مار باوي سورو اُسقفاً للكلدان في كندا، مؤشرات وآفاق

بدء بواسطة jerjesyousif, نوفمبر 01, 2017, 03:30:41 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

jerjesyousif

مار باوي سورو اُسقفاً للكلدان في كندا، مؤشرات وآفاق

بقلم الأب نويل فرمان السناطي، كندا، 31-10-2017


نقل موقع البطريركية اليوم 31/10/2017 خبر إقرار قداسة البابا فرنسيس لاختيار السينودس الكلداني سيادة مار باوي سورو أسقفا على أبرشية كندا للكلدان. اود ان اتناول في هذا المقال مؤشرات وآفاق، لسابقة حبرية تعيشها كنيستا المشرق الكلدانية والأشورية.
فما بين القبول السنهادوسي الكلداني في 2013 لعضوية مار باوي في المصاف الأسقفي للسينودس، وما بين طلبه الانضمام إلى الكنيسة الكاثوليكية، مرّت سنوات مخاض شهدها البيت الكنسي الكلداني الداخلي ، من جهة، وما تبلور من قناعة فيما بينها وبين شقيقتها الكنيسة الاشورية من جهة أخرى، في انتقال أسقف من الكنيسة الاشورية الى الكنيسة الكلدانية.
إزاء هذه السابقة الحبرية، يذكر المؤرخون أن الكنيستين الشقيقتين شهدتا أيضا قبل قرون، بضع انعطافات تاريخية، من حيث ترابطهما مع بعضهما ومن حيث العلاقة مع كرسي روما.
فنستخلص مما جاء في كتابين تاريخيين، الأول للأب ألبير أبونا (تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية ج 3 – 1993) والثاني للبطريرك مار لويس ساكو ( الكنيسة الكلدانية: خلاصة تاريخية -2015) إنه كان لجانب من كنيسة المشرق اتحاد أول مع روما في عهد مار يوحنان سولاقا سنة 1552، وبقي هذا الاتحاد لحوالي القرن حتى انقطع سنة 1662 في عهد البطريرك مار شمعون دنحا الثالث عشر، ومنه تنحدر سلسلة بطاركة كنيسة المشرق الاشورية الحالية. ثم حصل الاتحاد الثاني والاخير مع روما في عهد مار يوحنا هرمزد سنة 1830 عندما اندمج كرسي بطريركية آمد (ديار بكر) مع كرسي بطريركية دير الربان هرمز (ألقوش) بكرسي واحد وأقيم مقره في الموصل، ومن هذا الكرسي تنحدر سلسلة البطاركة الكلدان الحاليين.
ولعل هذا التشابك المتناوب في المنعطفات التي مرت بها الكنيستان المذكورتان، لظروف مختلفة، وما احتفظت به كل منهما من وديعة ايمان، ككنيسة رسولية ، هو الذي جعلنا منذ ان وعَينا أن دماءنا مختلطة، برئاسات مختلفة، وبنحو طبيعي كانت تجري المصاهرة المتبادلة ، ومزاولة الطقوس الكنسية المشتركة، كما بقيت على العموم دالة أخوية تجمع أساقفتنا وكهنتنا ومؤمنينا.
وهكذا يتبوأ اليوم كرسي مار أدي للكلدان في كندا، حبر تتمازج فيه الروح الأصيلة لكنيسة المشرق، كلدانية وآشورية. ولم يعد خافيا على أحد أنه لدى انضمام المطران باوي الى الكنيسة الكاثوليكية، وانضمام بعض كهنة كلدان الى كنيسة المشرق الاشورية، حدثت إشكاليات ما بين فريق مار باوي وكنيسته الاشورية السابقة، في صعوبات وجروح اقتضت الكثير من الزمن، حتى يمكن أن يقال اليوم أنها اندملت بنحو أو بآخر في فضاء اللحمة الأخوية مع أشقائه الأحبار ومع المؤمنين؛ على أن الكنيسة الكلدانية بدورها تعاملت مع هذا الموضوع بروحية أخوية سامية تجاه الأشقاء، تطلـّبت من الأسقف المنضم سنوات صبر وصمت؛ ويلاحظ أن الكنيسة الكلدانية قامت بهذا التعامل، بما يمكن أن يوصف بالبأس والاستقلالية الملفتة للنظر إزاء الكرسي الرسولي فجعلته، ومنذ 2006 ينتظر استقبال السينودس له حتى سنة 2013، ليعيّنه من ثم اسقفًا فخريا على أبرشية فورزيانا؛ هذا التعامل بالذات، كما يرجـّح أكثر من مراقب، يدخل ضمن مراعاة اللحمة الأخوية عينها ما بين الكنيسة الكلدانية والكنيسة الآشورية؛ لحمة معززة بما يجمع الكنيستين من شركة عقائدية، وكل منهما مراعيةً، بخصوصية متفاوتة، لمختلف ما اعتلج بين توجهات شعب كل من الكنيستين، في ناحية الاتجاهات السياسية القومية الاثنية والثقافية... فوُجد كلا الجانبين مواكبا لعصر تنويري يحترم الاختيارات الضميرية وحرية الرأي والمعتقد.
على أن الشركة العقائدية مع كنيسة المشرق الآشورية، كان فيها لجانب هذه الكنيسة (الاشورية) القدح المعلى؛ عندما جرى، بعد كل الظروف الجيوسياسية التي عاشتها هذه الكنيسة الرسولية الأصيلة، عبر التاريخ، بتثبيت صحة عقيدتها، كما أعلن ذلك في الاتفاق الكريستولوجي بروما في أواخر 1994، في زمن البابا يوحنا بولس الثاني، وعهد حبره الحازم رئيس مجلس العقيدة الايمانية الكردينال (البابا) جوزيف رايتسنغر.
أمام هذه السمفونية من التمازج والتشابك، لا يسع المرء إلى أن يفصح عن مشاعر حبور لسان حالها:
سقيا للحب الذي يجمع الكنيستين احبارا وشعبا..
وهنيئا لأنظار الكنيستين المشتركة إلى المؤسس والرأس الأعلى المسيح المخلص والملك المحيي...
وطوبى لما يجمعهم من تقوى تجاه الأم سامية القداسة أم المخلص بكل ما يحمله من ذات وصفات.
ومرحى للعرس الروحي الذي عاشه المؤمنون في احتفالية تنصيب مار عمانوئيل شليطا اسقف ابرشية مار بطرس بكاليفورنيا، حيث عمل مار باوي ، وبمباركة مشرقة لمطرانها المتقاعد مار سرهد جمـّو.
وأنعم بهم من أحبار اشتركوا أو حضروا قداس التنصيب، متعانقين بتبادل قبلة المحبة، فيما بينهم، وهم من مختلف الكنائس المشرقية والغربية، وبضمنهم أحبار الكنيستين الكلدانية والآشورية يتوسطهم البطريرك مار لويس روفائيل ساكو إلى جانب المطران مار باوى سورو، وبما يجمعهم جميعا من أنفاس أخوّة ضمن أحبار الكنيستين الشقيقتين.
وما أسعدها من مصالحة إنسانية وجدانية مسيحية، بين ابناء الكنيسة الواحدة كما بين أبناء الكنيستين اللتين أثبتتا عبر العصور أنهما كنيستان شقيقتان بامتياز على أي كنيسة أخرى.
بعد مخاض، كانت الكنيستان شاهدتين لكل هذا، مما يجعلنا وكل الخيرين، وكل صانعي السلام وذوي النيات الطيبة والارادة الصالحة، نحتفي بمسيرة مار باوي سورو، وصولا لأسقفيته على ابرشية مثل ابرشية مار أدي للكلدان في كندا. في زمن، تحترم فيه الجماعات اختيارات بعضها البعض، وما يعيشه أبناؤها من تميّز لمسار كل منهم في حياته الإنسانية، الكنسية والروحية.
وإذا كنا نلاحظ هذا في العالم المسيحي الغربي، بما تشهده مجتمعاته الكنسية من مناقلات، فإن ما واكبتـُه شخصيا من مسيرة المطران باوي، وما كتبت عنه من بضع مقالات أو مقابلة، هذه المواكبة، لم تغلق بوجهي، أبواب التواصل الودود المخلص مع أحبار أحبة من كنيسة المشرق أكنّ لهم أسمى آيات التقدير، ممن سعدت بلقائهم في السنوات الأخيرة.
والأمل كل الأمل أن ما تحقق في خدمة مار باوي في كاليفورنيا، من اشراقة راعوية، يجعلنا مفعمين بالرجاء بأنه سيمارس خدمته الراعوية في ابرشيته الجديدة مار أدي، ببطاقة بيضاء، وبآفاق مسكونية وحبرية واعدة ومبشرة. ولا سيما ما هو معروف عن مار باوي بخصوص محبته المسيحية واحترامه المتكافئ سواسية للكلدان والآشوريين.
مع التمنيات بفيض النعمة ودوام التقدم لأبرشيتنا الحبيبة في كندا، راعيا وكهنة ومؤمنين


منقول من موقع البطريركية الكلدانية / جرجيس يوسف / كندا/ 1-11-2017

http://saint-adday.com/?p=19922