"شمعون كلّو" وحب الانتماء الى الاصول

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, يونيو 03, 2018, 01:00:15 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

"شمعون كلّو" وحب الانتماء الى الاصول



بهنام شابا شمني
behnam_shamanny@yahoo.com


لم يكن لقاؤنا صدفة، ولا بعد ميعاد، ولكن المناسبة كانت كفيلة بان يحدث اللقاء . ذلك هو لقائي بالسيد شمعون متي بني ال كلو في استانبول بتركيا.
لم تكن تتوفر لي من المعلومات عن السيد شمعون كلو سوى انه رجل ناجح في حياته العملية له العديد من المشاريع التجارية في العراق ومن ثم في السويد حيث يقيم حاليا . عاش طفولته وصباه في برطلي ويعتبر من الجيل الثاني من خريجي الكليات من ابنائها حيث تخرج من كلية الهندسة جامعة بغداد بعد ان كانت قد انتقلت عائلته اليها في الخمسينيات من القرن الماضي ابان موجة هجرة العوائل البرطلية نحو العاصمة بحثا عن مصدر الرزق او بسبب الملاحقة السياسية . متزوج وله ولدان لكل منهما عائلة. الى الان ليس هناك ما يثير الاهتمام بهذه الشخصي. الموضوع الذي اثار انتباهي في حديثي معه خلال لقاءاتنا القصيرة هو الارتباط الوجداني ببلدته برطلي رغم انه فارقها وهو صبي لكن يبدو ان الكثير من الذكريات والاحداث التي عاشها لا زالت باقية راسخة في ذهنه يعود اليها كلما سنحت له الفرصة بتذكرها. لا يقف تعلقه بها عند الذكريات التي يحملها عنها بل هو متابع جيد لمجريات الاحداث فيها سابقا وحاليا . وله معرفة جيدة بالكثير من الشخصيات التي لعبت وتلعب دورها على الساحة الكنسية والاجتماعية والثقافية والسياسية. لهذا فهو لا يتوانى في تقديم وجهات نظره حول مجريات الاحداث خلال لقاءاته مع بعض من هذه الشخصيات القادمة من البلدة مما يؤكد سر تعلقه ببرطلي كيف لا وهو ينتسب اليها. 
تأسف كثيرا بل اعتبره بمثابة الخطأ في عدم اقامته لاحد مشاريعه الصناعية في برطلي مما كان سيدفع بابنائها بحسب وجهة نظره الى المنافسة واقامة مشاريع صناعية مماثلة او اخرى مغايرة .
الملاحظة الاخرى التي اثارت انتباهي في السيد شمعون كلو وهي الاهم في نظري هي حرصه على عدم التكلم في اوساط عائلته الا بلهجة اهل برطلي المتميزة، وانتقل ذلك الى اولاده الذين عاشوا جزءا من حياتهم في بغداد بعيدا عن برطلي واهلها بل وحتى الجيل الثالث منهم احفاده الذين ولدوا في بلاد الاغتراب السويد وتشربوا من ثقافتها فهم يتقنوها جيدا.
بالتأكيد ان ذلك لم يأتي صدفة ان لم يكن النظام او الثقافة التي تتبناها العائلة في هذا الاتجاه وتلك نقطة تسجل في صالح عائلة السيد شمعون كلو.
اللغة هي الهوية ومتى ما ضاعت لغتك ضاعت هويتك. وهنا تحافظ عائلة السيد شمعون كلو على هويتين. الاولى الهوية السريانية، والثانية هوية الانتماء المناطقي الى (برطلي).
بالتاكيد هناك الكثيرين من ابناء برطلي ممن يحملون نفس المفاهيم فيزرعون في اولادهم حب الانتماء الى اصولهم بالاضافة الى الانتماء الى الوطن الذي يعيشون فيه.  وعلى النقيض من ذلك نجد ممن هم لا يعيرون للموضوع اهمية ليس اهمالا فقط بل هو منهج يتخذه رب العائلة في حياته ظنا منه ان ذلك يزيده شأنا او قامه. ولهؤلاء نقول مع جل احترامي لهم ان الرئيس الامريكي السابق (باراك اوباما) لم ينكر انتمائه الى اصوله الافريقية ومن قرية صغيرة في كينيا، تلك القرية التي عمّتها الاحتفالات يوم فاز ابن قريتهم (اوباما) بالرئاسة الامريكية. وقبل ايام لم تكف القنوات الاعلامية العالمية من الاشارة الى الاصول الافريقية لزوجة الامير هاري حفيد ملكة انكلترا، الممثلة الامريكية (ميغان ميركل). 
نحن شعب صغير ولكننا جزء من هذا العالم الذي يضم شعوب وامم مختلفة منها ما يربو اعدادها على مئات الملايين ومنها ما لا يتعدى البضع مئات ، وكل منهم يعتز بهويته وانتمائه الديني والثقافي والقومي . نحن لا نريد ان نسيطر على العالم ولكن يجب ان نتذكر اننا لنا هوية وانتماء.