كنائس برطلة / كنيسة دير مار يوحنا ابن النجارين ( بر نكاري )

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, يناير 18, 2012, 05:38:26 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

كنيسة دير مار يوحنا ابن النجارين
( بر نكاري )




ان القديس مار يوحنا الذي تعيد له الكنيسة في برطلي في اليوم الخامس عشر ، او السادس عشر ، بعد عيد القيامة(1) ، والذي اقيمت على اسمه هذه الكنيسة ، كان شابا من برطلي ، وكان ابوه مجوسيا عابدا للشمس ، ينحت اصناما من خشب ويبيعها ، حيث كانت هذه هي حرفة عائلته حتى انه اكتسب لقب ( ابن النجارين ) وحدث ان الشاب بعد اهتدائه الى المسيحية اخذ يعرقل تجارة ابيه ، بمحاولته اقناع الزبائن بعدم شراء هذه القطع الخشبية الجامدة ، التي لم يعد يؤمن بها ، اثار هذا غضب ابيه عليه ، فلاذ بالفرار . ولما القي القبض عليه ، قتله ابوه بنفسه مع اخته  والتي  كان اسمها ( سوسن ) كانت قد آمنت هي الاخرى بالمسيح ايضا ، قتلهما ابوهما بالقرب من تل صغير واقع في اسفل جبل بعشيقة ، بين قريتي  با أكري وبيث تكليثا المسيحيتين انذاك ، كان ذلك في الربع الاخير من القرن الرابع الميلادي(2) .

وتزيد القصة المذكورة في الصلاة الفرضية : ان الشاب قدم الى محكمة الملك ، بعد ان تعرض الى شتى العذابات ، حيث سمرت رجلاه على قطعة من خشب ويداه مشدودتان وحيث ايضا الرب نفسه اقاته . ثم يُرغم على السير على مدّيات حادّة ويٌشدّ على عربة حديدية ، ويُجلد ويُرجم ، وفي اثناء ذلك كله كان يصلي من اجل جلاديه . اخيرا يأمر الملك بقطع راسه ويقطع جسمه اربا ويُحرق(3) .

وبالتاكيد بعد استشهادهما انشأت كنيسة لتضم رفاة الشهيدين ( مار يوحنا واخته سوسن ) واصبحت هذه الكنيسة مزارا للناس من ابناء المناطق القريبة والمحيطة بالقرية ومن بينهم ابناء برطلي التي ينتمي اليها الشهيدين  .
 
وعلى اثر الاضطرابات القاسية في نواحي نينوى ، وعدم استطاعة المؤمنين من زيارة كنيسة مار يوحنا ابن النجارين القديمة في قرية با أكري التي دُمرت واصبح اللصوص يختيئون في الانقاض ويسيئون معاملة الحجاج الذين كانوا يقصدون المزار ، وتجنبا لتكر ازعاجات كهذه(4) ، قرر المفريان غريغوريوس ابن العبري بناء كنيسة ودير على اسم هذا الشهيد في قرية برطلة في الجهة الغربية منها ، وشرع في العمل سنة 1282 وانتهى منه سنة 1285 م ، وكان يشرف على اعمال البناء الربان جبرائيل البرطلي المهندس المعماري من دير مار متى ، تلميذ ابن العبري نفسه ، والذي رسمه مطرانا باسم ديوسقوروس على جزيرة ابن عمر سنة 1285 اقام المفريان الهمام هذه الكنيسة الجليلة ، وبنى بجوار هيكلها الكبير غرفا كثيرة واحاطها بحوش واسع ومما يجدر ذكره ان المفريان زين هيكلها بصور رائعة استقدم لاجلها مصورا بارعا كانت قد استقدمته الملكة ( هسبينة ) المؤمنة من القسطنطينية لزخرفة كنيسة تبريز الجديدة ، وعين المفريان لكل رسم محلا خاصا ناسبه ذوقه الفني الرائع .

وكانت الصور الجميلة هذه على النحو التالي :
صورة مركبة حسقيال وحولها الكاروبيم في سقف قبة المذبح ، وحولها صور الانبياء وفي اياديهم ادراجهم او اسفارهم النبوية ، ثم صور الانجيليين الاربعة ، في زوايا القبة الاربعة ، وصورة والدة الاله فوق المذبح نفسه ، وصور الملافنة الارثوذكسيين حول المذبح ، وصور اعمال الرب الخلاصية (المدبرانوث ) حول ذلك .
وكان لا بد من وضع ذخائر القديس الشهيد مار يوحنا ابن النجارين في هذه الكنيسة الجديدة وكان محلها مجهولا في الكنيسة القديمة المهدمة في باأكري ، وجرت لاظهارها محاولات كثيرة فشلت كلها اذ لم يهتد المنقبون الى محلها ، حتى ظهر القديس الشهيد للمفريان مار غريغوريوس ابن العبري في الحلم وقال له : ان ذخائري تجدها لاانت وحدك بجانب المذبح القديم فاصطحب المفريان معه رهطا من الرهبان والكهنة ويمم المكان وامر بالحفر في الموضع المعين ، وبعد ان حفروا زهاء مترين وجدوا صندوقا رخاميا ولما فتح وجدت فيه ذخائر القديس ، فنقلت الى البيعة الجديدة في برطلة بزياح مهيب ، ووضعت في بيت القديسين ( بيت سهذي ) الذي اعده المفريان لهذا الغرض في البيعة الجديدة نفسها بين تراتيل الكهنة والشمامسة(5) .

ولكن المفريان اراد قبل ذلك مكافأة جميع الذين ساهموا في هذا العمل الجليل ، وعلى الاخص المعماري الذي نال قسما من الذخائر . ووضعت عظام يوحنان وذخائر لرهبان ( تبايد Thebaide ) القدامى ، وكان ابن العبري قد اتى بها من سوريا ، ثم ضمّت اليها ذخائر الاربعين شهيدا فارسيا ، وكان المفريان قد اتى بها من المشرق .

ان تاريخ نقل هذه الذخائر كان في الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني ، واضحى هذا اليوم من كل عام فيما بعد تذكارا لهؤلاء النساك المصريين والشهداء الفارسيين ، واختتمت هذه الاحتفالات بمأدبة كبيرة قام بها الامير جمال الدين نيسان ( سكن برطلي ) وبعد ذلك بسنة توفي المفريان ابن العبري اي سنة 1286م(6) .

وظل هذا الدير والكنيسة عامران حتى خربا شان كثير من اديرتنا بسبب الغوائل التي نزلت بتلك البلاد ابان القرون المتاخرة ، وكان الدير اهلا بالرهبان سنة 1593 وفي سنة 1709 م خط الراهب جرجس من رهبان دير مار بهنام فرض السعانين والقيامة ، واشترك بنسخة المطران يوحنا والربان اسحق . واوقفه على كنيسة هذا الدير . وبعد خرابه نقلت تلك الذخائر الشريفة الى كنيسة مارت شموني في برطلي ، ولا زالت فيها(7) .

بقيت اطلال هذا الدير وكنيسته حتى الستينيات من القرن الماضي في الجهة الغربية الجنوبية من المدينة يمر بجانبها طريق عام كان يؤدي في السابق الى اربيل وكركوك واضحى اليوم فقط شارعا داخليا في وسط المدينة .

اما الدير الذي تهدم وخرب وانقاضه تكاد لا ترى فقد شيد بناية صغيرة ( مزارا ) على هيئة غرفة كعلامة لمكان هذا الدير لئلا يضيع موقعه ويمسى في عالم النسيان .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


( 1 )  برطلي في مراة الزمان للاب سهيل بطرس قاشا ص65، عن مخطوط برطلي ، رقم 12 ، فرض جمعة الكهنة والموتى والشهيد يوحنا بر نكاري ، ص1 ـ 46 . 

( 2 ) الاب بولس بهنام ،( المطران مار غريغوريوس بولس بهنام  بعدئذ ) .  في مجلة لسان المشرق عدد 16 سنة 1949 . و برطلي في مراة الزمان للاب سهيل بطرس قاشا عن مخطوطة توجد في برطلي بين كنوز عائلة ساكا ، وهي كتاب الطلبات والالحان المتفرقة بالكرشوني والسرياني ب 209 صحائف كبيرة 11 + 16 سم2 نسخ سنة 1914 من قبل الشماس رفو ابن الشماس يعقوب من عائلة ساكا في برطلي ، كتب عن كتب القديسة شموني في برطلي ن الميمر السرياني حول يوحنان ابن النجارين يشغل من الصفحة 192 الى 209 .

( 3 ) برطلي في مراة الزمان للاب سهيل بطرس قاشا ص65 ، عن مخطوط برطلي ، رقم 12 ، فرض جمعة الكهنة والموتى والشهيد يوحنا بر نكاري ، ص1 ـ 46 . 

( 4 ) برطلي في مراة الزمان للاب سهيل بطرس قاشا ص66 عن اشور المسيحية للاب جون فيي الدومنيكي ومخطوطة ساكا .

( 5 ) الاب بولس بهنام ،( المطران مار غريغوريوس بولس بهنام  بعدئذ )  في مجلة لسان المشرق عدد 16 سنة 1949 .

( 6)  برطلي في مراة الزمان للاب سهيل بطرس قاشا ص68عن اشور المسيحية للاب جون فيي الدومنيكي الجزء الثاني ( برطلي ) .

( 7 ) الاب بولس بهنام ،( المطران مار غريغوريوس بولس بهنام  بعدئذ ) في مجلة لسان المشرق عدد 16 سنة 1949 .





























sarmadaboosh

شكرا استاذ بهنام على هذا الموضوع الجميل عن ماضي برطلي الزاخر بالامجاد و شكرا على هذا الشرح الوافي و الممتع عن الكنيسة و الشهيدين

ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

أمير بولص ابراهيم

  جميل جدا ان نقرأ تأريخ  كنائسنا واديرتنا  وان نتعرف  على هكذا تأريخ سرياني عريق لبلدتنا الحبيبة برطلي  ولكن  تمنيت لو انك لم تنشر الصور  فحول المزار  ما لا  يسعد النفس برؤيته   واقصد هنا الاوساخ  .. لو امتدت يد الكنيسة ومجلسها واعادت  ترميم المزار وتعديل  الارض التي حوله وتنظيفها وتسييجه بالبلوك  ليضمن الزائر المؤمن زيارة هادئة بعيدة عن عيون الفضوليين ...

   شكرا استاذي العزيز بهنام على ما ترفده للموقع من مواضيع رائعة
تحياتي