اسحق يلدا الهرمزي هل هو اول برطلي مهاجر الى العالم الجديد ؟

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, ديسمبر 21, 2014, 08:58:18 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

اسحق يلدا الهرمزي هل هو اول برطلي مهاجر الى العالم الجديد ؟




بهنام شابا شمني
behnam_shamanny@yahoo.com

العالم الجديد هو مصطلح أُطلق على امريكا من قبل المستوطنين الأوروبيين الأوائل والتي ينسب اكتشافها الى الرحالة الايطالي كرستوفر كولومبس . اصبحت امريكا قبلة للالاف من البشر من الاوربيين بدأً من القرن السابع عشر وحتى القرن التاسع عشر بحثا عن فرص العمل .
اما عن هجرة المسيحيين من سكان القرى المسيحية في شمال العراق الى الولايات المتحدة فيُرجع تاريخها بعض الباحثين الى بدايات القرن العشرين وبالتحديد الى سنة ( 1904 ) ، ومن بعدها توالت الهجرة من سكان هذه القرى الى امريكا بسبب الاوضاع السياسية والاقتصادية المضطربة في البلاد الى ان وصل عددهم الى تاسيس احياء خاصة بهم ومنها الحي الكلداني في مدينة ديترويت في ولاية مشيكان .
برطلي احدى هذه القرى ، البلدة السريانية المسيحية الواقعة جنوب شرقي الموصل ، وسط سهل واسع يطلق عليه ( سهل نينوى ) والذي اعتبر في حينه من اخصب اراضي المنطقة ، امتهن اهلها الزراعة وتربية الماشية بالاضافة الى كونها سوقا تجارية نظرا لموقعها المتميز وسط مفترق طرق شكلت عقدة للمواصلات ما بين الشمال والجنوب ، لم تكن الهجرة تشكل مشروعا مهما لابنائها ، حتى دخل التعليم الحكومي البلدة في الربع الاول من القرن العشرين وتخرج ابنائها من المدارس وانخراطهم في وظائف حكومية تطلب منهم الانتقال الى مناطق خارج حدود بلدتهم ، بالاضافة الى رغبة بعضهم مواصلة الدراسة في مدارس المدينة ( الموصل ) وحتى العاصمة ( بغداد ) هذا الانفتاح اعطاهم فرصة للاختلاط مع باقي شرائح المجتمع بعيدا عن مجتمعهم القروي المنغلق نوعا ما ، والتعرف على طبائع وافكار وعادات وتقاليد افراد من مجتمعات وطنهم الاخرى ، هذا اذا ما اضفنا اليه توجه سكان الريف نحو الهجرة الى المدن وخاصة الكبيرة منها بحثا عن العمل فيها  وانحصرت هذه في الفترة ما بين بداية الخمسينيات وحتى بداية السبعينيات من القرن الماضي . فكانت هذه فرصة للشباب البرطلي التعرف على افرادا وعوائل خاضت غمار الهجرة ، ففتحت لهم رغبة نحو الهجرة الى خارج الوطن وخصوصا الى امريكا ولو كان لقلة قليلة منهم بعد ان ضاقت بهم سبل العيش بسبب الاوضاع السياسية المتقلبة في البلاد اسوة باقرانهم من الشباب المسيحي من سكان القرى المسيحية الاخرى والذين كانت تربطهم بهم علاقة عمل او زمالة دراسة او صلة قرابة . ومن بين اوائل المهاجرين الى امريكا من ابناء برطلي ان لم يكن اولهم الشاب ( اسحق يلدا الهرمزي ) التي وصلها في سنة 1964.
ولد ( اسحق يلدا الهرمزي ) في برطلي في الخامس والعشرين من نيسان من عام 1937 ، عمل والده ( يلدا يعقوب الهرمزي ) في التجارة فكان متمكنا منها حتى اكسبته وضعا ماليا جيدا ، وكانت اغلب تجارته كما هو الحال مع باقي ابناء برطلي مع سكان قرى الشمال الكردية المحاذية لبلدته برطلي ، لذلك كان يجيد اللغة الكردية جيدا ، ارتبط بعلاقات جيدة مع الكثير من سكان تلك القرى الذين اصبحوا بعدئذ من اكثر زبائنه عندما افتتح له دكانا في احد المحلات التي انشأتها بلدية برطلة في اشهر ساحات البلدة ( بيرا دْبْي عيسى ) . ولوضعه المالي الجيد ابتنى له في سنة 1960 دارا حديثة وكبيرة في اطراف البلدة على طريق تلة المصلّي .
نشأ ( اسحق ) وسط عائلة مكونة بالاضافة الى والديه من اربعة اخوة وشقيقتان ، ساعد دخل العائلة الجيد في دخول الجميع في المدارس . درس ( اسحق ) الابتدائية في مدرسة البلدة ثم انتقل الى الدراسة المتوسطة في الموصل بينما حصل على الشهادة الثانوية في بغداد وبها حصل على وظيفة حكومية . تزوج من نورية گيزي من اهالي قرية تلكيف وانجب منها طفلته الاولى ( ذكرى ) . كان لاسحق في بداية شبابه اهتمامات سياسية حاله حال شباب تلك الايام التوّاقين الى احداث التغيير من خلال الانخراط في الاحزاب السياسية مما جعلهم ملاحقين دائما من قبل السلطات ، وربما كانت توجهاته السياسية هذه بالاضافة الى بحثه عن حياة افضل له ولعائلته في مكان خارج وطنه سببا في اتخاذ قرار الهجرة الى امريكا في سنة 1964 فاستقر في مدينة ديترويت في ولاية مشيكان التي وصلها قبله اعدادا غير قليلة من سكان تلكيف بلدة اهل زوجته الذين ربما كان لهم دورا في مساعدته للهجرة الى هذه البلاد . ثم لحقته زوجته وابنته ذكرى .
عمل ( اسحق يلدا ) ومنذ ساعة وصوله الى امريكا في حقل التجارة مهنة والده فبلغ منها موقعا متميزا بين اقرانه من المهاجرين حتى اصبح يمتلك مجموعة من المتاجر ( الستورات ) يديرها بنفسه وعائلته التي كبرت ايضا فاصبح له اولادا بالاضافة الى ذكرى ابنته الكبرى ( مارك ، فيفيان ، تينا  ) الهرمزي .
نجاحه هذا كان مشجعا لان يلتحق به ايضا في امريكا شقيقه ( سعيد يلدا ) الذي راح ضحية احدى عصابات السرقة حيث اغتالته وهو داخل متجره في منتصف سبعينيات القرن الماضي . ثم التحقت بهم ايضا شقيقتهم الصغرى ( سعيدة يلدا ) .
مركزه التجاري  منحه  فرصة العودة للعمل في السياسة التي اهتم بها في بداية شبابه في وطنه العراق فحقق نجاحا فيها ايضا حيث كان عضوا في الحزب الجمهوري احد الحزبين الرئيسيين في امريكا .
رغم نجاحاته الكبيرة في حياته العملية والسياسية الا انه لم ينسى عائلته واصدقائه في العراق ولم يبتعد عن مدينته برطلي فكان على اتصال دائم باهلها ومتابعا لاخبارها ولم يكن ينكر انتمائه لها بل كان يفتخر بكونه برطلاوياً ، ساعد الكثير من ابنائها على الهجرة اليها والاستقرار فيها .
زار ( اسحق يلدا ) بلدته برطلي اغلب الظن لمرة واحدة وكان ذلك في صيف عام 1978 ولا زلت اتذكر جيدا وانا صبي كيف كان يتنقل بكامرته بين افواج المحتفلين في حفلة عرس برطلّي مثيرا انتباه المحتفلين . 
توفي اسحق يلدا الهرمزي في 4 / 12 / 2014 اثر جلطة دماغية عن عمر ( 77 ) سنة منهيا حياة نصف قرن من الهجرة .
ويبقى السؤال هل اسحق يلدا الهرمزي هو اول مهاجر من برطلي الى امريكا ؟