دعاية انتخابية, أم محاولة إيهام الناس / د. يوسف شيت

بدء بواسطة matoka, أبريل 23, 2014, 10:22:26 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka


دعاية انتخابية, أم محاولة إيهام الناس






برطلي . نت / بريد الموقع
د. يوسف شيت




من خلال متابعتنا للدعاية الانتخابية، نرى فيها المعقول وغير المعقول . المعقول أن ترى ملصقات ولوحات مرشحين في الأماكن المحددة لها في المدن والقرى، صحف تنشر عن المرشحين صورهم وأحاديثهم ، قنوات فضائية تبث الدعاية لهذا الحزب أو ذاك أو صور المرشحين أو تبث مقابلات تلفزيونية معهم، المرشّح يعقد ندوة لطرح برنامجه الانتخابي المعقول أي قابل للتطبيق. لو اتبع المرشحون هذا الاسلوب في الدعاية لقيل عنّا بأننا نعيش في دولة مدنية حضارية والانتخابات البرلمانية ستسير بسلاسة. لكن مع الأسف لسنا هكذا, لأنّ اللامعقول يطغي على المعقول، خاصّة في العاصمة بغداد التي يشكّل نوّابها في البرلمان نسبة 21,3% ، وتقع في إحدى المراتب الدنيا بين عواصم العالم من حيث النظافة، وإذا تخطينا فقدان الأمن والأمان ورداءة الخدمات والبناء العشوائي والفساد فيها، نرى العشوائية في ملصقات الدعاية الانتخابية وتطاير الكثير منها بعد نزعها بسبب ظروف الطبيعة أو من قبل موالين لهذا التكتل الانتخابي أو ذاك، حتى وصلت الأمور إلى زهق الأرواح مثلما حصل لشاب حاول تخليص طفل من براثن موالين لكتلة الأحرار إتّهموه بنزع ملصق، وبعد اتّصال هاتفي قصير مع المسؤول في الكتلة المعنية  أطلق أحد الموالين الرصاص على الشاب وأرداه قتيلا، وفي مدينة الموصل في منطقة الفيصلية قتل أيضا شخص إعلامي وشاعر ينشر ملصقات دعائية للتيّار المدني الديمقراطي, وهذا غيض من فيض . كما تشاهد الكثير من الدعايات تعود لكتل في البرلمان الحالي تلصق على دعايات لكتل أخرى أغلبها تعود للتيّار الديمقراطي. فهل يستطيع هؤلاء بفعلتهم حجب حقيقتهم عن الناس بعد عشر سنوات عجاف فرضوها على البلد، أم يريدون حجب الحقيقة عن جماهير تريد التغيير الحقيقي؟ كما يلاحظ الكثير من المرشحات اللاتي ينشرن دعايتهنّ على ملصقات تظهر فيها صور أزواجهنّ أو أخوانهنّ أو أباءهنّ ويكتب عليها أنتخبوا زوجة أو أخت أو إبنة الفلان، حتى أصبحت هكذا ملصقات دعاة سخرية على فضائيات عربية! أمّا المقابلات المتلفزة للمرشحين، أغلبيتها تصبّ في خانة توجيه إتّهامات سواء بين الكتل النيابية المختلفة أو بين أعضاء الكتلة الواحدة، وأغلب الاتهامات صحيحة، ولكن المتحاورين المتخاصمين يريدون أن يتبرأوا من التهم الموجهة أليهم، وكأنّ أزمات البلد نزلت من السماء، والمتحدثين جلّهم من الصف الأول من قيادات الكتل الحاكمة. مما أثار انتباهي أكثر، هو الدعاية الانتخابية لرئيسي حكومة سابقة وحالية. السابق هوالدكتور إبراهيم الجعفري الذي يملك فضائية "بلادي" وربما أكثر من فضائية، لأنّ الأشخاص بهذا الوزن يملكون أكثر من فضائية، ولكن الغريب هو طريقة تمويل هذه الفضائيات التي يصل عددها إلى حوالي 200 قناة، وإذا كان تمويل كل واحدة 100 مليون دولار في السنة، يعني بأنّ ماينفق عليها حوالي 20 مليار دولار، رقم خيالي! ومن أين كلّ هذه الأموال؟ ولكن لسنا بصدد ذلك . فضائية الدكتور الجعفري تسرد ما قامت به حكومته خلال سنة حكمه 2005- 2006 من إصلاحات اقتصادية وتوفير الأمن والخدمات والسكن والمدارس وغيرها من الانجازات التي لاحصر لها، وكأن حكومة الجعفري أعادت كلّ ما خرّبه النظام الفاشي السابق. إلاّ أنّ المواطن لم يتلمس ذلك سوى تكاثر الميليشيات من شتى الطوائف واشتداد الصراع الطائفي والقومي، ناهيك عن عجز الحكومة من تقديم الخدمات بما فيها التعليم والصحة. لذلك رفضت بقية الكتل تجديد رئاسة الجعفري للحكومة الجديدة بعد انتخابات 2006 رغم ادعائه بأن بقاءه في رئاسة الحكومة هو بإرادة الله! إذا تجاوزنا سرد المآسي والأزمات ومعاناة الشعب لفترة دورتي حكومة السيّد نوري المالكي والفشل في مجمل نشاطها، وباعتراف حتى قادة التحالف الوطني وأعضاء من حزب الدعوة الاسلامية الذي يترأسه المالكي، كلّ ذلك ونرى ظهور قادة دولة القانون على الفضائيات، ومنها فضائيات السيّد المالكي، يتحدّثون عن منجزات حكومتهم، بل أنّ أحد الكتاب المختصّين في كتابة مقالات عن الدور المميّز لحكومة المالكي، سرد الكاتب 30 منجزا، من كهرباء وماء صالح للشرب وبناء المدارس والمستشفيات ووحدات سكنية والعراق أكثر أمنا من بقية دول الجوار وتقلّص الفساد وظهور النظافة في المدن (ويذكرني هنا بتصريحات نعيم عبعوب رئيس بلدية العاصمة بأنّ بغداد أنظف عاصمة)، والشعب العراقي موحّد ومنتقدي حكومة المالكي هم من البعثيين والمغرضين وجماعة البارزاني، وغيرها من الامور التي لا يرضى بها حتى السيّد المالكي. وفي الفترة الأخيرة أخذت جماعة دولة القانون تروّج لحكومة أكثرية سياسية، والأقليّة البرلمانية تشكّل معارضة. وهذا لاينفي بأنّ مثل هذه الحكومة ستكون طائفية، لآنّ مكوناتها ستتكوّن من مجموعة كتل من طائفة واحدة التي ستقاسم المناصب الحكومية من أصغرها حتى رئاسة الوزارة، وتقوم بتكميم أفواه المعارضة مهما كان تنوّعها الفكري والسياسي وتضرب كل مقترحاتها عرض الحائط وتسفّه كل انتقاداتها، ونرى نفس القيادات التي فشلت في إدارة البلد تحاول ترحيل أسباب فشلها إلى نظام المحاصصة الطائفية, هذا النظام الذي تمسّكت به هذه القيادات من جهة وتلعنه من جهة أخرى، وتريد الآن تغيير اللعبة لأربع سنوات أخرى عن طريق تشكيل حكومة تدّعي بأنّها ستكون أكثرية سياسية. نقول لهؤلاء السادة بأنّ حكومة أكثرية سياسية، يعني عدم جواز قيادتها من قبل أحزاب طائفية أو دينية، وما تدّعونه هو مجرّد نفاق سياسي من أجل البقاء في الحكم والاستحواذ على المزيد من السلطة والمال!
المشكلة الأخرى التي سيواجهها البلد هو تشكيل الحكومة الجديدة بعد انتخابات 30 نيسان 2014 . والعراقيون عموما، على دراية جيدة بالمأزق السياسي والمشاكل التي انتابت تشكيل حكومة المالكي الثانية والتدخل الأمريكي والاقليمي،وخاصة أيران، وانتهى الأمر بتشكيل حكومة محاصصة على أساس طائفي وقومي لتنهال المشاكل والأزمات على العراقيين من كل انتماءاتهم القومية والدينية والطائفية ومواقعهم الطبقية, وأخطر الأزمات حاليا هو محاولة حكومة السيّد المالكي محاربة الإرهاب المنتشر في بعض المحافظات ومنها بغداد، ولكن بطريقته الخاصّة، مما يؤدّي إلى استشهاد المئات من الجنود والمدنيين بسبب عجز الحكومة في حلّ المشكلة من أساسها، أي طريقة تلبية مطالب سكّان الأنبار منذ البداية وقبل حوالي عام ونصف العام. وغدت القضية سلعة تجارية رخيصة بيد الكتل البرلمانية للتشهير والتسقيط والتجييش القومي والطائفي ودعاية انتخابية نادرة، بسبب فقدانهم أي شعور وطني عراقي. وبرزت أكثر، حاليا، الاتهامات بين الكتل المتنفذّة حاملة أجندات خارجية والتي عملت وتعمل على تأزيم المشاكل أكثر وبدون أي رادع. والسبب الأساسي في التدخلات الخارجية هو فقدان القوى المتنفذة لأي مشروع وطني، لذلك فهي تتسارع لإيجاد الحلول من خارج العراق لتغطية فشلها . وقضية التدّخل الخارجي لن تنتهي مازال القائمون على الحكم متشبّثين بالسلطة ويهدرون ملايين الدولارات لإعادة إنتخابهم. والمقصود هنا ليس الأشخاص فقط، بل حتى الأحزاب، أي عندما يناشد العراقيون التغيير، ليس المقصود الوجوه فقط، بل البرامج السياسية التي توضّح للناخب العراقي جدية المرشحين في تنفيذ سياسة داخلية وخارجية تحمي وتؤمّن مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة وتحمي البلد من أي تدخل خارجي يمسّ بالسيادة الوطنية، وهذا لايمنع من إقامة علاقات صداقة متينة ومتنوّعة مع دول المنطقة كالسعودية وإيران وتركيا، أو دول أخرى كأمريكا وروسيا وألمانيا والصين واليابان وغيرها على أساس المصالح المتبادلة فقط. وهذا يعني بالضرورة، إظهار ثقل وهيبة العراق الدولية .
والمطلوب من الناخب العراقي هو اختيار البرنامج الانتخابي ومدى جديّته وجديّة القائمين عليه.   الابتعاد عن تنفيذ أجندات خارجية، أي التدخّل في شؤوننا الداخلية، لا يأتي عن طريق شعارات أو تصريحات هذا وذاك من مرشحي الكتل المتنفّدة، بل عن طريق إبعاد هؤلاء وتكتلاتهم والذين خبرتهم الحياة بفشلهم في كافة المجالات، ولجوءهم دائما لتحقيق المزيد من الامتيازات لهم ولعوائلهم والمحيطين بهم وخدمة الطبقة الجديدة من حيتان المليارات .
وكل الدلائل تشير إلى أهمية التوجّه إلى صناديق الاقتراع لاختيار الأفضل وإبعاد الفاشل الفاسد، بما في ذلك دعوة المرجعيات الدينية من كل الطوائف عن طريق المشاركة في الانتخابات.   

   




Matty AL Mache