هل يقبل الرأي العام بمعاهدة دفاع جديدة بين بغداد وواشنطن؟

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, ديسمبر 16, 2014, 05:43:37 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

هل يقبل الرأي العام بمعاهدة دفاع جديدة بين بغداد وواشنطن؟



بغداد ـ عبد علي سلمان:

في يوم امس نشرت الصباح الجديد تقريراً بعنوان « دعوة الى التحالف بين أميركا والعراق- نحو معاهدة جديدة تمكنهما من الدفاع المشترك» وكان عرضَ لرأي خبير اميركي يدعو فيه الى عقد تحالف دفاع مشترك مع العراق وذكر الفوائد التي تعود على اميركا وربما على العراق أيضا. ولغرض الاطلاع على مجمل ما يطرح بشأن العراق في المحافل الدولية ومعرفة النوايا الحسنة والسيئة ولتمحيصها وأخذ ما ينفع منها، تقدم الصباح الجديد عرضا لرأي مغاير كتبه دانيال دي بيتريش وهو محرر في شؤون الارهاب والأمن في صحيفة واشنطن بوست بعنوان « آسفون يا جماعة، التحالف الرسمي مع العراق ليس هو الحل» جاء فيه: إن الاقتراح الداعي لالتزام رسمي قائم على معاهدة بين واشنطن وبغداد سيصطدم بحاجز كبيرهو الرأي العام.
وتساءل الكاتب في بداية مقاله «هل حان الوقت لتحالف رسمي قائم على معاهدة امنية – ومن دون ممنوعات- بين الولايات المتحدة والعراق؟ وعلى وفق ما يرى مايكل أوهانلون من معهد بروكينغز، وهو واحد من أهم مفكري ومحللي شؤون الدفاع ، فإن الجواب بسيط: نعم. فالحكومة العراقية والجيش العراقي تضررا حين سيطرت داعش على ربع البلاد تقريبا وإذا كان البلد يمتلك أية فرصة للتحرك مرة أخرى على أساس متين، فان بغداد تحتاج إلى كل مساعدة يمكنها أن تحصل عليها. وواحدة من اكثر الطرق روعة لكي يصبح هذا الحلم حقيقة على وفق ما يرى أوهانلون، سيكون عبر عقد تحالف دائم يصل إلى أبعد من العلاقة الاستراتيجية القائمة اليوم بين واشنطن وبغداد.
ونقل المقال ما قاله اوهانلون « وعبر تقوية العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية إضافة للعلاقات العسكرية سيكون للولايات المتحدة الوضعية التي تمكنها من ان تتزلف للعراقيين او تحثهم وربما تضغط عليهم للقيام بما هو صحيح. وان الحيل التي مارستها الحكومات السابقة مثل اصدار مذكرات قبض بحق شخصيات سياسية بارزة وتنظيم مذابح لضباط كبار ومحاباة الاقارب في التعيينات في المناصب العليا ستكون من الصعب جدا على العراقيين ذوي النوايا المريضة الاستمرار بها، وسيكون من السهل على الاميركان معارضتها اذا تم تدعيم العلاقات بتحالف رسمي قوي وسيكون من السهل تحديد المستقبل السياسي العراقي بما في ذلك امكانية تشكيل نوع جديد من الكونفيدرالية تتمتع بنوع من التعاون بين الشيعة والسنة والكرد».
والفكرة التي يطرحها أوهانلون مثيرة للاهتمام في الواقع وهي مبنية على بعض الأدلة التاريخية السليمة جدا الحادثة في تاريخ العراق المعاصر.
ويقول دانيال دي بيتريش «في عام 2006، كانت الحكومة العراقية، وجيشها وشرطتها الوطنية تهيمن عليهم الطائفية، وهذا هو ما يقسم ملاين العراقيين اليوم. والميليشيات السنية والشيعية كانتا تقاتلان في شوارع بغداد يوميا. وأصبحت الوزارات الحكومية إقطاعيات طائفية يسيطر عليها أشخاص مرتبطون مباشرة بفرق الموت الطائفية. وممثلو الطائفة السنية في العراق إما أخرِجوا كليا من الحكومة أو تم تهميشهم عبر أدوار سطحية.واستمر هذا الى ان اعتمدت الولايات المتحدة طريقة جديدة تماما للتعامل مع الحرب قوامها مزيج من مكافحة التمرد، واستهداف تنظيم القاعدة بعمليات للقوات الخاصة، وإنشاء قاعدة شعبية من السنة مناوئة لتنظيم القاعدة. وتحسن الوضع الأمني بنحو كبير، ولكن الأهم من ذلك، فإن وجود القوات الاميركية في الميدان وتفاني قادة الولايات المتحدة وفرا استراتيجية جديدة للسياسيين السنة والشيعة وأمدتهم بالشجاعة السياسية المطلوبة للعمل معاً.
والعمود الفقري فيما يطرحه أوهانلون هو: إن تعزيز التحالف المبني على معاهدة بين الولايات المتحدة والعراق، ووجود عراقيين مثل رئيس الوزراء العبادي، ووجود شخصيات عشائرية سنية من الذين لهم دورهم المهم في إستقرار العراق، سيجعل من الاسهل ان تتواصل هذه الاطراف مع بعضها البعض.
لكن وللأسف، وان كان الاقتراح ذكيا ومكتملا من الناحية النظرية فمن المحتمل انه لن يكون كذلك من الناحية العملية. وهنا تكمن المشكلة في استراتيجية التحالف الذي يقترحه أوهانلون: لن يكون من الصعب فقط قبوله من مجلس الشيوخ الأميركي، ولكن سيكون من الصعب أيضا وبنحو لا يصدق ان يحظى مثل هذا النوع بتأييد محلي واسع، يكون حاسما جدا لنيل رضا الشعب الأميركي.
وقد كتب أوهانلون « وستكون صياغة تحالف مع العراق بمنزلة صاعقة على بعض الاميركيين، ليس لان التحالف غير مرغوب به فقط بسبب مآثرنا البطولية في العراق في اثناء العقد الاخير ولكن لما يسببه هذا التحالف من ارباك»
وعلى الرغم من دقته فان هذا الطرح لن يهضمه الحزبان بأية صورة تضاف اليه السلبية العميقة التي يشعر بها الشعب الأميركي تجاه العراق كبلد. بالنسبة لغالبية الأميركيين، فإن كلمة «العراق» تطابق تقريبا عبارة «الفوضى» او «سفك الدماء» أو «المستنقع»، وهذه الكلمة تستحضر ذكريات مرة عن فترة رهيبة في تاريخ الولايات المتحدة حين قتل الآلاف من القوات الأميركية في حرب اتضح فيما بعد أنها أطلقت بناء على معلومات خاطئة (ناهيك عن التخبط في إدارة بوش على مدى السنوات الثلاث والنصف الأولى من الصراع).
وقد يبدو كل ما اقول وكأنه ملاحظة سياسية أو حزبية. لكن إرث العراق ما يزال لابثا كثيرا في نفوس عموم الاميركيين ولا يوجد أكثر منه سوى ما موجود في عقول الأسر والأصدقاء الذين فقدوا احبتهم في الحرب.
وتقريبا كل استطلاع كبير أو مسح يظهر ذلك. وعلى سبيل المثال فان استطلاع 15-20 أكتوبر لمركز بيو للأبحاث، وجد أن 55 في المئة لا يريدون ان تشترك أية قوات أميركية مقاتلة في العراق في الظروف الحالية، كل هذا برغم ان العراق بات مستهدفا من قبل حفنة من المجانين المعربدين الذي يقطعون الرؤوس تعبيرا عن وجهة نظرهم. وفي استطلاع في حزيران/ يونيو 2014 (الشهر نفسه الذي أحتلتْ فيه الموصل وتكريت) كان هناك 61 بالمئة من الاميركان يستحسنون
قرار الرئيس أوباما لسحب كل القوات تقريبا في عام 2011.
في الواقع،فان 80 في المئة من الأميركيين لايمتلكون فكرة حسنة عن العراق العراق بوصفه شعباً. وهذه الأغلبية الضخمة من شأنها أن تجعل أي مسعى لإقامة تحالف عبر معاهدة بين الولايات المتحدة والعراق صعب بنحو لا يصدق لكي ينال موافقة مجلس الشيوخ الأميركي.
ومن اكثر الاشارات التي تدعو للحذر وتثير القلق هو ما لاحظته صحيفة وول ستريت جورنال وشبكة ان بى سى نيوز حيث ظهر ان ثلثي المشمولين بالمسح (66%) حول امور تتعلق بالعراق رأوا ان الصراع في ذلك البلد لايستحق القتال. بل ان الجمهوريين الذين يقولون انهم صوتوا ليكون الرد شديداً ضد المتطرفين في الشرق الاوسط يرون ان حرب [العراق] لا تستحق كل هذا العناء، وهناك نسبة من 41-49 بالمئة من الذين يقولون ان العراق يستحق يقولون «كيف يمكنك ان تقنع الشعب الأميركي لدعم التزام معاهدة بين الولايات المتحدة والعراق وكل هذه الأرقام حولك».


http://www.newsabah.com/wp/newspaper/30357
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة