الألف ميل مربع في الشرق الأوسط الأكثر نزاعا حوله

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 15, 2017, 12:19:39 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

   الألف ميل مربع في الشرق الأوسط الأكثر نزاعا حوله   

         
برطلي . نت / متابعة
مدينة سنجار العراقية تكتسي قيمة جيوسياسية كبيرة وتتداخل فيها الكثير من المصالح المحلية والدولية رغم أنها منطقة نائية وليست غنية بالموارد الطبيعية أو البشرية.

العرب  [نُشر في 2017/06/15، العدد: 10664، ص(6)]

سنجار (العراق) – أصبحت مدينة سنجار العراقية معروفة على نطاق واسع في أغسطس 2014 إثر مجزرة جماعية ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية بحق عدد كبير من سكانها الإيزيديين. لكن هذه المنطقة النائية في شمال العراق برزت في الفترة الأخيرة لسبب آخر، فبالرغم من أنها ليست غنية بالموارد الطبيعية أو البشرية، إلا أنها تكتسي قيمة كبيرة من الناحية الجيوسياسية.

وتذهب مجلة سياسات دولية الأميركية "فورين آفيرز" إلى اعتبار هذه المنطقة ذات الألف ميل مربع في الشرق الأوسط الأكثر نزاعا حولها.

ويشير رصد حديث للمجلة لما يدور في سنجار إلى أن المعركة الرئيسية حول سنجار تبدو دائرة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد، لكن على الأرض تتصارع عديد القوى الأخرى، مثل الميليشيات الشيعية ومقاتلي داعش الهاربين من الموصل ومجموعات كردية متنوعة. وفي الوقت نفسه تقصف تركيا المنطقة من الجو.

بالرغم من أن الأكراد يسيطرون على سنجار بحكم الواقع منذ سنة 2003 فإنه ليس من الواضح إلى أي مجموعة كردية تنتمي هذه المنطقة.

ويريد حزب العمال الكردستاني من جهته التنظيمات الإيزيدية التابعة له مثل وحدات مقاومة شنكال بأن تحكم المنطقة في نهاية المطاف. ويرى حزب العمال الكردستاني أن الإزيديين أكراد (أحد القادة الكبار في الحزب إيزيدي من منطقة سنجار) والكثير منهم موالون لحزب العمال الكردستاني معتقدين بأنه القوة الوحيدة التي دافعت عنهم ضد داعش في سنة 2014.

قد تعني السيطرة على المنطقة الجبلية أن المنخرطين في حزب العمال الكردستاني سيحصلون لأول مرة على مقاعد في البرلمان العراقي. واستعدادا لذلك أقام حزب العمال الكردستاني علاقات مع حزب عمره شهر واحد وهو حزب الديمقراطية والحرية للإيزيديين الذي ينوي المشاركة في انتخابات 2017.

لكن حزب العمال الكردستاني، وحدات مقاومة شنكال ليست القوات الكردية الوحيدة في المنطقة؛ فالحزب الديمقراطي الكردستاني الموجود في العراق (الذي خاض عدة صراعات مسلحة مع خصمه حزب العمال الكردستاني) لا يريد خسارة المنطقة التي سيطر عليها منذ سنة 2003. وإذا تمكن حزب العمال الكردستاني في العراق من كسب مقاعد في البرلمان وفي النهاية يقيم علاقات مع المنظمات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في المناطق الكردية في الشمال السوري سيجعل ذلك منه أقوى قوة كردية في العالم. وفي المقابل ستتضاءل القوة السياسية للحزب الديمقراطي الكردستاني.

دون تحقيق الاستقرار في سنجار سيكون من الصعب جدا تحقيق الاستقرار في العراق
ومؤخرا، دخلت كذلك وحدات من الحشد الشعبي الشيعي سنجار واستعادت عدة قرى من تنظيم داعش. وحسب قائد البيشمركة في سنجار، ساربست لزجين، يتعارض ذلك مع اتفاقية عقدت بين أربيل وبغداد تنص على أن قوات البيشمركة هي وحدها التي يفترض أن تحرر المناطق الكردية في سنجار. وفي الوقت الراهن علّقت بغداد وأربيل خلافاتهما حول أراض متنازع عليها بسبب الحرب مع داعش، لكن هذه الخلافات يمكن أن تستأنف بعد هزم التنظيم المتشدد.

من جهتها لا ترغب تركيا في أن ترى حزب العمال الكردستاني، عدوها اللدود، يضاعف مساحة منطقته القريبة جدا من الحدود التركية وخاصة في منطقة مواتية لنشاط المتمردين.

من هذه الجبال الشاهقة والوعرة قصفت قوات صدام حسين إسرائيل في سنة 1991، كما وفرت هذه الجبال الحماية للإيزيديين على مر الزمن حتى أثناء المذبحة الجماعية لسنة 2014.

وللحيلولة دون تجذر حزب العمال الكردستاني في المنطقة لجأت تركيا إلى الضربات الجوية في حملة شبيهة بتلك التي استهدفت مقر حزب العمال الكردستاني في منطقة أخرى من كردستان، وهي جبال قنديل. ولجأ حزب العمال إلى حفر شبكة أنفاق.

بسبب موقع سنجار وتدفق مقاتلي داعش الفارين من الموصل، هناك بلدان أخرى تراقب المنطقة عن كثب هي الأخرى. وهناك نقاش بين التحالف الدولي ضد داعش حول نشر قوة دولية لفرض الاستقرار في المنطقة، إذ تقلق عدة بلدان وخاصة ألمانيا بأن الأسلحة التي يزود بها مقاتلو البيشمركة التابعون للحزب الديمقراطي الكردستاني لمحاربة داعش تستعمل بدل ذلك للسيطرة على سنجار.

لكن ذلك يثير غضب تركيا التي تفضل التعامل مع المنطقة بنفسها، وفي المقابل يمكن للخلافات بين تركيا والمجتمع الدولي أن يكون لها تأثير سلبي على الحملة ضد داعش في العراق وسوريا. كما يوجد عامل آخر غير مساعد يتمثل في نقل الأكراد الإيزيديين من الخطوط الأمامية في المعركة ضد داعش في المحافظة، وكذلك نقل قوة تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني من الخطوط الأمامية في محافظة شمال نينوى، وذلك للقتال ضد بعضهما البعض في سنجار. ونظرا إلى الوضع الأمني يعني نقل هذه القوات إلى سنجار حرمان حكومة إقليم كردستان من العدد الكافي من الجنود لضمان أمنها في مناطق أخرى.

قد يتسبب هذا الصراع في زعزعة المنطقة بأسرها. ونظرا إلى تداخل الكثير من المصالح المحلية والدولية في هذه الرقعة الصغيرة نسبيا، فإنه دون تحقيق الاستقرار في سنجار سيكون من الصعب جدا تحقيق الاستقرار في العراق، ناهيك عن سوريا والمنطقة ككل.