كتاب إيطالي جديد يعرض أحوال المسيحيين في بلدان الخليج- عزالدين عنابة

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مارس 20, 2018, 05:48:08 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

كتاب إيطالي جديد يعرض أحوال المسيحيين في بلدان الخليج- عزالدين عنابة     
   

      
برطلي . نت / متابعة

عنكاوا دوت كوم - الزمان - عزالدين عناية – روما



يُعدّ‭ ‬كتاب‭ ‬الباحث‭ ‬الإيطالي‭ ‬فرانشيسكو‭ ‬سترازاري‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬أوضاع‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وهو‭ ‬يندرج‭ ‬ضمن‭ ‬اهتمامات‭ ‬الباحث‭ ‬بالمسائل‭ ‬الأمنية‭ ‬والتعايش‭ ‬الديني‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭ ‬والمسيحيين‭. ‬فقد‭ ‬أصدر‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المؤلفات‭ ‬منها‭: ‬‮«‬صوب‭ ‬الأرجنتين‭ ‬لمعرفة‭ ‬البابا‭ ‬برغوليو‮»‬‭ ‬2013،‭ ‬و»الكنائس‭ ‬في‭ ‬أكرانيا‭ ‬والقوقاز‭ ‬بعد‭ ‬1989‮»‬‭ ‬2011،‭ ‬و»المسيحيون‭ ‬بين‭ ‬الأصولية‭ ‬والحرب‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين‮»‬‭ ‬2010‭. ‬والكتاب‭ ‬المخصص‭ ‬لشؤون‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬يأتي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬ضمن‭ ‬مناخ‭ ‬يسود‭ ‬فيه‭ ‬تخوّف‭ ‬على‭ ‬مصائر‭ ‬الأقليات‭ ‬المسيحية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬الأكثرية‭ ‬المسلمة‭. ‬ولذلك‭ ‬وجب‭ ‬التنبه‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬المسيحية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬ضمن‭ ‬منطق‭ ‬مغاير،‭ ‬بوصفها‭ ‬مسيحية‭ ‬مهاجرة‭ ‬عابرة‭ ‬ووافدة‭ ‬وليست‭ ‬مسيحية‭ ‬أصيلة،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تُحشَر‭ ‬ضمن‭ ‬منطق‭ ‬الأكثرية‭ ‬والأقلية‭.‬

يستهلّ‭ ‬الباحث‭ ‬بحثه‭ ‬بتقديم‭ ‬عام‭ ‬بقلم‭ ‬جورج‭ ‬إميل‭ ‬عيراني‭ ‬الأستاذ‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬يستعرض‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬الخاصيات‭ ‬التاريخية‭ ‬والسياسية‭ ‬لمجمل‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج،‭ ‬مبرزا‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الجيدة‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬جذب‭ ‬المسيحيين‭ ‬وغيرهم‭ ‬نحو‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭. ‬إذ‭ ‬يفوق‭ ‬عدد‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج‭ ‬15‭ ‬مليونا،‭ ‬وتبلغ‭ ‬نِسبهم‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬والإمارات‭ ‬مثلا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثمانين‭ ‬بالمئة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تتنازل‭ ‬في‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬والعربية‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬قرابة‭ ‬ثلاثين‭ ‬بالمئة‭. ‬يتناول‭ ‬عيراني‭ ‬في‭ ‬تقديمه‭ ‬الخصوصيات‭ ‬الدينية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬المحافظة‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬فضلا‭ ‬عمّا‭ ‬يشهده‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬متمثّلة‭ ‬في‭ ‬تسرّب‭ ‬التشدد‭ ‬الديني،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬التهديدات‭ ‬والمطامع‭ ‬الخارجية،‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭ ‬محطّ‭ ‬أنظار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭.‬

ينطلق‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬بحثه‭ ‬بحديث‭ ‬عام‭ ‬عن‭ ‬الجذور‭ ‬التاريخية‭ ‬للمسيحية‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬العرب،‭ ‬كون‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬يعود‭ ‬تاريخه‭ ‬إلى‭ ‬عهود‭ ‬سابقة‭ ‬لظهور‭ ‬الإسلام‭. ‬ليتتبّع‭ ‬تلك‭ ‬الجذور‭ ‬منطلقا‭ ‬من‭ ‬النص‭ ‬الوارد‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬بولس‭ ‬‮«‬بل‭ ‬انطلقتُ‭ ‬إلى‭ ‬بلاد‭ ‬العرب‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬رجعتُ‭ ‬إلى‭ ‬دمشق‮»‬‭ (‬الرسالة‭ ‬إلى‭ ‬مؤمني‭ ‬غلاطية1‭: ‬17‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يلمح‭ ‬فيه‭ ‬لخُلوته‭ ‬الروحية‭ ‬التي‭ ‬يُرجَّح‭ ‬حصولها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الأنباط،‭ ‬تحديدا‭ ‬في‭ ‬البتراء‭. ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬المسيحية‭ ‬قد‭ ‬شهدت‭ ‬فتنة‭ ‬عقدية‭ ‬مبكرة‭ ‬حول‭ ‬شخص‭ ‬المسيح،‭ ‬بين‭ ‬الموحِّدين‭ ‬وأنصار‭ ‬الطبيعة‭ ‬الواحدة‭ ‬للمسيح،‭ ‬البشرية‭ ‬والإلهية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬جنوب‭ ‬الجزيرة‭ ‬فضاء‭ ‬خصبا‭ ‬لانتشار‭ ‬الأريوسية‭ ‬الموحّدة،‭ ‬النافية‭ ‬لأي‭ ‬بُعد‭ ‬إلهي‭ ‬في‭ ‬شخص‭ ‬المسيح‭. ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬يُرجِع‭ ‬الباحث‭ ‬عدم‭ ‬تجذّر‭ ‬المسيحية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البقاع‭ ‬إلى‭ ‬طابع‭ ‬الترحال‭ ‬المهيمن،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬عداء‭ ‬يهود‭ ‬الجزيرة‭ ‬المستحكم‭ ‬للمسيحيين،‭ ‬وما‭ ‬خاضه‭ ‬ذو‭ ‬النواس‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬اليمن‭ ‬من‭ ‬سعي‭ ‬حثيث‭ ‬لاجتثاث‭ ‬أتباع‭ ‬دين‭ ‬المسيح‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭. ‬وبرغم‭ ‬الأوضاع‭ ‬العسيرة‭ ‬التي‭ ‬أَلمّت‭ ‬بالمسيحية‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬العرب،‭ ‬والتي‭ ‬روى‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬حدتها‭ ‬في‭ ‬‮«‬سورة‭ ‬البروج‮»‬‭ ‬تواصَلَ‭ ‬حضور‭ ‬أتباع‭ ‬المسيح‭ ‬حتى‭ ‬فجر‭ ‬الإسلام،‭ ‬في‭ ‬مكة‭ ‬وتيماء‭ ‬ووادي‭ ‬القرى‭ ‬والمدينة‭. ‬ويذهب‭ ‬سترازاري‭ ‬إلى‭ ‬تواجد‭ ‬تواشج‭ ‬عميق‭ ‬بين‭ ‬الروحانية‭ ‬الإسلامية‭ ‬والرهبنة‭ ‬المسيحية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أشكال‭ ‬التعبد‭ ‬والتقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬نصوص‭ ‬التلاوة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬أو‭ ‬المزامير،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬خلّف‭ ‬تقاربا‭ ‬بين‭ ‬التصوف‭ ‬الإسلامي‭ ‬والنسك‭ ‬المسيحي‭.‬

بعد‭ ‬ذلك‭ ‬التمهيد‭ ‬التاريخي‭ ‬للمسيحية‭ ‬في‭ ‬الجزيرة،‭ ‬يتناول‭ ‬الكاتب‭ ‬الحضور‭ ‬المسيحي‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الحديثة‭ ‬مع‭ ‬تشكل‭ ‬نواتات‭ ‬الوافدين‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬حول‭ ‬ميناء‭ ‬جدة‭. ‬حيث‭ ‬أُنشئت‭ ‬نيابة‭ ‬بابوية‭ ‬ترعى‭ ‬شؤون‭ ‬الجالية‭ ‬برئاسة‭ ‬أنطونيو‭ ‬بوناجونتا‭ ‬فوغي‭ ‬الإسباني‭ ‬والمكلَّف‭ ‬من‭ ‬‮«‬بروباغندا‭ ‬فيد‮»‬،‭ ‬الأمانة‭ ‬الراعية‭ ‬لشؤون‭ ‬التبشير‭ ‬في‭ ‬حاضرة‭ ‬الفاتيكان‭. ‬لتغادر‭ ‬تلك‭ ‬الهيئة‭ ‬جدة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬لاحقة‭ ‬باتجاه‭ ‬عدن‭. ‬وفي‭ ‬28‭ ‬يونيو‭ ‬1889‭ ‬حين‭ ‬تشكّلت‭ ‬النيابة‭ ‬الرسولية‭ ‬للجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬كانت‭ ‬تضمّ‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬اليوم‭ ‬بالكويت‭ ‬واليمن‭ ‬والعربية‭ ‬السعودية‭ ‬والبحرين‭ ‬وقطر‭ ‬وعمان‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬وقد‭ ‬تولى‭ ‬مهامها‭ ‬الكابوتشيون،‭ ‬أُتبِع‭ ‬ذلك‭ ‬بتدشين‭ ‬أول‭ ‬كنيسة‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬سنة‭ ‬1939،‭ ‬ليتسارع‭ ‬حضور‭ ‬المسيحيين‭ ‬مع‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬بتطور‭ ‬الصناعة‭ ‬البترولية‭. ‬ونظرا‭ ‬للتطورات‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬المسيحيين‭ ‬الوافدين‭ ‬على‭ ‬المنطقة،‭ ‬تم‭ ‬تقسيم‭ ‬النيابة‭ ‬الرسولية‭ ‬للجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬فرعين،‭ ‬أحدهما‭ ‬شمل‭ ‬البحرين‭ ‬والكويت‭ ‬وقطر‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والآخر‭ ‬ضمّ‭ ‬جنوب‭ ‬الجزيرة‭ ‬وعمان‭ ‬والإمارات‭ ‬واليمن‭.‬

في‭ ‬القسم‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬يتحوّل‭ ‬الباحث‭ ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬أوضاع‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬الراهن،‭ ‬مستهلا‭ ‬حديثه‭ ‬بالعربية‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬المسيحيين‭ ‬فيها،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يورده،‭ ‬مليونا‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬جميعهم‭ ‬من‭ ‬الوافدين،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬ضمنهم‭ ‬رسميا‭ ‬مسيحيون‭ ‬سعوديون‭. ‬كما‭ ‬يبيّن‭ ‬سترازاري‭ ‬أن‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬لا‭ ‬تربطها‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬بحاضرة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تجمعها‭ ‬اتصالات‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭. ‬مبرزا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يَحُول‭ ‬دون‭ ‬إرساء‭ ‬علاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬المسيحي‭ ‬بحرية‭ ‬العبادة‭ ‬وتشييد‭ ‬دُور‭ ‬خاصة‭ ‬للعبادة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الإلحاح‭ ‬الدائم‭ ‬للسماح‭ ‬بأنشطة‭ ‬اجتماعية‭ ‬تابعة‭ ‬للكنيسة‭.‬

سلطنة‭ ‬عمان

بعد‭ ‬تقديم‭ ‬تاريخي‭ ‬واجتماعي‭ ‬للسلطنة،‭ ‬يتناول‭ ‬الكاتب‭ ‬المسيحية‭ ‬عبر‭ ‬تاريخ‭ ‬عمان‭ ‬الحديث‭ ‬منطلقا‭ ‬من‭ ‬الغزو‭ ‬البرتغالي‭ ‬سنة‭ ‬1508‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ترافق‭ ‬بإصرار‭ ‬من‭ ‬الأهالي‭ ‬لتحرير‭ ‬بلدهم‭ ‬من‭ ‬الغزاة‭ ‬الأجانب‭ ‬الذين‭ ‬خلّفوا‭ ‬وراءهم‭ ‬بعض‭ ‬الآثار‭ ‬الدينية‭ ‬مثل‭ ‬الكنيسة‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬قلعة‭ ‬الميراني‭. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تحولت‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬محمية‭ ‬بريطانية‭ ‬سنة‭ ‬1891‭ ‬نالت‭ ‬استقلالها‭ ‬سنة‭ ‬1971‭. ‬يورد‭ ‬الباحث‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬المسيحيين‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬أديان‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬السلطنة‭ ‬تبلغ‭ ‬خمسة‭ ‬بالمئة‭. ‬ويذكر‭ ‬أن‭ ‬تاريخ‭ ‬الكاثوليك‭ ‬في‭ ‬السلطنة‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬حين‭ ‬ناشد‭ ‬جمعٌ‭ ‬من‭ ‬الكهان‭ ‬في‭ ‬عمان‭ ‬القنصل‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬مسقط‭ ‬لمساعدتهم‭ ‬لفتح‭ ‬بيت‭ ‬للرعاية‭. ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬بقي‭ ‬عدد‭ ‬المسيحيين‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬العام‭ ‬1976‭ ‬محدودا،‭ ‬تاريخ‭ ‬شروع‭ ‬الكابوتشي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الكاهن‭ ‬بارث‭ ‬كيستل‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬كنيسة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬روي،‭ ‬بعد‭ ‬نيل‭ ‬ترخيص‭ ‬من‭ ‬السلطان‭ ‬قابوس‭. ‬ومع‭ ‬تطور‭ ‬الصناعة‭ ‬البترولية‭ ‬في‭ ‬السلطنة‭ ‬وتنامي‭ ‬أعداد‭ ‬المسيحيين‭ ‬طلب‭ ‬المونسنيور‭ ‬غريمولي‭ ‬من‭ ‬السلطان‭ ‬السماح‭ ‬له‭ ‬بإنشاء‭ ‬‮«‬بيت‭ ‬للصلاة‮»‬،‭ ‬وتم‭ ‬تدشين‭ ‬الكنيسة‭ ‬سنة‭ ‬1981‭. ‬يذكُر‭ ‬الباحث‭ ‬تعذّر‭ ‬التآلف‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬المذاهب‭ ‬المسيحية،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬كنيسة‭ ‬خاصة‭ ‬بالكاثوليك‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬1984‭. ‬ومع‭ ‬تزايد‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬وتعدد‭ ‬المطالبات‭ ‬بتوفير‭ ‬أماكن‭ ‬خاصة‭ ‬للعبادة‭ ‬سمحت‭ ‬السلطنة‭ ‬بكنيستين‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬بوشار‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬غلا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إقامة‭ ‬للرهبان،‭ ‬وتم‭ ‬تدشين‭ ‬المقر‭ ‬سنة‭ ‬1987‭ ‬بحضور‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف‭ ‬مسيحي‭. ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬عام‭ ‬تبلغ‭ ‬أعداد‭ ‬الكاثوليك‭ ‬في‭ ‬السلطنة‭ ‬زهاء‭ ‬ثمانين‭ ‬ألفا،‭ ‬تسهر‭ ‬عليهم‭ ‬أربع‭ ‬أبرشيات،‭ ‬اثنتان‭ ‬في‭ ‬مسقط‭ (‬روي‭ ‬وغلا‭) ‬وثالثة‭ ‬في‭ ‬صحار‭ ‬ورابعة‭ ‬في‭ ‬صلالة،‭ ‬يتولى‭ ‬تسييرها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬تسعة‭ ‬كهنة‭. ‬حيث‭ ‬يتمتع‭ ‬المسيحيون‭ ‬بحرية‭ ‬تامة‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬العبادة‭ ‬الممنوحة‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬الدولة‭. ‬وأما‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إسداء‭ ‬الخدمات‭ ‬فهي‭ ‬خاضعة‭ ‬لترخيص‭ ‬تمنحه‭ ‬الدولة‭. ‬يذكر‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬العموم‭ ‬طيبة‭ ‬ويقدِّر‭ ‬أن‭ ‬نسج‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬الكرسي‭ ‬الرسولي‭ ‬هو‭ ‬مسألة‭ ‬وقت‭.‬

البحرين‭:‬

كان‭ ‬يقطن‭ ‬خلال‭ ‬ثلاثينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬قرابة‭ ‬500‭ ‬كاثوليكي‭ ‬يشملهم‭ ‬بالرعاية‭ ‬في‭ ‬ثلاث‭ ‬مناسبات‭ ‬سنوية‭ ‬كاهن‭ ‬كرملي‭ ‬يأتي‭ ‬للغرض‭ ‬من‭ ‬بغداد‭. ‬وقد‭ ‬أُنشئت‭ ‬أول‭ ‬كنيسة‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬سنة‭ ‬1940،‭ ‬لحقها‭ ‬تأسيس‭ ‬مدرسة‭ ‬سنة‭ ‬1953‭ ‬بموجب‭ ‬تكاثر‭ ‬أبناء‭ ‬الأسر‭ ‬الوافدة،‭ ‬تتولّى‭ ‬الإشراف‭ ‬عليها‭ ‬راهبات‭ ‬التنظيم‭ ‬الكومبوني‭. ‬وفي‭ ‬الحقبة‭ ‬المعاصرة‭ ‬شهدت‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬حاضرة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬تطورا‭ ‬ملحوظا‭ ‬حيث‭ ‬استُقبل‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬البابا‭ ‬بندكتوس‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬في‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬2009‭. ‬ووفق‭ ‬ما‭ ‬يورده‭ ‬الباحث‭ ‬تبلغ‭ ‬نسبة‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬عشرة‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬المجموع‭ ‬العام‭ ‬للسكان،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬مئة‭ ‬ألف‭ ‬مسيحي‭ ‬أغلبهم‭ ‬من‭ ‬الفيلبين‭. ‬وتنتصب‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬البحرينية‭ ‬كنيسة‭ ‬كبرى‭ ‬يسهر‭ ‬عليها‭ ‬ستة‭ ‬كهنة‭ ‬من‭ ‬الكابوتشيين‭. ‬كما‭ ‬توجد‭ ‬كنيسة‭ ‬أخرى‭ ‬يؤمها‭ ‬قرابة‭ ‬الألف‭ ‬كاثوليكي‭ ‬في‭ ‬عوالي‭ ‬يسهر‭ ‬عليها‭ ‬كاهن‭ ‬مقيم،‭ ‬وثمة‭ ‬توجّهٌ‭ ‬لتحويل‭ ‬كنيسة‭ ‬عوالي‭ ‬إلى‭ ‬كاتدرائية‭ ‬كبرى‭ ‬للنيابة‭ ‬الرسولية‭ ‬لشمال‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية،‭ ‬وقد‭ ‬حظي‭ ‬ذلك‭ ‬بتزكية‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭.‬

دولة‭ ‬الكويت‭:‬

تبلغ‭ ‬نسبة‭ ‬أعداد‭ ‬الكاثوليك‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬تسعة‭ ‬بالمئة،‭ ‬ويمثّل‭ ‬الأجانب‭ ‬تقريبا‭ ‬نصف‭ ‬سكان‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬ضمنهم‭ ‬12‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬المسيحيين،‭ ‬يتوزعون‭ ‬بين‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكنائس،‭ ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬الكاثوليك‭ ‬الأكثر‭ ‬عددا،‭ ‬حيث‭ ‬يبلغ‭ ‬عددهم‭ ‬350‭ ‬ألفا‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬المذاهب،‭ ‬اللاتين‭ ‬والموارنة‭ ‬والأقباط‭ ‬والأرمن‭ ‬والسريان‭ ‬والكلدان‭. ‬وتمثّل‭ ‬الكتلة‭ ‬التابعة‭ ‬للطقس‭ ‬اللاتيني‭ ‬القسم‭ ‬الأهمّ،‭ ‬وهي‭ ‬متأتية‭ ‬من‭ ‬الهند‭ ‬والفيلبين‭ ‬والبلدان‭ ‬العربية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أعداد‭ ‬قليلة‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬والبلدان‭ ‬الآسيوية‭. ‬وعلى‭ ‬العموم‭ ‬يمثّل‭ ‬المسيحيون‭ ‬فسيفساء‭ ‬متنوعا‭ ‬يتوزعون‭ ‬بين‭ ‬بلدان‭ ‬عدة‭ ‬ويتكلمون‭ ‬لغات‭ ‬شتى،‭ ‬وقد‭ ‬خلّف‭ ‬ذلك‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬طقسي‭ ‬وتنسيقي،‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬التوتر‭ ‬الحاصل‭ ‬بين‭ ‬تجمعات‭ ‬البروتستانت‭ ‬والكاثوليك،‭ ‬التي‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يسعى‭ ‬القائمون‭ ‬لتطويقها‭.‬

في‭ ‬مجال‭ ‬التسيير‭ ‬يشرف‭ ‬آباء‭ ‬سيدة‭ ‬الكرمل‭ ‬على‭ ‬النيابة‭ ‬الرسولية‭ ‬منذ‭ ‬1953،‭ ‬تصحبهم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬تنظيمات‭ ‬كنسية‭ ‬أخرى‭. ‬كما‭ ‬نجد‭ ‬تجمّعات‭ ‬للراهبات‭ ‬وافدة‭ ‬من‭ ‬الأردن‭ ‬ولبنان‭ ‬تشرف‭ ‬على‭ ‬مدرسة‭ ‬فجر‭ ‬الصباح،‭ ‬وتشرف‭ ‬راهبات‭ ‬الكرمل‭ ‬من‭ ‬الهند‭ ‬على‭ ‬مدرسة‭ ‬الكرمل،‭ ‬كما‭ ‬يدير‭ ‬الآباء‭ ‬السالزيان‭ ‬المدرسة‭ ‬الأكاديمية‭.‬

خلال‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬تطوّرت‭ ‬أعداد‭ ‬الكاثوليك‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬إلى‭ ‬350‭ ‬ألفا،‭ ‬ما‭ ‬انعكست‭ ‬آثاره‭ ‬على‭ ‬مداولات‭ ‬البرلمان‭ ‬بشأن‭ ‬السماح‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬لتوسيع‭ ‬الكنائس‭ ‬الحالية‭ ‬وذلك‭ ‬جراء‭ ‬تخوّفات‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬التبشير،‭ ‬كما‭ ‬ثمة‭ ‬خشية‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬المسيحي‭ ‬لانتهاء‭ ‬العقد‭ ‬المتعلق‭ ‬بالكاتدرائية‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2016،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬العويصة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الكنيسة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج‭ ‬كونها‭ ‬كنيسة‭ ‬عابرة‭ ‬ومؤقتة‭. ‬يُذكر‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬تربطها‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬بحاضرة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1968‭.‬

قطر

تُقدَّر‭ ‬نسبة‭ ‬المسيحيين‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬بتسعة‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬الوافدين‭ ‬العام‭. ‬ويعطي‭ ‬مؤلف‭ ‬الكتاب‭ ‬صورة‭ ‬قاتمة‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬الاجتماعي‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬كون‭ ‬النهج‭ ‬العام‭ ‬يطغى‭ ‬عليه‭ ‬الطابع‭ ‬الوهابي،‭ ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬يمنع‭ ‬التمييز‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬ديني‭ ‬فهو‭ ‬يحظر‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬التبشير‭. ‬خلال‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬المسيحيين‭ ‬ستة‭ ‬آلاف،‭ ‬وفدوا‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬شتى‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬الهند،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬تبلغ‭ ‬أعدادهم‭ ‬400‭ ‬ألف،‭ ‬من‭ ‬ضمنهم‭ ‬ربع‭ ‬مليون‭ ‬كاثوليكي‭ ‬على‭ ‬رأسهم‭ ‬ثمانية‭ ‬كهان‭ ‬يتولون‭ ‬شؤون‭ ‬الرعية‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭. ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2008‭ ‬أمرَ‭ ‬الأمير‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬خليفة‭ ‬بإنشاء‭ ‬موضع‭ ‬مخصص‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬مركب‭ ‬الأديان‮»‬‭ ‬يشمل‭ ‬المسيحيين،‭ ‬وتطورت‭ ‬الأمور‭ ‬بسماح‭ ‬قطر‭ ‬بحضور‭ ‬جماعة‭ ‬من‭ ‬الرهبان‭ ‬يسهرون‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬الجالية،‭ ‬حيث‭ ‬يقام‭ ‬في‭ ‬الكنيسة‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭ ‬الجمعة‭ ‬والسبت‭ ‬والأحد‭ ‬زهاء‭ ‬أحد‭ ‬عشر‭ ‬قدّاسا‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الواحد‭ ‬بلغات‭ ‬مختلفة‭ ‬يشارك‭ ‬فيها‭ ‬بين‭ ‬عشرين‭ ‬ألفا‭ ‬و‭ ‬ثلاثين‭ ‬ألف‭ ‬مسيحي،‭ ‬كما‭ ‬تنعم‭ ‬الجالية‭ ‬بجملة‭ ‬من‭ ‬المركبات‭ ‬تسدي‭ ‬خدمات‭ ‬للكنيسة‭ ‬تغطي‭ ‬مختلف‭ ‬الحاجات‭ ‬الأسرية‭ ‬والتربوية‭ ‬والتعليمية‭. ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬ثمة‭ ‬مركزان‭ ‬آخران‭ ‬في‭ ‬الخور‭ ‬ودخان،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬تربطها‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬بحاضرة‭ ‬الفاتيكان‭.‬

اليمن

يناهز‭ ‬عدد‭ ‬الكاثوليك‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬أربعة‭ ‬آلاف،‭ ‬تسهر‭ ‬على‭ ‬شؤونهم‭ ‬أربع‭ ‬أبرشيات‭ ‬في‭ ‬صنعاء‭ ‬وعدن‭ ‬وتعز‭ ‬وحديدة،‭ ‬كما‭ ‬توجد‭ ‬دورٌ‭ ‬للرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬أيضا‭ ‬أنشِئت‭ ‬منذ‭ ‬1973‭. ‬وقد‭ ‬تمت‭ ‬مصادرة‭ ‬أماكن‭ ‬الرعاية‭ ‬والمدارس‭ ‬أثناء‭ ‬حكم‭ ‬الشيوعيين،‭ ‬وبعد‭ ‬مقتل‭ ‬ثلاث‭ ‬راهبات‭ ‬في‭ ‬الحديدة‭ ‬سنة‭ ‬1998‭ ‬أُحيطت‭ ‬أديرة‭ ‬الراهبات‭ ‬بحراسة‭ ‬مشددة‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬السلطات‭ ‬الرسمية‭.‬

الإمارات‭ ‬العربية

خلال‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬حين‭ ‬غدت‭ ‬أبوظبي‭ ‬عاصمة‭ ‬البلاد‭ ‬سمحت‭ ‬السلطات‭ ‬بإنشاء‭ ‬كنيسة‭ ‬ومدرسة‭ ‬وبيت‭ ‬إقامة‭ ‬لرجال‭ ‬الدين‭. ‬ومع‭ ‬إخلاء‭ ‬عدن‭ ‬من‭ ‬النشاط‭ ‬المسيحي‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬1974‭ ‬تحول‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬إلى‭ ‬أبوظبي‭ ‬لتغدو‭ ‬مقرا‭ ‬للنيابة‭ ‬الرسولية‭. ‬في‭ ‬فترة‭ ‬لاحقة‭ ‬وُضِع‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬لأول‭ ‬كاتدرائية‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬1981‭ ‬وتم‭ ‬تدشينها‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬1983‭ ‬بحضور‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬الدينية‭ ‬والسياسية‭. ‬وفي‭ ‬دبي‭ ‬جرى‭ ‬الترخيص‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬الستينيات‭ ‬لإنشاء‭ ‬كنيستين‭ ‬أُتبعت‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬الدينية‭ ‬تتوزع‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الطقوس‭. ‬وفي‭ ‬الشارقة‭ ‬أيضا‭ ‬بعد‭ ‬تشكّل‭ ‬جالية‭ ‬مسيحية‭ ‬تم‭ ‬السماح‭ ‬بإنشاء‭ ‬كنيسة‭ ‬يتقاسمها‭ ‬الكاثوليك‭ ‬والبروتستانت‭ ‬ليجري‭ ‬تغيير‭ ‬مقرها‭ ‬نحو‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭. ‬كذلك‭ ‬أُنشئت‭ ‬كنيسة‭ ‬في‭ ‬إمارة‭ ‬العين‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1969‭ ‬جرى‭ ‬توسيعها‭ ‬مع‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬1981‭. ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬يناهز‭ ‬عدد‭ ‬الكاثوليك‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬المليون‭ ‬نسمة،‭ ‬حيث‭ ‬تتواجد‭ ‬سبع‭ ‬أبرشيات‭ ‬يسهر‭ ‬عليها‭ ‬32‭ ‬كاهنا‭ ‬يرأسهم‭ ‬أسقف‭. ‬ومنذ‭ ‬إرساء‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬حاضرة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬سنة‭ ‬2007‭ ‬تطورت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخدمات،‭ ‬حيث‭ ‬نجد‭ ‬سبع‭ ‬مدارس‭ ‬يديرها‭ ‬كاثوليك‭ ‬يرعون‭ ‬17‭ ‬ألف‭ ‬طالب‭ ‬وطالبة‭ ‬من‭ ‬التحضيري‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الجامعة،‭ ‬كما‭ ‬سمحت‭ ‬السلطات‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬2011‭ ‬بإنشاء‭ ‬كنيستين‭ ‬جديدتين‭.‬

ووفق‭ ‬تقديرات‭ ‬عامة‭ ‬يتواجد‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬زهاء‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬مسيحي‭ ‬كاثوليكي،‭ ‬من‭ ‬ضمنهم‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬طفل‭ ‬يتمتعون‭ ‬برعاية‭ ‬تربوية‭ ‬ودراسية‭ ‬مسيحية‭ ‬يسهر‭ ‬على‭ ‬شؤونهم‭ ‬90‭ ‬رجل‭ ‬دين‭. ‬والجلي‭ ‬في‭ ‬الكنيسة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬أنها‭ ‬تتشكّل‭ ‬من‭ ‬مهاجرين،‭ ‬نصفهم‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬تسعى‭ ‬حاضرة‭ ‬الفاتيكان‭ ‬إلى‭ ‬كسب‭ ‬الجميع‭ ‬إلى‭ ‬صفها،‭ ‬سعيا‭ ‬لتثبيت‭ ‬قدم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البقاع‭ ‬والتأثير‭ ‬من‭ ‬خلالهم،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬تبني‭ ‬مطالبهم‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يملي‭ ‬على‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج‭ ‬ضرورة‭ ‬إرساء‭ ‬سياسة‭ ‬هجرة‭ ‬مشتركة‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬التحديات‭ ‬المطروحة‭. ‬فالفاتيكان‭ ‬يلحّ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬إعلامه‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬مراعاة‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية‭ ‬مصطلح‭ ‬فضفاض‭ ‬تتغير‭ ‬دلالته‭ ‬بتغير‭ ‬الأنظمة‭ ‬الاجتماعية‭. ‬فالحرية‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬تتغير‭ ‬دلالتها‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬وليست‭ ‬الحرية‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬مثل‭ ‬نظيرتها‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬التي‭ ‬تنعدم‭ ‬فيها‭ ‬هيئة‭ ‬دينية‭ ‬مهيمنة‭ ‬ناطقة‭ ‬باسم‭ ‬الدين‭.‬

لعل‭ ‬من‭ ‬المآخذ‭ ‬الجلية‭ ‬على‭ ‬الكاتب‭ ‬أنه‭ ‬يبتعد‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬فصول‭ ‬كتابه‭ ‬عن‭ ‬موضوعه‭ ‬الأساسي‭ ‬المتعلق‭ ‬بتتبع‭ ‬أوضاع‭ ‬المسيحيين،‭ ‬ليتحول‭ ‬إلى‭ ‬تنديد‭ ‬بأوضاع‭ ‬المهاجرين‭ ‬ونظام‭ ‬الكفيل‭. ‬يقول‭ ‬مثلا‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬المسار‭ ‬الطويل‭ ‬والشاق‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬صفحة‭: ‬60‭ ‬‮«‬ثمة‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المسيحيين‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عبودية‭ ‬بدون‭ ‬أية‭ ‬حقوق‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬افتراء‭ ‬بدون‭ ‬دعامات‭.‬

الكتاب‭: ‬المسيحيون‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج‭.‬

المؤلّف‭: ‬فرانشيسكو‭ ‬سترازاري‭.‬

الناشر‭: ‬منشورات‭ ‬ديهونيان‭ (‬بولونيا‭-‬إيطاليا‭) ‬‮«‬باللغة‭ ‬الإيطالية‮»‬‭.‬