المسيحيون يحتفلون بعيد "الصليب" على أمل ضمانات للبقاء

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أكتوبر 08, 2017, 09:35:58 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

المسيحيون يحتفلون بعيد "الصليب" على أمل ضمانات للبقاء     

         
برطلي . نت / متابعة

عنكاوا دوت كوم - صباح كردستان – باسم فرنسيس
كان يحدق بالصليب المتلئلئ بأضوية الزينة على شرفة منزله متضرعا بأن يزيح هذا العيد آثار ثلاثة سنوات من المآسي والخراب الذي خلفها تنظيم "داعش"، وهو يأمل كغيره من المسيحيين في أن ينتهي  مسلسل الهروب  من الحروب والأزمات نحو الشتات.
يوسف من سكان ناحية عنكاوا شمالي اربيل، وقد تجاوز عمره الخامس والستين يشكو في حديثه لـ"صباح كوردستان" من إنقسام أسرته بعد أن هاجر ثلاثة من أبنائه، فيما ينتظر نجله الوحيد المتبقي فرصة سانحة للحاق بإخوانه، لكنه لم يخفي تمسكه بتفاؤل حذر في تحسن الأوضاع السياسية والاقتصادية في الإقليم.
وقال إن "تنظيم داعش بات في حكم المنتهي، وبدأ اخواننا المسيحيين الذي كانوا نزحوا من نينوى إلى عنكاوا ومدن إقليم كردستان بالعودة تدريجيا إلى مناطقهم، وهذا مؤشر ربما يعطينا الأمل بأن تتحسن الأمور إلى طبيعتها".
واحتفل المسيحيون ليلة 13 - 14 من أيلول بعيد "الصليب المقدس"، والتي ترجع الروايات هذا العيد إلى العام 326م عندما عثر على الصليب الذي صُلب عليه السيد المسيح، من قبل الملكة هيلانة والدة الأمبراطور الروماني قسطنطين الكبير، بعد أن ضل مطمورا تحت تلة لنحو ثلاثة قرون.
لكن القلق ما زال يساور المسيحيين خصوصا الذين عانوا التهجير والنزوح إزاء ما تخفيه الظروف التي ما تزال مبهمة بالنسبة لمستقبلهم، وقد تشتت شمل مئات العائلات في دول الجوار وبلدان الغرب، ولا تتوفر إحصائات دقيقة حول ما تبقى مجموع 130 ألف من الذين كانوا نزحوا من نينوى، إلا أن لجان كنسية تؤكد عودة بضعة آلاف، وما زال آخرون يتدفقون عائدين إلى ديارهم.
ويخشى الشاب نوئيل خالد من قضاء الحمدانية عودة التوتر إلى سهل نينوى قائلا "لا نعلم كيف سيدار الوضع هنا، وقد ظهرت فصائل مسلحة بعناوين شتى وبايديولوجيات متناقضة وكل قومية وطائفة باتت تملك فصائل ولا ضمانات من عدم نشوب صدامات وقد حصلت فعلا مناوشات قبل أسابيع، كما لا يوجد اتفاقات واضحة للآلية التي ستدار بها مناطقنا".       
والصورة لا تبدو قاتمة إلى هذا الحد لدى البعض، فبعد ثلاث سنوات تحولت فيها البلدات المسيحية إلى مدن أشباح، عادت مظاهر الفرح والاحتفالات إلى  لأول مرة، وعلق السكان الصلبان المزينة بالأضوية فوق سطوح وشرفة منازلهم، واقدم البعض كما جرت العادة التي تقترن بتقاليد هذا العيد إلى إشعار النار، وإطلاق المفرقات، فيما تقوم الكنائس بنشاطات متنوعة  فنية وثقافية ورياضية.
وشارك المئات من سكان بلدة قره قوش برفقة القساوسة في مسيرة راجلة ضمن احتفال للتعبير عن سعادتهم بالعودة إلى الديار وهم يحملون الصبات واغصان الزيتون تحت حراسة أمنية، فضلا إن إقامة قداس في كنيسة البلدة، وسط دعوات إلى "التسامح" و"نبذ الكراهية والانتقام"، كما شهد بلدة برطلة المحاورة مراسيم مماثلة.
وبحسب موقع "عنكاوا كوم" المتخصص في تغطية الأنشطة للمجتمعات المسيحية فإن سكان بلدة تللسقف "رفعوا الصلبان مبكرا وبالوان زاهية ونشرات ضوئية فوق اسطح المنازل، فيما يشاهد الصليب الكبير الذي نصب فوق تل القرية من مسافات بعيد، بعد كانوا حرموا من إقامة تلك المناسبات خلال مرحلة النزوح"، وذكر أن "ما يربو من 800 أسرة نازحة عادت إلى ديارها في تللسقف وباطنايا وباقوفة وتلكيف، فيما يقدر عدد العائدين نحو 10 آلاف شخص إلى بلدة قره قوش، مع توقعات بعودة 2500 آخرين في الأسابيع المقبلة".
ونشر الموقع مجموعة صور قال إنها "تعكس تفنن تنظيم داعش إبان احتلاله لنينوى بنزع الصلبان في الحواضر المسيحية وإزالتها"، لكن عقب طرد التنظيم بدأت حملة لإعادة تلك الصلبان.
وفي النظرة إلى القادم من الأيام، لا يخفي مسيحيو سهل نينوى قلقهم في التبعات المستقبلية للخلافات بين الحكومتين الاتحادية وإقليم كوردستان في مصير عائديته الادارية، ويرون أنهم يبقون ضحايا كلما استمر الخلاف، يضاف إليه الانقسام الذي تعاني منه القوى المسيحية والذي ظهر على خلفية المواقف إزاء شمول هذه المناطق بالتصويت على الاستفتاء الرامي إلى إنفصال الإقليم، وما زال العديد من النازحين المقيمين في مدن الإقليم يتخوفون من العودة في انتظار ما ستؤل إليه الأوضاع في الاشهر المقبلة.
بهنام عبدالاحد من ناحية برطلة والمقيم حاليا في اربيل منذ اليوم الأول للنزوح، تمكن أخيرا من إعادة إعمار منزله في بلدته الأم بعد تلقيه مساعدات من منظمات أجنبية التي تتولى إعادة إعمار البلدات المتضررة من الحرب، وقال لـ"صباح كوردستان"، "رغم أن منزلنا عاد افضل من ما كان عليه قبل أن نهجره، والبعض من أقراننا قد عاد، إلا أنني لا أريد التسرع في اتخاذ القرار النهائي، فالأوضاع السياسية المتوترة خصوصا تلك المتعلقة بمستقبل مناطقنا واستفتاء الاقليم، يجعلنا نفضل الانتضار لحين أن يتضح مسار الأمور".
والقلق من صراع محتمل تقر به المراجع الكنسية المسيحية، وأكد بطريرك الكلدان في العراق والعالم البطريرك مار لويس روفائيل ساكو أن "السياسة المهيمنة بعد سقوط النظام السابق كانت ولا تزال عبارة عن تكتيك براغماتي للحصول على المصالح والحفاظ على المناصب، وقد وصل الوضع الأن بسبب إعلان إقليم كردستان عن رغبته في الاستفتاء وحق تقرير المصير، إلى صراع الوجود غير واضح المعالم، وقد اخذ البعض يدق طبول الحرب"، وحذر من أن "حصول مواجهة عسكرية لا سامح الله ستكون نتائجها كارثية للجميع، وسوف تكون الأقليات هي الخاسر الأكبر.. وسوف يهاجر من تبقى من المسيحيين ولن يبقى لنا وجود يذكر في العراق والإقليم".
ويبدو السجال مختلفا في الوسطين الشعبي والسياسي لدى المسيحيين القاطنين في مدن الإقليم، في ظل التساؤلات حول ما هية الضمانات التي ستتوفر في حال الذهاب باتجاه الاستقلال، حول الحقوق المدنية والمساواة وحق إدارة المناطق ذات الغالبية المسيحية بصلاحيات لا مركزية أوسع.


http://www.ankawa.com/sabah/sabah_kurdstan.pdf