لابتوب «داعش».. كنز من الكوارث والهلاك

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, أغسطس 30, 2014, 09:50:39 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

لابتوب «داعش».. كنز من الكوارث والهلاك


هارالد دورنبوس وجنان موسى ــ ترجمة ــ أنيس الصفار *   
أخرج أبو علي، وهو قائد إحدى جماعات المعارضة السوريّة المعتدلة في شمال سوريا، اللابتوب الأسود المغطى بالغبار وقال وقد ارتسمت على وجهه تعابير الفخر: "لقد عثرنا عليه قبل عام في أحد مخابئ داعش." ثم يمضي أبو علي مبيناً أن "داعش"، التي تغيّر اسمها منذ ذلك الحين وأصبح ما تسمى "الدولة الإسلامية"، كانوا قد فروا جميعاً من البناية قبل مهاجمة رجاله لها. وقع الهجوم المشار إليه في شهر كانون الثاني في قرية من قرى محافظة إدلب بالقرب من الحدود التركية وكان جزءاً من حملة أوسع ضد "داعش" في ذلك الحين. ويتابع كلامه فيقول: "عثرنا على هذا اللابتوب في إحدى الغرف فأخذته معي، ولم أكن أعلم وقتها إن كان لا يزال صالحاً للعمل أو إن كان ما فيه من معلومات يستحق الإهتمام. وعندما شغلنا الجهاز وجدنا أنه يعمل بالفعل وحتى لم يكن محمياً بكلمة سرّ، ولكننا أصبنا بالخيبة الكبرى عندما نقرنا على أيقونة "ماي كومبيوتر" لنجد أن جميع المشغّلات خالية."
ولكن المظاهر كثيراً ما تكون خادعة، فبعد نظرة فاحصة تبين أن لابتوب "داعش" لم يكن خالياً على الإطلاق. ففي قسم "الملفات المخفيّة" في الجهاز عثر على خزين من المواد يبلغ حجمه 146 غيغابايت يتضمن 35 ألفا و347 ملفاً مودعة في 2367 مجلداً. وقد سمح أبو علي لنا بأخذ نسخة من جميع تلك الملفات (التي تضمنت وثائق بالفرنسية والانكليزية والعربية) على قرص خارجي منفصل.
تبين فيما بعد أن محتويات اللابتوب تمثل كنزاً ثميناً مكتنزاً من الوثائق التي تقدّم المبررات الآيديولوجية لعمل المنظمات الارهابية، بالإضافة إلى تدريبات عملية في كيفية القيام بحملات مدمرة مهلكة لحساب ما يسمى "الدولة الإسلامية". تتضمن المواد أشرطة فيديو لأسامة بن لادن وكتيبات إرشادية في صناعة القنابل وتعليمات في أساليب سرقة السيارات، ودروس في استخدام التنكر وتغيير الهيئة لتلافي الاعتقال أثناء التنقل من مكان إلى آخر.
بعد ساعات من الخوض والتقليب في هذه الوثائق بات واضحاً أن لابتوب "داعش" يحوي ما هو أكثر من المادة الدعائية والكتيبات التعليمية المعتاد التي يتداولها عناصر هذه الجماعات، حيث تكشف الوثائق أن صاحب الجهاز كان يمارس تدريبات في كيفية استخدام الأسلحة الجرثومية استعداداً لهجمة ترجّ العالم رجّاً.
يبدو واضحاً من المعلومات التي يحتويها الجهاز أن صاحبه تونسي الجنسية اسمه محمد . س. وأنه قد انضم إلى "داعش" في سوريا وقد سبق له دراسة علمي الكيمياء والفيزياء في جامعتين تونسيتين. ولكن الأمر الأشدّ إثارة للقلق هي الطريقة التي كان يعتزم بها هذا الشخص استخدام تحصيله العلمي، لأن اللابتوب يحوي وثيقة حجمها 19 صفحة مكتوبة باللغة العربية تستعرض كيفية صنع سلاح بايولوجي وكيف يمكن تحويل الطاعون المأخوذ من حيوانات مصابة وتحويله إلى سلاح.
تقول تلك الوثيقة: "من مزايا الأسلحة البايولوجية أنها منخفضة التكاليف بينما أضرارها البشريّة هائلة."
يحتوي الجهاز أيضاً على فتوى مؤلفة من 26 صفحة تتعلق باستعمال أسلحة الدمار الشامل. هذه الفتوى لرجل الدين السعودي ناصر الفهد، المعتقل حالياً في السعودية، وهي تقول: "إذا لم يتمكن المسلمون من الانتصار على الكفار بالوسائل الأخرى فمن الجائز لهم أن يستعملوا أسلحة الدمار الشامل حتى لو أدى ذلك إلى قتلهم جميعاً ومحوهم ومحو نسلهم من على وجه الأرض."وقد أجري اتصال بإحد أعضاء الكادر التدريسي في الجامعة التونسية فأفادت بأن الأوراق الامتحانية الخاصة بمحمد تؤكد أنه قد درس الكيمياء والفيزياء لديهم بالفعل ولكن الجامعة فقدت الاتصال به في العام 2011. ولكن الموظفة عادت فجأة وسألت: "هل عثرتم على أوراق تخصه في سوريا؟" وعندما سئلت عما يدعوها للاعتقاد بأن أي متعلقات تخص محمد قد ينتهي بها المطاف إلى سوريا أجابت: "إن شئتم مزيداً من المعلومات عليكم بسؤال عناصر الأمن في الجامعة."منذ بداية الأحداث في سوريا أخذت أعداد مذهلة من التونسيين بالتوجّه إلى ساحات القتال هناك. وفي شهر حزيران الماضي قدّر وزير الداخلية التونسي أن 2400 تونسي على الأقل يشاركون في القتال حالياً هناك، ومعظمهم منخرطون في صفوف تنظيم "داعش".هذه ليست المرّة الأولى التي يحاول الجهاديون فيها أن يحصلوا على أسلحة للدمار الشامل. فحتى قبل هجمات 11 أيلول كان تنظيم القاعدة يقوم بتجارب خاصة في إطار مشروع للأسلحة الكيمياوية في أفغانستان. وفي 2002 حصلت محطة "سي أن أن" على شريط ظهر فيه عناصر تابعون للقاعدة وهم يختبرون غازاً ساماً على ثلاثة كلاب ماتوا جميعاً.بطبيعة الحال ليس هناك في لابتوب "داعش" ما يشير إلى أن الحركة قد نجحت في الحصول على أسلحة خطرة، وأي منظمة ارهابية تفكّر في القيام بهجوم بايولوجي إرهابي سوف تواجه العديد من العقبات الصعبة. فعلى مدى سنوات كانت القاعدة دائبة في مساعيها لوضع يدها على مثل هذه الأسلحة ولكنها باءت بالفشل، كما أن الولايات المتحدة خصصت موارد وإمكانيات ضخمة لمنع الإرهابيين من بلوغ هذا الهدف. بيد أن المواد التي يحملها هذا اللابتوب فيها تذكير لنا بأن الإرهابيين جادّون في العمل للحصول على أسلحة تتيح لهم قتل ألوف الناس بضربة واحدة.
يقول "ماغنوس رانستورب" مدير البحوث في مركز دراسات الأخطار اللامتناظرة في كلية الدفاع الوطني السويدية: "الصعوبة الحقيقية في جميع هذه الأسلحة تكمن في القدرة على التوصل إلى منظومة توزيع فعّالة تكفل الفتك بأعداد كبيرة من الناس. ولكن من المؤكد أن إنتاج مثل هذه الأسلحة الرهيبة واقع ضمن قدرات التنظيم."فالمكاسب الكاسحة التي حققتها "داعش" على مدى الأشهر الأخيرة قد تكون زوّدتها بالإمكانيات المطلوبة لتطوير مثل هذه الأسلحة الجديدة الخطرة، ومقاتلو العصابة لا يخوضون معاركهم على خطوط القتال فقط هذه الأيام بعد أن صاروا يسيطرون على مساحات شاسعة من سوريا والعراق. لذلك يتمثّل الخوف الآن في أن يكون محمد وآخرون من أمثاله منكبّون على العمل بصمت خلف الخطوط، ربما في أماكن مثل جامعة الموصل مثلاً التي تسيطر عليها "داعش" أو في بعض المختبرات السوريّة في مدينة الرقّة التي تعتبر العاصمة الفعليّة للتنظيم الارهابي، لتطوير أسلحة كيمياوية وبايولوجية.مجمل القول ان ما تسمى خلافة "داعش" كلما طال أجلها سيكون الاحتمال أعلى في أن يخرج بعض عناصرها الذين يتمتعون بخلفيّة علمية على العالم بشيء رهيب. والوثائق التي عثر عليها في جهاز اللابتوب العائد للجهادي التونسي لا يبقي أي مجال للشك فيما تتطلّع إليه العصابة الخطرة.
تقول الوثيقة ذات التسع عشرة صفحة بشأن استخدام الأسلحة البايولوجية: "يمكن استخدام قنابل يدوية صغيرة مع الفايروس تلقى في المناطق المغلقة المكتظة مثل أنفاق القطارات أو ملاعب كرة القدم أو مراكز الترفيه. ويكون من الأفضل استخدامها بالقرب من أجهزة التهوية وأيضاً خلال العمليات الانتحارية."
* عن مجلة فورن بولسي


http://www.alsabaah.iq/ArticleShow.aspx?ID=76843
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة