ثانيا: واقع التعليم الابتدائي في العراق 2

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, سبتمبر 03, 2011, 03:38:24 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 2 الضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

ثانيا: واقع التعليم الابتدائي في العراق 2

بناء المجتمع يقتضي بالضرورة الإعداد الكامل والمتفاني في بناء الطفل، وبناء بيئته والمحيط الخاص والملائم به، بما يناسب الطموح الذي تبتغيه الأمم من وراء عملية بناء مجتمع يطمح الوصول إلى مرحلة الإعداد النهائي في خلق مجتمع مثالي.
فالطفل ركن مهم من أركان الأسرة أولا، والمجتمع ككل ثانيا، وعملية البناء الخاصة به، ما هي إلا مسؤولية تقع على عاتق الجميع.

التعليم الابتدائي في العراق

حسب تقرير اليونسكو أمتلك العراق قبل حرب الخليج الأولى نظام تعليمي من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة قدرت نسبة المسجلين فيه بالتعليم الابتدائي ما يقارب 100% مقارنة بأعداد الأطفال في سن التعليم الابتدائي, وحسب تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1973 فأن معدل التسرب في التعليم الابتدائي قد هبط في العراق إلى ما يقارب 5% بين الصف الأول والخامس الابتدائي, وكان هذا أوطأ معدلات تسرب في الدول النامية. ثم نال العراق في نهاية السبعينيات جائزة اليونسكو على حملة محو الأمية. وقد ساهمت في ذلك الطفرة المالية المتحققة من العوائد النفطية والتي وسعت من حجم الإنفاق على التعليم, وكذلك الدور الكبير والمتميز الذي لعبته الحركة الوطنية في التعبئة لنشر التعليم والثقافة في صفوف أبناء المجتمع وتعزيز الدور التعبوي عبر نشاطها وصحافتها العلنية, وخاصة في ميدان محو الأمية, ونقل تجارب الشعوب العالمية عبر صحافتها اليومية وخلق المزاج العام المواتي لتنفيذ ذلك.
إلا إن الحروب الكارثية التي أقدم عليها النظام العراقي السابق والحصار الاقتصادي الجائر والاحتلال وتدمير مؤسسات الدولة وبنيتها التحتية والسياسات الطائفية واستمرار اعمال العنف والارهاب طيلة السنوات التي اعقبت التغيير وما سببته من استنزاف للموارد المالية والبشرية قد الحق أفدح الإضرار بقطاع التربية والتعليم, فقد حول العنف وانهيار البنية الأساسية في المدارس والنزوح الكبير للتلاميذ والمدرّسين العديد من المدارس العراقية الى انقاض مزدحمة كريهة الرائحة مما يعرض للخطر مستقبل ملايين الأطفال ممن حُرموا للعديد من الاسباب من استمرار التعليم والدراسة.
تشير إحصائية نقابة المعلمين العراقيين في نهاية عام 1997 إلى ترك آلاف المعلمين عملهم في المدارس الابتدائية والثانوية بسبب الوضع الاقتصادي المتردي لهؤلاء المعلمين ولسد الفراغ المريع الذي خلفوه ورائهم, فبادرت كليات التربية وتحت باب تحدي الحصار بفتح دورات سريعة أمدها ثلاثة أشهر لخريجي المدارس المهنية والعاطلين عن العمل من خريجي المدارس الثانوية وبمبالغ بسيطة لتخرجهم بعد ذلك معلمين للجيل الجديد, ويبدو أن التعليم السريع جاء مسايرا المشاريع العملاقة السريعة التي تنفذ بغضون أيام معدودات بغض النظر عن المواصفات العلمية والفنية التي يتطلبها تنفيذ المشاريع فليس المهم متانة المشروع وديمومته بل الفترة الزمنية السريعة التي ينفذ بها وهذا الأمر قد تكرر في أغلب المشاريع التي نفذتها الحكومة على شكل مكارم يهبها القائد لهذه المدينة أو تلك. وقد أدى النقص الحاصل بعدد المعلمين إلى شيوع ظاهرة النجاح المدفوع الثمن فقد أستغل الكثير من مديري المدارس هذا النقص وقاموا بالتلاعب بقوائم النجاح للطلاب وتحت شعار أدفع تنجح والصحافة العراقية زاخرة بالكشف عن هذه الحالات كما انتشرت ظاهرة التدريس الخصوصي بين الأهالي سواء في التدريس الابتدائي أو الإعدادي وهي حالة جديدة تماما على المجتمع العراقي المعروف برصانة أساليبه التربوية والعلمية ولم يكن يعرفها إلا عن طريق بعض الأفلام العربية.
ويكفي إن نشير هنا إلى إن نسبة القادرين على القراءة والكتابة في البلاد عام 2003: الذكور 55%, الإناث 23%. وبلغت خسائر هذا القطاع أكثر من أربع مليارات دولار شملت كل عناصر وأبعاد العملية التربوية ومستلزماتها ومؤسساتها.
هنا انقل ما ذكره السيد قاسم حسين صالح في مقالة تحت عنوان وطن بلا طفولة المنشورة في الحوار المتمدن – العدد: 2715 في 22/7/2009 ومراحلها المختلفة.
اذكر انني في العام 1978 كنت عضو لجنة مشرفة على برامج الاطفال في تلفزيون بغداد تضم ايضا الروائية لطفية الدليمي والكاتب باسم عبد الحميد. كانت برامج الكارتون تنتقى من مناشئ مختلفة: تشيكوسلوفاكيا، بولندا، الاتحاد السوفياتي، اليابان، وأميركا. وكانت البرامج المحلية المخصصة للاطفال هي الاخرى ممتازة مثل: لغتنا الجميلة، سينما الاطفال، الشاطر، وبرامج تعليمية اخرى. وكانت اغاني الاطفال تعبّر عن عالم الطفولة ومفرداتها، اذكر منها اغنية تقول: (شوفو شحلو بيدي الطباشير. شوفو شحلو ارسم عصافير. رسمت وردة. وفراشة عالحقل اتطير).
بعد الحرب، صودر عالم الطفولة هذا. حتى اغانيهم ما عادت تنتمي الى عالمهم. اذكر منها اغنية تقول: في عيد ميلادي ماذا تمنيت؟ ان ارتدي ملابس الطلائع، وان ازور جيشنا في جبهة القتال. فأي طفل – بربكم – تكون أمنيته في يوم عيد ميلاده زيارة جبهة القتال؟!
أن من المضحك المبكي, ان تخصص ميزانية الرئاسات الثلاث (الأجتماعية) تقدر بحوالي 20%من الميزانية العراقية والتعليم بمختلف درجاته 10% بينما ميزانية التعليم تشكل في المملكة العربية السعودية 26% والولايات المتحدة 27% والصين ضاعفت ميزانية التعليم 300% وتشكل ميزانية التعليم في دول جنوب أسيا 18% وتشكل ميزانية التعليم في تركيا أكبر بند من بنود الميزانية.

صرح الفنان كاظم الساهر عندما ُعين سفيرا لليونيسيف في العراق أن "اطفال العراق عانوا مشكلة لا تصدق على مدى العقدين الماضيين ، حيث عانى مئات الآلاف من الأطفال من آثارالعنف و الحرمان اللاأنساني" و أضاف. "أن الوقت قد حان لتغيير ذلك."
وفي  تقرير لليونيسيف في 2011, نشر بعض الحقائق عن ما يقرب ال15 مليون طفل في العراق ما يلي :
• حوالي 100 رضيع يموتون كل يوم أو 35000 رضيع يموت قبل بلوغه العام الأول من العمر.
• أكثر من مليون و نصف المليون طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية.
• حوالي 700،000 طفل غير مسجلين في المدارس الابتدائية مع وجود مئات الآلاف من الأطفال المتسربين من المدارس.
• مليوني و نصف المليون طفل لا يحصلون على مياه آمنة صالحة للشرب.
• ثلاثة ملايين و نص المليون طفل لا تتوفر لهم مرافق صحية ملائمة.
• حوالي ثمانمئة ألف طفل بأعمار تتراوح بين الخامسة و الرابعة عشر مضطرين للعمل.

في حين تؤثر هذه القضايا بشكل فردي على أعداد كبيرة من الأطفال تشير النتائج الاولية للتحليل اليونيسيف الأخيرأن هناك مئات الآلاف من الأطفال يعانون من عدد من هذه القضايا في نفس الوقت.
والتخلف في الالتحاق بالمدرسة يطال البنات بفارق كبير عن الذكور هذا فيما يخص المناطق الريفية التي تستخدم البنات في العمل داخل المنزل واحيانا في الفلاحة وهو ما ينسحب على الذكور الذين يتخلف اغلبهم للتفرغ للعمل لتحسين المستوى المعاشي لذويهم, فالعمل الاقتصادي له الدور المهم في نسبة الالتحاق بالدراسة بل يعد من الاسباب المباشرة في تراجع نسب الالتحاق بمقاعد الدراسة لكلا الجنسين وهنا لابد من ان يبرز دور وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وضرورة تفعيل عملها من اجل شمول العوائل الفقيرة والمعوزة  ببرامج الدعم الاقتصادية والدعم المادي بدرجة  أساسية يساندها بهذا الاتجاه الدور الاعلامي الضروري في عملية التوعية بضرورة  واهمية الالتحاق بالركب التعليمي .
من اهم الأهداف التي تطبق على المناهج وعلى التعليم بصوره عامه, حسب تقسيم الخبراء ثلاث أنواع من الأهداف المعرفية والوجدانية والنفس حركي ولكي يكون أي منهج متكامل يجب ان يحوي على هذه الأهداف مجتمعه بصوره متساوية..
لكن الدراسات اثيتت بان النظام التربوي في العراق يؤكد على الجانب المعرفي فقط من دون الاهتمام بالجوانب الأخرى التي تتعلق بالتقدير والشعور والمهارات اليدوية والحركية وتفوق الجانب المعرفي في هذه الأهداف عند تطبيقها بنسبه تصل الى أكثر من 90% بالمئه وعلى الرغم من خطورة هذه النسبة ألا ان وزارة التربية والتعليم العالي بقيت عاجزتان عن أبداء أي رغبه بتغيير بذالك

ان من اهم اسباب عدم الالتحاق بالمدارس
1-   الحروب والحصار و دوامة العنف والتي مازالت تدور, و تهجير ملايين العراقيين، ما دفع الكثير من أبناء العائلات الفقيرة إلى ترك الدراسة والبحث عن عمل لتوفير لقمة العيش.
2-   عدم توفر الحماية اللازمة للأكاديميين والأساتذة والمعلمين والمؤسسات التعليمية. ان براندون أومالي الذي أشرف على إصدارات المنظمات العلمية والثقافية في الأمم المتحدة قال: إن العمليات التي تم رصدها في الدراسة تشمل إطلاق النار والاغتيال المباشر والتفجير وتدمير الممتلكات وتجنيد الطلاب القُصَّر واحتلال المدارس من قبل المليشيات .
3-   عدم تفعيل قانون التعليم الإلزامي, و عدم تفعيل ( الحصر السنوي ) الذي يجب أن تقوم به إدارة ألمدرسه قبل بداية الدوام في رقعتها ألجغرافيه و عدم متابعة غيابات ألطلبه في المدارس ومتابعتهم من قبل إدارة ألمدرسه عن طريق أولياء الأمور وبالترغيب والترهيب.
4-   المستوى المتدني للأساتذة والمعلمين الذين كانوا بدورهم ضحية للسياسات البائسة التي انتهجت سابقاً في التدريس ومنح الدرجات والشهادات والتقييم والوظائف, و قلة عدد الدورات التدريبية للمعلمين وتاهيلهم تربوياً.   
5-   ضعف المناهج الدراسية, و تدنّي وتدهور طرق ووسائل  التعليم  و التربية.
6-   عدم وجود الباحث أو الباحثة الاجتماعية في المدارس لغرض توعية الطلاب والطالبات، وخاصة الفتيات في عمر الدراسة الابتدائية.
7-   كثرة عدد الطلاب في الصف الواحد, مما يجعل الطفل يعزف عن الحضور لعدم رغبته بالتعليم وعدم الاستفادة من المعلم.
8-   عدم وجود مدارس قريبة منهم او ان معظم  مدارسنا ببناياتها ومستلزماتها غير نظامية و قسم منها لازالت طينية و اخرى في الكرفانات والخيم والصرايف, والمفروض ان تكون مدارسنا ببنايات جديدة ومستلزمات حديثه وساحات لعب متطورة لكي تجذب ألطلبه وتريحهم في الدوام, حيث ان هناك مدارس ذات ازدواج ثنائي وثلاثي ورباعي. 
9-    تخلي الآباء عن التزاماتهم ومسؤولياتهم تجاه ابنائهم بسبب الطلاق وتفكك العائلة، او القسوة في التعامل مع الابناء او ضعف الوعي الابوي بأهمية تعليم الابناء. بالاضافة عن الاسباب الاقتصادية.
10-   قلّة الدعم الحكومي للتعليم.

كيفية تطوير الدراسة في المرحلة الابتدائية:
1.   التأكيد على أهمية المدرسة وحث الإنسان العراقي وخاصة الأميين منهم بتحمل التزاماتهم ومسؤولياتهم وذلك  بإرسال أولادهم وبناتهم إليها.
2.   تفعيل قانون التعليم الالزامي.
3.   قيام وزارة التربية وباقي مؤسسات الدولة بتوفير مقعد دراسي لكل طفل وذلك ببناء المدارس وتجهيزها بكافة المستلزمات الصحية والنفسية والمناهج المتطورة لتكون بيئة صحية لجذب الاطفال.
4.   توفير الكادر التدريسي الملائم و تطويره على الدوام وذلك بفتح دورات لمتابعة الجديد في التربية والتعليم واستخدام الوسائل والطرق الحديثة فيها.
5.   توفير ميزانية كافية للقيام بهذه المهام والتخطيط والارشاد في كيفية صرفها.
6.   إنشاء مدارس لمختلف المعوقين وتصنيفهم وفقا لدرجة وطبيعة إعاقتهم, كما هو معمول فيه دول العالم المتحضر, وإتاحة الفرصة لهم للحصول على قدر من التعليم والتربية والتي تنسجم مع قدراتهم العقلية والجسدية, ومنع تحولهم إلى أميين بالمطلق.

مستقبل العراق هو مستقبل أطفاله، ومستقبل الأطفال يرتبط بتوفير البيئة الآمنة والصحية للتعلم وبناء الشخصية والتفكير الحر ألانتقادي، والتسلح بالمعرفة والاستعداد لتحمل المسؤولية والعمل واحترام القانون والتنوع والاختلاف والتعاون والتضامن مع الآخرين. فلنتضامن جميعا ونجتمع في حملة وطنية تحت شعار"المدرسة لكل فرد".

من اهم المصادر

http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/cescr-gc13.html http://www.aknews.com/ar/aknews/3/241543
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=71063
http://www.baghdad- news.com/home.asp?mode=more&NewsID =27257&catID=2
http://www.sotaliraq.com/entertainment.php?id=16287
http://www.adawaanews.net/old_newspaper/2011/1177/05Tahqiqat.html
http://www.adawaanews.net/old_newspaper/2011/1177/05Tahqiqat.html
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=71063

لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير