سنجار بعد تحريرها.. كيف يمكن إعادة ما تمزّق من نسيجها الاجتماعي؟

[ماهر سعيد متي]

سنجار بعد تحريرها.. كيف يمكن إعادة ما تمزّق من نسيجها الاجتماعي؟

نينوى ـ خدر خلات:

يبلغ عدد نفوس قضاء سنجار نحو 400 الف نسمة، غالبيتهم من الكرد الايزيديين، اضافة الى العرب، الكرد المسلمين (سنة وشيعة)، المسيحيين، وهنالك التركمان ايضا (سنة وشيعة).
وعقب اجتياح تنظيم داعش الارهابي لسنجار في الثالث من آب/اغسطس 2014 تعرض النسيج الاجتماعي فيها لضربة قوية، بسبب استهداف اطياف معينة من دون اخرى من قبل عصابات التنظيم ومن والاهم من الخونة، حيث ان الايزيديين والشيعة تعرضوا للاذى اكثر من غيرهم من قتل وذبح وسبي اضافة الى تدمير بيوتهم ومزاراتهم وغيرها.
لكن كيف يمكن تفويت الفرصة على من يسعى لبث الفتنة بين اهالي سنجار، واعادة اللحمة بين سكانها من شتى الطوائف؟؟
الاعلامي والناشط الايزيدي السنجاري مراد هسكاني يقول لـ "الصباح الجديد" انه "في حال اردنا العمل على اعادة الامل وبناء الثقة بين مكونات سنجار يجب تصفية وغربلة المنطقة جيدا لفرز الذين تعاونوا او انخرطوا في صفوف الارهابيين وارتكبوا اعمال القتل والذبح والخطف والسبي وسرقة الممتلكات وتدمير البيوت والمزارات، هؤلاء يجب محاسبتهم على وفق القانون كأول خطوة للبدء بتقوية النسيج الاجتماعي بسنجار".
واضاف "لا نكشف سرا عندما نقول ان هناك مجموعات من ابناء سنجار انضمت للدواعش، ومحاسبتهم لا تعني محاسبة طيف معين، لان ضحايا هؤلاء الارهابيين هم من جميع مكونات سنجار من اليزيديين وشيعة وسنة ولو بدرجات متفاوتة".
ولفت هسكاني الى ان "الايزيديين جميعا هربوا من سنجار، الشيء نفسه بالنسبة لشيعة سنجار، اما السنة من الكرد في سنجار فان نحو 90% غادروها ويعيشون حياة النزوح في مخيمات ومدن وبلدات اقليم كردستان، اي ان غالبية اهالي سنجار يعانون مما حدث، ولاعادة الثقة بينهم يجب محاسبة الارهابيين والخونة الذن خانوا الملح والزاد".
وتابع "اعتقد ان الخطوة الاهم هي عقد مؤتمر موسع يشمل جميع مكونات سنجار وعشائرها من رجال دين والشخصيات الاجتماعية والثقافية والاعلامية، من اجل فرز اسماء الذين تلطخت اياديهم بدماء اهالي سنجار، واعلان البراءة منهم ومن افعالهم الاجرامية، وطرد عائلاتهم من المنطقة، ومن ثم التوقيع على ميثاق جديد، يكون عنوانه لا للانتقام العشوائي، لا للتستر على الدواعش والمتعاونين معهم، نعم لسيادة القانون".
وعبّر هسكاني عن مخاوفه في حال "ترك الامور على زمامها، ويجب ان يتم تغليب لغة العقل والحكمة في هذه المرحلة، وندعو الشرفاء والعقلاء ان يدرأوا نار الفتنة، لاننا لا نريد اسالة المزيد من الدماء، بل نطمح للعيش بسلام وامان وتآخي حقيقي، بعيدا عن الارهابيين والخونة الذين لا مكان لهم في سنجار باي حال من الاحوال".
من جانبه قال الناشط السنجاري ابو ياسر الببواتي (ناشط كردي شيعي) "التعايش الاخوي هو مصيرنا المحتم ويجب ان نتصالح ونعيد بناء جسور التفاهم والثقة بين جميع مكونات سنجار، اعادة بناء المنازل والمزارات مسالة بسيطة نسبيا، وسيحصل ذلك بوجود العامل المادي، لكن اعادة ثقافة التسامح والتعايش تحتاج لجهود جميع الاطراف".
واضاف "في مقدمة الخطوات التي ستدفع الجميع باتجاه طريق التعايش هو الكشف عن الارهابيين والمتعاونين معهم من الخونة، ومحاسبتهم وفق القانون، كي تبرد قلوب امهات الشهداء واشقائهم واقربائهم، لان وجود من تعاون مع الدواعش بين ظهرانينا امر مستحيل القبول به وسيكون بابا لاشعال الصراعات التي لن تنتهي الا بنهاية هؤلاء من خلال محاسبتهم قضائيا".
واشار الببواتي الى ان "مبدأ عفا الله عما سلف لا يمكن تطبيقه على الارهابيين والخونة، لان حجم الكارثة كبير جدا، والجرح عميق، لكن اذا اردنا العيش بسلام وامان علينا فرز الارهابيين ومحاسبتهم والتبرؤ من افعالهم علنا من قبل عشائرهم واقربائهم".
وتابع بالقول "ينبغي بالمنظمات الحكومية والاقليمية والاممية المهتمة بهكذا امور ان تبادر للبدء بالتأهيل النفسي لاهالي سنجار من خلال توعيتهم باهمية التعايش السلمي وكيفية تحقيقه، فالعامل النفسي مهم جدا، من اجل القبول بامور وقرارات اخرى ستدفع بعربة التعايش السلمي الى الامام".
وصدرت بيانات رسمية من شخصيات سياسية ومراكز ثقافية ايزيدية خلال الاسبوع الماضي، حذرت فيها من وجود اطراف موالية لتنظيم داعش سراً او علناً تريد دفع الامور في سنجار الى جهة الاحتراب والانتقام تحقيقاً لمآرب معروفة.
وشددت تلك البيانات على اهمية تغليب لغة العقل، وتفعيل دور القانون والقضاء لمعاقبة كل من تورط بكارثة اجتياح سنجار وفي اعمال القتل والذبح والخطف والسبي او تستر على الارهابيين فضلا عن اعمال النهب والسلب وتدمير مئات المنازل لشتى مكوناتها، وتدمير وتجريف المزارات الايزيدية والشيعية.

http://www.newsabah.com/wp/newspaper/67329