فايننشيال تايمز: هجرة المسيحيين خسارة للجميع في الشرق الاوسط

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 27, 2017, 12:35:03 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
فايننشيال تايمز: هجرة المسيحيين خسارة للجميع في الشرق الاوسط     

      
برطلي . نت / متابعة
عنكاوا كوم \ فايننشيال تايمز \ ديفيد غاردنر

قام تنظيم داعش بتلوين زيارة البابا الة مصر هذا الاسبوع بمقدمة دموية. وفي يوم احد السعانين فجر انتحاريا داعش انفسهم امام كاتدرائية الاقباط في الاسكندرية وفي مذبح كنيسة بطنطا في دلتا النيل ليخلفا 47 قتيل. وفي الاسبوع الماضي هاجم داعش دير "القديسة كاترين" المهيب على سفح جبل سيناء. ولولا تدخل الشرطة وصد الهجوم لكان من الممكن ان يكون مصيره مثل مصير دير ما يليا الذي يعود تاريخ بناءه الى قبل اكثر من 14 قرن والذين كان تنظيم داعش قد فجره بعد احتلاله للمدينة العراقية عام 2014.

منذ ذلك الحين خسر داعش نصف اراضي دولته الجديدة في العراق وسوريا, وبينما يواجه داعش هزيمة اقليمية, يكثف التنظيم من نشاطه المعهود في كلا البلدين حيث مارس زرع اليأس و الفتنة الطائفية. حقد التنظيم السام على كل من يحمل افكار مغايرة لأهدافه هو دافع كافي. لكن الهجمات على المسيحيين تعتبر محفزا للجهاديين الذين يفرقون اعدائهم.

العراق الذي هو مهد العصر الذهبي للإسلام تحت حكم السلالة العباسية من القرن الثامن ولغاية القرن الثالث عشر, هو ايضا تقليديا ارض النبي ابراهيم. الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 افرغ البلد من المسيحيين الذين اعتبروا متواطئين مع الغرب ووقعوا ضحية الحرب الطائفية بين الشيعة والسنة المسلمين.

وانخفضت اعدادهم من 1.2 مليون الى حوالي 300 الف. وعندما تسلح جهاديوا داعش في العراق بالصراع الطائفي بسوريا واحتلوا الموصل في حزيران من عام 2014 فقدت المدينة مسيحييها, حيث رسم الجهاديون حرف "ن" على ابواب بيوتهم في اشارة الى "النصارى".

الجهاديون متوحشين لكنهم ليسوا بأغبياء, فمهاجمتهم للمسيحيين وبقية الاقليات اجبرهم على اللجوء الى الدكتاتوريين ورجال القوة. وأثاروا عدائهم للسنة.

ميول اوربا والغرب الى الربيع للدفاع عن المسيحيين يزيد من العداء والذكريات الرهيبة للتدخل الغربي وذلك يشمل التحالفات بين قادة الدين المسيحيين والطغاة المحليين والعهد العثماني "الاستسلام" وهو نظام غير محبب والذي تحت ظله ادعت القوى الاوربية احقيتها بحماية اخوتهم بالدين, وهذا ما جعلهم – المسيحيين الارمن والاشوريين- يصطفون في الطابور الخامس وتم ابادتهم من قبل القادة الاتراك الشبان في الاناضول خلال الحرب العالمية الاولى.

المسيحيين مستهدفون, لكن قادتهم في الشرق المجاور والغرب بحاجة للتأكد من انهم لا يساعدون في تحديد الاهداف. الجهاديون يعملون منذ فترة طويلة على هذا الأمر. روايتهم حول الغربيين (الصليبيين) قد تبدو قديمة بشكل ما لكن اصداءها تتردد لدى جماهيره.
ولمواجهة هذه الخلفية من الخوف في شرق البحر الابيض المتوسط و تنامي الخوف من الاسلام (الاسلاموفوبيا) في الغرب, اعطي البابا فرنسيس لقب "بناء الجسور الموهوب". البابا الكاثوليكي يلتقط تخيلات الناس من الديانات الاخرى ومن الملحدين ايضا. لكن الامر يتطلب شيئا اكبر من جسور لتجفيف انهار السموم الطائفية التي تلاحق المنطقة بدءا بالعراق وثم سوريا.

ويبدو جليا ان موضوع ايقاف هجرة المسيحيين العرب وحماية الباقين منهم يعتبر اولوية لدى البابا. ولكن يتوجب على الفاتيكان ان توضح سياسيتها بخصوص بلاد الشام, حيث يواجه المسيحيون مستقبل معتم في حال استمرار قادتهم الدينيين برؤية الحرية والتعددية الدينية من خلال معارضة بعضهم البعض او حتى بالانحياز لوحشية ودكتاتورية بشار الاسد كمحطة افتراضية ضد المتطرفين.

وفي بداية الصراع السوري وصف بشارة الراعي بطريرك الموارنة الموالين لروما – وهم اكبر اقلية مسيحية بلبنان – وصف سوريا بأنها "اقرب شئ للديمقراطية" في العالم العربي . وهذا يحمل تسامحا دينيا كبيرا تم فرضه في سوريا تحت حكم الاسد ضد ألديمقراطية, كما ويتغاضى عن الطريقة التي استخدمت بها دمشق للطائفية كسلاح مميت. وقد وقف الكثير من رجال الدين المحليين مع الاستبداد الذي تمارسه الاقلية ذد الاغلبية السنة في سوريا ما ادى الى نشوب انتفاضة مدنية ضد الطغيان.
شبح الاسلام يحدد طريقة حكمه بطريقة مشابهة كثيرا لطريقة شبح البلشفية حيث دفعوا بعض نظرائهم من القرن العشرين للتحالف مع الفاشية.

ان بقاء التقاليد المسيحية منذ اكثر من 2000 عام في اراضي ولادتها هو امر مهم ليس للمسيحيين فقط. وفي القرن الماضي انخفضت نسبة المسيحيين من السكان العرب بنسبة الثلثين الى 5 %, وكثيرا ما كان السبب هو منحهم جواز السفر للدراسة من قبل المبشرين. بالرغم من ذلك الا ان المسيحيين لازالوا يضيفون نسيجا رقيقا للمجتمع.

بشكل عام فان معظم المستفيدين من المدارس المستوحاة من المسيحية والتي انشأت في بلاد الشام في القرن التاسع عشر هم مسلمون. امين معلوف الكاتب اللبناني المعروف لديه عبارة عن الاقليات تقول "خميرة المجتمع" ولا تزال هذه حقيقة المسيحيين في الشرق لغاية الان.