تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

حكايات من سفر التهجير

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أغسطس 16, 2015, 08:08:26 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

حكايات من سفر التهجير


برطلي . نت / متابعة
عنكاوا دوت كوم / خاص
لم تكن تلك اللحظة عابرة كي تمحى من الذاكرة هكذا بسهولة ، بل كانت في وقتها لحظة حياة او موت ، ولهذا فانها ستبقى محفورة في الذاكرة كما النقش على الحجر لا يمكن ان تنسى وسأبقى احملها معي طيلة ما حييت بل ستبقى تراودني ساعة يقظتي وساعة منامي  تلك هي لحظة الوقوع بايدي تنظيم داعش الارهابي .
هكذا بدأت حديثها سارة كوركيس وهي تحكي قصتها لحظة دخول مسلحي داعش الى بلدتها الواقعة في سهل نينوى . في صباح يوم الخميس 7 آب 2014 ومع انكشاف الضوء سمعت وانا في المنزل الى هتافات ( الله اكبر ) وهي تخترق اجواء البلدة الساكنة الخالية من سكانها الا من اللذين لم يحالفهم الحظ من امثالي لسبب او لاخر اللحاق بافواج الخارجين منذ ساعات الفجر الاولى ، فانا مسؤولة عن ام عجوز مريضة واخ مريض وعائلته . التزمنا الدار ولم نخرج منه ولم نكن نسمع شيئا غير حركة لسيارات مسرعة وهي تقطع الطريق جيئة وذهابا ، دخل الخوف قلوبنا وبدأنا نشعر بان نهايتنا قد اقتربت ، لم يعد يسعنا المكان فاتخذت قرار الخروج في صباح اليوم التالي ، قرار مصيري يحتاج لاتخاذه الى رباطة جأش قوية ، فنحن محاصرون ولا ندري ماذا سيكون مصيرنا بالرغم من اني احس بنفسي انني امرأة قوية بحكم مهنتي لا اهاب المواقف الصعبة ، ولكن هنا الموقف يختلف تماما فالامر هنا طلقة وسيف ودم . وضعت والدتي في عربة وحملت بعض الحاجيات التي ربما قد نحتاجها في الطريق . فتحت الباب الخارجي للدار ، تفقدت الطريق فلم ارى احدا وتوكلت على الله وخرجنا والتزمنا الطريق الرئيسية الذي يوصلنا الى خارج البلدة وما هي الا مسافة قصيرة حتى اعترض طريقنا رجل مسلح بملابس سوداء ذو لحية كثة وهو يوجه كلامه لنا وينصحنا بالبقاء واعتناق الاسلام . واصلنا طريقنا في المسير دون ان نكترث له ، ولكن ارى امامنا وعلى مسافة منا تجمع لهم . سيارات حديثة مدججة بالسلاح واخرى مصفحة من التي يستخدمها الجيش ، وعددهم يقارب الثلاثين مسلحا جميعهم ملتحون . اعترض طريقنا مسلحان بدأ احدهم يحدثنا بلغة التهديد وترك كل ما نملك من نقود ومصوغات وحاجيات بل بدأ بتفتيشنا ونزع كل ما نرتديه من مصوغات والبحث عن النقود في محافظ يدنا وهو يهددنا بعدم الاعتراض والاكتفاء بالسكوت والا فمصيرنا الموت ثم اشار بيده للمسير الى خارج البلدة .


لم يكن امامه غير المخاطرة للافلات من قبضة داعش
اربعة ايام قضاها (هاني داود) في بلدته بعد سقوطها بايدي مسلحي داعش قبل ان يدبر خطة افلح فيها بالافلات من قبضتهم . يقول كل يوم بل كل ساعة ودقيقة كانت تمر هي بمثابة قرن من الزمان انا ومجموعة اخرى معي لم يحالفنا الحظ في اللحاق بركب الخارجين ، بل كنت اموت الف ميتة كلما حضر للقاءنا احدهم من الداعشيين . سنحت لي فرصة لان اشاهد تجمعا لهم في مدخل البلدة بعد ان قادني احدهم في سيارته للقاء مسؤول فيهم ، كان هناك ما يقارب من (25 ـ 30) مسلحا مدججين بجميع انواع الاسلحة الحديثة والكلاسيكية ( مسدسات ، غدارات ، رشاشات 9 ومنهم من يحملون سيوفا كتلك التي يستخدمونها في قطع الرؤوس . ملابسهم افغانية ذات لون جوزي وبلحايا حتى ان بعضهم ذوات بشرة بيضاء وبلحايا ملونة يبدوا انهم من المقاتلين الاجانب وكانوا ينادون بعضهم على بعض باسماء ( ابو عبدالله ، ابو قتيبة ، ابو طلحة ، ابو قريش ، ابو فهد وهكذا ) .
عندما اكتشفوا وجودنا وكان ذلك ظهر يوم الخميس 7 آب 2014 حضرت الينا سيارة يستقلها اربعة مسلحين اخذوا يصرخون بنا ويأمروننا بالبروك وينادوننا بالنصارى ، ثم حضر قائدهم وهو شاب بلحية طويلة يرتدي ملابس افغانية سوداء يحمل مسدسا في جانبه يكنى بابو عبدالله ، اظهر بعض الاستعطاف علينا وامرنا بالجلوس وبدأ يحاضر فينا عن الدولة الاسلامية والدين الاسلامي وعيسى واكرام الاسلام لمريم العذراء وما الى ذلك وانتهى بحديثه باننا نشرك بالله ، وفي حديثه كان يدعونا للدخول في الاسلام .
تركنا ابو عبدالله بعد ان اوصى جماعته بنا وتأمين كل احتياجاتنا من غذاء وماء ، واستمر حضورهم الينا بشكل يومي بل مرتين في اليوم وفي كل مرو كانوا يعيدون علينا نفس الكلام والدعوة بدخول الاسلام .
كنا نعيش في حالة من الخوف ، الاكل لا نشتهيه وان حصل فنأكل ما يسند جسدنا ، اتبعوا معنا حربا نفسية ، يجعلوننا دائما في حالة انذار . هم كانوا يبلغوننا بوقت حضورهم ولكنهم لا يأتون الا بعد ساعات او قبل الموعد ولهذا لم يكن يرتاح لنا بال ، عشنا في قلق ودائما ما ينذروننا بعدم التقرب من الشارع العام ، وان حصل ذلك فسنغضبهم ولا تعلمون كيف سيكون غضبنا . وفي كل مرة يسألوننا ان كنا قبلنا الاسلام دينا . وفي احدى المرات همس احدهم في اذني وهو من عناصر حماية ابي عبدالله ، صبي لا يتجاوز عمره الخمسة عشرة سنة ، ان الذي لا يدخل الاسلام فان ابا عبدالله سيذبحه .
ساءت الحالة النفسية والصحية لامرأة كانت معنا فعرضوا عليها ارسالها الى الطبيب في الموصل لمعالجتها فرفضت واخذت تتوسل بهم وتقبل ايديهم بل وارجلهم بان يتركوها وزوجها يرحلان .
تعددت الوجوه التي تزورنا وتنوعت سياراتهم وجميعهم ينصحونا باعلان اسلامنا وبعد اربعة ايام من النقاش معهم اتضح لي ان لا سبيل للخلاص منهم غير الهرب خصوصا بعد ان نجح واحد من المجموعة بالهرب فخضعنا لسيل من التحقيقات في كيفية اختفائه ووجهته . فحانت الفرصة لي واتبعت طريقا طويلا وصعبا ومحفوفا بالمخاطر ولكن النتيجة كانت الفوز بحياتي .