أسس القانون الدولي في التعامل مع (الأقليات) و مدى مراعاتها في التفاوض حول الاست

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 16, 2017, 12:39:30 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

أسس  القانون الدولي في التعامل مع (الأقليات)
و مدى مراعاتها في التفاوض حول الاستفتاء     
   
      
برطلي . نت / متابعة


د.منى ياقو


بعد أن أكد البيان الذي صدر عقب انتهاء اجتماع الأطراف السياسية ، في 7 حزيران الجاري ، على " اجراء الاستفتاء الشعبي في 25 ايلول المقبل " ،  أود الأشارة الى وضعنا كمكون قومي – ديني أصيل في الأقليم ، و مدى الثقل الذي نشكله ، و مدى الجرأة المطلوبة في بيان رأينا الواضح الصريح ، آخذين بنظر الاعتبار مصلحة شعبنا ، بعيدا عن أية معايير جانبية ،  و ذلك من خلال  مقارنة  وضعنا منذ 1991 حين اصبحنا شركاء أساسيين في الأقليم ، و حتى اليوم .

سوف أعتمد ، على تعليق  السيد (اسبيودن ايدي ) -رئيس الفريق العامل المعني بالاقليات التابع للجنة الفرعية لتعزيز و صيانة حقوق الانسان- ، على (اعلان حقوق الاشخاص المنتمين الى اقليات قومية او اثنية و الى اقليات دينية و لغوية) ،الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1992 ،  الذي أكد ان حماية الأقليات ، ترتكز على اربعة شروط :-

1. حماية وجود المجموعات المعنية :
و المقصود من الحماية هنا ، هو حماية وجودها المادي ، الذي يتطلب أساساً الحفاظ على (الأرض ) ، و عدم أستبعاد الاقليات ماديا من الأقليم و الا تستبعد ايضا من الوصول الى الموارد الضرورية لمعيشتها .

و هنا نتسائل عن مدى أستطاعة السلطة الحفاظ على أراضينا ، و حمايتها من التجاوزات ، خلال الربع قرن المنصرم ، و عن الضمانات التي بأمكان  السلطة تقديمها لشعبنا ، و من خلال قياس حجم الأقصاء والتهميش  الذي تعرضنا له من  قبل سلطة الاقليم ، نتسائل  اذن ، عما ستؤول اليه حالة شعبنا  لو اصبح الأقليم دولة ؟

2. عدم استبعادها :
و يراد به ، الا تستبعد الأقلية  عن المجتمع الوطني ، و هذا ما أوضحته المادة 2/3 من الاعلان التي اكدت على ان " يكون للأشخاص المنتمين الى اقليات الحق في المشاركة الفعالة على الصعيد الوطني ...... في القرارات الخاصة بالأقلية التي ينتمون اليها او بالمناطق التي يعيشون فيها " ، و يبدو واضحا ، ان كلمة ( فعالة ) لم ترد هنا اعتباطا ، و ( بموجب البند 38 من تعليق السيد ايدي ) ينبغي ان يكون اشراك ممثلي الاشخاص المنتمين الى اقليات في (المراحل الاولى ) من عملية صنع القرار لأن اشراكهم في المرحلة الأخيرة يجعلهم عرضة للمساومة .

و الأهم من ذلك ان البند 41 (من التعليق ) يؤكد ان مشاركة الاقليات لا تعني عرض الحد الادنى من الحقوق فقط ، بل تقديم قائمة بأفضل الممارسات التي قد تفيد الاقليات في ايجاد حلول ملائمة للاشكاليات التي تعاني منها .

هنا نتوقف عند مصطلحين ( المشاركة الفعالة ) و ( في المراحل الاولى ) ،فمن خلال تقييم مشاركتنا نجد انها لم تكن سوى مشاركة صورية ، و لم تتوانى السلطة احيانا عن جعلها مشاركة مغيبة ، كما في حالة خلو مقعد الوزير من الكابينة الوزارية الحالية منذ آب 2014.

أما بالنسبة للمصطلح الثاني ،( في المراحل الاولى ) ، فمن خلال بعض التصريحات الرسمية لممثلي شعبنا ، في المشاركة كطرف اساس في تجربة الاستفتاء ، أتضح بأن مشاركتنا في الأستفتاء لم تكن بمستوى الطموح في مراحلها الاولى ، حيث اكدوا ان  الاطراف السياسية الكردستانية قررت المضي قدما بخطواتها و اتخذت القرارات في اجتماع يوم 7 حزيران ، دون الدخول في تفاوض مع ممثلي شعبنا، و دون الاهتمام برؤية شعبنا لهذا المشروع الستراتيجي و مطاليبه و حقوقه القومية فيه .

هذا مما يعني أن الشرط الثاني لم يتحقق .
3. عدم التمييز :
اكدت المادة 4 من الاعلان ، بأن " على الدول ، ان تتخذ ، حيثما دعت الحال ، تدابير تضمن ان يتسنى للأشخاص المنتمين الى اقليات ممارسة جميع حقوق الانسان و الحريات الاساسية الخاصة بهم ممارسة تامة و فعالة ، دون اي تمييز و في مساواة تامة امام القانون " ، و ما نلاحظه بهذا الصدد ، ان عددا من التشريعات كانت صريحة في التمييز بيننا كمكون ديني و بين غيرنا ، و سأذكر منها المادة 17 من قانون الاحوال الشخصية النافذ ، و المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية الموحدة النافذ ، هذا يعني بالتالي ان المساواة التي اقرها الدستور ، لم نشعر بها يوما ، و لم تحاول او تقتنع السلطة ان تحققها يوما ، و انها على العكس من ذلك ، تمسكت بمبررات ، أدعت انها اقوى من القانون ، و لا أود الدخول في تفاصيل ذلك .

4. عدم الأستيعاب :
و النتيجة الطبيعية لهذا الشرط تتعلق بحماية و تعزيز ظروف الهوية الجماعية للاقليات ، حيث من المعروف ، ان العديد من الصكوك الدولية الحديثة تستعمل مصطلح (الهوية ) بغية التأثير على حماية التنوع الثقافي و تعزيزه دوليا و داخليا في اطار الدول .
ان الحفاظ على الهوية الجماعية ، يتطلب التحلي بموقف ايجابي نحو التنوع الثقافي من جانب الدولة و المجتمع ، و لا يعني اطلاقا قبول الخصائص المميزة للأقليات لأن ذلك يعد تحصيل حاصل .

و (وفقا للتعليق ) فأن الأمر الحاسم لأثبات حسن نية السلطة هو السياسات التربوية المتبعة  ، وان الاخلال بذلك  يشكل انتهاكا للألتزام القاضي بحماية هوية الأقليات ، مثال ذلك ، استثناء نقل معارفها الخاصة بثقافتها و تاريخها و تقاليدها و لغاتها من التعليم الذي تتلقاه ، و بشكل يفرض التفاعل بين الاقلية و الاغلبية أي بين الاقلية و المجتمع الوطني ككل .

و خلال تجربتنا ، على مدى سنوات ، منذ مباشرة تجربة التعليم السرياني في الاقليم ، لم يتحقق ما تم الاشارة اليه ، حيث بقي التاريخ قاصرا على سرد احداث تخص الاغلبية ، و لم تتطرق المناهج يوماً الى ثقافة او عادات الاقليات ، بغية تعريف المجتمع بها ، فهل يا ترى ، سنكون قادرين على تحقيق ما عجزنا عن تحقيقه في اطار الاقليم ، حين تعلن الدولة ؟

بعد عرض الشروط الاربع ، أجد من الضروري ان اوضح ما يلي :-

1. بغية تحقيق الغايات الاربع ، التي سبق الاشارة اليها ، فأن ذلك يقضي بأتخاذ "التدابير التشريعية و التدابير الملائمة الاخرى " ، و حتى يتم ذلك ، لا بد من التشاور بين السلطة و الاقلية بشأن ما يمكن اعتباره ( تدابير ملائمة ) ، حيث ان الاقلية ، قد تكون لها احتياجات مختلفة ، وقد تكون هذه الاحتياجات غائبة عن السلطة تماما ، لذا يفترض الاستئناس و الأخذ برأي الاقلية ، لا سيما و ان (التدابير ) ، جاءت بشكل مطلق ، فهي لم تقتصر على تدابير قضائية و ادارية و تعزيزية و تربوية .

2. أستندت في كتابة المقال ، على (اعلان ) ، رغم وجود صكوك دولية أقوى من حيث توفير الحماية و فرضها عبر الزام الدولة التي صادقت على الصك و انضمت اليه ، و ذلك لم  يكن اعتباطا ، بل كان بهدف التأكيد على ان ضمان حقوق الاقليات ليس بالأمر الهامشي في قضية الاستفتاء ، فأنا أعتبر تطمين الاقليات عبر الضمانات الراسخة ، حجر الزاوية ، و أحد اهم الاركان التي يمكن ان ترتكز عليها اية دولة قائمة حديثا ، لكي تثبت للمجتمع الدولي انها دولة مكونات لا دولة قومية .


3. لم انطلق من الحديث عن وضعنا كأقلية ، من حقيقة راسخة ، وهي اننا (سكان البلاد الاصليين) ، و لسنا اقلية طارئة ، هذا مما يستدعي الوقوف على ما نملكه من استحقاقات في هذه القضية الحساسة ، من خلال اعتمادنا على الصكوك الدولية التي تحمي هذه الفئة من البشر .

أتمنى ان اكون قد وفقت في القاء الضوء ، على دور الجانب القانوني في التفاوض ، فالأستفتاء برأيي حدث سياسي بأمتياز ، لكنه لن يتحقق الا بمباركة القانون .