لم يقل الحقيقة غيرك يا نيافة المطران داود شرف/ متي كلو

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أغسطس 26, 2014, 07:00:41 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

لم يقل الحقيقة غيرك يا نيافة المطران داود شرف


متي كلو

برطلي . نت / بريد الموقع

ربطتنا صداقة متينة مع نيافة المطران داود شرف، نائب البطريركً لأبرشية الموصل وتوابعها واقليم  كوردستان  العراق، عندما كان راهبا في استراليا ، وكثيرا ما كنا نلتقي ونتبادل اطراف الحديث ولساعات طويلة، وعندما علمت باختياره مطرانا لأبرشية الموصل واقليم كورددستان العراق ، قلت له، انك ذاهب الى ارض ساخنة ومدينة موقوتة وحاضنة خصبة للارهابيين، ونظرة دونية مع حقد على المسيحيين من" متطرفين" ، وتعتبر الموصل اليوم  مدينة  تعيش فوق غليان من التطرف ، وهنا تعيش بسلام وأمان وأنت راعي لكنيسة استطعت ان تعمل بجد وتفاني من اجل ابناءها فكسبت ودهم واحترامهم، وذاع صيتك بين ابناء الجالية ليس في سيدني فقط بل في مدينة ملبورن ايضا، حيث  كنت متميزا و مشهود لك بمحبتك للخدمة الرعوية وللكرازة والوعظ وخاصة الشباب ومن كافة المذاهب ألمسيحية وذهابك  الى الموصل يعني انك ذاهب الى المجهول!  ،سكت لحظات ثم مسك سبحته بكلتا يديه مفرطا خرزها حبة حبةْ.وقال : عندما اخترت الرهبنة، لم اختارها  إلا  لحبي لربي وعشقي لكنيستي ولأخدم كنيسة الرب في اي بقعة من العالم، سواء كانت تلك البقعة ساخنة او هادئة او مدينة ماهولة بالسكان او قرية نائية، او صومعة في دير في صحراء قاحلة واختياري لهذه المهمة هو اختيار لأصعب مهمة وأصعب عمل ، واختياري لابرشة الموصل هو تكريم لي من قبل  قداسة البطريرك أنطاكية وسائر المشرق،ومن المجمع المقدس  ، وانا لابد ان اقبل هذا التكريم الروحي وانا خادم للكنيسة بكل ما تعني به هذه الكلمة.
تذكرتك يا سيدي وانا اشاهدك عبر لقاءك مع  احدى القنوات الفضائية وأنت تتكلم  بحرقة وألم  وحزن شديد على ما اصاب المسيحيين على ايدي الارهابيين وطرد ابناء الارض الاصلاء من  ارض ابائهم وأجدادهم ، نبرات صوتك كانت صرخات بوجه كافة الدول التي تدعي بالديمقراطية وحقوق الانسان، صرختك في اللقاء كانت صرخة بوجه  كافة مؤسسات الدولة ومن يرأسها بدون استثناء.
انت لست بسياسي يا سيدي ولكن صرختك كانت اقوى من كل السياسيين الذين تسلقوا على اكتاف هؤلاء  الذين اصبحوا نازحين ومهجرين ليصلوا الكراسي والمناصب الهزيلة، كانت صرختك تعرية لكل هؤلاء الذين كانوا يصولون ويجولون عبر تصريحاتهم الكاذبة عن طريق الاعلام المرئي والمسموع والمطبوع والمواقع الالكترونية التي تعج بصورهم في"المناسبات" وغير"المناسبات"، ولكن بعد الكارثة اختفى صوتهم بل "خرسوا" وأغلقوا افواههم ،ولم  يستر اجسادهم سوى ورقة التوت!
سيدي، ان تهجير المسيحيين من الموصل ومن سهل نينوى ، ليس بكارثة جديدة، لان الموصل ومنذ زمن بعيد كانت حاضنة للحاقدين على المسيحية وحتى في العصر الحديث من تاريخ العراق  نجد بان صفحاته مليئة بتلك  الكوارث ومنها ما حل بهم بعد احداث"حركة الشواف" في عام  1959  والتي ادت الى الهجرة الجماعية الى بغداد بعد ان تم تصفية المئات منهم لتهم الصقوها بهم زورا وبهتانا للتخلص منهم.
كما ارجوان تسمح لي بان اقص لك حكاية صادفتني  في الموصل سنة 1977، عندما نسبت من بغداد  للعمل  كمدير لإحدى المنشاءات التجارية في الموصل، وفي اول يوم مباشرتي في العمل، حضر احد وكلاء المنشاة وسال عن المدير السابق، فقيل له ، ان المدير... قد نقلت خدماته الى  الى دائرة اخرى، فساله ومن  الذي حل محله، فقال له فلان الفلاني ومنسب من بغداد، فسمعته يقول:
اخر زمن يذهب ابن فاطمة ويحل محله ابن مريم!! وتم محاربتي بكل الاساليب من قبل المحافظ ودوائر الامن و"الرفاق" فلم استطيع الصمود اكثر من ثلاثة اشهر لاعود الى وظيفتي السابقة في بغداد.
سيدي انك قلت  الحقيقة بدون رتوش وبدون خوف، وقلتها امام الآلاف قلت ما لم يستطيع ان يقوله غيرك، لأنهم ما زالوا منشغولون بمعركة "التسميات" وايهما"الاقدم" و"الاهم"  ونسوا بان الاشرار طردوا كل المسيحيين، ونهبوا بيوتهم واموالهم  وقالوا لجميعهم، الجزية او الاسلام او السيف، ولم يستثنوا"تسمية" دون اخرى.
صرختك يا سيدي ناقوس و رسالة للكل العالم وتحذيرا من الوباء السرطاني الجديد الذي يفتك بكل القيم والمبادئ الانسانية. وعلى العالم ان يسمع ويسمع ويسمع ولكن هل يسمع!
سيدي
اشد على يدك عبر الالاف من الاميال وارفع قبعتي لك، لأنك جريئا وصريحا وأتمنى ان يكون هذا اللقاء قد استمع اليه"الانبطاحيين" لكي يتعلموا الجرأة والصراحة والحقيقة، وجاء دور "المكشوف"وانتهى زمن "المستور".