هل تحل ازمة الكهرباء في خضم التصريحات المتضاربة؟

بدء بواسطة حكمت عبوش, ديسمبر 10, 2011, 03:01:09 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

هل تحل ازمة الكهرباء في خضم التصريحات المتضاربة؟
                                                                          حكمت عبوش
أعلن وكيل وزارة الكهرباء قبل أيام إن أزمة الكهرباء ستنتهي في نهاية عام 2014. هذا ما أعلن في إحدى القنوات الفضائية لكن قناة أخرى أوردت أن الوكيل قال إن نهاية الأزمة ستكون في بداية عام 2014 أي في أحسن الأحوال ستكون بعد سنتين و عدة شهور و بعد أن قرأ صديقاي الخبر على القناتين قال الأول متعجبا إن من يقرأ كلام الوكيل ربما سيعتقد أن الصنم صدام قد سقط البارحة و لم يمض على سقوطه (ثمان سنوات و نصف) طوال مليئة بالمعاناة و الإجحاف بحق أغلبية العراقيين و كأن لم تكفهم ثلاث عقود و نصف بعثية صدامية سوداء جللت سماء العراق بالرعب و الحروب و القتل المجاني و الحصار و المقابر الجماعية و البطالة و الفقر و إلى ما هنالك من كوارث و فواجع لا تكفي ألاف الصفحات لسردها بينما صديقي الثاني أكمل: بل من يقرأ هذا الكلام سيعتقد إن العراق بلد فقير و إن ما أنجزته الحكومة في مجال الكهرباء يتناسب مع تواضع ميزانيتها و هذا يجعلنا نعيد كلامنا من أن ما خصصته الحكومة لوزارة الكهرباء – حسب ما قالته هيئة النزاهة السابقة– منذ 2003 و حتى 2010 هو 16 مليار دولار بينما أورد رئيس لجنة النزاهة السابق النائب الشيخ صباح ألساعدي إن ما خصص للكهرباء هو 25 مليار. فأين ذهبت هذه المليارات؟و أكمل صديقي: إن النية الصادقة و التطبيق القانوني العادل و الصارم لو توفرا لعوقب (الوزراء المتهمون)او الذين تركوا تجهيزات كهربائية مهمة وكثيرة مهملة في خور الزبير لسنتين و نذكر أيضا بالفساد الذي طال عمل شركة(صانير) الكهربائية الإيرانية و أعمال الفساد المختلفة في مجال الكهرباء و التي تناقلتها وسائل إعلام كثيرة و هنا نذكر بما كتبناه سابقا عن قول السيد حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة عند وضعه حجر الأساس لمحطة (الخيرات) الكهربائية في كربلاء و قال إنها اكبر محطة كهربائية في العراق و تغطي 20% من حاجته للطاقة حيث تبلغ 1250 ميكاواط و كلفتها 445 مليون دولار و أضاف انه خلال زيارته لكوريا الجنوبية بمعية رئيس الوزراء تم إبرام عقد مع شركات كورية متخصصة لتجهيز محطات كهربائية سريعة النصب بواقع 2500 ميكاواط مؤكدا إن هذه المولدات ستنجز خلال العام الحالي 2011 و بالتالي فوفق حساب اكبر مسؤول حكومي لشؤون الطاقة سيكون انجازنا قد بلغ 60% من حاجتنا للكهرباء في نهاية هذه السنة و يقول المواطنون إذن لم يبقى سوى 40% من حاجتنا و بعد منتصف الشهر الحالي تم الإعلان عن توقيع وزير الكهرباء عقود جديدة مع رئيس شركة كورية و بحضور السفير الكوري لإقامة 100 محطة صغيرة و بقيمة 84 مليون دولار و ستنفذ خلال العام القادم2012 و نسأل ألا يمكن أن تكون كل هذه المحطات قادرة على إكمال أل 40% من حاجة العراق الباقية إن هذا ما نأمل أن نكون قادرين عليه في حال إقرار ميزانيتنا الضخمة المعلن عنها للعام القادم 2012 و البالغة 120 مليار دولار و بحساب السرعة القياسية التي تنجز فيها الشركات الكورية تعهداتها و عقودها في نصب و تشغيل المحطات الكهربائية، فلماذا التأخير إذن إلى سنة 2014؟
إن أي تأخير في نصب المحطات الكهربائية يعني استمرار مراوحة مجتمعنا في مكانه و استمرار عجزه عن تحقيق التقدم المرجو في الصناعة و الزراعة و البناء و الصحة و التربية بل و في كل ميادين الحياة. انظروا إلى ما نستورده من السمنت و الطابوق و السكر و الأقمشة و الأحذية و المواد الكهربائية و السماد و الألبان كنا ننتج الكثير منها بما يسد الحاجة المحلية إليها بشكل كامل أو نسبي ولكن توقف إنتاجها رغم إن الكثير منها كان أجود من مثيلاتها من دول الجوار. لماذا؟ بسبب توقف مصانعنا و معاملنا المحلية عن الإنتاج لعدم توفر الطاقة الكهربائية و هذا التوقف هو احد الأسباب الرئيسة في استشراء البطالة والتي لا تعني سوى انتشار الفقر والجهل والتخلف. لان الكهرباء في كل العالم-و كما يعرف حتى البسطاء- هو مفتاح العمل و التطور و التحضر في كل ميادين المجتمع الحديث. إن استفحال الأزمات عموما -في عراقنا- و منها أزمة الكهرباء و تأخر حلها يعود إلى المحاصصة التي ولّدت الفساد الإداري و المالي و هذا ما تقره كل الكتل و الأحزاب بما فيها المتنفذة و المشاركة في الحكومة بلسان قادتها و أعضائها البارزين و ممثليها في البرلمان و ما أكدته المرجعيات الدينية و شخصيات عامة و أكاديمية بارزة في مجال الاقتصاد و السياسة و التي أدانت هذه المحاصصة و الفساد و تقصير المسؤولين عن توفير و تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين عموما و منها الكهرباء و تدين العجز في وضع حد لعمليات الفساد و السرقات الكبيرة و التي قسم منها يكون مشرعنا و انعدام الشفافية حتى وصل العراق إلى المركز الثالث في انتشار الفساد دوليا. ان التغيير و الحل من المفترض ان لا يكون مستحيلا او حتى صعبا إذا وضع المسؤولون أمامهم إنهم بنبذ المكاسب الشخصية أو الحزبية أو الطائفية أو الاثنية و السعي لتحقيق مصلحة الوطن و المواطنين كلهم و بتقديم الخدمات المختلفة للمواطنين و منها الكهرباء إنما يحققون عراقا موحدا قويا جميلا بكل قومياته و أطيافه و أديانه و بهذا نخرج ببساطة إلى واقع سياسي جديد تلغى فيه المحاصصة بكل أشكالها و يتم التعامل مع المواطن على أساس الكفاءة و النزاهة و الإخلاص و الجدية في العمل و نكون قد خطونا الخطوة الأولى في مسارنا للقضاء على الفساد الإداري و المالي و محاسبة الفاسدين و السراق.
إن تصريح وكيل الوزارة يكاد يكون امرا طبيعيا في ظل الفساد المستشري حتى لو وضع ثمان سنين و نصف أخرى لإنهاء أزمة الكهرباء و لكن يبدو إن السيد الوكيل كان ملتبسا في تفكيره عندما حدد موعد إنهاء الأزمة و الدليل ما أعلنته قناة الديار الفضائية يومي 18 و 19 /11 من أن وزارة الكهرباء (فندت تأكيدات مسؤولين سياسيين من أن أزمة الكهرباء ستنتهي خلال عام 2014 و متوقعة أي الوزارة أن تمتد الأزمة إلى عام 2020) و رغم ما أعلنته قناة الحرة-عراق يوم 19/11 من أن الوزارة ستزود العاصمة و المحافظات ب 16 ساعة من الكهرباء الوطني إلا إننا لم نلمس شيئا من هذا إلى الآن.
           
*كتب المقال في  22/11/2011

*نشر في صحيفة طريق الشعب العدد 79 الخميس 1 كانون الاول 2011