كروكس ناو: في كرمليس وبرطلة حيث عبارة "نثق بالله" ليست مجرد شعار

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 15, 2018, 09:52:43 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

  كروكس ناو: في كرمليس وبرطلة حيث عبارة "نثق بالله" ليست مجرد شعار   

         
برطلي . نت / متابعة

عنكاوا كوم \ كروكس ناو
ترجمة وتحرير \ ريفان الحكيم

كرمليس, العراق –
بشكل يومي, يستخدم ملايين الامريكيين المال دون ان يلاحظوا ختم صغير في الجانب الخلفي من العملات. مع ذلك, في قرية مسيحية صغيرة, تنطق عبارة "نثق بالله" بشكل يومي, وهي ليست تجريدية – انها طريقة حرفية للتحدث عن المسيح, الذي يعتقد الناس هنا انه سيدافع عنهم من الاصوليين الاسلاميين.

كرمليس التي كانت في يوم من الايام بلدة كلدانية مزدهرة, هي اليوم مثل ظلال لما كانت عليه سابقا, لكن العديد من اهالي القرية يتسابقون مع الزمن لإعادة بلدتهم الى عهدها قبل نهاية الصيف الحالي.

بدعم مالي من منظمة 'فرسان كولومبوس', تمكنت 320 عائلة من العودة الى منازلهم. اجمالا, تم اصلاح 354 منزلا بعد احتلال المنطقة بأكملها من قبل داعش في اب 2014. تم حرق اكثر من 70 منزلا, وتدمير 277 منزلا بشكل جزئي, وتم حرق 41 منزلا اخر, لكنها ستكون جاهزة لاعادتها الى اصحابها الشرعيين قريبا.

(فرسان كولومبوس هم الشريك الرئيسي في كروكس)

كان هنالك 89 منزلا مدمر بالكامل, وستضطر عملية اعادة البناء للانتظار لان تكلفة كل بيت قد تصل الى 60 الف دولار. بالاضافة الى ذلك, تعرض الدير المحلي للقصف خلال احدى الغارات الجوية العديدة التي قامت بها الحكومة في محاولة لإخراج داعش, وهنالك حفرة في الارض كانت سابقا مبنى من ثلاثة طوابق.





وبحسب الاب ثابت يوسف, وهو كاهن كلداني يرأس لجنة اعادة الاعمار في كرمليس, فان الاشخاص الذين عادوا "سعداء للغاية بعودتهم, لان هويتهم موجودة في هذه البلدة". قرر اعادة بناء القرية بعد اسبوعين من طرد داعش منها في تشرين الاول 2017. هناك حاجة فورية لمبلغ 20 الف دولار لإضافتها الى الميزانية لإيجاد منزل يمكن ان يكون بمثابة دير لاثنتين من الراهبات الكلدان اللتان ستنتقلان قريبا الى كرمليس لتعليم الاطفال في مدرسة ابتدائية كانت اللجنة قد انتهت مؤخرا من اعادة بنائها.

لكن الاولويات التي لدى هذا الرجل كثيرة, وكلها تبدو ملحة. بالاضافة الى منازل النازحين, تأمل لجنة اعادة الاعمار الى:

- ترميم مدرسة ثانوية كرمليس للبنات.
- بناء حديقة للعب الاطفال
- الانتهاء من ترميم كنيسة ما أدي, لان الكنيسة التي يستخدمونها الان صغيرة جدا.
- اكمال كنيسة القديسة بربارا التاريخية التي تقع على تل مطل على القرية.





وبسبب موقعها الاستراتيجي, استخدم داعش الكنيسة, التي يعود تاريخها الى القرن السابع, كحصن للقناصين, وتم بناء العديد من الانفاق للتواصل مع البلدة وقمة التل التي منها يستطيع القناص قتل اي شخص يقترب.

ويطمح الاب يوسف بفتح جامعة وملعب ومركز اجتماعات واستخدام جزء من الارض المملوكة من قبل الكنيسة لإنشاء مزارع صغيرة للشباب لزراعة المحاصيل الزراعية.

قائمة الاحتياجات لا تنتهي ابدا, لكن الجهود بدأت تؤتي ثمارها: حيث يتم بناء مصنع جديد بين كنيسة القديسة بربارا وهيكل الجامعة التي لم توجد ابدا, العشرات سيجدون فرصة عمل هناك. يأتي هذا الاستثمار من رجل اعمال ولد هنا ولكنه يقيم في الاردن منذ عقود.
بالاضافة الى ذلك, بدأ بعض الاشخاص الذين عادوا بفتح متاجر صغيرة, فغالبا ما تصل افكار جديدة الى اذان الاب يوسف, لكنه لا يملك المال حاليا لمساعدتهم.





غانم شابا حنا هو واحد من الذين استفادوا من جهود اعادة البناء. كان المنزل الذي يعيش فيه مع زوجته اتور ايليا سليمان وابنهما كرم ذو الـ20 عاما, جاهرا في شباط الماضي.
قبل شهر اب القاتل, عاش الثلاثة من راتبه كسائق ودخل متجره الصغير الكائن ضمن منزلهم. مع وصول داعش, كلن لديهم ثلاث ساعات فقط لإخلاء القرية, تركوا معظم ممتلكاتهم الثمينة خلفهم. انتقلت العائلة الصغيرة الى اربيل, حيث انتهى المطاف بأغلب المسيحيين الذين اجبروا على الخروج من سهل نينوى.

توفيت والدة غانم اثناء تواجدهم في اربيل.

وقال غانم "كان بيتي متفحما عندما عدنا, بسبب صدمتي من رؤيتي له وضعت في المستشفى لمدة ثلاثة ايام. لم اصدق ما فعلوه". على الرغم من انه ما زال قائما, الا ان المنزل بأكمله قد اشتعل بالنيران. اليوم تتكرر مشاهد الصدمة بينما يعود الناس الى كرمليس. بالاضافة الى ذلك, تسببت قنبلة, كانت قد انفجرت في منزل مجاور,تسببت بفتحة كبيرة في جدران احدى غرف الطابق الثاني





وقال شابا:"هذا هو مكاني, حيث جذوري موجودة", مضيفا انه لم يشك لحظة بأنه سيعود عندما علم ان الاب يوسف يحاول مساعدة الناس على العودة الى ديارهم.

بسبب الحرب, لم ينه كرم دراسته الثانوية. ويقول انه مرتاح بمساعدة والده في ادارة الدكان الصغير. بالرغم من حقيقة ان منزله ليس كما كان عليه سابقا, يقول كرم "انا سعيد هنا... لقد عاد جميع اصدقائي الى هنا ايضا".

بالرغم من انه نضيف جدا من الداخل, ويوجد تلفزيون كبير ذو شاشة مسطحة, إلا ان الجزء الخارجي من منزل العائلة لا يزال مغطى بالسخام. ومع كل شيء يتوجب القيام به, فان اعادة المنزل الى لونه الوردي الغامق يضفي عليه نفقة زائدة .

في بداية الازمة, عاشوا مع احد اصدقاء شابا في اربيل, لكنهم بعد ذلك كانوا بحاجة الى استئجار شقة صغيرة. حقيقة ان العودة الى الديار يعني انه لم يعد هناك حاجة للقلق بشأن الايجار.

وقال لـ كروكس انه "لايخاف" من ما قد يحدث, والعائلة لديها تاريخ في النجاة من الكوارث والحروب: لأكثر من 13 عاما, بما في ذلك ثماني سنين من الحرب مع ايران, كان والده جنديا في الجيش العراقي.

الخراب الذي ادى بشابا الى المستشفى يقود سكان اصليين اخرين الى التردد في العودة. هاجر البعض, والبعض الاخر يتنقل بشكل دائم الى اربيل. وقال يوسف انه يحتفظ بالمنازل التي تحتاج الى اعادة بناء اكثر من الاسر. لكن العديد من المنازل لديها مالكون جدد, او على الاقل سيكون لديهم مالكون قريبا.

ان مدينة الموصل, و هي الاكبر في المنطقة من حيث الوجود المسيحي قبل داعش, ليست امنة بعد للمسيحيين. كثير منهم في حالة عدم أليقين, لا يريدون الهجرة ولكنهم غير قادرين على العودة الى الديار. ومن هنا اصبحت منطقة سهل نينوى, التي تضم العديد من البلدات على جانبي الحدود التي تفصل العراق عن الراضي التي يسيطر عليها الاكراد, اصبحت جنة آمنة لهم.

بالرغم من التحفظ على التحدث عن اليد التي قد تطعمه في المستقبل, فقد اشتكى يوسف من حقيقة ان الحكومة الامريكية لم تفي بوعودها بشان تجاوز المنظمات الغير حكومية, وبضمنها الامم المتحدة, واعطاء بعض الاموال التي خصصها الكونغرس الامريكي لضحايا الابادة الجماعية في العراق وسوريا الى الكنائس المسيحية بشكل مباشر.

وقال يوسف لصحيفة "كروكس" "لدينا افضل فريق, ونحن لا نضع شيئا في جيبنا, موضحا ان روتين الامم المتحدة يجعل مراقبة العمال, الذين يحتفظون بالاموال المخصصة لاعمار المنازل, امر صعب.

لديه فريق مكون من 50 شخصا, بما في ذلك البنائين والكهربائيين والسباكين الذين يقومون بإعادة الترميم, وجميعهم من السكان المحليين, لذا فان جهود اعادة اعمار البلدة هي ايضا مصدر رزق لهم.

بالاضافة الى ذلك, فان الافتقار الى الروتين يسمح للكنائس المحلية ببدء المشاريع على الفور في حين ان الامم المتحدة يمكن ان تستغرق ما يصل الى 10 اشهر لبدء مشروع بعد حصوله لى الضوء الاخضر.

وقال يوسف "اذا قرر الناس العودة الى الوطن ولم يتغير شيء منذ ان تركوا القرية, فانهم سيغادرون العراق ولا يمكننا تحمل تبعات ذلك".

اسباب العودة كثيرة, وقائمة اسباب عدم الرغبة بالقيام بذلك ليست بالقصيرة ايضا.مع ذلك فان اولئك الذين قرروا البقاء في الارض التي كان فيها وجود مسيحي منذ الايام الاولى للمسيحية, ثابتون في قناعتهم ولا يخططون للذهاب الى اي مكان.

عاش الدكتور عماد دلكتا, وهو مهندس, مع عائلته في المملكة المتحدة في الفترة من 2009 الى 2012, حيث حصل على شهادة الدكتوراه في شبكات الاتصالات في نيوكاسل. وهم من بلدة برطلة المجاورة, وهي بلدة سريانية ارثوذكسية تلقت مساعدات من الامم المتحدة. تجربته تجعله يتفق مع تقييم الاب يوسف

لديه وزوجته ثلاثة اولاد, اكبرهم سنا يبلغ 22 ويدرس في لبنان منتظرا الحصول على منحة دراسية محتملة من احدى الجامعات الهنغارية ليصبح طبيبا, الاصغر سنا فتيات و اعمارهم 7 و 4 وُلدن بعد ان اجرت والدتهم عملية في بريطانيا.

وقال الدكتور عماد "اخبرنا الطبيب ان احتمال ان نحظى بطفل هو 10% فقط لكنني وضعت صليبي بين يديه واعطيته الاذن, لقد كافأ الله ثقتنا به".

وقال "بعض الناس سألوني لماذا لم اعد الى انجلترا بعد ان جعلنا داعش نفر". "حسنا, لم استطع مغادرة بلدي ليصلحه الاجانب. انه بلدي, وحتى لو احتجنا بعض المساعدة في اعادة الاعمار, فمن واجبنا ان نشارك"

ويدرس الدكتور عماد في جامعة الموصل التي تقع على طرف المدينة التي لا تزال معقلا لداعش. معظم زملائه من المسلمين, حياته مزقت من قبل الاسلاميين المتطرفين, سلناه فيما اذا كان خائفا عندما يذهب الى المدينة كل يوم.

مع ذلك يجيب بشكل قاطع "كلا, انا لست خائفا. نحن نثق بالله, اليس كذلك؟"