خطاب نوايا "للمكلف" العبادي.. تأشيرٌ للتعارف وملامح خارطة طريق

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أغسطس 20, 2014, 09:30:11 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

خطاب نوايا "للمكلف" العبادي.. تأشيرٌ للتعارف وملامح خارطة طريق

برطلي . نت / بريد الموقع



 فخري كريم

منذ تكليفه بتشكيل حكومة جديدة، لم يخرج السيد حيدر العبادي على الرأي العام بخطابٍ أو مؤتمر صحفي، يقدم من خلاله تصوراته وما يراه ضرورياً من نهجٍ وسياساتٍ ستراتيجية، للتغيير الحكومي المنشود لتجاوز الحقبة المأزومة الماضية، وتدابير حكومية واجراءات آنية، كوصفة علاجٍ لما تراكم من ويلاتٍ تعاني منها البلاد، وعواقب تشدد الخناق على الحياة اليومية للمواطنين في أوضاعهم المعيشية وأمنهم، ومن الإرث السلبي الذي تعكسه طائفة من المظاهر والنتائج في كل المجالات ومختلف أنحاء العراق، مما لا يقبل التسويف او التأجيل.
وإذ نفتقر لهذا التقليد بين تقاليد كثيرة تشكل مظاهر للخيار الديمقراطي، لسنا في وارد المطالبة بكلها خشية الاتهام بان جلها من الكماليات الشكلية، أو أن ما نصبو إليه الآن كمهمة مباشرة، هو الخروج من عنق الزجاجة التي وضعنا فيها السلف المنصرف، الذي ما زال يتكئ على حصانه الخشبي، ويلوح بالأغلبية السياسية.
والخطاب المأمول، بالإضافة لكونه تقليداً، يكتسب أهمية استثنائية، لكل القوى والمكونات والمعنيين بإنقاذ العراق والمشاركة في التشكيلة الحكومة الوطنية الشاملة، للتعرف على المفاهيم والتوجهات التي يتميز بها السيد العبادي، خاصة اذا أخذنا بالاعتبار انه كان جزءاً من المنظومة القيادية السابقة، وناطقاً باسمها ومعبراً عن توجهاتها في مفاصل هامة. كما انه من نفس الحزب والكتلة النيابية لرئيس مجلس الوزراء المنتهية ولايته.
ولأن الوقت من ذهب، وانه يمضي كحدّ السيف، وقد لا يتسع المجال او يجري التحجج بذلك، لتجاوز الملفات التي تحملها الكتل الأخرى وتصر على إدراجها على طاولة الحوار، فإن رئيس مجلس الوزراء المكلف مطالب بتناول القضايا المفصلية التي لا تقوم قائمة للوضع، أو تدارك المخاطر، دون ان يجري التصدي الحازم لها منذ الآن، ودون انتظار الاتفاقات والتوافقات، كما لو انه مكلفٌ بإنقاذٍ عاجلٍ للبلاد من الشرور والتحديات التي تحيط به من كل صوب ومنحى.
ان الاتجاهات العامة للإنقاذ الوطني، لا تقبل الجدل أو التهاون او الاطلاع على ما يراه الآخرون. بل هي مسؤولية تقع على عاتق من كلف تحت شعار "التغيير". والتغيير في ضمير المنادين به لم يكن يرتبط بتغيير الشخص فحسب، بل المنهج والسياسات والأدوات. وشحنة التطمينات التي ضخّتها عملية تنحية السلف، والدعم الوطني والخارجي لها، لا يمكن النظر اليها إلا بوصفها نشداناً لإجراء انعطافة نوعية في الوضع السياسي، بكل ما يعنيه ذلك من ميادين ومفاهيم وأدوات، ويُرتجى من نتائج عملية مباشرة.
والسيد العبادي، لا يحتاج الى ما ستطرحه الكتل الأخرى ليقرر:
- في أي اتجاه سيتحرك لإعادة بناء الدولة وأجهزتها على قاعدة الدستور ومتطلباته، ويصفي الظاهرات الشاذة، من قبيل "الواو"، والأجهزة المستحدثة خلافاً للدستور؟
- أية سياسة سيعتمدها لإصلاح الخلل البنيوي في العلاقة بين السلطات الثلاث، وضمانات تحريرها من التدخل وانتهاك استقلاليتها؟
- كيف سيعالج مسألة الحريات التي جرى التعدي عليها تحت شعارات ومسميات مختلفة، وما هو منظوره لتكريس المبادئ والقيم الديمقراطية في المجتمع، وفي الحياة السياسية وفي الصحافة وفي كل الميادين التي تشكل قاعدة دولة المؤسسات والحريات وحقوق الانسان ..
- ما هو منظوره للفساد الذي تعهد بمكافحته، وأية أدوات سيستخدمها للقيام بذلك..؟
- هل سيعيد تأهيل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، بعد تطهيرها، وإعادة تشكيل بنيتها، وتكريس عقيدة وطنية لها عابرة للطوائف والملل والتحزب الغاشم؟
- من أية زاوية سيتصدى لرفع المظلومية عن المكون السنّي، ورفع الحيف عن أهالي المناطق التي ابتليت بالتمييز والإقصاء، ثم الأسر من قبل القوى الإرهابية التكفيرية، داعش وأخواتها؟
- ما هي نظرته لافتعال الأزمات المستديمة مع إقليم كردستان، وكيف يرى ما تطرحه حكومة الإقليم بشأن القضايا الخلافية، ومنها قانون النفط والغاز، واستحقاقات البيشمركة، وحرية جو الإقليم مدنياً، وما تأجل من اتفاقات اعتمدت ولم تر النور؟
- ويظل البرلمان وإعادة حقه في التشريع والرقابة من بين الأولويات التي لا تحتاج الى مداولاتٍ بين القوى.
- كما لا بد من توضيح موقفه من تطبيق المادة الدستورية التي تؤكد إعطاء الصلاحيات الكاملة لمجلس الوزراء وليس لرئيس المجلس، وتحدد صلاحيات رئيس المجلس بوصفه، منفذاً لقرارات مجلس الوزراء.
- وهل سيتواصل العبث بالقوات المسلحة التي يحرّم الدستور تحريكها، إلا بقرارٍ من البرلمان، ولا يجيز تحت أي عذر توريطها في الصراع السياسي، او استخدامها ضد المواطنين؟
- وكيف سيتعامل مع القيادة العامة للقوات المسلحة، هل باعتبارها هيئة مستقلة ينفرد بإدارة شؤونها، ام بوصفها وجهاً من وجوه مهمة رئيس مجلس الوزراء، تخضع للضوابط الوطنية التي تدخل في باب صلاحيات مجلس الوزراء وتتحدد تركيبتها القيادية بما يجسد المشاركة وليس الانفراد..؟
- وتظل معافاة العلاقات الخارجية سؤالا مطروحاً يتطلب التنوير..
هذا بعض ما ينتظره كل من تطلع وما زال، الى ان يكون التغيير تجاوزاً للماضي الثقيل، ويستحق من رئيس مجلس الوزراء المكلف وقفة أولية، يمكن اعتبارها "جسّ نبض" و"رسالة حسن نوايا"، لمن لم يحزم أمره بعد، أو للمتأمل ولكن الباحث عن اليقين. وللمواطن المستلبة إرادته قهراً وضيماً، ويرنو نحو أُفقٍ يبشر بالتحول الأكيد..
فهل ننتظر خطاباً، قبل الأربعاء القادم، يؤسس لنهاية خطابات الأربعاء الأسبوعية المثيرة للأزمات..؟!