تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

المحاصصة البغيضة

بدء بواسطة متي اسو, مارس 25, 2015, 09:49:18 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

متي اسو

المحاصصة البغيضة
قبل كل شيء اريد ان أوضح بأن الاخبار والمصطلحات السياسية المتداولة في هذه الايام بعيدة كل البعد عن الحقيقة ، بل ان معظمها ( إن لم نقل كلها ) تحاول من خلال بثّها او نقلها ان تحقق غرض سياسي معين ، ينقلها الناقل وهو مطمئن من ان شعار " ناقل الكفر ليس بكافر " سيحمي غرضه . اني لا اتحدث هنا عن الحقيقة النسبية التي ترفض وجود الحقيقة المطلقة ، لكني اتحدث عن اولئك الذين يجاهدون في جعل الأسوَد أبيضا او بالعكس .
اولئك الذين شعروا ، منذ اليوم الاول لسقوط نظام صدام ، بأنهم سيفقدون السلطة إن جرت الانتخابات ، وقفوا ضد العملية السياسية ولجأوا الى مقاومة دموية بعد ان إستعانوا بمنظمات اسلامية ارهابية ...( قبل عدة ايام قال السيد اسامة النجيفي بأنهم خُدعوا من قبل امريكا ودول الخليج فوقفوا ضد العملية السياسية  ... الذي نعرفه ان دول الخليج موّلتهم لاغراض طائفية ، وان امريكا حاولت تشكيل صحوات واشراكهم بالعملية السياسية .. وان السيد النجيفي كان لوقت قريب جدا يصارع المالكي طائفيا .. قبل فترة قصيرة ذهب الى تركيا واخيه الى امريكا لترتيب احوالهم ما بعد داعش بعد ان تيقنوا من ان زوال داعش بات قريبا ، هذه اللغة الجديدة بشأن اخوته الشيعة تصب في نفس القصد ) .
عندما أُجريت الانتخابات كان لا بد من إشراك الجانب السني في مفاصل الدولة الجديدة لسببين : الاول عدم انفراد الشيعة بالحكم لوحدهم  ، والثاني هو جعلها خطوة قد تكون بداية المشاركة في العملية السياسية في قابل الايام .
كانت الصيحة من الذين عارضوا العملية السياسية هي " الموت للمحاصصة " . يعرفون جيدا ان مصطلح " المحاصصة " بغيض ، لذا جعلوها بديلة  لمصطلح " المشاركة " لان  المصطلح الاخيرقد يلقى تأييدا من الناس .
ولما كنا ، ولعقود من الزمن ، لم نتعود على كلمة " المشاركة " التي جعلوها " محاصصة "
، اخذنا دون وعي نرددها كالببغاوات ... يقول عالم الاجتماع علي الوردي ان الناس ترفض ما لم تتعود عليه ... كنا قد تعودنا على نظام لا محاصصة فيه ولا مشاركة ... النظام لون واحد ، يحكمه حزب واحد ، على رأسه شخص واحد ... في الحقيقة ان العراق كله كان مختصرا في شخص واحد فقط .. ما احلاه من بلد بلا محاصصة!! ... هذا كان البديل الذي قد نتباهى به بعد ان بلعنا الطعم وأخذنا نردد " المحاصصة البغيضة " دون ان نكتشف حقيقة واهداف مروجيها .
الجانب الشيعي قبٍل بهذه المشاركة على مضض ، كان هو الفائز في الانتخابات والاكراد الى جانبه ولا يريد أن يشاركه احد ، رفض المشاركة وهو يستشهد بالدول الديمقراطية !!!! يستشهد بالدول الديمقراطية لكنه لا يتوغل في عمق تشكيل الحكومات في هذه الدول .. كثيرا ما يبقى وزير الدفاع او رئيس المخابرات او الداخلية في مناصبهم حتى بعد فوز حزب معارض .. فهل يقبل الجانب الشيعي بذلك ، ام يفضل الصراع حتى الموت من اجل منصب سيادي ؟ !!!
قبلوا بالمشاركة على مضض وفي نيتهم ان تكون مشاركة اندادهم هامشية .
المتطرف الشيعي ، كأخيه المتطرف السني ، يلعن نظام " المحاصصة/المشاركة " لانه يريد نظاما ديمقراطيا بلون واحد ، يكون اللون الواحد هو لونه فقط !!! ويعتقد إن اشراك المناوئين كان السبب في التخريب والنخر داخل العملية السياسية .
المثقفون واليساريون والعلمانيون وقفوا كالعادة في حيرة من امرهم ، المحاصصة كلمة قبيحة في القاموس الوطني ، وجدوا ان الوزارات يديرها وزراء غير اكفاء وغير نزيهين من طرفي المعادلة ... كانوا يأملون ان يدير الحكومة اناس أكفاء مخلصون ... لكن الواقع شيء والتمني شيء آخر . معنى ذلك انهم يريدون ان  يدير الدولة رجال لا تعرف هويتهم الطائفية  .. هل هذا ممكن في بلد تنتخب كل طائفة فقط افراد من طائفتها ؟
المحاصصة في التعريف العلماني هي غير المحاصصة التي يقصدها السني او الشيعي المتطرف .
لو قدر ان ينصّب مثل هؤلاء الرجال ( عديمي الهوية الطائفية ) لإدارة الدولة لتم تصفيتهم من قبل طرفي النزاع في اليوم الثاني وليس الثالث حتى لو نامت كتائب عسكرية في منازلهم .
متى رأينا " الرجل المناسب في المكان المناسب " ؟ هل يتذكر احدكم متى ؟ ... ألم يكن " الاخلاص السياسي " والانتهازية والخنوع هي سيدة الكفاءات ؟
اربعون سنة من الحكم الكتاتوري ، ورجال شبه اميين في أعلى مناصب في الدولة ، اربعون عاما والناس تتحول وتلجأ الى الدين والى الطائفة هربا من جحيم حياتها وغواية من رجال دينها ... هذه كانت النتيجة ...فهل يستطيع العطار ان يصلح ما افسده الدهر في عقد او عقدين من الزمن ؟ ... اننا بانتظار معجزة ..
ماذا تعلمت المعارضة التي وجدت نفسها فجأة على سدة الحكم غير نفس الاسلوب الذي كان يمارس لفترة طويلة فقط للحفاظ على الكرسي ؟.
المصابون بـ " داء الكرسي " في عراقنا العريق لا تخلو منهم مدينة ولا حي  ولا شارع .