فضائل الديكتاتورية.. رذائل الديمقراطية

بدء بواسطة matoka, يناير 02, 2012, 05:13:50 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

فضائل الديكتاتورية.. رذائل الديمقراطية


(صوت العراق)
بقلم: نبيل ياسين - 02-01-2012

اليوم سنة جديدة. أريد أن أخالف القرضاوي وشيوخ السلفية وأهنئ المسلمين والمسيحيين والعالم كله بمن فيهم الليبيين الذين غير القذافي أشهرهم وسنتهم، بعيد رأس السنة الميلادية. الأسباب كثيرة، فأولا أن التاريخ الميلادي هو التاريخ الذي تكتب به أعمارنا وسنوات ولاداتنا وتواريخ شهاداتنا ودراساتنا وصحفنا ومراسيمنا الملكية والأميرية والجمهورية ونتعامل بواسطته مع العالم في التجارة والنفط والميزانيات والسفر وغير ذلك. فلماذا لا نهنئ الناس بعامهم الجديد الذي يؤرخ حياتهم وأيامهم وأشهرهم وسنواتهم؟
وثانيا: إذا كان القرضاوي وشيوخ السلفية لا يطيق بعضهم البعض ويتعارض شيوخ السعودية وشيوخ قطر في فتاواهم ويفتون بقتل أبناء دينهم فكيف نأمل منهم أن يسمحوا لنا بتهنئة المسيحيين (النصارى الكفار) كما يرد في فتاواهم؟
إننا معنيون في أن نحصن حياتنا ويومياتنا وعقولنا وأفكارنا ومشاعرنا من هجمة التخلف والعنف والكراهية باسم الإسلام وباسم حق رجال الدين في رسم معالم الدخول إلى الدكان والحمام وغرفة النوم وقاعة الاحتفال والتدخل في أكلنا وشربنا ومشينا وشعورنا حسب كثير من العقد والأفكار النفسية التي تكره الآخر وتحكم عليه في آخر الأمر فيما إذا كان يذهب إلى الجحيم أو الجنة.

112 مليار دولار بدون صحة وبدون زراعة

وإذا كنا نؤرخ ميزانياتنا بالتاريخ الميلادي فان موازنة العراق لعام 2012 ستبلغ 112 مليار دولار بزيادة %36 عن موازنة عام 2011 ولكن بعجز قدره 20 مليار دولار وانه قد تم تخصيص مبلغ 17 مليار دولار للأمن والتسليح.
الموازنة تتضمن: تخصيص مبلغ (20) تريليون دينار لتعزيز الأمن والاستقرار وبناء القُدرات العسكرية و الأمنية..
ومبلغ (11) تريليون دينار عن نفقات التعويضات والديون
ومبلغ (15) تريليون دينار نفقات دعم الشرائح الاجتماعية
ومبلغ (4،3) تريليون دينار نفقات دعم الشركات العامة والهيئات الممولة ذاتيا.
وأوضح انه تم تخصيص مبلغ (570) مليار دينار للقطاع الزراعي.
ومبلغ (5) تريليون دينار للقطاع الصناعي والطاقة
ومبلغ (269) مليار دينار لقطاع النقل والمواصلات
ومبلغ (10،5) تريليون لقطاع التربية والتعليم.
كما خصص مبلغ (4،3) تريليون دينار لإعمار وتنمية مشاريع الأقاليم والمحافظات.
ومبلغ (1،6) تريليون للمشاريع المُتعلقة بالبترودولار للمحافظات المُنتجة للنفط.
وتدوير المبالغ التي لم يتم صرفها عام 2011.
وقد قام فريق اقتصادي أو سياسي عبقري بربط العراق بشروط صندوق النقد الدولي المهلكة والفاسدة، فصندوق النقد هذا أطاح بحكومات وقوض أمما وشعوبا وعوم عملات وطنية ونشر التضخم والفساد ودعم الدكتاتوريات الفاسدة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ولا اعرف من الذي ألقى عراقنا الغني والذي يدور مبالغ الميزانيات السابقة التي ظلت بلا صرف وظلت طريقها إلى خدمة المواطنين في أحضان صندوق النقد الذي اعترض على تخصيص أموال كبيرة لقطاع الطاقة دون تنفيذ مشاريع استثمارية.
ويعترض صندوق النقد الدولي أيضا على آلية توزيع الأموال على الوزارات والمجالس المحلية، ولعله يعترض في الأعوام القادمة على تخصيص مبالغ لرعاية الأرامل والأيتام، فالشغل السياسي والتدخل في الشؤون الداخلية هو شغل صندوق الدولي.
السؤال هو: هل كنا بحاجة إلى مليارين أو عشرة مليارات من صندوق النقد الدولي؟ اقتصاديا لا بالتأكيد، ولكن المعنى سياسي بحث. والله يستر من الميزانيات القادمة. فصندوق النقد لم يعترض على الفساد ولا على الهدر الكبير لأموال في تخصيصات اقل ما يقال عنها أن بعضها وهمي وبعضها الآخر غير مجد وكثير آخر شخصي أو حزبي. تعالوا نناقش بعض التفاصيل:
هناك غياب واضح لتخصيصات الصحة والأمومة والطفل والشيخوخة.فـ11 مليار دولار للتعويضات أخذت معها صحة العراقيين، ومبلغ 15 تريليون دينار أخذت معها الطفولة والشيخوخة والأمومة. فمصطلح الشرائح الاجتماعية ليس من مصطلحات الموازنات السنوية. فمن هم المقصودون بالشرائح الاجتماعية وكيف ستنفق التخصيصات لهم؟ هل تنفق على شكل (مكرمات) أو شكل(منح) أو رواتب أو مشاريع أو قوانين أو تكريس فساد مالي جديد وعميق. هل ستبنى وحدات سكنية؟ في هذه الحالة لماذا لا تضاف إلى تخصيصات وزارة الإسكان؟ هل تبنى بها مستشفيات؟ في هذه الحالة لماذا لا تضاف إلى تخصيصات وزارة الصحة التي لم تذكر في الميزانية؟ وتصوروا بلدا خربت مواصلاته، فلا طائرات ولا قطارات ولا مترو أنفاق ولا نقل عام يخصص لقطاع النقل والمواصلات 269 مليار دينار وهو الوحيد الذي لم يصل التريليون، هو والقطاع الزراعي الأهم في العراق، والذي صار يفقد تمن الشامية وغماس، وحنطة سهوب وروابي الموصل وأربيل، وتمر البصرة، وبرتقال بعقوبة، وبطيخ سامراء، وكوجة كربلاء ورمان جلولاء، وتين سنجار، بينما يخصص مبلغ 5 تريليون دينار للقطاع الصناعي وهو قطاع ثانوي في العراق في ظل الاستيرادات الفاحشة لكل الصناعات الصغيرة والكبيرة سواء من الصين أو من بلاد الواق واق، أي اليابان، حتى أصبح العراق مقبرة لسكراب الصناعة الصينية وجشع التجار الذين غيروا المواصفات العالمية في ظل غياب حقيقي لجهاز فعال للسيطرة والمقاييس النوعية وهو جهاز كان يعمل بجد وانتظام في الستينات والسبعينات.
ومن رذائل الديمقراطية في بلد عاش عقودا من الدكتاتورية، غياب ثقافة ديمقراطية وفكر حقوقي وإطار ثقافي للعلاقات الوطنية بين السياسيين بحيث يجنب هذا الإطار البلاد من استمرار الأزمات التي تعيق الاستقرار. وفي الفكر السياسي الديمقراطي هناك التقاليد والأعراف، فمن الصعب أن تنشأ أزمة سياسية تؤثر على الاستقرار السياسي في بريطانيا مثلا بسبب عوامل منها أن الطبقة السياسية خريجة فكر مدرسة واحدة فاغلب سياسيي بريطانيا تلقوا تقاليد اكسفورد وكمبردج وبالتالي فان أخلاق هذه المدرسة تحول استمرار الأزمة إلى عار يجلل أكتاف السياسيين ولذلك بعد يومين من أزمة نتائج انتخابات 2010 اضطر المحافظون والليبراليون الديمقراطيون (مع اختلافات سياسية كثيرة) إلى التحالف في حكومة تشكلت خلال خمس ساعات. كذلك تحول ثقة الرأي العام من ناخبين وصحف وأفكار ومنظمات مدنية غير مشتراة من قبل الحكومة أو الأحزاب، بالطبقة السياسية وأنها قادرة على تحمل المسؤولية تجاه المجتمع ، من استمرار الأزمة السياسية. أما الدستور فهو مثل جهاز السيطرة النوعية وضبط المقاييس لا يستطيع سياسي أو رئيس كتلة فائزة أن يقدم بضاعته المغشوشة ويسمح هذا الجهاز بتمريرها.
ما هو غائب أكثر في هذه الميزانية هو الدولة. فالمليارات تصرف لتبقى الدولة بعيدة وتغتني السلطة وتتجبر وتهدر المليارات. وبغياب الدولة لا وجود لمجتمع عراقي في ضمير الطبقة السياسية التي لا تستطيع أن تبني دولة لجميع مواطنيها منذ ثماني سنوات صرفت فيها إذا أخذنا معدل البذخ السنوي للميزانية 60 مليار دولار فيكون لدينا قرابة نصف تريليون دولار ذهبت في الجهات الأربع حيث نقلتها الرياح إلى هناك.




للمزيد على الرابط ادناه :

Matty AL Mache