ازمة قاعدة بعشيقة- لماذا ترفض إيران التدخل التركي في العراق؟

بدء بواسطة Paules, أكتوبر 11, 2016, 12:42:08 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

Paules




بعد أيام من الأزمة الدبلوماسية بين بغداد وأنقرة نتيجة تواجد القوات التركية في قاعدة بعشيقة شمالي العرق، هاجم عناصر من "تنظيم الدولة" المُعسكر، دون معلومات عن خسائر بشرية، وبحسب وسائل إعلام تركية، فإن مقاتلي تنظيم الدولة هاجموا، يوم الأحد، قاعدة بعشيقة التي تقع على بعد 30 كيلومترًا من مدينة الموصل.

ورأى مركز دراسات الدبلوماسية الإيرانية التابع لوزارة الخارجية، أن تركيا تسعى لوقف التمدد الإيراني في العراق، من خلال دعمها للعرب السنة والأكراد في شمال العراق، وقال: "إن الرد على السيطرة على الشيعة، قابله تحرك تركي لدعم العرب السنة والأكراد، وإن وجود فرصة ضئيلة أمام إيران في جر السنة العرب إلى مشروعها في العراق، يجعل من تركيا البديل القادر على إدارتهم ودعمهم".

وقال المركز في دراسة صدرت عنه، إن التدخل العسكري التركي في الموصل وإصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على الدفاع عن السنة العرب في العراق يكشف جانبا من الصراع الحقيقي بين إيران المناصرة للشيعة وبين تركيا الداعمة للسنة.

وأوضح المركز، أن تركيا ليس لديها مطامع استعمارية في العراق، لكنها تسعى لتوسيع نفوذها في العراق حتى تستطيع منافسة إيران بقوة، مشيرا إلى أن أنقرة انتبهت إلى مسألة نفوذ إيران وتأثيرها على الشيعة، وكيف اجتذبت طهران الأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد إلى محورها في المنطقة؟.

لماذا ترفض إيران التدخل التركي في العراق؟

أكد الكاتب الصحفي، وائل عصام، أنّ قرار البرلمان العراقي بوصف القوات التركية شمال العراق بأنها "محتلة" مفاجئًا، مشيرًا إلى أن الحملة على وجود القوات التركية -والمستمرة منذ أشهر- شارك فيها أبرز قيادات الأحزاب الشيعية العراقية وصولًا لرئيس الحكومة حيدر العبادي، الذي حذر مؤخرًا من اندلاع ما وصفها بالحرب الإقليمية.

وعلّق عصام، على هذا التصريح قائلًا: "لا يخرج هذا التصريح عن سياق السياسة الأمريكية في العراق منذ سنوات الاحتلال، الحريص على توافقات مع حكومة بغداد ومن خلفها الدولة الإقليمية المهيمنة على العراق، إيران، التي تمتلك الثقل السياسي والاجتماعي الأكبر منذ سقوط بغداد، وسيطرة شبه تامة على مفاصل القرار الأمني، ما يحدَ بشكل كبير من قدرة الولايات المتحدة على لعب دور خارج هذه التفاهمات التي منحت إيران حق الفيتو على أي شريك إقليمي يمكن أن ينافسها في الساحة العراقية كتركيا".

وقال الكاتب الصحفي، في مقاله المنشور على أحد المواقع الإلكترونية، تحت عنوان: "لماذا ترفض إيران منح تركيا موطئ قدم في الموصل؟"، إن المخاوف الإيرانية من التدخل التركي شمالًا تدور حول محورين أساسين: يتعلق الأول بتوازنات القوى الكردية بين طالباني وبارزاني، أما الثاني، وهو الأهم، فيمس التوازنات السنية الشيعية.

وأضاف: "إيران والقوى الشيعية الحليفة لها في العراق ترى في أربيل ميولا نحو أنقرة أكثر من طهران، وإضافة لعلاقة بارزاني الوطيدة بالأمريكيين فإنه يحاول إخراج إقليمه الكردي بعيدا عن عباءة ملالي إيران، وهذا ما تسعى الأخيرة لتقويضه بالتعاون مع حليفها الأقرب في كردستان العراق، طالباني، التيار المنافس تاريخيا لزعامة بارزاني، وترغب إيران بتقوية حزب طالباني الذي تحتفظ بعلاقات تاريخية معه لتعزز نفوذها في كردستان العراق، وتزيل أي عقبة في نطاق سيطرتها شمال العراق المتصل بشمال سوريا"، مضيفًا أنه: "في ضوء هذه التوازنات الكردية الكردية، فإنه لا يمكن لإيران القبول بأي قوة من شأنها أن ترجح كفة بارزاني في كردستان العراق كتركيا".

وتابع: "أما فيما يتعلق بالتوازنات العربية بين السنة والشيعة، فالصورة أكثر وضوحًا هنا بهيمنة شيعية كاملة على العاصمة والمحافظات السنية كافة عدا تلك الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة، وأهمها الموصل، وإيران التي أنفقت أكثر من 30 عامًا وهي تحاول السيطرة على العراق لن تأتي اليوم لتهدي أي طرف إقليمي موطئ قدم فيه، وخصوصا إذا كانت منطقة سنية ترفض نفوذها الطائفي والعرقي، ولعل الخطاب الشيعي التحريضي للسياسيين الشيعة وأنصارهم الذي يصف معظم قادة السنة بـ(الدواعش)، ويتهم كل حالة سنية ترفض السيطرة الإيرانية بأنها تكفيرية كما حصل مع الحراك السني السلمي".

وعلّق الكاتب الصحفي على الخطاب الإيراني التحريضي قائلًا: "هذا الخطاب يختصر الذهنية الإيرانية التي تعتبر أن خروج أي منطقة سنية عن نفوذ حكومة بغداد سيؤدي لنشوء مركز استقطاب سني معاد لإيران أو على الأقل غير موال لها، وهو تقدير صحيح، فالسنة بأغلبيتهم الساحقة وبمختلف انتماءاتهم الإسلامية والقومية يرغبون بالتحرر من هيمنة إيران والأحزاب الشيعية التي تهيمن على حكومة بغداد".

وأضاف: "وعلى هذا، فإنه يصعب على إيران القبول بنفوذ تركي حقيقي في الشمال العراقي لأنه سيذكي ميول السنة التحررية المتمثلة بالانفصال، ليتكون حينها إقليمان خارجان عن هيمنة كاملة لإيران هما كردستان ونينوى وبينهما روابط تجمعهما بدولة إقليمية منافسة لإيران".

ابحثوا عن إيران

وأكد علي حسين باكير، المستشار السياسي والباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية، أنّ ما حدث من حرب كلامية بين الحكومتين العراقية والتركيّة فيما يتعلق بتواجد قوات تركيّة في معسكر بعشيقة في قضاء الموصل بمحافظة نينوى شمال العراق، لم تكن المرة الأولى، التي تقوم بها الحكومة العراقيّة باستخدام ملف بعشيقة لإثارة الجلبة مع الجانب التركي، فقد فعلت الأمر نفسه نهاية 2015 ، ثم سكتت عن الأمر لعام كامل تقريبا ثمّ عادت اليوم لتفعل الأمر نفسه، وهو ما يشير إلى وجود دوافع موسميّة وإلى أنّ هناك من يحرّك هذا الملف في الاستحقاقات الإقليميّة المهمة.

وأضاف باكير: "أصابع الاتهام تشير في حقيقة الأمر إلى إيران، فالجميع يعلم أنّ العبادي لا يملك من الأمر شيئا، أمّا الجيش العراقي فهو غير موجود أصلا حتى يهدّد العبادي الدول المجاورة بحرب إقليمية، ولذلك ما يُفهم من تصريحاته هو الاستقواء بإيران وميليشياتها الطائفية في العراق".

ووضع باكير في مقاله المنشور بصحيفة "القبس" الكويتية تحت عنوان: "سر الحملة العراقية على تركيا.. ابحثوا عن إيران"، سببين من أجلهم رفضت إيران الوجود التركي على الأراضي العراقية:

(1) الحشد الشعبي

بحسب باكير، فإن المشكلة الحقيقيّة في السجال الأخير تتعلّق بمعركة الموصل المرتقبة وليس بتواجد قوات تركية.

وحذر الجانب التركي الأمريكيين، خلال اللقاءات الخاصة التي جمعت مسؤولين سياسيين وعسكريين أتراك مع نظرائهم الأمريكيين نهاية الشهر الماضي، من أنّ إشراك ميليشيات الحشد (التابعة لإيران) في معركة الموصل ستكون له عواقب وخيمة لناحية تعزيز الطائفيّة في العراق، ولناحية سياسات التغيير الديموغرافي الجاري تطبيقها في المنطقة.

وفي واحدٍ من هذه الاجتماعات، طلب الجانب التركي الضغط على حكومة العبادي لمنع دخول ميليشيات الحشد الى الموصل تحت ذريعة محاربة "داعش"، خاصّة أنّ ذلك يهدد بإمكانية تهجير مليون عراقي غالبيتهم الساحقة من العرب السنّة.

كما طالب الجانب التركي في الاجتماع نفسه بإشراك الحشد الوطني (القوات العراقيّة السنّية التي تمّ الاتفاق سابقا على أن يقوم الجانب التركي بتدريبها لمحاربة تنظيم داعش هناك)، مبديا استعداد القوات المسلّحة التركيّة لدعم عملية التحرير عسكريا بشكل كامل.

(2) توافق تركي-سعودي

ووفق المعلومات الخاصّة، فإن الموقف التركي هذا كان قد تمّ تأكيده أيضا في الاجتماع الذي تمّ بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش قمّة الدول العشرين في الصين في 3 سبتمبر الماضي، حيث تشاطر الطرفان الخوف من سياسات إيران الطائفيّة في المنطقة، وكذلك من دعم إيران للميليشيات المسلّحة التي لا تقل إرهابًا أو وحشية عن "داعش"، في محاولة من طهران لابتلاع العراق بالكامل.

وكان هذا الملف بالتحديد مثار نقاش مفصّل خلال اللقاءات الأخيرة بين الجانبين، إذ يعتبر الطرفان أنّ إشراك ميليشيات الحشد في عملية الموصل المرتقبة سيؤدي إلى كارثة جديدة، وهو أمر مرفوض تمامًا، والإصرار على تنفيذه يؤكّد الحقائق التي تشير إلى عمليات تغيير ديموغرافي ذات طابع طائفي تقوم بها إيران في عدد من الدول لاسيما في سوريا والعراق.

وشجّع موقف إدارة أوباما إيران وحكومة العبادي على التمادي، فهي لم تمنع الحكومة من الاعتماد على الحشد الشعبي الطائفي، وانتهى الأمر بأن تذهب العديد من المعدّات العسكرية والأسلحة الأمريكية وحتى الدبابات والمدرعات إلى هذه الميليشيات، واكتفت إدارة أوباما بنقل الرسالة مؤخرًا دون الضغط على العبادي، حتى أنّها لم تستبعد مشاركة قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني في المعارك القادمة وهو المدرج على لوائح العقوبات الأمريكية والأممية.


http://www.thirdpower.org/index.php?page=read&artid=149109