مع المطران بشار وردة إغاثة المهجرين في إيبارشية أربيل الكلدانية

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أغسطس 29, 2017, 05:48:28 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مع المطران بشار وردة إغاثة المهجرين في إيبارشية أربيل الكلدانية     

         
برطلي . نت / متابعة
عشتار تيفي كوم/

حوار أجراه الاب نويل فرمان – مالبورن استراليا

المُقدمة

خلال إجازة لزيارة استراليا لأول مرة، توفرت فرصة مؤاتية للقاء المطران بشار وردة، خلال زيارته الى مدينة ملبورن التي فيها أعداد غفيرة من مسيحيي العراق. وإذ نزلنا كلانا في ضيافة كريمة للاب كمال ورده راعي كنيسة مريم العذراء حافظة الزروع للكلدان في ملبورن، كانت السانحة لاجراء هذه الحوار عن موضوع المهجرين، في هامش محاضرة مستفيضة قدمها سيادته عن الموضوع عينه.  وبدأت بالسؤال:

من أجل عيش كريم للمُهجّر قسراً: سكن ... تعليم ... رعاية صحية

الاب نويل: هل لنا أن نعرف ما هي الجهات التي عملت في موضوع التعامل مع المهجرين اذا سلطنا الضوء على نشاط ابرشية اربيل في العراق؟

المطران بشار: أود أولا التأكيد على أن كثيرين عملوا من أجل التخفيف من صعوبات النازحين: غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل ساكو، وإيبارشياتنا الكلدانيات الموصل وكركوك وألقوش وزاخو والعمادية، كذلك إيبارشيات الموصل للسريان الكاثوليك والأرثدوكس، والرهبانيات وجماعات كثيرة. إجتهدوا جميعا للوقوف إلى جانب النازحين في محنتهم.

س: نود أن نعرف بعض التفاصيل بشأن تعامل الابرشية مع هذا الحدث؟

المطران بشار: نعم ممكن أن أخصص حديثي اليوم عن نشاط إيبارشيّتنا وبرامج الإغاثة التي تقدمها منذ بدء الأزمة كوني مطلّع على تفاصيلها أكثر، شاكرا الجميع على جهودهم.

عندما وصلت قافلة مؤمنينا المهجرون قسراً من سهل نينوى إلى بلدة عنكاوا ليلة السابع من شهر آب 2014، طرقوا أبواب الكنائس لتأويهم، وخلال ساعات قصيرة أكتضّت كاتدرائية مار يوسف الكلدانية في مزار عنكاوا (720 عائلة)، ومزار مارت شموني( 750 عائلة)، ومزار مار إيليا (125 عائلة)، وكنيسة مار كوركيس بالعوائل المُهجرة قسراً، وقمنا، وبمساعدة محافظ اربيل السيّد نوزاد هادي والسيّد فهمي بابكا بفتح مراكز أخرى مثل "نادي الشباب الرياضي (217 عائلة) و11 مدرسة حكومية في بلدة عنكاوا (1200 عائلة)، كما وفتحت منظمات المجتمع المدني والأحزاب المسيحية في عنكاوا مراكزها ومقرّاتها لإستقبال العوائل، إضافة إلى توجيه العوائل للسكن في أبنية غير متكملّة في بلدة عنكاوا، فيما نزحت عوائل أخرى إلى شقلاوة وديانا. وقُمنا بمفاتحة السيّد نزار حنا فخصص لنا بناية في مجمعه التجاري في شيخ الله وسط أربيل لإسكان 250 عائلة ووفّر لها الماء والكهرباء ولغاية اليوم مجاناً، وكما ووجهنا نداءً إلى العوائل المسيحية في عنكاوا لإستقبال النازحين وإستجابت العديد من العوائل لهذا النداء.

س: كيف كان وقع الحدث على الاكليروس والمؤمنين في اربيل؟

المطران بشار: لم نكن مستعدين لمواجهة هذه الأزمة والتي شكلّت صدمة كبيرة للجميع إكليروساً ومؤمنين، وعمل البطاركة والأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات لمرافقة المؤمنين والإصغاء إلى معاناتهم، والعمل على التخفيف منها إعتمادا على المساعدات التي كانت تصل الكنائس، غير متناسين الحضور الرعوي والروحي مع المهجرين منذ الساعات الأولى للتهجير. هنا، نوجّه تحية لكل الكهنة والرهبات والراهبات الذين رافقوا مؤمنينا في هذه المحنة وتواجدوا معهم في المخيمات وتقاسموا صعوبات حياة التهجير.

س: هل تحدثنا بشيء عن إستجابة الإيبارشية

المطران بشار: إجتمع بطاركة الكنائس المعنية مع مطارنة الموصل وشُكلّت "لجنة الإغاثة الأسقفية"، ضمّت أساقفة الموصل: سيادة المطران أميل نونا، وسيادة المطران بطرس موشي وسيادة المطران داود شرف وسيادة المطران طيمثاوس الشماني، وأسقف أربيل للكلدان: سيادة المطران بشّار وردة. مهمة هذه اللجنة كانت: متابعة شؤون الإغاثة للنازحين، وتم تكليف سيادة المطران أميل نونا بإدارة شؤون اللجنة، فكانت هناك مشاريع مشتركة لخدمة النازحين، إضافة إلى مبادرات خاصّة بكل كنيسة، فهناك تبرعات تُرسل لخدمة "النازحين" جميعاً، مع إمكانية إرسال تبرعات "لكنيسة محددة".

س: تحت اية مظلة عملت الابرشية؟

المطران بشار: عملنا كإيبارشية تحت مظلّة "لجنة الإغاثة الأسقفية"، وإعتمدنا في الأيام الأولى على التبرعات المالية والعينية التي كانت تصلنا من مؤمنينا في بلدة عنكاوا، ثم بدأت الكنائس وجمعيات الإغاثة الكاثوليكية، إضافة إلى جمعيات ومنظمات حكومية (جمعية الهلال الأحمر الإماراتية)، وغير حكومية والتي بدأت بالتوافد وتقديم المساعدات للمهجرين التي أشرفت على إداراتها في بدء الأزمة جمعية الرحمة الخيرية الكلدانية في الإيبارشية، وخصصنا قاعة مدرسة مار قرداغ الأهلية الدولية مركزاً لها.

س: كيف تبرمج نشاط الابرشية؟

المطران بشار: قامت مجموعة من شبيبة الإيبارشية وبإشراف الأبوين سالم ساكا وريّان عطو بإعداد قاعدة بيانات متكاملة عن جميع العوائل المهجرّة إلى أربيل ضمّت 13200 عائلة  خلال الأسابيع الأولى للتهجير وقدمت هذه البيانات لكل المنظمات مجانا رغبة من الإيبارشية في مساعدة هذه المنظمات لتوفير ما يلزم من احتياجات للمهجرين. وكما حرصت شبيبة الايبارشية على التواجد مع المهجرين وإقامة أنشطة تعليمية وترفيهية لمختلف المراحل العمرية.

أشرفت الأخوات الراهبات على توزيع وهدايا عديد الميلاد لسنة 2014 المُقدمة من جمعية الكنيسة المتألمة، فيما أشرفت الأخوات الراهبات بنات مريم الكلدانيات على توزيع الكسوة الشتوية المٌقدمة من إيبارشية مار توما الكلدانية في ميشغان (كانون الأول 2014)، وهدايا عيد الميلاد لسنة 2015 المُقدمة من فرسان كولمبوس في الويلايات المتحدّة الأمريكية. وأعدّ دير مار يوسف للإبتداء لراهبات بنات مريم كورس تعليمي في صيف 2015 لطلبة مرحلة الابتدائية والمتوسطة بمشاركة من راهبات ميشغان ومعلمي التعليم المسيحي.

غياب الحكومة المركزية

س: وماذا عن موقف الحكومة المركزية وحكومة الاقليم؟

المطران بشار: كل هذا في غياب واضح للحكومة المركزية عن تمويل ودعم أنشطة الإغاثة. ومع أن حكومة أقليم كوردستان قدّمت كل التسهيلات الممكن للنازحين، وفتحت الحدود لهم، وسهلّت إجراءات الإقامة، وواصلت في تقديم العون اللوجستي لهم، إلا أن الأزمة الإقتصادية حالت دون تقديم المعونات المالية لهم.

س: هل كان ثمة مراكز اغاثة متخصصة، كما نسمع عن ذلك في البلدان المنكوبة؟

لمطران بشار: عملت اللجنة مع ممثلي 26 مركز إغاثي في أربيل، فكانت هناك لقاءات شبه يومية في دار مطرانية الكلدان في أربيل مع مسوؤلي المراكز للإصغاء إلى "الحاجات" وتنسيق الفعاليّات، وتوجيهِ المعنيين حولها. وكان ممثلوا المراكز يُقدمون وصولات الصرف إلى سكرتارية اللجنة لتقدقيق الحسابات وصرفها، ويتوجهون يومياً إلى مخزن جمعية الرحمة الخيرية الكلدانية في مدرسة مار قرداخ الدولية لإستلام الحصص الغذائية ومواد التنظيف.

س: وهل بقي الموضوع تحت مظلة الاغاثة الاسقفية؟

المطرن بشار: كلا فقد تم حلّ لجنة الإغاثة الأسقفية في شهر آذار 2015، وعملت كل كنيسة في رعائة مؤمنيها.

س: كان عمل لجنة الاغاثة الاسقفية، حقلا عمليا للتعايش المسكوني، في المستوى المدني، بأي هدف تم حل اللجنة؟

المطران بشار: ارتأى مسؤولو الكنائس، أن العمل بنحو مستقل، سيأتي بفائدة أكثر، فاحترمنا رأيهم، برغم تحفظنا على الاسباب، وبالفعل فإن العمل المستقل لم يأتي بنتائج متميزة.

لكننا، وكإيبارشية أربيل الكلدانية، واصلنا العمل مع جميع الكنائس والمؤسسات الخيرية بما فيها إيبارشيّاتنا الكلدانية في الخارج والتي أرسلت وفي أكثر من مناسبة دعماً مالياً مُخصصاً لعوائلنا الكلدانية أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: إيبارشية مار توما في أستراليا، إيبارشية مار توما في ديترويت- ميشغان، إيبارشية مار بطرس في سانيتياغو.

س: بماذا بدأت أنشطة الاغاثة من لدن إيبارشية اربيل، خصوصا وأن مثل هذا التحول الديمغرافي قد يتسبب قبل كل شيء بأزمة مياه؟

المطران بشار: قبل كل شيء، وللتخفيف من أزمة المياه في بلدة عنكاوا، قامت مديرية الماء والمجاري في بلدة عنكاوا ومن خلال الإيبارشية وبدعم مالي من مجلس أساقفة إيطاليا بحفر أربعة آبار للمياة الجوفية في صيف 2015.

السكن

س: كيف كانت الجهود في مجال الايواء

المطران بشار: مع نهاية الشهر الأول، وقُرب بدء العام الدراسي وإستعداداً لفصل الشتاء كان على اللجنة إخلاء المدراس من ساكنيها للسماح للطلبة بالدراسة ورفع الخيم من الحدائق العامّة ومن حدائق الكنائس، فشرع سيادة المطران أميل نونا بالبحث عن بدائل للسكن، فتم تأجير مجمعّ عيون أربيل في بلدة عنكاوا لسكن العوائل المهجّرة من بلدة كرمليس والتي كانت تسكن في مبنى غير مكتمَل وتم تكليف الأب ثابتّ بولس للإهتمام بشؤون المركز ورعاية شؤون العوائل الكلداينة المهجرة والساكنة في محافظة أربيل، كما وقُمنا بتأجير بيوت سكنية في مجمّع أوزال وفي عنكاوا وفي مجمّع كنجان ومجمّع دروازا، إضافة إلى نصب كرفانات في مجمع نادي الشباب الرياضي (المركز البرازيلي) ومزار مار إيليا ومجمع إشتي 1 وعنكاوا 1.

ومع توفر التخصيصات المالية تم إفراغ  مجمع نادي الشباب الرياضي (المركز البرازيلي) ومزار مار إيليا ومجمع إشتي 1 وعنكاوا 1 من ساكنيها وتحويلهم إلى بيوت نظامية. اليوم لدينا مجمّع سكني (كرفانات) واحد فقط من أصل 26 مركز.

يُشرِف على البرنامج السيّد شوان حنّا مع كادر من شبيبة الإيبارشية، بدعم مالي من: جمعية الكنيسة المتألمة، مجلس أساقفة إيطاليا، فرسان كولمبس وتبرعات متفرقة من أبرشيات وكنائس كلدانية.

يستفيد من البرنامج 2416 عائلة في بيوت مؤجّرة على نفقة الإيبارشية (بدعم الجمعيات الخيرية الكاثوليكية) فيما تستفيد 5033 عائلة ومنذ الأول من شهر كانون الثاني 2016، من دعم مالي يتراوح ما بين 100- 150 $ شهرياً. 75%  من كنيسة السريان الكاثوليك، و15% من كنيسة السريان الأرذدوكس و10% من الكلدان.

التعليم

س: هذا كان عن السكن، وتوالت الاسابيع والاشهر، على العدوان الداعشي، ليتخذ طابع المدى البعيد، كيف تم التعامل في مجال التعليم؟

المطران بشار: قمنا، وبالتعاون المباشر مع السيّد فهمي صليوا بابكا مدير تربية أطراف أربيل بفتح 12 مدارسة للطلبة المهجرين من الموصل وسهل نينوى. قدّمت الإيبارشية 4 أراضي تابعة لأوقاف الإيبارشية لبناء مراكز تعليمية: مدسة البشارة (حي 128 في عنكاوا)، مدرسة مريمانا (حي مار قرداغ في عنكاوا) ومجمّع دراسي لجامعة الحمدانية (حي 147 في عنكاوا) ومجمع دراسي مجاور القرية اللبنانية (حي 147 في عنكاوا).

شُيدّت هذه المدارس بمساهمة متميزة من جمعية الكنيسة المتألمة (7 مدارس في أربيل ودهوك)، ومجلس أساقفة إيطاليا، ولوفرودوريان وأبرشية مار توما الكلدانية في ديترويت- مشيغان، ومن مجلس أساقفة هنغاريا.

السّلة الغذائية

س: ماء وسكن وتعليم لأناس لا مورد لهم، كيف كان التعامل مع أعاشتهم؟

المطران بشار: كلّفت لجنة الإغاثة الأسقفية جميعة الرحمة الرحمة الكلدانية في أربيل بإدارة المخزن الخاص بالغذاء ومواد التنظيف، وفتحت الجمعية المخزن في قاعة مدرسة مار قرداخ في عنكاوا. وتم تمويل المُشتريات من لجنة الإغاثة الأسقفية إضافة وقبول التبرعات العينية من المتبرعين من الأفراد والجمعيات، ومُساهمة جمعية الهلال الأحمر الإماراتية بمتابعة سعادة السيّد راشد المنصوري القنصل الإماراتي العام في أربيل.

كانت مراكز الإغاثة تستلم حصتّها اليومية من الأغذية مواد التنظيف، وقامت جمعية الرحمة الكلدانية بتوثيق تفاصيل الإستلام والتسليم في سجّلات محفوظة في أرشيف الجمعية.

            بدأت الإيبارشية ومنذ حزيران 2015، وبإشراف لجنة من العلمانين بإدارة السيدّ فهمي بابكا بتوزيع سلّة غذائية لكل عائلة مهجّرة بقيمة 57- 58 $ تتضمن نواد غذائية وتنظيف منزلي.

توزع اللجنة 11,800 سلّة غذائية شهرية بدعم من مؤسسة الكنيسة المتألمة وفرسان كولمبوس، ونقوم بمساعدة عوائلنا النازحة في ألقوش وبعض العوائل الإيزيدية أيضاً التي تسكن بجوار عوائلنا النازحة.

الطبابة – عيادة مار يوسف الخيرية

س: بعد ما تم تناوله من خدمات، نود أن تسلط الضوء على جانب حيوي آخر وهو حاجة المهجرين الى  خدمات طبية،

المطران بشار: قامت مجموعة من شبيبتنا بفتح عيادة خيرية في كنيسة مار يوسف لمعالجة المرضى، وسرعان ما تطوّرت من غرفة في مجمع الكاتدرائية إلى عيادة مار يوسف الخيرية، خلف مدرسة مار قرداخ في عنكاوا. تطوّع 12 طبيب أخصائي، و12 طبيب عام، و8 صيدلاني و3طلبة من المجموعة الطبيّة للعمل في العيادة التي تُشرِف عليها راهبات الصليب المُقدس. تستقبل العيادة 120- 150 حالة يومية، وجرى التنسيق مع عيادة مارت شموني الخيري على أن تقُدِم عياة مار يوسف الحيرية الدواء لـ 2700 مريض من ذوي الأمراض المزمنة. ويعتمد المركز على التبرعات المالية والعينية حصراً والتي تُقدر بـ 42,000 $ شهرياً. ويجري حاليا تطوير العيادة لتضم أقسام جديدة تتناسب ومتطلّبات المرحلة.

مركز الاسقفي للإرشاد الراعوي

س: لا بدّ وأنه كانت ثمة حاجة الى الرعاية الانسانية:

المطران بشار: لمتابعة الحالات النفسية الناتجة من جرّاء هذه الأزمة  والذي أسس بجهود الأب دوكلس البازي لمتابعة مثل هذه الحالات الخاصّة وتقديم العون النفسي والإجتماعي، وقد قدّم دورات تدريبية عديدة للكوادر العاملة مع النازحين.

النشاط الإعلامي

س: ضمن الماكنة الاعلامية للتعامل مع الرأي العام العالمي، كيف كان النشاط الاعلامي؟

المطران بشار: من أجل إيصال معاناة النازحين والتحديّات التي يواجهونها، وللحصول على الدعم المالي لرعاية حاجتهم قمنا بزيارات عديدة إلى بلدان العالم للتعريف بحجم المعاناة وقسوتها، وضرورة وقوف المجتمع الدولي لاسيما دول القرار مع النازحين في هذه المرحلة.

لهذه الزيارات أهمية كبيرة، فمع طول أزمة النزوح وحدوث أزمات وكوارث إنسانية في مناطق متعددة في العالم، يتحول إهتمام الجمعيات ومنظمات الإغاثة نحوه، مما يعني نيسان موضوع المهجرين في أربيل، لذلك كان لزما علينا القيام بهذه الزيارات المتعبة من أجل ديمومة إيصال الدعم المالي لبرامج الإغاثة، وتذكير الجميع بأن الأزمة مازالت مستمرة والحاجة إلى الدعم بالغة الأهمية.

كما وإستقبلنا العديد من الوفود الكنيسة والحكومية في دار المطرانية، إضافة إلى العديد من المقابلات في الصحف والإذاعات وشاشات التلفاز المحلية وألأجنبة.



الدعم المالي لبرامج الإغاثة

س: بقي أن نعرف شيئا عن عن مصادر التمويل.

المطران بشار: ساهمت العديد من الجمعيات الخيرية الكاثوليكية وكنائس كلدانية ورهبانيات بتخصيصات مالية لدعم برامج الإغاثة أعلاه، بعد تقديم طلبات أصولية تتوافق وحاجات النازحين، وتوثيق الحسابات الخاصّة بكل مشروع وتقديقها لدى مكتب حسابات قانوني.

وصلت قيمة الدعم المالي لبرمج الإغاثة إلى أكثر من 44,872,345.48 $ لغاية شهر حزيران الماضي، وتصدرت جمعية الكنيسة المتألمة القائمة يليها فرسان كولمبس ثم مجلس أساقفة إيطاليا والقائمة تضمن 60 جهة متبرعة. علماً أن بعضاً من هذه الجمعيات قد أرسل مبالغ إلى إيبارشيات وكنائس ورهبانيات محلية لدعم برامج الإغاثة التي تُشرِف عليها.   

س: سيادة مار بشار وردة، كيف تلخص مساعي الكنيسة تجاه نكبة التهجير القسري:

المطران بشار: سعت الكنيسة إذاً منذ بدء عملية التهجير القسري في حزيران – آب 2014 إلى مرافقة العوائل المسيحية المهجرة من الموصل سهل نينوى:

أولا للتخفيف من معاناتها وتوفير سبل الحياة الكريمة لها وفق الإمكانيات المتوفرة لها،

وأيضا من أجل الحفاظ على الوجود المسيحي في العراق، وذلك بتوفير المسكن والمأكل والتعليم والصحة. وشكل توفير كل هذه المستلزمات تحديا كبيرًا تطلّب زيارات وجهودا مضنية من خلال حضور المؤتمرات والتعريف بحجم المعاناة التي يعيشها مسيحيوا العراق، وأثمر ذلك في مواصلة الكنائس والجمعيات الكاثوليكية في دعم برامج الإغاثة بأكثر من 36 مليون دولار، والتي أسهمت في الحفاظ على أكثر من 14000 عائلة (من أصل 20000 عائلة تم تهجيرها من مدينة الموصل وسهل نينوى في حزيران – آب 2017).

ما بعد داعش

س: في نيسان 2016 لدى تواجدي في البطريركية في بغداد، تهيأ لي أن السفير الامريكي في العراق، ستيورات جونز، كان واحدا من اولئك مخططي الحروب، فتحدث خلال لقائه بغبطة البطريرك، للعدّة التي يعدونها لاسقاط داعش. وانتظرنا أشهر عديدة، وكأن مدة تواجد داعش كانت محسوبة الى أجل محددة، وهكذا رتبت القوى العظمى هزيمة داعش بدماء عراقية غزيرة، وبدمار شامل للبنية التحتية، ماذا يا ترى بعد ما سمي بالتحرير؟

المطران بشار: كما يعلم الجميع أن قرانا المسيحية في سهل نينوى حُررت منذ تشرين ثاني 2016، وكانت المفاجئة في حجم الدمار الذي لحق بها. معظم منازلها سرقت وهدم بعضها بسبب العمليات العسكرية، مثلما أحرفت العديد من الكنائس والأديرة. وتراواح حجم الدمار من بين 20% في بعض القرى إلى 80% في فرى أخرى.

ومن أجل الإسراع في عملية إعادة الإعمار، وبمساعدة فنية وإستشارية من قبل جمعية الكنيسة المتألمة، شكلت "لجنة إعمار نينوى" من قبل السادة الأساقفة المعنيين، يعاونهم في الإدارة حلقة من كهنة ومختصين في شؤون الإعمار.

قامت هذه اللجنة بعملية مسح شامل على القرى وفق معايير متفق عليها، وتم إحصاء 14000 ألف منزل في قرى تلسقف وباطنايا وباقوفا وقره قوش وكرمليس وبرطلة وبعشيقة. صنفت الدور إلى ثلاث مستويات نظرا لحجم الدمار الذي لحق بها. وقدرت عملية إعادة تأهيل هذه المنازل ب262 مليون دولار. وستبدأ حملة تضامن على صعيد الكنائس والمنظمات الدولية من أجل الإسراع توفير التخصيصات المالية اللازمة لهذا الغرض.

تحديات العودة:

س: سيادة المطران، ما هي التحدّيات التي تمخضت عنها هذه المرحلة الجديدة؟

المطران بشار: اليوم نواجه تحديات أخرى:

- مع أن العمليات العسكرية إنتهت في معظم مناطق الموصل إلا أن عمليات التمشيط وتصفية جيوب داعش مازالت متواصلة، غير متناسين أن لبعض منها دوافع طائفية، والتي تلقي بضلالها على العملية السياسية برمّتها. هناك مخاوف حقيقية من عمليات إنتقام طائفي وتطهير عرقي لاسيما وأن الموصل تعد حاظنة للكثير من الجماعات المتطرفة. هذا يمنع عوائلنا المسيحية من العودة إلى مدينة الموصل والتي دمّر جانبها الأيمن بشكل تام، ويبقى جانيها الأيسر غير آمن للعودة.

- ما زال الخطاب الطائفي هو الطاغي على المشهد السياسي في العراق، وعلى الرغم من الأحداث الدموية والكارثية التي شهدها العراق والتي كلّفت العراق الكثير منها دمار ثلاث محافظات سنيّة وتشريد الملايين وهدر المليارات، إلا أن الجميع يعرف أننا لم نتعلّم الدرس بعد.

- عدم وضوح الرؤية السياسية لتبعية مناطق سهل نينوى والتي لنا فيها قرى مهمّة. هناك صراع ما بين بغداد وأربيل لضم هذه المناطق تحت سيطرتها، وينقسم المسيحيون حول هذا الموضوع أيضا. ويشكل هذا الأمر تحديا كبيرا أمام عوائلنا التي لم تقرر العودة بعدُ.

س: وماذا عن تحدّيات الوضع الأمني؟

المطران بشار: أجل هناك تواجد العديد من الجماعات المسلحة في بعض من قرانا المسيحية والمتباينة في تبعيتها السياسية، ووصل الأمر إلى المواجهة المسلحة بين الفصائل المسيحية نفسها، وهذا يعطي رسالة غير آمنة لعوائلنا.

كما أن هناك الكثير من الألغام في الحقول وداخل بعض الدور السكنية، وتحتاج هذه إلى فرق متخصصة لإزالتها.

س: من الشائع أن حوافر التخصيصات المالية، تختلف في وقت الحروب وما بعدها، كيف هو الحال في مرحلة ما بعد داعش:

المطران بشار: أجل هناك عدم توفّر التخصيصات المالية الكافية لإعادة إعمار البنية التحتيّة والتي كانت تعاني الكثير قبل 2014، فالطرق والمدارس والمستشفيات في حالة يرثى لها، ناهيك عن وجود حيتان الفساد والذي يمنع الكثير من الدول من المساهمة في الإعمار.

وهناك ايضا عدم توفر التخصيصات المالية الكافية للمساعدة في إعمار المنازل من قبل الحكومة أو المنظمات الدولية. فما زالت الكنيسة هي المساهم المتميز في هذا المجال، وقمنا يجمع 400 ألف دولار لإعمار المنازل في قرية تلسقف والتي سهلّت العودة 700 عائلة، إضافة إلى تبرع جمهورية هنغاريا بمبلغ مليوني يورو لنفس الغرض. علماً أنها قدمت مليوني يورو للسريان الكاثوليك وللسريان الأرثدوكس. وحصلنا مؤخرا على مبلغ مليوني دولار أمريكي لإعادة إعمار كرمليس.

الاب نويل: شكرا سيادة المطران بشّار متّي وردة، رئيس أساقفة إيبارشية أربيل الكلدانية ونأمل أن ما حققته الكنيسة وذوي الارادة الصالحة خلال نكبة العدوان الداعشي، يتحقق ايضا بعون الرب في مرحلة العودة والاستقرار.

مالبورن استراليا 19 آب 2017