مشاكســـــة الديمقراطيــــة والدكتاتوريـــة... مــــــن يجمـ/مال اللـــه فـــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يناير 19, 2016, 12:12:19 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

  مشاكســـــة  / الديمقراطيــــة والدكتاتوريـــة...
مــــــن يجمـــــل وجــــــه مــــن؟

برطلي . نت / بريد الموقع


مال اللـــه فـــرج
Malalah_faraj@yahoo.com


فجأة أطل برأسه من بين ملفات الفلسفة اليونانية القديمة وهو يستذكر افلاطون تارة، مشيدا بفيثاغورس تارة اخرى، متقافزا عبر تعبيراته وتلميحاته برشاقة بين مرافئ ارسطو، مستلا من بين طيات ذلك السفر الفلسفي، مفردة (الديمقراطيـــــة)، مؤكدا ببساطة انها (حكــم الشــعب)، ومشددا على انها النقيض التاريخي والحياتي والمنطقي والموضوعي والحيوي لأعتى الانظمة واشدها فظاعة ودموية، تلك هي (الدكتاتوريـــة)، التي لم تشهد الانسانية عبر مسيرة صيرورتها التاريخية اعتى وافضع واخطر واقسى وأمر منها، لانها غالبا ما تتحكم، بل تقامر وتغامر بمصائر الشعوب وبحياة الامم، مصادرة حقوقها وحرياتها وخياراتها.
وبمرونة وكفاءة علمية توقف، استاذ العلوم السياسية ذاك عبر محاضرته الفلسفية عند محور التناقض الموضوعي بين النظامين المتضادين (الديمقراطـــي والدكتاتـــوري)، مسهبا بانحياز (ثــــوري) في ذكر فضائل ومميزات وايجابيات (الديمقراطيـــة) كمفردة حياتية تربوية من جهة وكعلاقات اجتماعية، ومن ثم كأنظمة حكم تتيح للمواطن بمنتهى الحرية والحصانة الثورية ممارسة خياراته السياسية واختيار ممثليه الحقيقيين وتقرير نوع الحكم واتجاهاته وستراتيجية ومفردات واولويات برنامج العمل الوطني واداته التنفيذية ممثلة بالتشكيل الحكومي ومهماته ونشاطه.
والاهم من هذا وذاك، دور الشعب في مراقبة ومساءلة ومحاسبة السلطة التنفيذية عبر سلطته الرقابية التشريعية، بل وعزلها إن هي فشلت او تخاذلت او تماهلت او اخطأت او اشاحت بوجهها عن مصالح البلاد او تباطأت في محاسبة الفاسدين وكشف الفساد، أو حاولت ان تشتط او ان (تفكـــــر) مجرد تفكير، في مجاملة أي جهة داخلية ام خارجية على حساب الثوابت والمصالح الوطنية أو محاولة استرضاء القادة السياسيين، كمثال، بتعيين ابنائهم الاميين على حساب فرص واستحقاقات الآخرين، أو اشهار (الحصانــــات) و(مظــــــلات) الحمايات المختلفة للدفاع عن الفاشلين والمرتشين والسراق والفاسدين ، كون هذا النهج (الديمقراطــــي) الحقيقي القائم على التبادل (الســـلمي) السلس للسلطة عبر الاحتكام لصناديق الاقتراع التي لم  تتلوث بالمال السياسي وبالمصالح الاقليمية والدولية على حساب المصالح الوطنية، هو بالذات جوهر فلسفة (حكــــم الشـــعب) الذي هو مصدر السلطات وذلك يعني ان اي فرد يختاره الشعب بامكانه ان يكون رئيسا للبلاد مثلما سبق للممثل (رونالـــــد ريغــــان) ان اصبح رئيسا للولايات المتحدة، وماسح الاحذية (لويـــس ايناســـيولـــولا دا ســـلفا) رئيسا للبرازيل وبائع البطيخ والسميط ومن ثم لاعب كرة القدم (رجـــب طيـــب اردوغــــــان) رئيسا لتركيا.
لم يلبث استاذ العلوم السياسية الموسوعي ذاك ان قفز بمنتهى الرشاقة (الثوريــــة) من بين تلك الاضاءات (الديمقراطيـــــة) التي اشعل توهجها باستفاضاته التاريخية، ليلج دهاليز الانفاق المظلمة لانظمة الحكم (الدكتاتوريــــة) التي لا تتوانى عن استباحة البلاد واستعباد العباد من اجل مصالحها الذاتية حتى لو اضطرت لاغراق دولها في بحار من الدماء، مستشهدا بافرازات ومصائب وكوارث المقابر الجماعية، وتهميش الاحزاب والقوى السياسية وتبذير الاموال العامة على النزاعات والحروب الاقليمية  والاعتقالات العشوائية وقمع الافكار والتظاهرات وحرية التعبير ومصادرة حقوق الانسان والتفرد بالسلطة وارغام الشعب على تمجيد القائد التاريخي الواحد الواعد والانتماء للحزب الواحد وتغييب الكتاب والمفكرين وقادة المجتمع الذين لا تنسجم آراؤهم وافكارهم ومواقفهم مع اهداف ستراتيجية الحزب الواحد والقائد الخالد، مستخلصا في نهاية محاضرته القيمة التي شدت الانتباه وفجرت الحسرة هنا، وهناك الآه، توصيفا موضوعيا قوامه (ان الدكتاتوريـــة هـــي الســـجن الارهابـــي الكبيــــر لكـــــل الحريـــات والحقـــــوق والخيــــارات والارادات الانســـانية الحــــرة ومــــن خـــــلال ذلك تتــــم اســــتباحة الدمــــاء والثــــــروات والآمــــال والامـــــوال العامــــة والتطلعــــات الانســـانية عبـــر اســــتعباد الشـــعوب فــــي ميــــدان خدمـــة الافــــراد قـــــادة او رؤســــاء) في حين ان (الديمقراطيـــة علــــى النقيـــض مـــن ذلك تعنـــي ان انســـانية الانســـان وحقوقـــه وحرياتــــه وخياراتــــه هـــي الهــــدف الاســـمى الــــذي تســـعى إليـــه وفـــي مقدمـــة ذلك توظيـــف امكانـــات البــــلاد وخيراتهـــا ومـــواردها لتحقيـــق الرفاهيــــة والحيـــاة الحــــرة الكريمــــة للشـــعوب وفقـــا لافضـــل معاييــــر الحـــق والعدالـــــة والمســـاواة عبــــر التوزيـــع العــــادل للثــــروات، فضـــلا عــــن صيانـــة كــــل الحقـــــوق والحريــــات العامـــة والشــخصية وتوفيــــر الخدمـــات الاساســـية بعيـــدا عــــن اي شـــكل مـــن اشـــكال الفســـاد، وفـــي مقدمتهـــــا ضمــــان حريــــة العبـــادة  والـــرأي والتعبيــــر والانتمـــاء والمطالبـــة باقالـــــة ومســـاءلة الفاســــدين والفاشــــلين والمرتشـــين وســـراق المــــال العــــام وابطـــال العقــــود الفاســــدة والصفقـــات الوهميـــة وفرســـان العمالــــة للجهــــات الاقليميــــة والدوليــــة علـــى حســـاب المصــــالح الوطنيــــة).
ما ان انهى ذلك الاستاذ الموسوعي محاضرته واشرع ابواب المناقشات والآراء والحوارات التي انهالت عليه مثل مزنة ربيعية حتى توقف مذهولا ازاء تساؤل خبيث مباغت من طالب مشاكس عنيد (اســـتاذ ســــأحتكم لضميــــرك ولمصداقيتـــك الوطنيـــة، كيـــف تقيــــم تجربتنـــــا الديمقراطيـــــــة؟؟؟).
  صمت الاستاذ برهة لاحتواء ذلك التساؤل الموضوعي رغم روح المشاكسة والمخابثة التي كانت تطل من وراء حروفه، برهة، كانت كافية لان يستعيد بومضات سريعة بعض (اضــــاءات) تلك التجربة (الديمقرطيــــة) المتفردة في خصوصيتها ومنها على سبيل المثال، اشهار ثاني اكبر دولة في الاحتياطيات النفطية لافلاسها على الرغم من ان صادراتها النفطية اليومية تعدت ثلاثة الملايين برميل منتزعة موقعا متميزا لا ينافسها عليه احد محققة عبره اعجاز(اغنــــى دولــــة وافقـــــر شــــعب)، وارتفاع عدد النازحين والمهجرين إلى ثلاثة ملايين ونصف المليون مواطن باتوا بحاجة لمساعدات انسانية عاجلة، وارتفاع نسبة الفقر الى (30%) خلال العام الماضي ورزوح ستة ملايين مواطن تحت خط الفقر وتجاوز نسبة البطالة الــ( 25%)، والاضطرار لتسول بضعة ملايين كمساعدات بعد ان فقدنا مئات المليارات ومنها تبخر الف مليار دولار دون ان نستطيع توفير الخدمات الاساسية وضياع ثاني اكبر مدينة وسقوط ثلث مساحة البلاد بايدي الارهابيين القتلة دون ان يفلح المعنيون في محاسبة ومساءلة المسؤولين، واقدام بعض فرسان التجربة الديمقراطية الملائكية النموذج على سابقة ربما تحدث لاول مرة في تاريخ الدول والشعوب ممثلة باستقطاع نسبة من رواتب المتقاعدين المساكين لتدارك الازمة المالية، وغيرها الكثير الكثير من (الانجــــــازات) الديمقراطية.
صمت قليلا، واجاب باقتضاب، وبلهجة شعبية اصيلة (تريــــد الصـــدك، مثــــل هكـــــذا تجــــارب ديمقرطيـــــة تجمــــل وجــــه الدكتاتوريــــة).