هدم كنائس بين الفتاوى والموروث الأسلامي

بدء بواسطة يوسف تيلجي, أبريل 03, 2017, 02:06:38 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

يوسف تيلجي

                           هدم الكنائس بين الفتاوى والموروث الأسلامي
                        مع أستطراد ل 3000 فتوى لهدم الكنائس في مصر 
                                 
المقدمة :                                                                                                                                   طالعتنا الميديا / المقروءة والمسموعة والمتلفزة ، بالخبر القنبلة ! ، من قبل مفتي مصر ، د . شوقي علام ، وهو وجود أفتاء لأكثر من 3000 فتوى لهدم الكنائس في مصر ، ونص الخبر وحسب موقع أخبارك في 31.03.2017 :  ((  أكد الدكتور شوقي علام ، مفتي الديار المصرية ، أن دار الإفتاء اكتشفت وجود 3 آلاف فتوى تحرض على هدم الكنائس وترفض التعايش المشترك ، موضحا أن 70% منها تحرم التعايش و20% لا تحبذ التعايش مع الأقباط . وأشار علام ، في حواره لبرنامج «حوار المفتي» ، والمذاع عبر شاشة أحد القنوات المصرية " on live " ، مساء اليوم الجمعة ، إلى أن دار الإفتاء تأخذ على عاتقها الرد على كل فتوى ضد التعايش . ولفت مفتي الديار المصرية ، أن تجربة مصر في التعايش والتآلف ناجحة جدا بين طرفي الأمة ، مطالبا أن تستفيد منها البشرية .. وبين المفتي وأضاف أن المسلمين بعد فتحهم البلدان لم يتعاملوا مع أي نوع من التراث بمبدأ الهدم مثلما تفعل داعش والمتطرفون ، وقال ، والفتاوى تحرض على عدم التعامل مع غير المسلمين وتحض على الصراع بينهم وتخالف مع أمر به الله )) .
 
النص :                                                                                                                         المستغرب من حديث المفتي أنه لا يؤيد أو لا يؤكد فتاوى هدم الكنائس ، علما أن هكذا أمر منصوص عليه عقائديا في الأسلام ، فالمفتي دكتور بالفقه (*1) ، ويعلم أن ما جاء بالموروث الأسلامي من نصوص وأخبار ووقائع وأحداث تسير وفق نهج وتحث على هدم الكنائس وعدم تعميرها أو تجديدها ، وفيما يلي بعضا من التأكيدات :                                                                                                                                                أولا - من الثابت ورود حديث الرسول المرقم 3340 ( لا تكون قبلتان ببلد واحد ) ، جاء في موقع / ملتقى أهل الحديث ، ورد في كتاب " النفائس في أدلة هدم الكنائس " لابن الرفعة .. قال شيخ الإسلام ابن تيمية :                                                                                               ((  .. أما ما حدث بعد ذلك فإنه يجب إزالته ، ولا يمكنون من إحداث البيع والكنائس كما شرط عليهم عمر بن الخطاب  في الشروط المشهورة عنه:  ألا يجددوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسة ولا صومعة ولا ديرا ولا قلاية ، امتثالا لقول الرسول ( لا تكون قبلتان ببلد واحد ) رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد ، ولما روي عن عمر بن الخطاب ، قال :  لا كنيسة في الإسلام . وهذا مذهب الأئمة الأربعة في الأمصار ، ومذهب جمهورهم في القرى ، وما زال من يوفقه الله من ولاة أمور  المسلمين ينفذ ذلك ويعمل به مثل عمر بن عبد العزيزالذي اتفق المسلمون على أنه إمام هدى ؛ فروى الإمام أحمد عنه أنه كتب إلى نائبه عن اليمن أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين ؛ فهدمها بصنعاء وغيرها . وروى الإمام أحمد عن الحسن البصري أنه قال:  من السنة أن تهدم الكنائس التي في الأمصار القديمة والحديثة ، وكذلك هارون الرشيد في خلافته أمر بهدم ما  كان في سواد بغداد ، وكذلك المتوكل لما ألزم أهل الكتاب بشروط عمر استفتى أهل وقته في هدم الكنائس والبيع فأجابوه فبعث بأجوبتهم إلى الإمام أحمد فأجابه بهدم كنائس سواد العراق وذكر الآثار عن الصحابة والتابعين ، فمما ذكره ما روي عن ابن عباس ، أنه قال:  أيما مصر مصرته العرب يعني المسلمين فليس للعجم يعني أهل الذمة ، أن يبنوا فيه كنيسة ، ولا يضربوا فيه ناقوسا ، ولا يشربوا فيه خمرا ، وأيما مصر مصرته العجم ففتحه الله على العرب فإن للعجم ما في عهدهم ، وعلى العرب أن يوفوا بعهدهم ، ولا يكلفوهم فوق طاقتهم  .وكل مصر مصره العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة.. )) .                                                                                                                                ثانيا - وحول بناء الكنائس وترميمها ، فقد جاء في موقع / مركز الفتوى ((  فلا يجوز لمسلم بناء كنيسة ولا ترميمها لا بنفس ولا بمال ، لأن في بنائها إعانة لأهلها على باطلهم ، والله تعالى يقول " وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ / سورة المائدة 2 ".  بل يحرم على الكفار أيضاً بناؤها وترميمها و      " لتقي الدين السبكي " رسالة في هذا يقول فيها:   أقول : إنه لم يكن قط شرع يسوغ فيه لأحد أن يبني مكاناً يكفر فيه بالله ،  فالشرائع كلها متفقة على تحريم الكفر ، ويلزم من تحريم الكفر تحريم إنشاء المكان المتخذ له ، والكنسية اليوم لا تتخذ إلا لذلك ، وكانت محرمة معدودة من المحرمات في كل ملة ، وإعادة الكنيسة القديمة كذلك ، لأنه إنشاء بناء لها وترميمها أيضاً كذلك ، لأنه جزء من الحرام ولأنه إعانة على الحرام.  وقال السبكي أيضا :  فإن بناء الكنيسة حرام بالإجماع وكذا ترميمها ، وكذلك قال الفقهاء : لو وصَّى ببناء كنيسة فالوصية باطلة ، لأن بناء الكنسية معصية وكذلك ترميمها ، ولا فرق بين أن يكون الموصي مسلماً أو كافراً ، فبناؤها وإعادتها وترميمها معصية - مسلماً كان الفاعل لذلك أو كافراً - هذا شرع النبي.  )) .                                                                                                          ثالثا - ولخلفاء المسلمين شواهد في هدم وحرق الكنائس ، كما جرى في عهد الدولة الفاطمية ، فقد جاء في موقع / الويكيبيديا (( .. يشير مصطلح هدم الكنائس من قبل الدولة الفاطمية الى عملية هدم الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية وتدنيس المخطوطات وغيرها من القطع الأثرية والمباني الدينية المسيحية واليهودية في مدينة القدس وحولها ، بناءًا على أمر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله في 28 سبتمبر 1009 للميلاد ، وتوجت عملية الهدم حرق وهدم كنيسة القيامة في مدينة القدس وهي أقدس المواقع المسيحية ، وأدت هذه الأعمال الى إطلاق " الخليفة المجنون" أو "نيرو الإسلام"  على الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله  )) .                                                      رابعا - وبخصوص هدم الكنائس في القاهرة بالتحديد / موضوع بحثنا ، جاء في موقع / منبر التوحيد والجهاد - حكم هدم الكنائس / قال بن تيمية  : (( .. أما دعواهم أن المسلمين ظلموهم في إغلاقها ؛ فهذا كذب ، مخالف لإجماع المسلمين . فإن علماء المسلمين من أهل المذاهب الأربعة - مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد - وغيرهم من الأئمة ، كسفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم ، ومن قبلهم من الصحابة والتابعين ؛ متفقون على أن الإمام لو هدم كل كنيسة بأرض العنوة - كأرض مصر والسواد بالعراق وبر الشام ونحو ذلك - مجتهدا في ذلك ، ومتبعا في ذلك لمن يرى ذلك ، لم يكن ذلك ظلما منه ، بل تجب طاعته في ذلك ومساعدته في ذلك ممن يرى ذلك.  وإن امتنعوا عن حكم المسلمين لهم ؛ كانوا ناقضين العهد ، وحلت بذلك دماؤهم وأموالهم.  وبذات الفصل ، وفي موقع اخر جاء ما يلي : فإن في سنن أبي داود بإسناد جيد ، عن ابن عباس عن النبي أنه قال : والمدينة التي يسكنها المسلمون والقرية التي يسكنها المسلمون وفيها مساجد المسلمين ؛ لا يجوز أن يظهر فيها شيء من شعائر الكفر - لا كنائس ولا غيرها ..  ))
                                                                                                                                                                                                                                           
القراءة :
1 . تغاضى المفتي ، الذي تخرج من مؤسسة الأزهر ، والمرتبط بها بشكل أو بأخر ، من معلومة معينة ، وهي أن الذي يفتي بالهدم أزهري ، والذي يحرض عليه أزهري ، والذي يدرس منهج هدم الكنائس و تكفير الأخر في مؤسسة الأزهر أزهري ، ثم يأتي الأستنكار من المفتي الأزهري .. ، كان من المفروض على المفتي شوقي علام قبل أن يستنكر الفتاوى ، أن يعمل على تقويم مؤسسة الأزهر ، التي تعتبر المؤسسة الدينية التي تخرج معظم المتطرفين ، مضافا أليها المؤسسة الدينية الوهابية في السعودية ، متمثلة بقمة هرمها ، مفتي السعودية عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ التميمي / أحد أحفاد الشيخ  محمد بن عبد الوهاب .
2 . مفتي مصر شوقي علام ، هو دكتور بالفقه والشريعة والقانون ، ألم يقرأ الموروث الأسلامي ! أم لم يطلع عليه ، هل يتجاهل ! أم يستغبي العامة ! لأن المطلع والمثقف أسلاميا ، يعرف أن هدم الكنائس من ضمن الموروث الأسلامي / كما أوضحنا في أعلاه  . 
3 . أي تعايش يتكلم عنه المفتي ! أذا كان أصل النص القرأني مؤسس على تكفير الأخر / المسيحي ! وفق قوله     ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ / 72 سورة المائدة ) ، فكيف يقوم التعايش مع الأخر ، أذا كان الأخر هو كافر وفق النص القرأني ! .                                                                                               4 . من المؤكد أن المفتي يعلم ، أن الدين واحد عند الله ، وفق قوله ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ / 19 سورة أل عمران  ﴾ ، فهل لديه الشجاعة أن يضيف الدين المسيحي  كدين أخر عند الله ، كأن يقول (  إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ )  و ( المسيحية ) ! ، من أجل تعايش سلمي أمن في الوطن الواحد .. مصر .
5 . وأذا كان مفتي مصر صادقا صدوقا في قوله ، أيستطيع أن يعدل أو أن يحور من النص القرأني مثلا ، أو أن يجمل من أحاديث الرسول في صحيح البخاري التي تدرس  في الأزهر ! أو أن يفتي بجواز بناء وصيانة وترميم الكنائس في مصر صراحة ! ، أو أن يفتي بأن المسلمين والمسيحيين لهم نفس الحقوق والواجبات في شغل المناصب ، خلافا للنص القرأني ، (  ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين / 5 سورة المائدة )  ! .
6 . أنا لا أدري على أي تعايش يتكلم عنه مفتي مصر د. شوقي علام ! ، مبينا في حديثه أن ( تجربة مصر في التعايش والتآلف ناجحة جدا بين طرفي الأمة .. ) ، ومن جانب أخر ، حرق الكنائس وتفجيرها والأعتداء عليها مستمر في مصر ، وكان أخرها تفجير الكنيسة البطرسية 12.12.2016..
7. أني أرى أن المشكلة مشخصة في مؤسسة الأزهر ! متمثلة في الأمام الأكبر د. أحمد الطيب ، والمؤسسة بذاتها ، من مناهج وكادر تدريسي ، أضافة الى مفتي مصر د. شوقي علام ، وثلة من الشيوخ والدعاة والمفكرين المتطرفين .. من كل ما سبق ، أرى أن أن المنظومة الدينية تحتاج الى أعادة نظر شفافة ، فكريا ومنهجيا وهيكليا وتربويا وأجتماعيا ، وهذا لا يتم ألا بمراجعة عقائدية فكرية للنظام التعليمي والمنهجي لمؤسسة الأزهر ، التي أصبحت الرحم الشرعي لفتاوى الأرهاب والتطرف والتكفير !! .                                                                                                                                 
----------------------------------------------------------------------------------------------------
(*1) شوقي إبراهيم عبد الكريم علّام  -12 أغسطس 1961 ، هو مفتي الديار المصرية ، إضافة إلى كونه أستاذ الفقه الإسلامي والشريعة بجامعة الأزهر "فرع طنطا " .. الإجازة العالية ( الليسانس ) في الشريعة والقانون سنة ( 1984م ) من كلية الشريعة والقانون بطنطا - جامعة الأزهر بتقدير جيد جدًّا مع مرتبة الشرف .
التخصص ( الماجستير ) في الفقه من كلية الشريعة والقانون بالقاهرة سنة ( 1990م ) بتقدير جيد جدًّا .
العالمية ( الدكتوراه ) في الفقه من كلية الشريعة والقانون بالقاهرة سنة ( 1996م ) بتقدير مرتبة الشرف الأولى.