صخـب المشـاعر الصامتـــة/مال اللــه فــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 31, 2017, 09:14:27 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

صخـب المشـاعر الصامتـــة     
   

برطلي . نت / بريد الموقع

مال اللــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com


على البعد ، ومن وراء عوالم وجزر وجبال ومحيطات وشعوب وحضارات ، يأتيني صوتك المرهف سيدتي مترعا حزنا وحنانا كبلبل يرتجف وحيدا على غصن شجرة مجللة بثلوج الشتاء  ، ضائعا حائرا لايعرف الى اين يذهب ومع ذلك لا يملك الا ان يغرد بشجن ، وكأني امام دمعة تبتسم ، ووجع يغتبط واحزان تحاول اخفاء لوعتها بين ثنايا ابتسامة متوجعة بلحظة انسانية حميمة منتزعة من بين مخالب الزمن القاسي.
لحظة انسانية شفيفة يتحاور عبرها قلبان على البعد بنبضهما ، لا احد يعلم هل سوف تتكرر ومتى سوف تتكرر، وربما لن تتكرر ابدا ، فالمسافة بيننا مثل خطوط النار في ساحة حرب غير معلنة ومثل امواج البحر الصاخبة التي لا تهدأ لحظة حتي يعاود جنونها اصطخابه لتمزق كل الاشرعة ولتغرق كل الزوارق التي تحاول الابحار نحو جزر مجهولة ضائعة في اعماق المحيطات نسيها الزمن بين تقاطعات خطوط الطول والعرض وقاطعتها كل خطوط المواصلات.
تنهش اعماقي الحيرة ويجلدني القلق بسياطه وانت سيدتي تحاولين ان توحي لي رغم كل جراحات البعد والاحتراق بانك بخير وانت تتمنين لي بشفافيتك المرهفة ، صباحا مترعا بالفل والقداح والعنبر , ومساءا مضمخا بالعسل والبهجة والسكر، في الوقت الذي اكاد اتلمس فيه على البعد مرارة المكابرة التي تكابدينها وانت تحاولين اخفاء صخب هذه المشاعر المتدفقة بعنف شلالات نياكارا المجنونة التي ربما فكرت يوما او تمنيت ان تلقي بنفسك بين احضانها لتتخلصي من وجع الاشتياق ومن لهفة الاحتراق ومن لوعة ومرارة الانتظار لطيف لا يزورك الا في الاحلام ، وانت مثل فراشة مترعة بلهفة مجنونة ،  تتمازج في وجدانها الدموع بالاهات بالحسرات باللهفة الملتهبة للامساك بالحلم ولو لهنيهات ، ولكن هيهات ، فيا لهذه الحيرة التي تعصف على البعد بكلينا ، والنبض يتساءل ازاء دمعة تحاول الابتسام وهي مترعة باحزان العالم كلها ،كيف باستطاعة قلب مرهف متعب اضناه الاشتياق والتهمه الوجد والاحتراق ان يضم عواصف واعاصير كل هذه المشاعر العاشقة الصاخبة المتنافرة المجنونة دون ان يتفجر وتتطاير شظاياه في كل الاتجاهات ؟؟؟
كلما نتواصل في حواراتنا الحزينة كقهوة الصباح المرة  , اشعر بك رغم البعد وكأنك تقفين بجواري ، فراشة ساهمة متوزعة بين الحزن واللهفة ، وانت غالبا ما تغرقين بالصمت ، واتخيلك  تغمضين عينيك وتبحرين بزورق الامنيات في لجة احلام اليقظة , ولا املك الا ان اهمس لك على البعد ، اصمتي ، فالصمت لغة وتأملي فالتاملات احلام تصطخب بالمشاعر والاحاسيس والرجاء بامنيات بعيدة اشبه بالسراب المتداخل مع خيوط الحلم ، ومهما بقيت صامتة فقد عودتني ان اسمع على البعد نبض قلبك واختلاجات اعماقك وتفاعلات مشاعرك وهي تصطخب وتضرب جدران القلب بجنون ، تحاول الصراخ بقوة لتوقظ العالم كله ، لكن صراخها يبقى مكتوما في الاعماق اشبه ببركان يأكل نفسه بصمت.
وها أنت تبسمين رغم تراكمات الحزن ، لموقف طريف مر بالذاكرة وترتفع دقات قلبك وتتسارع وانت تغالبين دمعة لذيذة بكبرياء ، وما بين البسمة والدمعة الف رجاء والف امنية والف دعوة صريحة مكتومة ، وآه والف آه من الجراح لوتتكلم ومن نزيف الحزن والاشتياق واللوعة لو يصرخ ، ربما لاغرق العالم بطوفان من وجعه الشفيف ، وآه والف آه من خيبة وألم الجراح ولهفة الاحساس المرهف الذي ينتظر لقاءا بعيدا بعيدا ولو للحظات ربما لن يأتي أبدا ، ومع ذلك يبقى بالانتظار.
في خضم ذلك كله ها هي اسقاطات الاحلام تنثال عليك مثل مزنة ربيعية تغرقك برعشة الاحاسيس المتلهفة للحظة لقاء مجنونة ، حتى لو كانت على انقاض بقايا حلم نسي رعشة واحدة مكتنزة بالشوق على وسادتك التي لم تنبثق عليها الا بنفسجة حزينة ، وانت تتخيلين نفسك طفلة فيروزية تركض في حقول منسية خارج الزمن والجغرافيا وراء (شادي) محاولة التعلق باذياله قبل ان يختفي وتتمنين ان لا ينتهي هذا الحلم ابدا وان تبقي ضائعة في حقول مفتوحة على المدى ، لكنه الخيال السراب الذي ما ان يومض حتى ينطفئ ، وها انت تستيقظين من هنيهات الحلم الشفيف الذي ما استطعت الامساك بومضة منه على صوت فيروز وهو يصدمك بصخورالحقيقة المرة ووجعها ، (ضـــاع شـــادي) ، ولا تملكين وانت تشهقين بموجة عنيفة من النشيج الصامت والنحيب المؤلم رغم ابتسامتك الظاهرية ، الا ان تفعلي كما يفعل الكثيرون وهم يتأبطون احلامهم الشفيفة المضمخة بالحزن ليأخذونها معهم الى اسرة نومهم يحتضنونها بحنان ولهفة خوفا من ضياعها او خشية أن يستيقظون فجأة فلا يجدونها لتكون رفيقتهم في اليقظة والمنام.
استيقظي ايتها الحالمة الكبيرة من احلام يقظتك التي قطعت خلالها الاف الكيلومترات لتحطي بمشاعرك ودمعك ونشيجك وامنياتك الى حيث يشتهي القلب المعذب وانت مثل غيمة حبلى بالمشاعر والاحاسيس , وباللهفة واللوعة معا تود ان تمطر على صحراء قلب حبيب متوجع يكاد يقتله الضمأ ، لكنها رغم لهفتك وتوسلاتك لا تمطرأبدا.
اطفئي الانوار سيدتي فقد بكيت هذا المساء ما يكفي لاغراق كل القلوب المتوجعة بالدمع الشفيف , وحزنت وتأوهت وتعذبت وتألمت ما يكفي لرسم تضاريس جزر مترعة بالاحزان ، واذهبي للنوم وتوسدي جراحات قلب عاشق حزين ولهفة شوق ممض وتعب يوم حافل بالعناء وبالاحتراق وبمساء يموج بالتمنيات والرجاء ، وسوف تتقافز فراشات الاحلام حول سريرك وتغفو على الوسادة الى جانبك لتاخذك لافاق حلم جديد معطر باللهفة مضمخ بالامنيات ، قبل ان تستيقظي ثانية لتقفي كالعادة وكما كل يوم في محطة الزمن الحزينة بانتظار اطلالة عزيز طال غيابه ، ومع ذلك تواصلين بلهفة رحلة الانتظار وفي اعماقك من اللهفة لعناقه الف اعصار رغم علمك ويقينك بانه كالأمس لن يأتي ابدا بعد ان ابتلعه المدى.