مشاكســـــــة لا تهينـــــوا الكــــــــــلاب/ مال اللــــه فـــــــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أكتوبر 29, 2014, 08:14:31 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكســـــــة
لا تهينـــــوا الكــــــــــلاب



برطلي . نت / بريد الموقع
 
مال اللــــه فـــــــرج 
Malalah_faraj@yahoo.com

بقدر ما صدم الرأي العام وما زال يصدم ببشاعة الجرائم التي اقترفها ويقترفها الارهابيون بحق الانسانية في كل مكان، وفي مقدمتها بتر اعضاء الانسان وهو حي وذبح الاطفال والنساء امام ذويهم واغتصاب الفتيات وبيعهن كسبايا وتفجير المفخخات وسط التجمعات السكانية وخصوصا في الاسواق والشوارع والاحياء المعدمة لايقاع اكبر الخسائر البشرية، بقدر ما تتملكه الدهشة بوصف البعض لهؤلاء القتلة (بالكــــــلاب)، ذلك لان (الكـــــلاب) كانت وستبقى رمزا شاخصا للوفاء الذي يفتقد أبسط صوره وقيمه ومدلولاته المتطرفون الذين لا يملكون في جعبهم سوى عقدهم السادية وبضاعة الغدر والموت والدم والدمار.
ومن بين اساطير وفاء الكلاب، يحدثنا التاريخ عن اسطورة الوفاء الحيواني ممثلة بالكلب الياباني (هاوتيشكو) الذي ولد في مدينة أوداته اليابانية، و أحضره معه الى مدينة طوكيو في عام 1924 البروفيسور (هيد سابرو إينو ) الذي كان استاذا في كلية الزراعة بجامعة طوكيو.
وكان ذلك الكلب (هاوتيشكو) يرافق البروفيسور إلى محطة قطار شيبويا يوميًا في الصباح عندما يكون ذاهبــًا لعمله، وينتظره يوميًا بعد الظهر عندما يعود في الساعة الثالثة عصرًا فوق الرصيف أمام المحطة، وظل مواظبا على ذلك المنوال يوميًا ليعودا معا الى المنزل وكأنهما صديقان حميمان، حتى تعرض البروفيسور ذات يوم، أثناء إلقائه احدى محاضراته إلى أزمة قلبية أدت إلى وفاته، لكن ذلك الكلب الوفي (هاوتيشكو) ظل مواظبا على عادته اليومية في انتظار صاحبه أمام المحطة فى الثالثة عصرًا.
وقد لاحظ الناس استمرار وجود الكلب، وعرفوا قصته، وكونه ينتظر صاحبه الميت، فراح الكثيرون يطعمونه، وسمح مدير المحطة ببقائه في المحطة بعد أن لاحظ أنه لا يؤذي احدا وخصّص له مكانـًا للنوم، حتى جاء يوم بادر فيه أحد طلاب البروفيسور بأخذ الكلب للإعتناء به، ورغم ذلك، ظل (هاوتيشكو) مواظبا على برنامجه اليومي في انتظار البروفيسور كل يوم الساعة الثالثة عصرًا لمدة تسع سنوات، وفي احد الايام من سنة 1935، وتحديدًا في الثامن من آذار وجدوا ذلك الكلب الوفي ميتـًا في المحطة وفي المكان الذي اعتاد أن ينتظر فيه صاحبه يوميا، واعتزازا بوفاء ذلك الكلب، تم تحنيط جثته والاحتفاظ بها في المتحف الوطني للعلوم في طوكيو وكتبت عن قصته الصحافة اليابانية كثيرًا، وألفت عنه العديد من الكتب، وانتشرت قصته بين الناس في جميع المدن اليابانية إعجابـًا بوفائه وبناءً على ذلك اقيم له عام 1934 تمثالا من البرونز لتخليده، والطريف ان الكلب هاوتيشكو كان حاضرًا أثناء الإحتفال بوضع تمثاله أمام المحطة .
وفي ملحمة وفاء اخرى، رفض كلب من فصيلة الراعي الالماني ترك قبر صاحبه على الرغم من مرور ست سنوات على وفاته، وتوضح السيدة (فيرونكا) ارملة السيد (ميغيل غوزمان) ان كلبهما المسمى (كابتن) هرب من المنزل بعد وفاة زوجها عام 2006 واختفى عن الانظار وظنت العائلة في حينها انه توفي بعد ان فشلت في العثور عليه، الا انهم دهشوا حين ابصروه عند زيارتهم لقبر (غوزمان) رابضا بجوار القبر رافضا مغادرة المكان على الرغم من انه لم يكن يعلم بوفاة صاحبه ولا بمكان دفنه وقد لازم قبر صاحبه طوال ست سنوات لا يفارقه ليل نهار.
واذكر على الصعيد الشخصي ان احد الزملاء اهداني نهاية الثمانينيات جروة صغيرة من فصيلة (الوولف دوك) حال ولادتها وكانت تتغذى آنذاك كما الاطفال على الحليب، وهذه الفصيلة كما هو معروف نتيجة التزاوج بين انثى الكلب وذكر الذئب ولذلك تكون ضخمة وقوية وشرسة، وبعد عدة اشهر وصل ارتفاعها الى المتر تقريبا وامست مثل ذئبة حقيقية وكانت تخيف كل من يشاهدها وخصوصا عندما تطلق عواءها المخيف  كالذئاب تماما، ولكنها كانت رشقية وجميلة وسريعة العدو ومطيعة جدا وتهوى الملاعبة والمزاح وتعشق مشاهدة افلام الكارتون وكانت تجلس امام جهاز التلفاز لتراقب الافلام وتنفعل مع الحركة والموسيقى كما الاطفال تماما وقد اطلقت عليها ابنتي اسم (ليندا).
اذكر أننا ذهبنا ذات مرة الى الحبانية للاصطياف بصحبة بعض الاقارب وللعجلة نسينا ان نوصد  بوابة الدار الخارجية وعندما عدنا بعد بضعة ايام كانت ليندا كالاسد المتحفز تقف منتصبة في منتصف الباب، واكد لنا الجيران بانها لم تبرح مكانها لا ليلا ولا نهارا حتى عدنا رغم الجوع والعطش في تموز اللاهب.
وكم حزنت وتألمت عندما تهورت مرة وضربتها بشدة لانها قامت (بنبش) تراب الحديقة، وكان بامكانها ان تدافع عن نفسها وان تمزقني بلحظات لو شاءت، لكنها انزوت في ركن الحديقة ورفعت احدى قوائمها الامامية اتقاء للضرب المبرح الذي كنت اوجهه لها ، واقسم انها كانت تبكي حزنا والما كالانسان تماما فقد شاهدت الدموع تملأ عينيها، ورغم ذلك جاءت عصرا بينما كنت جالسا اشاهد التلفاز واخذت تتمسح بقدمي وتطلق مواء خفيفا كانها تعتذر وتريد مصالحتي، وعندما ربت على ظهرها بمودة كانت كانها تبتسم فرحة كالاطفال تماما وجلست الى جانبي ووضعت رأسها بدلال على ساقي، ورغم مرور كل تلك السنوات الا انني كلما اتذكرها تحاول دمعة مكابرة ان تنفلت من عيني لموقفها الحميم ذاك المزيج من الوفاء والتسامح والمحبة، هذه المفردات التي بات الكثير من المحسوبين على البشرية يفتقدونها الآن.
بعد هذا هل يستحق الارهابيون والفاسدون والمجرمون وسارقوا قوت الشعب وبائعو الاوطان والمتاجرون بمعاناة شعوبهم ان (نكرمهــــــم) ونطلق عليهم صفة (الكــــــلاب) وهم لا يمتلكون ذرة من قيم ومشاعر ووفاء هذه الحيوانات الوفية؟
لنتوقف عن اهانة الكلاب، ولنبتكر تسمية تليق بما يمارسه هؤلاء (الاذنـــــــاب) من فساد وخراب.