مدرسة للمهجرين .. تتجسد فيها معاني التحدي والعطاء والتضامن والمثابرة .

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 30, 2016, 08:18:22 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مدرسة للمهجرين .. تتجسد فيها معاني
التحدي والعطاء والتضامن والمثابرة .     




برطلي . نت / خاص
الساعة في عنكاوا هي الرابعة والنصف عصرا ، في واحد من أيام شهر تموز الحار ، درجات الحرارة سجلت أعلى معدلات لها هذه السنة ، لا احد في الشارع ، الجميع ملتزمين بيوتهم بحثا عن البرودة . لكن هناك من يتهيأ للتوجه الى العمل في مثل هذا الوقت انهم الكادر التدريسي وطلاب التعليم المسيحي للمدرسة الدينية الصيفية ( مدرسة الديانة ) كما كانوا يسمونها في برطلة . إنه تحدٍ آخر لهؤلاء المهجرين الفارّين من الموت .




يقول الاب يعقوب سعدي شماس المشرف الروحي للمدرسة . . لم نكن نريد لتقليد  توارثناه عن آباءنا واجدادنا عبر اجيال ان يبقى طي النسيان وهي المدرسة الدينية الصيفية منذ ان كان طلبتها يفترشون الارض ويتعلمون الحساب والقراءة والدين والعلوم الاخرى بالحرف السرياني . هذه المدرسة التي كنا حريصين على اقامتها سنويا في العطلة الصيفية قبل التهجير ،  لم نكن نريد لها ان  يلغيها التهجير .
يضيف الاب يعقوب : أردنا ان نستمر على نفس التقاليد والطقوس التي كنا نمارسها هناك في برطلي ، ان نمارسها هنا ايضا للحفاظ عليها لانها متأصلة بنا بل هي جزءٌ من هويتنا وهي طقوسنا الدينية ولغتنا السريانية .
مدرسة كرفانية كما هي مساكنهم ايضا . توزعت صفوفها على محيط مساحة من الارض مربعة . اصواتُ التلاميذ الذين في الصفوف تأتيك من جميع الجهات ، تتغلب عليها دروس وتراتيل سريانية .





تقف " مينا " على السبورة بكل ثقة ممسكة بقلم لتخط عبارات بالسريانية هي ما تعلمته في المدرسة ، تشاطرها في ذلك زميلتها " سارة " . يتسابق تلاميذ الصف في ابداء مهاراتهم في الكتابة برفع اياديهم طالبين من معلم المادة اعطاءهم الدور .
يؤكد الاب يعقوب .. لا نريد للغة السريانية ان تكون محصورة في الطقوس ، بل نحاول ان تكون متداولة ايضا ولهذا اوصيت المشرفين على المدرسة ايلائها الاهتمام الاكبر لنبقى محافظين عليها بالرغم من انهم يتلقون دروسا فيها في المدارس الحكومية علما اننا استخدمنا نفس المنهج المستخدم في تلك المدارس ليبقى الطلبة متواصلين معها طوال السنة .





تختلط الاصوات القادمة من الصفوف . من هنا آيات من الكتاب المقدس ومن هناك فقرات من طقس القداس ومن بعيد نسمع كلمات ترنيمة .
عدد الطلاب 350 طالبا ، هو أقل بكثير مما كانت تضمه المدرسة قبل التهجير . عند هذا يقف الاب يعقوب بُرهة . فالمشهد بالرغم من انه مفرح لكنه مغلفٌ بالحزن . ثم يتابع حديثه فيقول كان لنا اسطول من الباصات بالكاد يكفينا لنقل ما يزيد على الـ 1000 طالب من والى المدرسة هذا ما عدا من كان منهم يأتينا سيرا على الاقدام . لقد تشتتت الرعية منهم من هاجر ومنهم من هم يسكنون في مناطق بعيدة والاخرون منتشرون في مناطق اخرى في الاقليم وفي غيره .     
رغم الحرّ الشديد لكنك تشعر ان هناك اصرار في اداء المهمة ، سواء من الكادر الاداري والتدريسي يقابلها تقبلٌ اكبر من قبل الطلاب وذويهم . هناك تحدٍ لمواصلة الحياة وعيشها كما لو كانت الظروف اعتيادية .





المدرس يتصببُ عرقا وهو يؤشر الى سبورة كُتبَ عليها قطعة نثرية باللغة الام ، والتلاميذ يشخصون ببصرهم نحوها وخصلات شعر الطالبات قد التصقت بوجوههن بسبب العرق في ظل مبردة تنفث هواء من خرطوم يُحسب انه هواء بارد .
الاب يعقوب ثانية : كانت معاناتنا كبيرة . أولا لاننا مُهجرون ، وثانيا لقلة الامكانيات . فتح المسؤولون على هذه المدرسة ابوابها لنا مشكورين والدوام عصرا ، لم يكن بيدنا ان نرفض نريد القيام بالمهمة .
يضيف الاب يعقوب نعاني من ارتفاع درجات الحرارة والمدرسة غير مكيفة . اعتمدنا على امكانيات الكنيسة المحدودة ، علما اننا لم نتلقى اي دعم من اية جهة ما عدا  بعض من اشكال المساعدة من ابناء الكنيسة .
ان قصص العطاء في هذه المدرسة كثيرة هي بقدر العاملين فيها ، طاقات اكثر وامكانيات اكثر واندفاع اكثر ، أكثر من المتوقع وجميع العاملين في المدرسة هم متطوعون ويقدمون خدماتهم مجانا . هذه هي الصورة في المدرسة .





الاستاذ خالد اسحق مدير ثانوية ابن العبري السريانية في برطلة ، ومدير ثانوية العذراء في التهجير وهو ايضا مدير هذه المدرسة يقول في هذا الجانب . اندفاع المعلمين وعطاءهم انعكس ذلك على المستوى التعليمي الذي وصل اليه الطلبة في المدرسة.. وخصوصا في اللغة السريانية ، بشهادة جميع الزائرين ومنهم راعي الابرشية (نيافة المطران موسى الشماني) اثناء زيارته للمدرسة ، الذي يولي الدعم اللامحدود لكل الانشطة التي تقوم بها الكنيسة هنا كما ذكر الاب يعقوب المشرف على انشطة الكنيسة .
أحد عشر صفا وللمراحل من الصف الاول الابتدائي وحتى الثالث المتوسط و 26 مدرسا واداريا يشاركون في إعطاء حصص في اللغة السريانية والطقس الكنسي والكتاب المقدس والرياضة والتربية الفنية وفي الاعمال اليدوية وحتى دروس في الخياطة للطالبات .





الاستاذ سعيد بطرس المتقاعد حديثا يشغل منصب معاون المدرسة . وضع خبرة 35 سنة من التعليم والادارة في خدمة المدرسة وفي ترتيب وتنظيم سجلاتها كما هو في المدارس الحكومية . هكذا هم جميع العاملين في المدرسة وهم من التربويين ومن خريجي الكليات .     
يقول الاستاذ خالد إن مسالة التعليم ضرورية جدا سواء كانت في الوضع الطبيعي او الاستثنائي لان الفئات العمرية الصغيرة وحتى مرحلة المراهقة بمجرد تركهم للفراغ يصبح من الصعوبة اعادتهم الى حياة الدراسة ثانية . استمرارية التعليم ضرورية لمثل هذه الاعمار .
تُنهي المدرسة يومها الدراسي باصطفاف في ساحة المدرسة ، قدموا فيه التلاميذ بعضا من الاناشيد والتراتيل التي تعلموها . ولم ينسَ الاب يعقوب في كلمته التي ألقاها في الحضور ان يقدم شكره الى ادارة المدرسة والكادر التدريسي والعاملين فيها والى التلاميذ واهاليهم والى منتسبي الحراسات وطاقم النقل . 
انها مفاهيم العطاء والتضامن والمثابرة تجسدت جميعها في هذا النشاط وهو ليس الوحيد الذي تقدمه كنيسة برطلة لابنائها المهجرين . لتساهم في انتشال شريحة كبيرة منهم وهم الطلبة من واقع صعب فُرض عليهم دون سابق انذار . 
يذكر ان برطلة هي احدى مدن سهل نينوى التي تعرض اهلها للتهجير في 6 آب 2014 .




































   









































































المادة خاصة بمنتديات برطلي دوت نت . عند نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة ، يرجى الإشارة الى
" منتديات برطلي دوت نت "