السعودية تحاول مسح صورة الارهاب من ذهن العراقيين لتحل محل ايران في العراق

بدء بواسطة برطلي دوت نت, فبراير 02, 2018, 08:41:28 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت


السعودية تحاول مسح صورة الارهاب من ذهن العراقيين لتحل محل ايران في العراق     

         
برطلي . نت / متابعة

ترجمة/ الغد برس:
إن العراق يشهد لحظة نادرة من الثقة، وقد ساعد هزيمة تنظيم داعش في البلاد إلى جانب التدابير الاستباقية التي اتخذتها الحكومة العراقية لمنع اندلاع الصراع على المطالبات الإقليمية من الأكراد الانفصاليين على الشروع، في الخروج من الهاوية.

وهناك ركيزة مهمة ولكن غالبا ما يتم التغاضي عنها من هذه القصة هي أن العلاقات العراقية السعودية أكثر دفئا مما كانت عليه منذ ثلاثة عقود - وهي النتيجة الجزئية لمقامرة السياسة الأمريكية.
ويشكل الذوبان الأخير في العلاقات بين المملكة العربية السعودية والعراق تغيرا رئيسيا في السياسة العامة، وترى الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ضرورة وجود عراق قوي لمواجهة توسع إيران وإضفاء مظهر من الاستقرار على المنطقة المعرضة للصراع.
سياسة أميركا تجاه العراق تعتمد الآن بشكل كبير على إقامة شراكة سعودية - عراقية قوية، مما يخفف الحكومة الأمريكية من الاضطرار إلى تمويل إعادة بناء العراق، ويتوخى نهج أميركا الجديد توثيق الأمن والتعاون الاقتصادي بين العراق وجيرانه الخليجيين، والعمل معا لعكس الطائفية المدمرة في السنوات القليلة الماضية.
وقد استفاد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من هذا التغيير، مما جعله فرصة للحصول على دعم إقليمي لتلبية احتياجات بلاده العاجلة لإعادة البناء.
وبالنسبة للعراق الذي مزقته الحرب، فإن مشاركة المملكة العربية السعودية تبشر بالخير، ويعتقد الزعماء العراقيون ان هذه العلاقة يمكن ان تؤدى الى المساعدات التى تمس الحاجة اليها لاعادة بناء المقاطعات التى دمرتها الحرب واستقرار المناطق التى يهيمن عليها السنة فى البلاد، وقد تشارك السعودية من جانبها بعض هذه الأهداف.
إذا ركز التقارب على الشراكة طويلة الأمد بدلا من مجرد العلاقات الدبلوماسية، فإن العلاقة الجديدة بين السعودية والعراق يمكن أن تحول جذريا المنطقة، ويمكن للعلاقات المتجددة أن تعزز رخاء البلدين وتساعد على تقريب العراق من اهله العرب بهدف بناء بيئة أمنية واقتصادية جديدة في العراق والخليج العربي.
وأي تغيير حقيقي للنوع المتوخى في هذه العلاقة الجديدة سيعود بالنفع على العراقيين العاديين، وهو أمر يمكن تحقيقه من خلال دعم جهود إعادة بناء العراق وقطاع المجتمع المدني.
التاريخ المعقد والذوبان الأخيرة
منذ حرب الخليج عام 1991، كانت العلاقات بين السعودية والعراق محدودة للغاية، ونظرا لغزو الكويت وعزلة العراق في ظل العقوبات، لم يكن هناك سوى افتتاح سياسي جديد في الأفق في عام 2003 فقط وحتى ذلك الحين لم تتحسن العلاقات لأن المملكة العربية السعودية تخشى من ظهور الأحزاب السياسية الشيعية التي ينظر الى مصالحها بشكل متزايدة بأنها مرتبطة بإيران التي تعتبرمنافستها الإقليمية.
وقد تجمعت عدد من العوامل مؤخرا لجعل المملكة العربية السعودية تعيد النظر في علاقتها مع العراق، ومن بين العوامل الرئيسية في التقارب هزيمة تنظيم داعش وفشل الاستفتاء الكردي في إقامة دولة مستقلة، واحتياجات إعادة الإعمار في العراق، وهي فرصة لإعادة بناء العراق بطرق من شأنها أن تساعد على تحويل ميزان القوى بعيدا عن إيران، كما كان الاستعداد السياسي نيابة عن حكومة العبادي سببا هاما لهذا الذوبان.
إن موقف رئيس الوزراء تجاه السعودية يختلف بشكل ملحوظ عن موقف سلفه نوري المالكي الذي حافظ على علاقة وثيقة مع إيران منذ عدة سنوات، وكان يجب تأمين وجود البلاد، وخاصة قبل انتخابات مايو 2018، أيضا عاملا محفزا للمملكة العربية السعودية، وبعبارة أخرى، فإن من مصلحة المملكة العربية السعودية أن تدعم إعادة إعمار العراق واستقراره، التي تعتبرها وسيلة لدفع الوتد بين النخب العراقية الشيعية والمصالح الإيرانية في البلاد.
وفي الأشهر الأخيرة، شهد افتتاح السفارة السعودية في بغداد وقنصلية في النجف، وإعادة تأهيل معبر عرعر الحدودي، وبدء رحلات منتظمة بين البلدين فجميع تلك الحالات اصبحت لاول مرة منذ عام 1990 دليلا على تقوية العالقات بين البلدين وكانت مشاركة المملكة العربية السعودية مؤخرا في معرض بغداد الدولي الذي شهد مشاركة 60 شركة سعودية علامة ترحيب أيضا على تحسن العلاقة، وسيشكل المؤتمر الدولي للمانحين والاستثمار الذي سيعقد في الكويت هذا الشهر معلما رئيسيا في تحسين العلاقات بين العراق وجيرانه في المنطقة العربية الخليجية.
يذكر ان الامن واعادة الاعمار يتصدران جدول اعمال المجلس التنسيقي السعودي - العراقي الجديد الذى افتتح العام الماضي فى الرياض ويهدف الى تعزيز العلاقات بين البلدين.
وتهدف الشراكات في إطار هذه الخطة إلى تحسين التعاون في مجال التبادل الطلابي والثقافي والاستثمار في النفط والغاز والتجارة والصادرات الزراعية، ولكن ما وراء الاتفاقات الثنائية المنفصلة بشأن هذه القضايا، فإن الهدف الرئيسي لمجلس التنسيق، كما توخته المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، هو استخراج العراق من السيطرة الايرانية.
وتعتقد واشنطن والرياض ان تمويل اعادة الاعمار، اذا ما استثمر استراتيجيا، يمكن ان يكون وسيلة لتحسين علاقات بغداد مع جيرانها العرب، وبما أن الولايات المتحدة لديها القليل من الشهية للمشاركة في إعادة إعمار العراق، فقد شجعت المملكة العربية السعودية وشركائها الخليجيين على المشاركة في هذه الجهود وقد وعدت الولايات المتحدة بتقديم دعمها الكامل للشراكة السعودية العراقية واستثمار الموارد السياسية في هذا المسعى.
كيف يمكن للرياض أن تعزز صورتها في العراق
لن تسمح إيران لبلد إقليمي رئيسي آخر مثل المملكة العربية السعودية بدخول العراق بقوة دون قتال، وبينما سيكون من مسؤولية الحكومة العراقية تقديم الحماية والدعم الضروريين، فإن المملكة العربية السعودية سوف تضطر إلى تعزيز صورتها على نحو فعال في المشهد الاجتماعي والسياسي في العراق، إن كسب دعم الشعب العراقي سيكون أضمن طريقة لحماية المصالح الطويلة الأمد لأي شراكة بين السعودية والعراق.
وعلى النقيض من ذلك، فإن اسمها ودعمها لمجموعات الشيعية في البلاد يخلق شعورا بالقلق لدى العديد من العراقيين العاديين، فإن المملكة العربية السعودية ستبذل جهودا طيبة لبناء علاقات دبلوماسية وثقافية مع الشعب العراقي.
وتشير استطلاعات الرأي الاخيرة فى العراق الى ان السكان يلقون نظرة سلبية على دور ايران فى البلاد، إن كسب ثقة المجموعات الاجتماعية والثقافية المتنوعة في العراق سيضع الأسس الضرورية التي يمكن للمملكة العربية السعودية بناء شراكة ذات مصداقية، والجهود المبذولة لبناء شراكة من النوع الذي يتوخاه المجلس الاقتصادي السعودي - العراقي ستجري في بلد مجزأ اجتماعيا وسياسيا، مع مواقع متعددة ومتنافسة للسلطة، إن العمل بطريقة من أعلى إلى أسفل لن يكون كافيا، ومن ثم ليس من المستغرب أن يركز مجلس التعاون السعودي - العراقي الجديد أيضا على الشراكات الثقافية بين البلدين عبر عدد من المجالات.
فبدون التواصل الجماهيري النشط، قد تجد المملكة العربية السعودية صعوبة في إلقاء صورتها عن كونها طرفا في الإرهاب الذي كلف العراق مليارات الدولارات، وأثر على ملايين الأرواح خلال السنوات القليلة الماضية، وعلى وجه الخصوص، وجدت المملكة العربية السعودية صعوبة في تسليط صورتها على كونها راعية للإرهاب والوهابية الراديكالية في المنطقة، التي تدعم الأساس الإيديولوجي لتنظيم القاعدة في العراق، وفي وقت لاحق تنظيم داعش ويزعم أن بعض التبرعات الخاصة المقدمة إلى تنظيم داعش جاءت من المملكة العربية السعودية مما أسهم في زعزعة استقرار العراق والمنطقة بأسرها.
وليس من المستغرب أن صورة المملكة العربية السعودية في العراق، في كل من السنة والشيعة، أصبحت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالإرهاب والأضرار الفادحة التي لحقت بها خلال السنوات القليلة الماضية، وخاصة منذ عام 2003، ومن المحتمل ان يتطلب تحسين العلاقات من جيران العراق الغني اقتصاديا قيادة انشطة بناء الثقة والتغلب على الانقسامات السياسية والانقسامات الدينية والعمل على بناء علاقات ثقافية بين البلدين.
يجب على المملكة العربية السعودية أن تنظر بجدية في إدارة خطة منح طويلة الأجل لدعم المنظمات غير الحكومية العراقية المحلية، التي يرتبط العديد منها بصلات أعمق مع دوائرها الانتخابية من النخب السياسية العراقية التي غالبا ما تكون غير متقطعة ومؤسسات الدولة التي تسيطر عليها، إن تقديم الدعم للعديد من المنظمات الشعبية في العراق يمكن أن يحول جذريا مساعدات المساعدات في المنطقة، مما يثبت اهتمام المملكة العربية السعودية الشديد بالتميز عن تاريخ التمويل القطاعي والديني والسياسي، ويوجد حاليا أكثر من 3000 منظمة غير حكومية مسجلة لدى إدارة المنظمات غير الحكومية العراقية، وهي الهيئة التنظيمية الحكومية، إن العمل مع هذه المنظمات غير الحكومية في جميع أنحاء البلاد، والشراكة المحتملة مع ادارة بغداد لتسهيل ذلك سيكون خطوة كبيرة إلى الأمام للعلاقات السعودية العراقية.
ويمكن أن تكون المنح الصغيرة التي تتراوح بين 000 5 و 000 25 دولار وسيلة فعالة من حيث التكلفة لبناء الثقة وتحسين صورة المملكة العربية السعودية في العراق، ويمكن للمشاريع أن تركز على التعايش السلمي والديني والتنوع الثقافي، ولكن يمكن أيضا أن تكون أنشطة "الإصلاح السريع" موجهة نحو المجتمع والتي تؤكد على إعادة البناء على نطاق صغير، ومن شأن عزو ملكية العراقيين لهذه المشروعات أن يعزز الجهود الرامية إلى بناء علاقات موثوقة بين البلدين، وسيساعد تمويل النشاط السلمي غير الحكومي القائم على الثقافة في مساعدة العراق على الانتقال إلى بيئة ما بعد الصراع حيث تعتبر المملكة العربية السعودية شريكا موثوقا به على المدى الطويل، وتحفز الدعم من القاعدة الشعبية وتدعم العلاقات المحسنة من القاعدة إلى القمة.
ومن شأن مبادرة ثقافية سعودية تدار مهنيا في العراق أن تقطع شوطا طويلا في مواجهة الدبلوماسية الثقافية الإيرانية والأنشطة الدينية التي بدأت في عام 2003، وشملت الأنشطة الإيرانية تبادل الطلاب، ورحلات مجانية إلى المواقع الدينية الإيرانية الرئيسية، ودعم الميليشيات والمنظمات غير الحكومية في الأحزاب السياسية، والجهود المبذولة لنشر الآراء الدينية الإيرانية للإسلام الشيعي عبر المساجد والمدارس العراقية.
وقد شهد استخدام الأماكن العامة في هذا الصدد مؤخرا رد فعل عنيف ضد التعدي الإيراني، وهو مؤشر على الإحباط المستمر لدور إيران في البلاد، كما كانت زيارة مقتدى الصدر للاجتماع مع ولي العهد الأمير سلمان العام الماضي حدثا كبيرا يمثل تحالفات متحولة وظهور سياسة جديدة غير طائفية ظهرت في العراق. زعيم جماعة الصدر الشيعية الفقيرة في العراق، زيارة الصدر للمملكة ترسل إشارة واضحة إلى أن القادة السياسيين الشيعة مستعدون للعمل مع المملكة العربية السعودية، إن سياسات الصدر المناهضة لإيران والقومية، فضلا عن حركته الصدرية الواسعة وشبكة النشطاء المحليين، يمكن أن تكون رصيدا قيما للشراكة السعودية العراقية.
إن العمل مع شعب العراق مباشرة من خلال المنظمات المجتمعية والمنظمات غير الحكومية يمكن أن يسرع حضور السعودية كشريك موثوق به، ويمكن أن يكون دعم المشاريع غير الدينية وغير السياسية جزءا من التحول الجديد الأوسع نطاقا في المملكة إلى "الإسلام المعتدل".
وينبغي اعتبار الدعم الثقافي والمهني والتعليمي والإنساني جزءا من هذه المبادرة. وينبغي لهذه الجهود، إذا ما صممت في سياق تحسين العلاقات على المدى الطويل، أن تعزز مكانة المملكة العربية السعودية في وقت مهم لإعادة بناء العراق.
وقد بذلت أمريكا جهودا طيبة للجمع بين العراق والمملكة العربية السعودية بهدف تحقيق الاستقرار في المنطقة، ومن خلال تقريب البلدين معا، ستحقق الولايات المتحدة اهدافا اقليمية رئيسية وهى تحسين امن الخليج العربي ودمج العراق في اطار امنى قائم بالاضافة الى مساعدة الدول التى دمرتها الحرب على استخدام اموال اعادة الاعمار من دول الخليج المجاورة لها، إلا أن الخير في هذه الصداقة الجديدة لن يكون سهلا.
سنوات من عدم الثقة وغياب شريك عربي موثوق في السياسة العراقية بعد 2003 يعني أن السعودية تلعب دور اللحاق بالركب، والمهام المقبلة محفوفة بالتحديات، لا سيما في ضوء المنافسة الشرسة التي ستواجهها أي شراكة من هذا القبيل، وعلى هذا النحو، ينبغي أن يكون التركيز بالتأكيد على جعل العراقيين العاديين الذين عانوا من أربعة عقود من الحرب، يستفيدون مباشرة من أي مقترحات للتغيير.
المصدر: War on the Rocks
ترجمة: حيدر الخزعلي