مشاكسـة صورتـــان متناقضتــــان / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 24, 2014, 03:44:09 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسـة
صورتـــان متناقضتــــان



مال اللـــه فــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com

بعيدا عن السياسة ودهاليزها ومصائبها وحقول الغامها , هزت مشاعري بعنف صورتان متناقضتان جسدتا انبل كوامن المحبة    واعمق احاسيس التضحية والوفاء التي يكنها الاباء للابناء والتي قد لايدرك كنهها ابناء هذا الزمان الا بعد فوات الاوان.
الاولى تميط اللثام عن منجم من الحنان الانساني الابوي جسده رجل صيني في الاربعين من العمر بطريقة اثارت اعجاب واعتزاز وتثمين واشادة كل من اطلع على تفاصيل احساسه المتفرد بمعنى الابوة ومسؤولياتها الانسانية.
فقد دأب الاب الصيني (يو تشاوكانغ ) على حمل ابنه المعاق (تشاو كيانغ) الذي يبلغ الثانية عشرة من عمره على ظهره يوميا في سلة مصنوعة من خشب (البامبو ) والسير به على قدميه لمسافة ثلاثين كيلومترا تقريبا وسط طرق زراعية وعرة لايصاله الى المدرسة من اجل اكمال تعليمه ومن ثم الذهاب الى عمله سيرا على الاقدام ايضا نظرا لفقره ولعدم وجود وسائل مواصلات في تلك المنطقة النائية ومن ثم العودة اليه ثانية لاعادته الى المنزل بعد انتهاء الحصص الدراسية.   
ويعاني الطفل (تشاو كيانغ ) من تقوس في ظهره ومن التواء في اطرافه  ويبلغ طوله تسعين سنتيمترا فقط على الرغم من انه في الثانية عشرة من عمره
وقطع هذا الاب المثالي المقيم في مقاطعة  (يبين) جنوبي غرب اقليم (سيشوان ) عهدا على نفسه بالتكفل بتعليم ابنه مهما كلفه الامر منذ انفصاله عن زوجته منذ تسعة اعوام وعمل على ان لا يتأثر مستقبل ابنه بمشاكله العائلية وبالانفصال عن زوجته املا في ان يصل ابنه رغم اعاقته الى الجامعة ويحقق مهارات تمكنه من ضمان مستقبله والاعتماد على نفسه من بعده حتى لا يقع فريسة احسان وعطف الاخرين الذي قد يجرح كرامته.
وبعد تداول اجهزة الاعلام لقصة (يو تشاو كانغ) وابنه قررت الحكومة المحلية عرض استئجارغرفة سكنية بالقرب من المدرسة لتسهيل مهمة الاب كما قررت ادارة المدرسة تجهيز مكان خاص للطلاب الذين يعانون من مشاكل مماثلة ليتمكنوا من البقاء فيه بعد انتهاء اليوم الدراسي.
اما القصة الثانية فتتعلق برجل افنى عمره في تربية ولده الوحيد ورعايتة وتدليله على احسن ما يكون وحرمان نفسه من الكثير من متع الحياة ومباهجها ليوفر له كل ما يطمح اليه،ورغم وفاة زوجته مبكرا الا انه اصبح لوحيده الاب والام والاخ والصديق, ولم يبخل عليه بعد تخرجه من اقامة مشوع عمل له من ماله الخاص وبناء دار سكن تليق به وتحمل تكاليف تاثيثه ونفقات زواجه وكان يعتبره سنده في شيخوخته.
واذ مرت الايام وشاء القدر ان يطيح السرطان اللعين بالاب المسكين الذي بقي وحيدا بعد استقلال ولده وعائلته بسكنهم عنه , واذ حاول الوالد وهو يجتاز واحدة من اصعب مراحل حياته وهو يصارع المرض وحيدا ممارسة حقه الطبيعي والاقتران بالمرأة النبيلة التي سهرت على راحته خلال مرضه وبقيت الى جانبه وانسته في وحدته ورأى فيها واحة ايامه الاخيرة ممثلة بممرضته الشخصية التي احاطته برعايتها وحنانها ونبلها , بادر الابن (البار) ماان سمع برغبة والده بمنتهى الفروسية والنبل والشهامة وبمنتهى الوفاء برفع دعوى قضائية طالبا فيها  الحجر على والده  مدعيا فقدانه الاهلية ليحرمه من زواجه ومن ممتلكاته وليكون وصيا على ثروته على الرغم من كونه وريثه الشرعي الوحيد.
ما ان تسلم الوالد المسكين  التبليغ القضائي حتى شعر بالارض تميد تحت قدميه فما كان يتوقع او حتى يتصور بان مثل طعنة الغدر هذه قد تأتيه من اعز واقرب واحب الناس اليه , ليسقط صريع السكتة القلبية , وهكذا صرعته خيانة اعز انسان بعد ان عجز عن الاطاحة به السرطان.
وفي زمننا هذا ما اشبه الشعوب بمثل هؤلاء الاباء الاصلاء.. وما اشبه بعض الحكام والحكومات والبرلمانات بمثل هؤلاء الابناء العاقين الادعياء.