مشاكســـــــة كـــــان لنـــــــا... وطـــــــــــــن / مال اللــه فـــــــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مايو 13, 2015, 10:10:35 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت


مشاكســـــــة
كـــــان لنـــــــا... وطـــــــــــــن


برطلي . نت / بريد الموقع

  مال اللــــــه فـــــــرج
Malalah_faraj@yahoo.coom
................................
ليست كل الامثال ولا كل المواقف ولا كل القيم المتعارف عليها يمكن (تعميمهــــــا) وتصلح لكل زمان ومكان، بل على العكس، فانها تكون في غير موضعها في اغلب الاحيان، وكثيرا ما تجلب للانسان، الكوارث والمآسي والهوان.
فقد تعلمنا منذ الصغر، من بين ما تعلمناه من الامثال الشعبية الاكثر شهرة، المثل القائل (فـــي التأنـــي الســــلامة، وفـــي العجلــــة الندامـــة)، وعلى الرغم من حرص الأهل على تذكيرنا بهذا المثل صباح مساء خصوصا لتأجيل او تسويف مطالبنا الطفولية المتواضعة آنذاك وهم يعززونه بمثل شعبي آخر يقول وباللهجة الشعبية المصلاوية المحببة، (اصبـــر علـــى الحصغـــــم تأكلـــــو عنـــب)، لكننا لم نكن نحظى غالبا مهما كان صبرنا يطول (لا بالحصغــــم ولا بالعنــــب)، ومع ذلك فان الأهل كثيرا ماكانوا يمارسون ازدواجيتهم علينا، إذ كانوا يطالبوننا من جهة بالتأني في مطالبنا، الا انهم من جهة اخرى كانوا يشددون علينا بالاسراع في حل واجباتنا المدرسية، ويؤنبون، بل ويعاقبون كل من كان يحاول (التأنـــــي) في دراسته والبقاء في صفه سنة اخرى.
وحيث قرعت وتقرع الكثير من القضايا والممارسات في حياتنا اليومية جرس الانذار بشدة وباصوات عالية، محذرة ومنذرة من العواقب والافرازات الخطيرة (للتأنــــي) والتلكؤ في الكثير من ميادين الحياة، وفي مقدمتها الاصابات المرضية عامة والاصابات السرطانية بشكل خاص، ذلك ان التماهل وعدم الاسراع في معالجتها واجتثاثها يمنحها  فرصتها الذهبية للتوسع والتمدد والانتشار في جميع الاتجاهات مما تنعدم معه بالتالي وفي معظم الاحيان امكانية الشفاء، وكذا الامر بالنسبة للافكار والثقافات والايدلوجيات والستراتيجيات المتطرفة والارهابية والهدامة التي تنشط في نشر مفاهيم الاحقاد والكراهية وغسيل الادمغة وتجنيد البسطاء والبلهاء والاميين والجهلاء والسذج وخداعهم باغراءات الشعارات البراقة والوعود الوردية والدفع بهم نحو خنادق الانحراف والهمجية واقتراف الجرائم المؤدلجة، فإن التأني والتماهل في محاصرة هذه البؤر الفسادية الافسادية واجتثاثها يمنحها المزيد من الوقت لاقتراف المزيد من الجرائم الدموية والافعال المخزية وبما يلحق المزيد من الاضرار المادية والنفسية والاجتماعية والبشرية، ويسقط معه وجوبا مضامين ودلالات المثل الشعبي (فــــي التأنــــي الســـــلامة) ويفرض على خارطة الاحداث والمصالح الستراتيجية العليا واقعا ملحا ذلك هو (فــــي التأنــــي الندامــــة.. وفــــي الاســــراع الســــلامة) لتجنب المزيد من الخسائر والكوارث والمخاطر.
في ضوء ذلك احدثت مفاجأة العصر ممثلة بسقوط ثاني اكبر المدن العراقية، الموصل الحدباء، بايدي ارهابيي داعش دون قتال وكأن الامر كان أشبه بصفقة أو تبادل مصالح وملفات أو عملية بيع وشراء أو مقايضة، احدثت، دويا وطنيا واقليميا ودوليا هائلا، اهتزت له المنطقة بأسرها، لاسيما وان تلك المأساة قادت لسقوط دراماتيكي لسلسلة مدن اخرى بايدي ارهابيي هذا الزمن الاسود لتمسي ضحية طوفان حقد اسود من اعتى طوفانات الابادة الجماعية والهمجية الوحشية والقتل والارهاب وقطع الرؤوس والمقابر الجماعية واغتصاب النساء واختطاف الاطفال من بين احضان امهاتهم وسبي الفتيات وبيعهن في اسواق النخاسة وتهجير المكونات الدينية والقومية والاستيلاء على منازلهم واثاثهم وممتلكاتهم باحط الاساليب اللصوصية، وهدم الكنائس و المساجد والجوامع وتفجير المواقع الاثارية واتلاف كل رموز الحضارة واغتيال براءة الاطفال وتمزيق احلامهم الطفولية واجبارهم على الانخراط في دورات ايدلوجية لاحتراف القتل والجريمة وقطع الرؤوس، حيث تم، وفقا لمفوضية حقوق الانسان، تجنيد الف طفل في مدينة الموصل للقيام باعمال ارهابية فضلا عن الاستهداف اليومي المنظم لكل الرافضين لحمامات الدم والإرهاب هذه واعدام الصحفيين والاطباء والعلماء والمثقفين والمفكرين في الساحات العامة، في وقت انغمس اولو الامر الذين كان يفترض ان توحدهم قولا وموقفا وفعلا هذه الكارثة الوطنية حال وقوعها، بالجدل العميق وبالتحقيقات الفضفاضة حول اسباب ومسؤولية هذه الكارثة المأساة، في وقت يسابق فيه المجرمون الزمن لامتلاك المزيد من اسلحة الموت والتدمير ووضع اياديهم اللصوصية على المزيد من الشرايين الاقتصادية وفي مقدمتها المنشآت النفطية واجراء اوسع وابشع تغيير ديموغرافي في المدن التي شاء سوء حظها، بل سوء تخطيط المسؤولين عنها السقوط في قبضتهم الدموية .
وهاهو عام كامل يوشك ان ينتهي منذ ان حلت كارثة سقوط الموصل، ولا تزال التحقيقات حول اسباب ومسؤولية سقوطها تتواصل دون التوصل لنتيجة فعلية وربما ستطول فترة التحقيقات لسنوات عملا بالمثل الشعبي (فــــي التأنــــي الســــلامة وفــــي العجلــــة الندامــــــة) لنكتشف اخيرا ان المسؤول الرئيس ربما كان (جحـــــا) أو (الســــندباد) أو (علـــي بابـــا والاربعيــــن حرامـــــي).
الامر نفسه ينطبق على عملية تحرير الموصل الاسيرة وفك اسرها، فرغم مرور سنة الا ان الاجتهادات والمواقف والتصريحات والخطب والبيانات ما تزال متناقضة سواء على مركزية القيادة ووحدة القرار ام على طبيعة القوى المشاركة ام على التوقيت الفعلي ام على امكانية وطريقة مشاركة قوى دولية او اقليمية، في وقت يسارع فيه الارهابيون الى تحصين مواقعهم وحفر الخنادق واقامة السواتر وتنويع وتحديث ترسانتهم التسليحية، حيث اشارت تسريبات صحفية مؤخرا الى ان هذا التنظيم الارهابي يعد العدة لتحسين قطع سلاح الجو التي يمتلكها رغم تواضعها وصيانتها واعدادها للمعارك القادمة، اذ نشرت تلك المصادر صورا لطائرات ادعت ان الارهابيين استولوا عليها في سوريا، حيث يمتلك هذا التنظيم الارهابي، وفقا لادعاءات تلك المصادر، حوالي عشر طائرات من بينها (ميك واف16 واف15 واف5)، وعلى الرغم من انه لم يتم التأكد من صحة هذه المعلومات، اذ ربما تدخل في اطار الحرب النفسية، بيد ان السؤال الكبير والملح والخطير، اما آن الاوان لأن يتوحد الجهد الوطني في بغداد، كما توحد وبسرعة في اقليم كوردستان وحفظ امن الاقليم وسلامة مواطنيه، لاجتثاث هذا السرطان الخبيث قبل ان يواصل امتداداته لابتلاع مدن ومناطق اخرى؟ عندها سوف لن ينفع الندم ولا لطم الخدود أومحاولة تبرئة الذمم، وعندها لاسمح الله، سيهمس هذا الشعب المهجر بحزن وشجن، كان لنا وطن.