرب والتركمان ؟
لا يريدون التقرب منهم أو الإختلاط بهم ؟ متى كان للمسيحيين العراقيين دوائر خاصة بهم يشتغلون فيها ، واسواق خاصة بهم يتبضعون منها ، وأحياء سكنية ومحلات وحارات ودرابين وغيرها ؟
ألم يكن المسيحيون وطيلة هذه العقود يسكنون مع المسلمين في حي واحد وحارة واحدة وزقاق واحد ؟ ألم يعملوا في دائرة واحدة لا بل في نفس الغرفة وعلى نفس المنضدة ؟ ألم يأكلوا من قدرٍ واحد ، ومن خبزة واحدة ؟ألم يكونوا إخوةً لبعضهم البعض في السراء والضراء ؟
هل يستطيع كائنٍ مَنْ كان أن يميز بين المسلم والمسيحي في العراق ( قبل السقوط ) ألم يتكلموا لغةً واحدةً ؟ ويدرسوا في مدرسة واحدة ؟  هل رفض طبيباً مسلماً أن يعالج مريضاً مسيحياً ؟ أم أن معلماً مسيحياً رفض أن يدرّس طالباً مسلماً ؟
يا إلهي ما الذي يجري في عراقنا الحبيب ؟
ما هذا الهراء الذي نسمعه اليوم ؟ ولماذا حصر المسيحيين في محافظة واحدة ؟ محافظة للمسيحيين !!!!!!! لماذا ؟
نحن ومن منطق العراق لكل المسيحيين وكل المسيحيين للعراق نشجب ونستنكر هذه الصيحات التي تتعالى مطالبة بمحافظة للمسيحيين .
إنني وبإسمي شخصياً أُناشد كل الشرفاء العراقيين ، وكل مَنْ بيده الأمر ، أن هناك طبخة جاهزة للمسيحيين غايتها القضاء على ما تبقى من بقايا للمسيحيين في العراق ، إن وافقتم على هذا المشروع المشبوه.
الكلدان المسيحيون عراقيون أُصلاء ، وأصولهم متجذرة في العراق العظيم منذ آلاف السنين ، وسكنو البصرة والناصرية وكربلاء والنجف والحلة وأور الكلدانيين ، كما سكنوا دهوك وأربيل والسليمانية ونينوى الحدباء، دياراتهم وكنائسهم وآثارهم ما زالت شاخصة في العراق كله من شماله حتى جنوبه ، فمن كانت له هكذا حضارة وهكذا تأريخ كيف يمكن أن نقوقعه ونحصره في محافظة واحدة ؟
نحن لكل العراق وكل العراق لنا، بدمائنا سقينا تربة العراق كله ولم نسق محافظة واحدة فقط   لقد كان وما زال العراق أرضاً فسكنّاه    وكان العراق هواءً فاستنشقناه، وصار العراق وأرضه وسماؤه دماءً تجري في عروقنا فكيف ننساه !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
عاش العراق حرا أبياً موحداًعاشت الأمة الكلدانية على أرض العراق الطاهرة، المجد والخلود لشهداء الكلدان وشهداء العراق جميعاً"

بمثل صوت المطران رحو، وصوت نزار ملاخا، نعيد الوعي والذاكرة إلى رؤسنا التي أصابها الدوار، و نمنع الإرهاب من قيادة مشاعرنا وتحديد قراراتنا، ونحبط في مهدها المبادرات المشبوهة، وما يريده قتلة "آدم".

(1) http://ankawa4all.net/vb/showthread.php?t=6629
(2) http://www.almawsil.com/vb/showthread.php?=&threadid=85518
(3) http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,458350.0.html
(4) http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,458476.0.html
(5) http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,458438.0.html
(6) http://www.khoyada.com/index.php?option=com_content&view=article&id=469
(7) http://www.shorouknews.com/Columns/column.aspx?id=378478
(8) http://www.aknews.com/ar/aknews/4/230602
(9) http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,460375.msg4941884.html
(10) http://www.qanon302.net/vb/showthread.php?t=51
(11) وهاهي حقيقة إرهاب تفجير الكنائس ومن يقف ورائها تتكشف!
http://www.qanon302.net/vb/showthread.php?t=51
(12) http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=117885.0
(13) http://www.tebayn.com/Tebayn%20Arabic/index.asp?pageID=1&SID=8376&Ln=En#
(14) http://www.ahewar.org//debat/show.art.asp?t=0&aid=127186
(15) المطران رحو : هناك مخطط امريكي لافراغ العراق من مسيحييه