مشاكســـــة العالــــــــم فــــي دقيقـــــــة / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 29, 2014, 10:01:37 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكســـــة
العالــــــــم
فــــي دقيقـــــــة



  مال اللــــه فــرج
   Malalah_faraj@yahoo.com

كثيرة ومختلفة ومتداخلة ومتشعبة هي التحولات والمتغيرات التي تلحق بكرتنا الارضية السريعة الدوران , سواء حول نفسها ام حول الشمس , وكأنها تتعمد الاسراع بدورانها لتثير اعصابنا وقلقنا ولتصل بنا بسرعة قياسية الى ارذل العمر ولتضعنا وجها لوجه امام البوابة الفاصلة بين داري الفناء والبقاء , دون ان تتريث ولو قليلا لتترك لمن يشاء لحظات لمراجعة النفس او التوبة او محاولة تصحيح بعض الاخطاء او الاعتذار لزوجته التي خانها او لحماته التي اضطهدها او للفتيات اللائي خدعهن بادعاء الحب ووعوده وخذلهن بعد تظاهره بحبهن ، قبل ان تتخطى قدماه دار الفناء ودون ان تترك هذه الكرة الارضية المسرعة للسياسيين الكذابين مثلا فرصة الاعتذار لشعوبهم وللمسؤولين الفاسدين الاعتراف بفسادهم وطلب المسامحة من دولهم  .
ازاء كل تلك التحولات السريعة التي يشهدها عالمنا متزامنة مع خطو الزمن المتسارع دائما، هل توقفنا وسألنا انفسنا يوما عن أبرز المتغيرات التي يشهدها عالمنا خلال دقيقة واحدة مثلا؟
باختصار، ان من بين أبرز المتغيرات تلك والاحداث والتطورات التي يشهدها عالمنا خلال دقيقة، هي ولادة (253) طفلا جديدا يدخلون الافراح والمسرات الى قلوب والديهم باطلالتهم الجميلة وبنفس الوقت يرفعون من نسبة الضوضاء في كوكبنا بصرخاتهم الاولى، من بينهم (113) طفلا يولدون في فقر مدقع. في حين تقع (15) حالة اجهاض، وفي الوقت نفسه، يفقد العالم (21) انسانا كل دقيقة بسبب الجوع من بينهم (18) طفلا، و(16) آخرين يطيح بهم السرطان وثلاثة اشخاص يقتلون بحوادث السيارات واثنان بطبح بهم الايدز كما تفقد اسرتنا الانسانية تسعة اشخاص كل دقيقة بسبب التدخين ورغم ذلك فان الدقيقة الواحدة تشهد تدخين (10,159,537) سيكارة، مما يطرح سؤالا ملحا أما آن لبعضنا ان يحتكم لارادته ويتوقف عن تعريض نفسه للموت بانفاس السيكائر وتعريض حياة المقربين منه ايضا للموت بسبب ما يسمى التدخين السلبي؟
وبعيدا عن حالات الوفاة ومآسيها فان العالم يشهد في الدقيقة الواحدة انتاج (117) سيارة وبيع (673) حاسوبا ونشر ثلاثة كتب جديدة وارسال (242,704,302) ايميلا ربما يحمل بعضها عتابا واخرى صورا مثيرة وربما يحمل معظمها اعذب وارق رسائل الحب واللهفة التي تكاد ان تذوب لفرط رومانسية محتوياتها ورقة تعابيرها واخرى تلتهب شوقا لاعزاء طوتهم الغربة وامسوا بعيدين باجسادهم عنا لكن رغم القارات والمحيطات التي تفصل بيننا الا انهم يبقون حاضرين في احاسيسنا بارواحهم ، الى جانب انضمام (420) متصفحا جديدا الى الانترنت.
اما على الصعيد الانتاجي فان الدقيقة الواحدة من عالمنا المعاصر تشهد استخراج (58,537) برميلا من النفط، يرافق ذلك صرف (3,210,517) دولارا على الجوانب العسكرية وبيع (447) نسخة من نظام التشغيل وندوز، فيما يشهد محرك البحث (Google), (2,500,147) عملية بحث خلال دقيقة،  و(147,338) تغريدة على تويتر، كما يبلغ عدد الساعات المرفوعة على موقع اليوتيوب (35) ساعة ويتم بيع (218) جهازا من اجهزة الايفون والأي باد ومشاهدة (2,388,880) مقطعا من مقاطع اليوتيوب، من جانب آخر فان ثروة اغنى رجل في العالم تزداد في الدقيقة الواحدة (39,000) دولار.
وفي دقيقة واحدة ايضا يشهد عالمنا وقوع خمسة زلازل ويضرب البرق كوكبنا (360) مرة كما تقذف الشمس (60) مليون طن من العناصر المختلفة الى الفضاء وينهمر (31600) طن من الماء في شلالات نياكارا فيما تحدث ستة ملايين من التفاعلات الكيميائية في كل خلية في جسم الانسان وترمش عين الانسان 12 مرة وربما تتضاعف لدي بعض الرجال اذا شاهدوا امراة شبه عارية او مثيرة وربما تتضاعف اكثر لدى بعض السياسيين الفاسدين ان رأوا اكداس المال الحرام جراء الصفقات الفاسدة والوهمية وقد ملأت خزائنهم.
الى ذلك فان العراق بات يشهد في الدقيقة الواحدة آلاف التصريحات من مختلف الجهات والمستويات حول الامن والسلام والرخاء والاستقرار والرفاه الاجتماعي دون ان يشهد تحقيق اي من هذه الشعارات البراقة التي لا تظهر غالبا الا في المواسم الانتخابية وفي مقدمتها التوزيع العادل للثروات التي لم نشهد منها سوى التوزيع غير العادل للمآسي والنكبات. فضلا عن ذلك فإن العراق وهو مالك ثاني اكبر احتياطي نفطي في المنطقة لا يزال يستورد بهمة (الغيـــــارى) المحروقات والمشتقات النفطية وفي وقت يخسر بلدنا فيه ثمانين دولارا في الثانية الواحدة، اي (4800) دولارا في الدقيقة الواحدة نتيجة احتراق الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط الخام في الجو دون الاستفادة منه وفقا لتأكيدات نائب رئيس شركة شل النفطية لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
من جهة اخرى كان الحدث الاهم والاكبر والاخطر الذي حدث خلال دقيقة وهز العالم بعنف لغرابته هو استيلاء (داعش) خلال دقيقة واحدة على مدينة الموصل دون قتال، رافق ذلك (مهرجـــان)  نزع مئات الالوف من قادة وافراد القوات النظامية المسلحة المكلفة بحماية  الموصل لازيائهم العسكرية وارتداء الدشاديش الشعبية بدلا عنها خلال دقيقة , الى جانب خسارة العراق وربما خلال دقيقة ايضا بحدود نصف مليار دولار استولت عليها (داعش) من البنوك والمصارف هناك الى جانب المعدات والاسلحة والاعتدة والعربات المصفحة والدبابات والتجهيزات العسكرية وغيرها، وكان بامكان ذلك المبلغ لوحده لو وزع على اليتامى الذين هم بحدود أربعة ملايين يتيم ان يوفر لكل منهم مبلغا قدره (125) دولارا، أما لو وزعنا ذلك المبلغ على الشباب العاطلين عن العمل وبحدود خمسة الاف دولار لكل عاطل لشراء سيارة اجرة مستعملة والعمل عليها لوفرنا العمل لنصف مليون رب عائلة.
لكن... ليس كل ما يتمناه المرء يدركه... فغالبا ما تجري رياح السياسيين بما لا تشتهيه سفن الجياع والعاطلين والمعدمين والفقراء والمسحوقين.