كم يظل أطفال العراق رازحين تحت وطأة الحرمان من حقوقهم؟

بدء بواسطة حكمت عبوش, نوفمبر 28, 2013, 03:27:38 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

كم يظل أطفال العراق رازحين تحت وطأة الحرمان من حقوقهم؟
                                                                                              حكمت عبوش
صدر الإعلان العالمي لحقوق الطفل من الجمعية العامة للأمم المتحدة و بالإجماع في 20/10/1959 ومنذ ذلك الزمان الذي تجاوز النصف قرن بأربع سنوات فان أطفال العراق ما زالوا يعانون من حرمانهم من الكثير من حقوقهم الأساسية التي جاء بها هذا الإعلان العالمي سوى سنوات قليلة بعد ثورة 14 تموز الخالدة وفترة من سبعينيات القرن الماضي بعد دخول بعض الاطمئنان إلى صدور الأهل و إن السنوات القادمة ستحمل كل الخير لهم و لأطفالهم أما معاناة أطفالنا فقد دخلت طورا جديدا في زمن الآثم صدام منذ بدء حربه مع إيران و استمرت معاناة الأطفال إلى أن وصلت إلى قمتها في زمن الحصار الذي جلبه جلبا الى العراق و الى انفاله الهمجية التي كانت ارهابا و حرمانا و مجازر لا مثيل لها في التاريخ العراقي و يندى لها جبين الانسانية و التي كان يتباهى-زيفا- في الدفاع عنها و عن قيمها السامية ونسأل أين السمو في تهجير الاطفال وعوائلهم وحرمانهم من المأوى والغذاء والماء والدواء ومن الجو الاسري الدافئ الذي يحتاجه كل طفل، و اين السمو في مواجهة عموم العوائل العراقية من تدني غير معهود في مستوى معاشها فاضطرت كثير منها الى تسريب اطفالها من المدارس وزجهم في اعمال لا تنسجم مع اعمارهم فأدى هذا الى حرمانهم من التعليم والتربية السليمة و نذكر بتدهور مستوى التعليم في المدرسة ذاتها فترعرعت اجيال عراقية اهم السمات عند اغلبها هي تفشي الامية بين صفوفهم ونحن في العقدين الاخيرين من القرن العشرين وبداية القرن الجديد وزاد عدد الاطفال المشردين والمتسكعين في الازقة والشوارع و عدد المنحرفين بسبب حرمانهم من الرعاية الاسرية اللازمة. و في ابلغ مستوى لهذه الجرائم التي مارسها بحق الاطفال والتي لا تغتفر ولن ينساها الشعب ابداً هي حرمانهم وذويهم من الحياة بدفنهم و هم احياء في حفر ثم ملئها بالتراب وكأنهم ليسوا بشراً في انفاله الهمجية التي لا مثيل لها و كانت اقامته الاحتفالات(بعيد ميلاده الميمون!) في نيسان من كل عام دليل ازدواجيته و ساديته و هو جالس ببدلته البيضاء و كأنه ملاك على عكس قلبه الاسود الملئ بالشر و حوله الاطفال الابرياء يحيطونه وهم غارقون في الجهل عن قتل أقرانهم الأطفال. و كأنه بها يستطيع تغطية الجثامين الطاهرة لعشرات الالاف من الشهداء منهم.
وذهب ضحية انفاله في كردستان العراق ما يقارب 182 الف مواطن ومعظمهم من الاطفال اضافة الى ما دفنه منهم مع اهاليهم في المقابر الجماعية التي وزعها في كل مناطق العراق. وبعد سقوط الصنم في 2003 استبشر العراقيون خيراً بأن عهداً جديداً قد بزغ وسيتمتع العراقيون جميعهم في ظله بحقوقهم باعتبار الذين جاءوا بعد صدام هم اعداء له وعلى نقيضه ولكن رغم مرور عشر سنوات ونصف على ذلك فلا زالت ساحة الطفولة زاخرة بارقام ودلالات مؤسفة وما أكدته اللجنة المالية في البرلمان يوم 15/11/2013 و لجنة الامم المتحدة من أن 18% من العراقيين و 6 مليون عراقي على التوالي دون مستوى الفقر يدل على تدني مستوى معيشتهم و نسأل كم مليون من هؤلاء هم اطفال؟
وهناك 4,5 مليون طفل يتيم و 0.5 مليون طفل من المشردين بدون مأوى وتحدث بلا حرج عن ملايين الاطفال المتسربين من المدارس والمنخرطين في اعمال الكبار التي لا تنسجم و اعمارهم الصغيرة، وتحكي قصصهم المؤسفة اسواق وأزقة بغداد وكل المحافظات العراقية و تقول منظمة اليونسيف ان نسبة الاطفال ستبلغ 11% من عدد العاملين في العراق عام 2018 اذا استمرت اوضاعهم بهذا الشكل أما عن الوضع الصحي فلا ادل عن سوء وضعهم من كلام السيدة هناء ادور الناشطة المدنية البارزة في بداية العام الحالي 2013 من ان (35) الف طفل يموتون في السنة وهم دون سن الخامسة من العمر اضافة الى اصابات اعداد كبيرة بامراض مختلفة ومنها مرض التقزم الخطير الذي يبلغ عدد المصابين به 2 مليون طفل كما قال السيد عبد الزهرة الهنداوي وما اكدته السيدة فيان الشيخ علي رئيسة منظمة تموز للرعاية الاجتماعية وقالت ان من اسبابه سوء التغذية و زواج القاصرات و ما قالته مؤخرا منظمة اليونسيف من ان 23% من الاطفال العراقيين مصابون بالتقزم. ان كل هذا الواقع المتهرئ لحال الاطفال وكل هذه المعاناة العميقة في المعيشة والسكن واللبس والماكل والمشرب والعلاج والتعليم في حياتهم بشكل عام يشكل علامة سوداء في مجتمعنا وتقصيرا كبيرا بايفاء الدين الملقى على عاتق الكثير من القوى السياسية و خاصة المتنفذة تجاه اعداد جيل قادر على التصدي لمهامه المطلوبة-عندما يصبح شابا- لبناء المجتمع القوي و الناهض والمتحضر ان هذا الجيل لن يتشكل من اطفال جياع و اميين حياتهم بائسة بل من اطفال يتلقون خير الرعاية الشاملة في كل مكان تطأه اقدامهم. و ان الفشل و البطؤ في احراز التقدم الكافي و المناسب في بعض الاعمال و الخطوات التي نراها ضرورية للخروج من واقع الاطفال المأزوم و الصعب الذي يعيشونه تفصيليا في البيت و الشارع و المدرسة اذا وجدت يجعلنا نؤكد على ضرورة معالجة اسباب هذا الفشل و اعادة طرح هذه الخطوات مجددا للوصول الى الساحل الاخر ساحل التعلم و التنعم بالحياة السعيدة و التي نراها تتمثل بتنفيذ الاعمال التالية:
1-   القضاء على بطالة اولياء امور الاطفال وشمول العوائل الفقيرة بمساكن خاصة بهم و بالضمان الاجتماعي وبذلك تحصل العائلة على مورد مناسب للعيش يبعد عنهم الجوع ويقلل من الاعتماد على الاطفال و تشغيلهم بتسريبهم من المدارس.
2-   اعادة المهجرين الى مواطن سكناهم الاصلية وعودة اطفالهم الى مدارسهم.
3-   تفعيل القوانين الخاصة بمنع تشغيل الاطفال ومنع تسريبهم من المدارس وتسولهم وتسكعهم في الشوارع من خلال اتصال الجهات المختصة باولياء امورهم.
4-   القيام بحملة اعلامية واسعة في كل وسائل الاعلام المتاحة يتم التاكيد فيها على اهمية المدارس والتعليم و هي الكفيلة بضمان التقدم والحياة السليمة للفرد والمجتمع.
5-   ايلاء الاهمية القصوى لبناء مدارس جديدة و بسرعة لاننا نحتاج الاف المدارس و قطع دابر الفساد الذي يعرقل جهود الوزارة في انشائها و اصلاح القديمة منها و ادخال اللازم و الضروري الى داخلها من مرافق صحية وماء وكهرباء وقاعات او غرف لممارسة مختلف النشاطات المدرسية الاخرى مثل الرسم والقراءة و الالقاء والتمثيل و غيرها.
6-   ادخال نظام التغذية المدرسية الى المدارس و هذا كفيل بمعالجة سوء التغذية الذي تعاني منه نسبة كبيرة من التلاميذ وشمولهم بنظام المنح المالية والبالغة 30 الف دينار في الشهر لكل تلميذ فهذا يعالج حالة العوز التي يعاني منها الكثير من اولياء امور التلاميذ و بذلك تصبح المدرسة صديقة و جاذبة للطفل كما يجعل الكثير من التلاميذ المتسربين يعودون الى المدارس .
7-   الاهتمام اللازم والكافي بالملاجئ ودور الايتام وفاقدي الابوين وبناء المزيد منها .
8-   انشاء الحدائق والمتنزهات وافتتاح النوادي الرياضية واحتوائها على المسابح الامينة وساحات لعب كرة القدم والطائرة والسلة وقاعات التنس والشطرنج ونوادي الموسيقى والفنون الاخرى ومسارح الاطفال .
9-   عرض البرامج الخاصة بالاطفال عبر التلفزيون والاهتمام بدار ثقافة الاطفال وزيادة دعم الوزارة لها لنشر قصص ومجلات اطفال.
10-   الاهتمام بكليات المعلمين وطلباتها وانشاء مراكز البحوث المتخصصة بالاطفال .
11-   فتح المزيد من اقسام معالجة الاطفال في المستشفيات والمراكز الصحية و نرى ان وجود مستشفى واحد للاطفال في كل محافظة ليس كثيرا.
اننا بانجازنا لهذه الاعمال نكون قد خطونا خطوة اولية في اخراج اطفالنا من النفق الماساوي الطويل الذي ادخلوا فيه واختصرنا قليلا من المسافة التي تبعدنا عن المجتعمات المتحضرة و اوصلناهم الى شاطى الحياة المملوء بالتفاؤل و الامل.