في " ديانا " المهجرون المسيحيون ما بين ضياع مستقبل اولادهم أو الرحيل عنها

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 17, 2016, 08:00:10 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

  في " ديانا " المهجرون المسيحيون ما بين ضياع مستقبل اولادهم أو الرحيل عنها     




برطلي . نت / خاص
في الوقت الذي كان فيه عشرات الالاف من المسيحيين هاربين من بيوتهم ومن مدنهم وقراهم في سهل نينوى . كان هناك من بني جلدتهم من يهيء اماكن لاستقبالهم في المدن والقرى المسيحية  بين جبال كردستان .
هكذا كانت الصورة في ذلك الصيف الحار الملتهب يوم 6 آب من عام 2014 . ولو تسنى لاحد ان يراقب المشهد في يومها من الجو لوجد خطوطا متواصلة من المركبات التي تقل هؤلاء الناس الهاربين من الموت الى مختلف الاتجاهات ، مخترقين طرقا ربما يسلكونها لاول مرة باتجاه قرى لم يكن لهؤلاء الفارّين قد سمعوا بها أو زاروها سابقا ، ولكن الذي يطمئنهم ان سكانها من اخوتهم ومن بني جلدتهم . كثيرة هي هذه المدن والقرى التي استقبلت هؤلاء المهجرين وبلدة ديانا واحدة منها . 

"ديانا" تقع ديانا عند مدخل كلي علي بك الشرقي، على بعد 105 كم شمالي أربيل. كانت سابقا مركز ناحية في قضاء راوندوز، وفيما بعد أصبحت تتبع قضاء سوران (الصديق)، هذا المجمع الكبير والجديد في محافظة اربيل .
انطلقنا بسيارتنا من عنكاوا في اربيل صباحا متجهين نحو "ديانا" وتتطلب منا الوصول اليها وفي ظروف اعتيادية وطرق غير مزدحمة ما يقارب من الساعتين ، عندها اخذني المشهد الى تلك الليلة ، فبالتاكيد ان هاتين الساعتين اصبحتا وقتها يوما او ربما يومين بسبب نقاط التفتيش والازدحام في الطرق .





الاب "يثرون" استقبلنا في كنيسته وبالتأكيد هو نفسه ايضا من كان في مقدمة المستقبلين لاولئك المهجرين بمساعدة ابناء البلدة المسيحيين وتهيئة اماكن لايوائهم في منشآت الكنيسة وحتى في دور اهالي البلدة .
يقول الاب يثرون . ان "ديانا" كلمة من اصل آرامي وتعني (الحاكم) فالتاريخ يذكر ان الاشوريين بنوا محكمة كبرى في هذا الموقع وحكم فيها حاكم عظيم ، لذلك أطلق عليها اسم "ديانا" .

استقبلنا في وقتها يقول الاب "يثرون" من المهجرين (154) عائلة معظمهم من برطلة وبغديدا وعائلة واحدة من كرمليس ، بينما يبلغ عدد العوائل المسيحية التي تسكن البلدة (135) عائلة .
يواصل الاب "يثرون" في سرده التاريخي عن البلدة بقوله في  سنة 1926 كان في البلدة (390) عائلة . إلا أنهم عانوا ظروفا عصيبة وتشردا وضياعا ، بسبب الأوضاع المتأزمة هناك ما أدى إلى نزوح  الكثير منهم إلى أماكن أخرى طلبا للأمن او الهجرة الى خارج البلاد .





" للّي بولص " مهجرة من بغديدا ، أرملة تعيش مع ابنتها ، وجهتها في تلك الليلة لم تكن نحو ديانا او حتى الى منطقة قريبة منها ، "للّي" اخذها طريقها وعائلتها يومها الى "عقرة" ، ولعدم وجود من يستقبلهم هناك نزلت في فندق في المدينة ما كان ذلك مكلفا عليها سيما وهي تعيش على راتبها التقاعدي الذي تركه لها ولابنتها  زوجها .
سمعت "للّي" ان الكنيسة في ديانا توفر اماكن لايواء النازحين فتركت عقرة وتوجهت نحو ديانا حيث استقبلها اهلها وسكنت في الروضة التابعة في الكنيسة حتى تم أنشاء مجمع الكرفانات فانتقلت اليه هي وعوائل اخرى ، بينما سكن الاخرون في دور تعود لاهل البلدة بعد ان تم فتحها امامهم .

هذا الكلام اكدته جميع العوائل الساكنة هناك ، "صفاء" مهجر من برطلة يسكن  وعائلته دارا قُدمت له من اهل البلدة ويضيف لقد غمرونا اهل ديانا بكرمهم ومساعداتهم .
(23) كرفانا اقيمت من قبل منظمة في البلدة في موقع تحيط به الجبال من شماله وجنوبه تسكنها الان احدى عشر عائلة وعدد منها مخصصة للمدرسة .





رغم مرور ما يقارب من السنتين على مأساة هؤلاء المهجرين الا الذكريات الاليمة لا زالت عالقة في اذهانهم لا تقبل ان تفارقها .
"بهنام بولص" مهجر من برطلة مزارع كبير ، ترك هناك ما يقارب من ألف طن من الحبوب لم يلحق ان يسوقها ، آلات زراعية كاملة وأربعمائة  رأس غنم يلحقها مائتي خروف مع دور ومنشآت اخرى غيرها ، اصبح هو وعائلته هنا جليس الدار ، توفيت زوجته بعد التهجير حزنا على ما جرى لهم .

على الرغم من المأساة والقصص التي تفطّر قلوب الكثيرين ودفعت بهم للعيش في ظروف قاسية ، الا ان هذه العوائل تجدهم يفتحون ابوابهم امام الزائرين ويقدمون كل ما عندهم رغم البساطة في العيش والاثاث المتواضع ، اولئك الذين كانت بيوتهم مليئة بالاثاث الفخم ويعيشون حياة رغيدة .
هذه العوائل اصبح بقاؤها في "ديانا" مهددا بالرغم من كل الاهتمام الذي تتلقاه هناك ، لم يبقى عددها كما كان في بداية التهجير ( 44 ) عائلة هي كل ما تبقى منها . يقول الاستاذ عمار . بُعد المنطقة عن مواقع الدوائر البديلة والمراجعات لاتمام المعاملات جعل الكثير منهم يبحث عن اماكن قريبة من مركز المدينة مثل عنكاوا . ولكن التهديد الاكبر هو في احتمال إلغاء المدرسة الخاصة بالنازحين بسبب قلة الكادر التدريسي فيها الذي كان في البداية اثنا عشر معلما واصبح الان ثلاثة معلمين فقط . هذا ما جعل مديرية التربية في التفكير في إلغاء المدرسة . كان قرار الالغاء منذ السنة الماضية الا ان جهود الاب يثرون جعلت المدرسة تواصل مهامها . يقول الاستاذ عمار ومعه زملاؤه المعلمين وأولياء امور التلاميذ ، إلغاء المدرسة يعني حرمان هؤلاء الاطفال من التعليم أو الرحيل الى منطقة أخرى .