لماذا يُحجب القربان عمّن تزوجوا بعد طلاق/شمعون كوسا

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 22, 2016, 12:03:31 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

  لماذا يُحجب القربان عمّن تزوجوا بعد طلاق   



برطلي . نت / بريد الموقع

شمعون كوسا



موضوع غريب أبعدني عن خط كتاباتي وجعلني اقفز فوق سياجٍ يحدّ أرضاً دينية كنسية كاثوليكية. لقد أحسست بفورةٍ كان يجب عليّ إخمادها ، فورة تتعلق بموضوع حجب القربان عن مؤمنين تزوجوا بعد طلاق أو انفصال. موضوع لم نسمع به في منطقتنا لأنهيقع ضمن الحالات النادرة او شبه المعدومة .
كانت معرفتي بالمشكلةغامضة أو بالأحرى لم أكترث لها في حينه ، غير اني عندما التقيتُ اصدقاء لهم معارف يعانون من هذه الحالة ، بدأت أقلـّب الأمر من كافة جوانبه فرأيت نفسي امام تناقض لا يمكن قبوله لا من الناحية المنطقية ولا الدينية : كيف يُمنع المؤمن ، الجائع لخبز الحياة ، من تناول القربان ، بغضّ النظر عن الخطأ الذي يكون قد ارتكبه ؟
إنه موضوع متشعّب وطويل ، وإذا استجبت لسيل الافكار التي تتلاطم داخل رأسيسأنتهي بحديث يبدأ ولا ينتهي ، لذا ابدأ بسؤال رئيسي ومباشر ،تليه سلسلة أخرى من التساؤلات ،  وأقول: إذا ما أتى المسيح من جديد ، هلسيتجنّب هؤلاءالمطلقين كونهم يتربعون  في حمأة الخطيئة ، أم يبدأ بالتوجه إليهم ؟ ألم يعاشرِ المسيح الخطأة والعشارين ؟ ألم يشمل الزانية بعفوه فأنقذها من حجارة  رجال الدين اليهود من الكتبة والفرّيسيّين الذين كانوا قد قصدوا المسيح بغية  الحصول على تأييد لرجمها ؟ ألم يُجِبهم بعد صمت عميق : من منكم كان بلا خطيئة فليرمِها بحجر ؟ الم يقف المسيح يتحدث مع السامرية ويطلب منها أن تسقيَه ماءًبالرغم من سامريّتها وزواجها من خمسة رجال فقط ؟ هل أتي المسيح للأصحّاء ام لاحتضان المرضى ولإراحة المتعبين والثقيلي الاحمال ؟ اليس القربان بمفهومنا الكاثوليكي جسد المسيح الحيّ ؟ هل حَرَم المسيح تلميذه يهوذا في العشاء الاخير من تناول الخبز ، بالرغم من معرفته بنواياه الشريرة ؟ لماذا إذن يُمنع المؤمنون التائبون من تناول المسيح الذي يتقدمون اليه بانكسار وبشوق عارم؟
انا لا اشجع الطلاق ولا الزواج بعد الطلاق ، ولكن هذا هو واقعنا، لقد ازدادت هذه الحالات في ايامنا هذه ، ومن بين هؤلاء من لهم اسبابهم الوجيهة . شخص في مقتبل العمر تركته زوجته ،فرأى نفسه مجبرا على الارتباط بزوجة أخرى من أجل أطفاله . شاب مؤمن اصيبت زوجته بمرض عضالطويل الامد ، فاضطر للاقتران مجددا.زوجان اضحت الحياة بينهما جحيما لا يطاق لأسباب تُعزى مثلا الى حالات الادمان على الكحول والمخدراتأو غيرها ، زيجات تعرضت للعنف المتكرر ولم تجد حلا ، إلا بالانفصال او الطلاق، حالاتعديدة لم تنفع فيها النية الحسنة التي ابداها أحد الطرفين.
لقد حدث أحيانا وان ذهب أحدهم ،تجاوبا مع متطلبات القانون وبغية ايجاد حلّ لمعضلته ، الى قتل زوجةٍهجرتهوالتقرب الى موائد الاسرار دون عائق.إنه عمل لا تؤيده الكنيسة طبعا ، ولكنه من الناحية الشرعية ، يزيل العقباتأمام  الزواج والتقرب الى الاسرار المقدسة  .
لنعتبر الشخص الذي تزوج بعد الطلاق رجلا خاطئا ، هل يعجز سرّ الاعتراف المقرون بتوبة نصوح عن محو الخطايا ، ام ان هذه الخطيئة ، غير مشمولة بهذه الاحكام؟ وماذا إذن عنرجل قاتلٍتناول القربان بعد الاعتراف دون أيّ رادع ، أوشخص ارتكب الزنىوتقرب الى المذبح بنفس السهولة ، او شخص عاشر ثلاث عشيقات ، ولم يلقَقيودا قانونية امامه ، وهذا صحيح للسارق والكذاب والشاهد بالزور والقائمة تطول. وهنا سأذهب بعيدا الى حدّ اثارة الشكوك واقول : ما هو الحكم على كاهن ارتكب موبقاتٍلا سبيل لذكرها ، مخفية كانت أم معلنة ، ولم يفقد قدراته في إقامة القداس بالرغم من خطاياه ، بينما الشخص الذي تزوج بعد طلاق وتقدم تائبا ومتشوقا الى القربان ، يجد نفسه أمام باب موصدةتحمل عبارة : إنّ هذه المأدبة لم تُعدّ لأمثالك ؟!!!
اني على يقين بان البابا الحالي واعٍ لهذا الموضوع ، ويسعي لإيجاد حلّ لهؤلاء المساكين ، ولكنه محاط بمساعدين قد اعتادوا على نمط معين من الحياة ،إنهم يمسكون بعجلة الكنيسة الثقيلة ولا يقبلون بتحريكها  قيد انملة . إن ما هو مطلوب هو في غاية البساطة ، ولا يحتاج الى جهد او تغيير أصلا ، وهو العودة الى الاصول ، الى كتاب ازلي يسطّر في كل صفحاته حبّ المسيح وحنانه وعفوه وغفرانه . فإذا كان الخوف من فتح باب جديد للمستغلين ، باعتقادي ليس هناك اية خشية من ذلك  لان الموضوع يخصّ أشخاصااحتفظوا بإيمانهم وغيرتهم وشوقهم للتقرب الى الاسرار ،  وهؤلاء قلّة مقارنةً بالأغلبية التي ابتعدت عن الكنيسة وأسرارها .
لقد عثرتُ على حديث بنّاءللمطران جان شارل توما ، مطران فرساي السابق الذي تناول هذا الموضوع قبل سنوات وقال :
من المؤسف ان نفضّل الجواب السهل الذي يعطيه رجل الكنيسة على تفكير يجب أن يقودَه ضميرُنا . هذا هو حال الانسان الذي يعتقد بان الجوابالصارم والقاسي ، هو اكثر ملاءمة لفكر الله . اذا أردنا ان نطبّق هذه القاعدة على مواقف المسيح ، علينا حينذاك الاعتراف بان الرحمة التي بشّر بهاجاءتتشويهاً لفكرة ابيه .
ويتابع المطران قائلا : الكنيسة الأرثوذكسية تقترح فترة توبة ، لأنها تعتقد بان الانسان ضعيف وخاطئ وليس من الممكن ان تتخلى الكنيسة عنه. انها تقترح الاتفاق على فترة تفكير  من أجل التعمق بالخطأ المرتكب ، ومن ثمّ تدعو الزوجين الى نوع من الاهتداء قبل مباركة الزواج .هذا ما اقترحتُهعلى الازواجالذين قادتهم ظروفهم الى الطلاق . لماذا لا تأخذ الكنيسة الكاثوليكية بهذا الاقتراح ؟ انه قرار الضمير وليس التجاوب مع قانون الكنيسة. مَن يعرف ، لعلنا سنرى ذلك قريباً !!.
في النهاية ، أودّ أن اقول كرجل حرّ يستند الى مراحل اللاهوت التي اجتازها ومُنطلقاً من غيرته ، وهذا رأيي الشخصي ، بانه على الكنيسة ان تنفض الكثير من غبار قد تراكم علىبعض زواياها .ربّانها الحالي رجل الله وهو يحتاج الى دماء شابة مشبّعة بالروح وبتعاليم معلمهم قبل السعي وراء الشهادات والتخصصات والالقاب والدرجات الفخرية .