وصية مع وقف التنفيذ ( قصة قصيرة)

بدء بواسطة أمير بولص ابراهيم, يناير 31, 2011, 07:08:11 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

أمير بولص ابراهيم

وصية مع وقف التنفيذ
   



بَعَدَ أن وضِعَ جثمانه في نعشه ِ , جلست بعض النسوة حوله يولوّلن ..ترأست زوجته ِ تلك المجموعة ..بينما تسللت هي َّ وبحكم قرابتها منه وبعد عناء التسلل ذاك وصلت قرب رأسه ِ ولتقابل في جلستها زوجته في الناحية الأخرى من النعش.. كان جل َّ تفكيرها  كيف تُنفذ وصيته ِ فبالرغم من قربها من جسده البارد إلا أنها وهذه الحالة لن تستطيع تنفيذ تلك الوصية الغريبة التي أوصاها بها..أو أن تستطيع أن تقبله ُ ولو بقبلة الوداع على شفتيه ِ 'بل سيكون من الصعب عليها تقبيل خديه كقبلة عفوية ..استمرت النسوة بالعويل وهي َّ تجاريهن تتحين فرصة ما لارتكاب تلك العملية الموكلة إليها ..سَرَحت بخيالها حيث لقاءاتهما معا وقصة الحب الغريب الذي تبادلاه من الصغر ولكن لظروف ما لم يعتليا عرش واحد ليعيشا تحت سقف واحد ..توهمت للحظة إنها وهو لوحدهما في تلك الغرفة التي فتحت جدرانها آذانها لتسمع ما يدور من حوار بينهما حيث أخذت أصوات البكاء بالابتعاد عنها ..تَسَمَر َنظرها على وجهه ِ الذي بدا لها إنه يحاورها ..
-- كنت أعلم إنك لن تتخلي عني في لحظات الوداع هذه ِ...
سرى اندهاش رهيب على وجهها وكأنه سيل ٌ من مطر ناعم يجري على خديها وإنها في حلم ٍ تعيش ُ واقعه ُ لا محالة ..
__ كيف لي أن أتركك ترحل هكذا رحلة بلا عودة دون وداعك َ
بدا وجهه ُ في تلك اللحظة من محاورتهما كأنه يعود للاحمرار مرة أخرى وإن الدم بدأ يسري في عروقه ِالمتشنجة دون  تفق نبضه ِ..هَمَسَ لها مرة أخرى بنفس الطريقة  التي تخيلته يحادثها ..
-- هل جلبت صورتك ..
مدت يدها إلى فتحة ضيقة في قميصها الأسود من الأعلى مداهمة ً نهديها الذابلين حزنا ً لتخرج من تلك الفتحة صورتها الحديثة لتريها إياه ..كانت عيناه مغمضتين ..
تخيلته ُ أبتسم َ للصورة تَخيلت إن إحدى يديه بدأت بالحراك نحوها ..تلذذت بسير أنامله ِ على شفتيها المكدسة عليهما كلمات لا حصر لها ولا عدد بينما أخذ َ جسده بالاهتزاز لتلك الملامسة العجيبة التي أعادتها حيث الماضي وحيث عناقها الذي انتهى بلا نتيجة ..
-- ها أنذا واضعة ً صورتي تحت رأسك حبيبي كما أوصيتني حين ترحل فجائيا ً
ملأ رأسها الصداع وأحست بضغط دمها يرتفع ..مدت يدها بهدوء نحو أسفل رأسه ِ
لتنفيذ الوصية .. فاقت من خيالها على ضوضاء أصوات ٍ تنادي لرفع النعش والخروج به ِ ..تلاطمت أجساد النسوة وفاحت رائحة الحزن منهن وتلاطم جسدها مع جسد زوجته وأحست ببرود ذلك الجسد المتهاوي حزنا الذي ما سيلبث يختفي بمرور الأيام وابتعاد ذكراه عنها ..بينما ضغطت أصابعها على الصورة التي اختنقت في جوف كف يدها ..تراجعت للوراء تحكي لنفسها آخر ذكرى معه مؤنبة النفس في عدم استطاعتها تنفيذ وصيته ..أستمر تراجعها وتوارت عن الأنظار في زحام صمت ٍ سيكون رفيقها في ما تبقى من مشوارها ..بينما ابتعد النعش عنها شيئا فشيئا سائرا ً نحو ملاذه الأخير ...


                                              أمير بولص ابراهيم
                                               برطلة - نيسان - 2010

فادي الشيخ

شكرا عالموضوع الحلو ....... تقبل مروري وتحياتي