لماذا الاستمرار بتنفيذ قرارات و سياسات صدام المجحفة بحق برطلة؟

بدء بواسطة حكمت عبوش, أبريل 27, 2011, 04:24:28 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

لماذا الاستمرار بتنفيذ قرارات و سياسات صدام المجحفة بحق برطلة؟
أهو اعتداد  بأخطائه المنافية لحقوق الإنسان و روح العصر؟ أم ماذا؟
                                                                          حكمت عبوش

لقد كان صدام ظالما بحق العراق و الأغلبية الساحقة من أبناء شعبه و احد أشكال ظلمه هو ما ألحقه من أضرار بالغة بحق المسيحيين و خاصة في برطلة و ذلك بمصادرته لأراضيهم التي يمتلكونها - باسم الإطفاء- منذ زمن بعيد و توارثوها من أجدادهم و بحوزتهم سندات الطابو المثبتة لهذه الملكية, لكن تم توزيع هذه الأراضي المصادرة لآخرين من خارج البلدة و حتى من خارج قضاء الحمدانية و جاء الإطفاء(السرقة) بموجب القرار(117)السيئ الصيت و غيره من القرارات المجحفة الأخرى التي أصدرها مجلس قيادة ثورته الأعمى بهذا الخصوص و كانت غاية صدام من وراء إصدار هذا القرار هو خلق الفتنة و الخلافات بين أبناء الشعب الواحد و الذين عاشوا مئات السنين بأخوة 1 كما امتزج هذا بل و تولد من تطرف قومي و ديني انتهجه صدام بالضد من المصالح القومية الحقيقية و القيم الدينية السمحاء ليغطي على ظلمه و دكتاتوريته المتجسدة بحروبه و أنفاله و مقابره الجماعية و الدهاليز المظلمة الطويلة التي ادخل الشعب العراقي إليها و هو يعاني من الفقر و الجهل و المرض و البطالة و التهجير و أزمات عميقة في السكن و الكهرباء و الماء و الوقود و النقل و الصحة و التعليم ناهيك عن أزمات الصناعة و الزراعة و للتغطية أيضا على ملذاته و ملذات أولاده و حاشيته و رموز سلطانه و ما قصوره الست و السبعين الفارهة و الباذخة إلا شاهدا على ذلك. إن ما ذكرته ليس إطالة غير مبررة و إنما هو لتذكير البعض بأن قيام صدام بإطفاء أراضي المسيحيين في سهل نينوى و في برطلة التي نالها الجزء الأكبر من حماقته لم يكن سوى جزء صغير من جرائمه الكبيرة التي ارتكبها بحق الشعب العراقي و لم تكن غايته خدمة أبناء الشعب لأي اعتبار كان و ما رأيناه من تعامل وحشي مارسه مع أبناء الاهوار في الجنوب و مع الأكراد عموما و منهم الفيليين و الكثير من عوائل الشبك التي شردها بأطفالها و نسائها و شيبها في براري و جبال كردستان إلا دليل على ذلك و يوضح إن الإطفاء  هو عمل غير مشروع و غير إنساني. و الآن كان على(هيئة استثمار نينوى) العمل على عدم تأزيم الأمور أكثر و زيادة الطين بله عندما طلب من مجلس ناحية برطلة إقامة مجمع سكني من 1000 وحدة سكنية في القطعة 113 /2 على سفح جبل(عين الصفرة) الذي لا يبتعد عن برطلة سوى(7-8كم)فقط و قد رفض السيد( يوسف يعقوب متي) عضو مجلس الناحية الطلب حيث علق عضويته ثم رفض الأعضاء الثلاثة الباقين من أبناء برطلة الأصليين هذا الطلب معه فأصبحوا أربعة لكن الستة الباقين أيدوه(مجلس الناحية يتكون من 10 أعضاء)و قد أبان أهالي  قرى (أسقوف) و (شيخ شيلي) العربيتان و (كاني كوان) الشبكية (و التي تقع في الجانب الآخر من الجبل) رفضهم بناء المجمع السكني هذا و خاصة أهل (أسقوف) الذين سلموا مضبطة بهذا الرفض لمجلس الناحية. 

برطلة و ما حولها:
إن برطلة (برطلي) هي قرية سريانية منذ القدم و هذا ما نستدله من اسمها الأصلي و يؤكده الكثير من المؤرخين و هي قريبة من قرية كرمليس ( كرملش ) و بلدة قرقوش (بخديدا) مركز قضاء الحمدانية و محاطة بقرى شبكية كانت تربطها مع أهاليها علاقات طيبة و تواصل قائم على الاحترام المتبادل و إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي لم يكن في برطلة غير أربعة بيوت شبكية و اثنان أو ثلاثة من الموظفين الحكوميين-من غير أهل برطلة- و المقيمين فيها بشكل مؤقت إلى أن جاء صدام بقراراته الرعناء المذكورة فوزع الأراضي المطفأة شكلا و (المصادرة) فعلا على ناس آخرين و (بثمن بخس)من خارج البلدة و من خارج القضاء. و بناء المئات من المواطنين من خارج برطلة لبيوتهم فيها 
و في السنوات التي تلت السقوط في 2003 نزح إليها بسبب الاضطرابات و المشاكل الأمنية الكثير من أبناء برطلة الأصليين وما يبلغ ألـ 700عائلة من الشبك أيضا فازداد عددهم مؤخرا بشكل غير عادل معززا من التغيير في التركيب الديموغرافي للبلدة و هذا ما يرفضه الأخوة الشبك من حدوثه في قراهم و ما رأيناه في قرية (باي بوخت) الشبكية يؤكد ذلك و هي قرية تابعة لناحية بعشيقة تبعد 8 كم شمال شرق الموصل عندما رفض أهلها قرارا لمحافظة نينوى ببناء مجمعا سكنيا في القرية المذكورة حيث قال (سالم خضر الشبكي) رئيس (الهيئة الاستشارية للشبك) في حديث لـ(السومرية نيوز)2: (إن الهيئة بدأت بتنظيم حملة جمع تواقيع الوجهاء و مختاري القرى الشبكية لرفض قرار إدارة محافظة نينوى لإسكان العائلات (الغير شبكية)في قرية باي بوخت الشبكية) و أضاف (سيعرضون على الأمم المتحدة الوثائق التي بحوزتهم و التي تثبت ملكيتهم للأراضي التي تعتزم إدارة المحافظة إنشاء مجمع سكني عليها) 
إن أهم ما يمكن استنتاجه من عمل صدام انه عمل باطل لأنه لا ينسجم مع المبادئ الإنسانية التي أكد الدستور العراقي الجديد شرعيتها كما جاء في المادة( 23 ب) و التي تعطي حق السكن للعراقي في أي مكان على أن لا يحدث تغييرا ديمغرافيا فيه و لذلك فان الاستمرار ببناء المزيد من البيوت في برطلة لغير أهاليها هو باطل أيضا و الشرع هو الذي يقول ما يبنى على باطل هو باطل.
لماذا لا تحول قرى شبكية كبيرة إلى نواحي ؟
من المعلوم للكل إن هناك قرى شبكية كبيرة تصلح لأن تكون نواحي وأكبرها (بازوايا)و (كوكجلي) و (علي رش ) و(منارة) وكانت بازوايا إحدى أكثر القرى الشبكية مناسبة لذلك وقد حولت فعلا إلى ناحية وصدر أمر بذلك عام  1972ولكن تم إلغائه عام 1976 وكما يقول الكثيرين ب (الواسطة) والآن والسيد اثيل النجيفي هو محافظ نينوى واصدر مجلس محافظة نينوى السابق  قرارا بتحويلها إلى ناحية ثم أوقف القرار لماذا ؟ إن تحويل اثنتان على الأقل  من هذه القرى الشبكية الكبيرة إلى نواحي يوفر خدمات كثيرة وأساسية لعموم الناس فيها فبالإضافة إلى مديرية الناحية ومركز الشرطة هناك المراكز الصحية والمدارس المختلفة ودوائر البلدية والنفوس والماء والكهرباء والزراعة و الإطفاء ومكتبات ومراكز وأندية شبابية وغيرها من الدوائر الضرورية للمواطنين الشبك في القرى المذكورة وستفيدهم كثيرا وان كان فيه التضحية ببعض القطع من الأراضي فانه لا يشكل خسارة أمام فوائدها الجمة و اسأل السيد النجيفي بصفته مثقفا و محافظا معا: اانصاف هذا التعويل والتركيز على أراضي أهل برطلة لإطفاء المزيد منها لإسكان الآخرين من خارج برطلة فيها لإحداث المزيد من التغيير الديمغرافي فيها فهو مخالف للقانون أو لإنشاء المزيد من الدوائر الخدمية وهذا يحرم سكان القرى الشبكية من خدماتها كما يسبب ازدحاما غير مبرر وغير سليم في برطلة و ليس في صالح الجميع.

وهنا يتسال أهل برطلة السريان : إذا كان من حق الأخوة الشبك رفض إقامة مجمعات سكنية لغير الشبك في قراهم أليس من حق السريان رفض بناء الشبك و غيرهم لبيوتهم في برطلة (وبشكل جماعي كما حدث منذ بدء الثمانينات والى حد الآن) أليسوا عراقيين ومن حقهم المطالبة بتطبيق المادة (23 ب) من الدستور أليس من حقهم المطالبة بإيقاف عملية إطفاء الأراضي التي حاولت بلديات الموصل إحياءها من جديد ( وتطالب بهذا كل سنة) عندما طلبت من مجلس ناحية برطلة إمكانية إحياء قرار الإطفاء المقبور وتنفيذه في ( القطعة 195 مقاطعة 138 برطلة الوسطى) وتقسيمها إلى 1000 قطعة و كان اغلبها سيوزع ايضا لاخرين من خارج البلدة وقد رفض هذا الطلب في مجلس الناحية (خمسة مقابل خمسة ) أليس هذا محاولة لترسيخ واقع فاسد زرع صدام بذوره ومضاد للقانون ولمصلحة أهل برطلة الرافضين للتجاوز على أراضيهم ينبغي أن تكف بلديات الموصل عن ذلك  .
إننا بدلا من إطفاء المزيد من أراضي أهل برطلة الأصليين على مجلس المحافظة والمحافظ –من اجل تحقيق العدالة والالتزام بالدستور- أن تطالب الجهات المختصة برفع الإطفاء عن أراضي أهلها و الكف عن استخدامها لبناء بيوت مواطنين من خارجها. و إن المسألة طبيعية أن يعطى لكل مواطن أرضا في قريته فابن برطلة يعطى له ارض في برطلة و ابن (علي رش) في علي رش و ابن باصخرة في باصخرة و هكذا فالعراقيون و خاصة (أهل القرى) كما نعرف يفضلون السكن مع أفراد عوائلهم وعمومتهم و أقربائهم إننا نعلم إن بعض أهل برطلة قد باعوا أراضيهم فعلا بسبب حاجتهم و عدم تقديرهم لإبعاد المشكلة إلا أن استباحة أراضي ألبرطليين الغير مباعة و بأساليب غير مشروعة يعني استضعافهم و اعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية و هذا شئ مرفوض و منافي للدستور و من كل الناس و سيطرح أهل برطلة مشكلتهم أمام المسؤولين و المعنيين بتطبيق العدالة في العراق و حتى اللجوء إلى تطبيق المادة 140 من الدستور في برطلة و المطالبة بتعويض أصحاب الأراضي المطفأة و المبني عليها تعويضات تنسجم و أسعار أراضيهم التي تباع أمثالها الآن بعشرات و مئات الملايين من الدنانير(حسب مساحتها) ولكن صدام الفاشي لم يدفع لهم سوى دنانير قليلة بائسة وكان هذا هو الجزاء المناسب لما أعطته برطلة من شهداء بلغ عددهم من مجموع السريان فيها (مائة و اثنان و تسعون) شهيدا  عندما ساقهم مع بقية الشهداء العراقيين لخوض معركته الكارثية المجنونة مع إيران .


كلمات قد تبدو للبعض بعيدة- و لكنها في الصميم
إن ما يريده الكل و يبغي الجميع التوصل إليه -عدا الإرهابيين و الصداميين- هو العيش في إطار مجتمع عراقي يوفر للفرد الأمن و يصون حقوقه الفردية و الاجتماعية و الدينية و الفكرية و حقوقه في العمل و الدراسة و السكن  و المعيشة بشرط آلا يؤثر سلبا على أخيه العراقي الآخر, مجتمع يوفر العدالة الاجتماعية لكل العراقيين و يتيح أمام الكل فرصا متساوية في كل مجالات الحياة و يتم الاعتماد في هذا على مقاييس معروفة هي الكفاءة و النزاهة و وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب بعيدا عن الاعتبارات القومية أو الدينية أو المذهبية أو العشائرية و العائلية المتخلفة و التي صنعت المحاصصة -التي نعاني جميعا منها- و جعلتنا إلى حد الآن نراوح و لم نخرج إلا قليلا من واقع صدام المتهرئ الأسن. لننظر إلى الشعوب الأكثر تقدما و هذا ليس عيبا أبدا. و لنسأل أنفسنا أتعيش هذه الشعوب في بحبوحة هذا التقدم و التطور و التمتع بمنجزات العلم و الحضارة في إطار قيم متخلفة و بائدة لا تتوافق وروح العصر و الحداثة؟ إننا لا ندعو إلى الاقتداء بهذه المجتمعات بكل شئ ففي جوانب من حياتها هناك إفراط في التشتت العائلي و الاجتماعي و لكن هناك صفات أخرى ايجابية ثابتة و هي التي صنعت تقدمها هذا و منها الصدق,الأمانة,الإخلاص بالواجب احترام الآخر و صيانة حقوقه و عدم التجاوز عليها مهما كانت الأسباب و إذا كنا نحن في مرحلة نستطيع أن نقول عنها انتقالية ينمو فيها عدم الاستقرار و عدم ثبات القيم و المبادئ السليمة و عدم الاستقرار في استخدامها لتقييم الشخصيات و الاحداث فليس معنى هذا أن نترك هذه القيم النبيلة و نطرحها جانبا و نعيش و كأننا في غابة و في (حارة كلمن ايدو الو) كما يقول السوريون. إن ضياع القيم و المبادئ السليمة و غيابها هو ضار بكل أبناء الشعب العراقي و اليوم إذا كان شخص في وضع قوي فهذا ليس مضمونا و من المحتمل أن يصبح وضعه ضعيفا غدا فالذي يضمن تمتع المواطن بحقوقه على الدوام هو قوة الدستور و قوة المؤسسات الديمقراطية المتمثلة بالبرلمان النشيط و البعيد عن المحاصصة و القضاء المستقل العادل و حكومة وطنية عراقية كفوءة و سلطة رابعة مستقلة ممثلة بالصحافة و وسائل إعلام موضوعية و وجود منظمات مجتمع مدني فاعلة و ثقافة ديمقراطية متغلغلة في نفوس العراقيين يعرفون فيها حقوقهم و واجباتهم.
   
1- مقالي (بلدة برطلة اطفأ صدام أراضيها ظلما و سيرها لتغيير ديموغرافيتها عنوة ) طريق الشعب العدد 109 الأربعاء 20/كانون الثاني/2010 و موقعي برطلة و عنكاوة
2- صحيفة ريكاي كردستان العدد 339 أوائل أيلول 2010