قراءة في ما سُميت ب ( الوثيقة السياسية لضمان حقوق المكونات القومية و الدينية في

بدء بواسطة برطلي دوت نت, سبتمبر 25, 2017, 08:55:23 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

قراءة في ما سُميت ب
( الوثيقة السياسية لضمان حقوق المكونات القومية و الدينية في كوردستان )     
      

   
برطلي . نت / متابعة

د.منى ياقو


بعد ان تم الاعلان عن الوثيقة الموسومة ب ( الوثيقة السياسية لضمان حقوق المكونات القومية و الدينية في كوردستان ) ، وجدت ان من الضرورة بمكان ، أن أبدي رأيي كقانونية ، بالقيمة القانونية لهذه الورقة ، و كما يلي :-

اولا – من حيث الجهة التي انبثقت هذه الورقة عنها : -
من المعروف ان هذه الورقة قد انبثقت عن (المجلس الاعلى للأستفتاء في كوردستان ) ، و حيث ان هذا المجلس قد تشكل لغرض معين و لفترة زمنية معينة ، و سيفقد صلاحياته بمجرد انتهاء مهمته ، و بما أن الاطراف الكوردية قد نجحت في عقد جلسة لبرلمان الاقليم في 15 ايلول 2017 ، بعد ان استمر تعطيله لأكثر من 22 شهرا ، لذا كان يفترض أن يتم المصادقة على هذه (الوثيقة) ، من قبل البرلمان نفسه، لتكون لها قوة قانونية حقيقية  .
ثانيا- من حيث صفة الالزام :-
بدت الوثيقة خالية من أي تصديق رسمي ، كالتوقيع او الختم او صفة الجهة المصدرة لها ، و بدل ان يطالب المعنييون بالتصديق ، سارعوا الى الشكر و الامتنان .
ثالثا – من حيث تقديم ضمانة دولية لتنفيذ الورقة :-
في الوقت الذي حرص فيه السيد مسعود البارزاني ، على الحصول على ضمانات دولية كبديل للأستفتاء ، نجد بأن الورقة التي طرحها للأقليات لم يكن فيها اية ضمانات ، لا داخلية و لا دولية ، و هنا لا القي باللوم عليه بتاتا ، كوننا نتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية  .
رابعا – من حيث التوقيت الزمني لصدور الورقة :-
من الغريب ان عدداً من الاوراق ، تم تقديمها الى اللجنة المعنية بالأمر ، منذ فترة ليست بالقصيرة ، الا ان الورقة لم تصدر الا قبل ساعات من بدء عملية التصويت ، و هذا الامر فيه احتمالين : اولهما – اننا نبني موقفنا على (ورقة ) بغض النظر عن مضمونها ، و هنا نكون حسني النية الى حد يجلب الكثير من الضرر ، ثانيا – الا يتسنى لنا تحليل ما موجود في الورقة و الاعتراض عليها و بالتالي الا يفسح المجال (لنقض ) ما جاء فيها ، كونها أمر واقع .
خامسا- من حيث قوة الورقة في حسم اكثر الأمور حساسية :-
رغم حرص السيد مسعود البارزاني على التأكيد ، في اكثر من مناسبة ، بأن الدولة القادمة ستكون (دولة مدنية ) ، الا ان الورقة تحاشت الاشارة الى هذا المصطلح اساسا ، بما يعنيه ذلك من امكانية تكرار نص المادة 2 من دستور العراق النافذ ، و الذي يؤكد على ان " الاسلام دين الدولة الرسمي ، وهو مصدر اساس للتشريع " ، مع ما يترتب على ذلك من تقسيم المواطنين الى مراتب ، بحسب ديانتهم ، و حينها سيعرف (البعض ) ، ان العبارات الرنانة التي تطلق في فترات الدعاية الانتخابية ، ما هي الا احلام يقظة ، سرعان ما نستفيق منها بمجرد انتهاء المرحلة ،و نصحوا على واقع مغاير تماماً  .
سادسا- من حيث تسمية الدولة المزمع اعلانها :-
تجلت الرغبة في اعلان دولة قومية محضة ،من خلال  تسمية الدولة المزمع قيامها ب (دولة كوردستان ) ،  دون أدنى استجابة لرأي المكونات ، حيث كانت التسمية محل اختلاف في وجهات نظر احزاب شعبنا  .
سابعا – تقييم ما جاء في الورقة :
بشكل عام ، يمكننا القول ، ان بعض ما جاء في الورقة ، هو مجرد بديهيات ، وان ذكرها او عدم ذكرها ، لا يقدم و لايؤخر البتة ، و البعض الاخر منها ، تعد مجاملات تطلبتها مرحلة الدعاية للأستفتاء ، و الجميع يعلم بأنها لن تنفذ ، و اما البعض الثالث ،فهو تكرار لما تم الاقرار به في دستور العراق النافذ ، بمعنى انه لم يضف أمرا جديدا ، و مما يُذكر ايضا  ، ان البعض من مواد الورقة ، يعد من حقوق الاقليات التي اقرتها المواثيق الدولية و التي ينبغي على الاقليم ، وهو مقدم على خطوة كهذه ان يركز عليها بغية كسب ود المجتمع الدولي ، و اما ما تبقى ، ففيها أمور اعدها ايجابية في هذه المرحلة ، كمضمون ، و ليس كضمانات .
و سأتطرق الى كل فئة على حدة ، و كما يلي :-
1-   البديهيات :
أ‌-   ما جاء في المادة 1 من الورقة ، هو أمر كاشف لا منشئ ، فهو توضيح لواقع حال مجتمع تعددي ، لا أحد يمكنه انكار ما فيه من مكونات دينية و اثنية ، هذا اضافة الى انه تكرار لما جاء في المادة 3 من قانون حماية حقوق المكونات رقم 5 لسنة 2015 .
ب‌-   ما جاء في المادة  15 من الورقة ، التي نصت على مشاركة المكونات في صياغة الدستور ، حيث انه من المنطق و القانون ، ان تشارك المكونات في كتابة أهم وثيقة في أية دولة ، و هذا الامر معمول به في دستور العراق ، و في مسودات دساتير الاقليم ايضا .
2-   ما يعد مجاملة مع وقف التنفيذ :-
أ‌-   المادة 6 من الورقة ، التي اعتبرت اللغات الخمس ( الكوردية ،التركمانية ،السريانية ، العربية و الارمنية ) لغات رسمية ، لا يمكن العمل بها على ارض الواقع ، فلو تم كتابة عنوان( دولة كوردستان)، مثلا ،  باللغات الخمس في هوية الاحوال المدنية ، حينها لن يبق مجال لكتابة أية معلومات اخرى .
ب‌-   المادة 11 من الورقة التي جاءت بعبارة ركيكة ، ليس فيها أي الزام ، و التي تطرقت الى ازالة اثار التغيير الديمغرافي بحسب احصاء 1957 ، هي مجرد فقاعة اعلامية لمرحلة معينة ، كنت سأكتفي بالزام الجهات المعنية بأزالة اثار التغيير الديمغرافي التي حصلت منذ 1991 ، شريطة ان يحصل ذلك عملياً ، و لا اريد وعداً اعلم بأنه يرفعني حيث اللامس الغيوم ، و يلقي بي على الارض ، من هناك .
3-   ما يعد تكرارا لما جاء في دستور العراق النافذ :
أ‌-   المادة 7 من الورقة ، التي تضمن ان يرمز على كوردستان و شعاره و نشيده الوطني الى المكونات ، اشترطت ان ينظم ذلك بقانون ،هي مذكورة بوضوح في اطار المادة 12/اولا من دستور العراق ،  و اتسائل هنا :
طالما كانت جميع مسودات الدساتير في الاقليم ( بما فيها المسودة التي كنت عضو في لجنة صياغتها ) قد ذكرت تفاصيل العلم و العيد القومي و النشيد ،في الدستور ، فكان الاجدر ان يضمن هذا الحق عبر الدستور و ليس القانون ، مع ما يعنيه ذلك من علوية و ثبات .
ب‌-   المادة 8  من الورقة ، التي تشير الى تنظيم الاعياد و المناسبات و العطل ،  هي مادة سطحية لا معنى لها ، و هي تحصيل حاصل ، هذا اضافة الى انها موجودة ضمن دستور العراق في المادة 12/ ثانيا .
ت‌-   المادة 9 التي كفلت حرية المعتقد ، أجدها تتحدث عن أمر بديهي جدا ، و هي تكرار لما ورد في المواد 10 و 42 و 43 من دستور العراق ، ولو كان اصحاب الوثيقة حريصين على اِقرار هذه الحرية فعلا ، كان الاجدر بهم  ان يقروا  لنا (حرية الدين ) بدل ( حرية المعتقد )، ليتسنى لنا ، على اساسها المطالبة بتعديل النصوص المجحفة بحق الاقليات الدينية ، في القوانين النافذة حاليا ، و التي لا مجال لذكرها الآن .
ث‌-   المادة 10 من الورقة التي اعطت الحق لاتباع المكونات غير المسلمة ان تتبع الاحكام الخاصة بالاحوال الشخصية ، هي تكرار مُمل لما اقرته المادة 41 من دستور العراق ، التي بقيت حبرا على ورق و لم تأت بجديد ، و التي اعتبرها دون أية اهمية قانونياً ، فطالما بقيت القوانين مستندة على الشريعة الاسلامية ، فأن وجود هذه المادة او عدم وجودها ، هو أمر واحد .
4-   الامور التي تعد ايجابية كمضمون ، و ان لم ترافقها اية ضمانات :-
      المادة 2/أ  ، المادة 3 ، المادة 5 ، المادة 14 .
ثامنا – الورقة معلق تنفيذها على شرط تعجيزي :-
الاسوء من كل ما سبق ، انه تم تعليق تنفيذ مواد هذه الورقة ، على تفعيل اول دورة برلمانية ، مع ما يعنيه ذلك ، من احتمالية المماطلة و التسويف و تمييع المسألة و عدم اقرارها ، عند اختلاف وجهات نظر الكتل البرلمانية المتشددة عقائديا او دينيا .
ملاحظات :-
تجاوزت على جملة اخطاء ، كان ينبغي الا ترد ، في وثيقة يفترض انها (مهمة ) ، من ذلك مثلا :-
1-   خلو بعض النقاط من الورقة ، من الفاظ الزامية ، تجعلها تبدو في صورة الامر بالتنفيذ ، ك ( الالزام – الاقرار- الضمان – فرض- تكفل  ..............) .
2-   ذكرت كلمة (كوردستان ) كمصطلح دون تحديد الوصف القانوني الثابت له ، اذ ذكرت مرة ، على اعتبار كوردستان جزءا من العراق ، و مرة (كدولة ) قائمة بذاتها ، و مرة كمصطلح غير معرف ، لا هو باقليم و لا بدولة .
3-   اقحام (العرب ) اثناء الاشارة الى شعبنا ، حيث تم ذكر تسمية شعبنا كالآتي ( الكلدان السريان الاشوريين و العرب و الارمن ) ، رغم ان حقوق الارمن كمكون ديني لا تختلف عن حقوقنا .
4-   من المعروف ان ما يشرع عن البرلمان يطلق عليه ( مواد قانونية ) اما ورقة بهذا المستوى ، فكان يفترض ان تكتفي ب اولا و ثانيا ...........
5-   ب حسب الاصول القانونية و الأعراف المتبعة في  كتابة الوثائق ، يفترض ان يكون لكل وثيقة خاتمة و استنتاج ، كما يكون لها مقدمة ، لكننا وجدنا المقدمة فقط .

اتمنى ان نستفيد من هذه التجربة ، و ان نفكر جدياً في اعادة اللحمة الى بيتنا القومي ، و ان نقر بضرورة اشراك الاكاديميين – كل بحسب تخصصه – في القضايا المصيرية ، و ان نجعل الآخر ملزماُ و مهتماً بالبحث عن الشرعية التي فقدناها مؤخرا ، بكل اسف .