تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

النضال من اجل البقاء

بدء بواسطة متي اسو, مايو 12, 2016, 11:41:58 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

متي اسو

l
النضال من اجل البقاء
تتعرض الاقليات الدينية في عالمنا اليوم ، خاصة في الشرق الاسلامي ، الى خطر الابادة . تكمن هذه الخطورة في ان الذين يقودون حملة " الاعتداء المقدّس " يعتلون مراكز دينية لها تأثيرات قوية على الحكومات الرجعية والجماعات الاسلامية . .
إستعملتُ هنا كلمة " النضال " وليس " الصراع من اجل البقاء " .. لأن الاقليات هنا لا تصارع احدا ، بل تحاول جاهدة من اجل البقاء والحفاظ على أطفالها ... لقد تركتُ " صراع البقاء " للغالبية  التي تؤمن بأن الصراع الحقيقي هو  " الصراع من اجل البقاء على الكراسي " ... والتاريخ مليء بالشواهد منذ 1400 عام .
كان احد الاخوان قد نقل التجربة التي اجراها بعض علماء البايولوجي على الضفادع ، وُضع قسم منها في احواض مكيّفة ، ثم تُرفع درجة حرارة الحوض تدريجيا بعد ايام . تتكيف الضفادع وهي سعيدة بطعامها مع ارتفاع درجة الحرارة المتزايد الى ان تموت وهي " سمينة وسعيدة " . ثم أخذ قسم آخر من الضفادع وقذف بها في حوض فيه ماء مغلي ، كانت ردة الفعل قوية ، إذ قفزت خارجة في لحظة ، اصابت الحروق جلودها لكنها عاشت رغم ذلك ... كنتُ قد قرأت التجربة في مكان آخر ، وكان الغرض منها مقارنة حال المرأة في بلادنا التي تتعرض لـ " الوأد " المُمنهج تدريجيا ، فتموت وهي سمينة وسعيدة .. لكني رأيت في حينه ان تفسير المقال قد أخذ منحى آخر فأثرتُ السكوت لانشغالي في " الصراع من اجل البقاء في الموقع " في ذلك الوقت.... في الحقيقة ان هذه التجربة لها صلة كبيرة بما يحدث للأقليات الدينية عندنا .
لنأخذ منها امثلة :
اولا : اليهود
لقد تعرّض اليهود للاحتلال والسبي اكثر من مرة قبل ظهور المسيحية ، اصبحوا امة ممزقة تعيش في الشتات ، ثم جاء الاسلام لـ " يكفّرهم " ( حالهم حال المسيحيين ) ثم تم التنكيل بهم واجتثاثهم من الجزيرة العربية ، وقد عاشت الاقليات اليهودية حياة ذليلة في هذه البلدان ، وتاريخ " الفرهود " ليس بالقديم . ربما كان حالهم أفضل في الغرب المسيحي  ، الى ان جاءت النازية وحاولت ابادتهم .
كان رد فعل اليهود في نضالهم من اجل البقاء هو زرع " المحبة والتكافل الاجتماعي " فيما بينهم . كان آبائنا يتعجّبون  كيف ان اليهودي يمدح منافسه اليهودي في التجارة ويصفه بـ " الأخ " . وعنما قُتل رئيس وزراء اسرائيل الأسبق اسحق رابين في 4 نوفمبر 1995 على يد مستوطن يهودي متطرف ، فغر العالم فاه دهشة : " كيف ليهودي ان يقتل يهودي !! " ... رغم ان الاغتيال لم يكن بسبب خلافات حزبية او على منصب كما تعوّدنا  في شرقنا الأوسطي ، بل كان بسبب معاهدة السلام التي وقعها اسحق رابين مع السلطة الفلسطسنية ، فاعتبر اليهودي المتطرف ذلك خيانة لليهود.
لجأ اليهود الى جمع المال بطرق شتى ، شريفة وخسيسة ، لأن " المال " عنصر مهم في صراعهم من اجل البقاء ، ونجحوا نجاحا باهرا في ذلك .
لجأ اليهود الى الاعلام من اجل قضيّتهم وقد نجحوا في هذا الامر كثيرا . ( فاقهم في ذلك أبناء عمومتهم من الاسلاميين حاليا ) .
في إعتقادي ، ان لا المال ولا الاعلام كان سيفيدهم لولا تلك " المحبة " وذلك التكافل الاجتماعي فيما بينهم .
ثانيا : الارمن
رغم الاختلاف الديني بين الارمن المسيحيين واليهود ، إلا ان بعض الصفات الهامة كانت مشتركة لدى الطرفين في نضالهم من اجل البقاء.
تعرّض الأرمن أيضا الى الاحتلال والسبي قبل ظهور المسيحية ، خاصة في قتالهم مع الدولة الاشورية . لكن مذابح الأرمن في التاريخ الحديث على يد الاتراك كانت تضاهي بل ربما افضع من تلك التي تعرّض عليها اليهود .
وكذلك نرى عند الأرمن أيضا ، تلك " المحبة والتكافل الاجتماعي " فيما بينهم . فهموا جيدا ما قاله يسوع المسيح " احبوا بعضكم بعضا " .
نجح الأرمن أيضا في جمع المال والذي يُعتبر عنصرا ضروريا في " النضال من اجل البقاء " .
نجح الأرمن في عرض قضيّتهم على العالم أجمع ، نجحوا في توثيقها وتصويرها وجمع الشهود قبل وفاتهم .. وها نحن نرى الآن نتاج جهودهم تلك في المحافل الدولية .
ثالثا : السريان والكلدان والاشوريين
من المؤسف ان نرى أنفسنا وقد طاب لنا العيش ونحن مسلوبي الحقوق ، رغم المذابح والاضطهادات التي مارستها الاغلبية العددية  التي تدين بـ " الاعتداء المقدس " على مر السنين ، لقد " تكيّفنا " مع ازدياد الاضطهاد وسلب الحقوق ،أصبح بعضنا يمارس " الذميّة " بحق نفسه !!! والآخر يطالب ب " العهدة العمرية " المذلّة دون ان يسأل نفسه : " لماذا لم يكن المسيحيون يحتاجون  الى مثل هذه " العهدة " قبل مجيء دين الرحمة ؟ ...
إفتقرنا الى الوعي بما سيصيبنا ، فلم نقفز خارج " حوض الموت " ، لذا إنشغلنا في الانشقاقات فيما بيننا ، طوائف ومذاهب متقوقعة على نفسها ... و " احدنا لا يحب الآخر " ... نحن مسيحيون حتى الصميم ، ولكننا لا نهتتم بما قاله معلمنا " احبوا بعضكم بعضا " ... طائفتنا فقط هي التي تمثّل المسيحية الصادقة ، وتمسكنا بايماننا القويم يجعلنا لا نحب الطائفة الاخرى !!!! أليس هذا ما حدث وما يحدث ؟ ألم يكن الكثير من رجال الدين في كنائسنا  مساهمين في خلق هذه المشاعر السلبية ؟ ألم يكن المؤمنون الذين يدّعون الثقافة من يصب الزيت على نار الفرقة فيما بيننا ، ولا يزالون ؟ نحن نحب " الفادي " ومستعدون لحمل صليبه ، لكن سنفعل ذلك بعيدا عن الطائفة الاخرى !!!! نحن نحبه ، لكننا غير مستعدون للعمل بما قاله ... احبوا بعضكم بعضا ... " نحن لا نحب إلا أنفسنا " .
إن لم يفرقنا المذهب تماما ، فالـ " قومية " كفيلة بذلك .
لا " محبة " كانت ولا تكافل اجتماعي وُجد ... قطيعة بين اغنيائنا وفقرائنا  ... ولا إعلام أو عرض قضية إضطهاداتنا على العالم منذ الأزل .... مؤخرا فقط ، بعد ان إضطرتنا داعش ، بدأنا مشوارنا ... نحن شعب يصل دائما متأخرا...
نحن نلوم الغرب لأنه لم يأتِ ليجبرنا على عرض قضية اجتثاثنا .... كان من الواجب علينا الانكار واتهام الغرب بما يصيبنا ....وكان على الغرب ان يلحّ علينا لتغيير رأينا !!! ...
اليهود والأرمن هم الذين جعلوا الغرب يغيّر رأيه ... لكننا كنا في وادي آخر ، وادي من الفرقة ، التي تآلفت فيه مع مر الزمن الفرقة مع قلوبنا ...
الاغلبية التي تدين بـ " الاغتيال المقدس " تلعن الغرب لأسبابها ,,, وما نحن إلا ببغاوات نردد ما يقوله مضطهدونا ...
ما نحتاجه اليوم هو " الوحدة " فيما بيننا ، وإرغام رجال الدين على البحث ولو عن الحد الادنى لـ " وحدتنا " ، ما نحتاجه هو " عزل " القوميين ، وحيدين في " خيالات احواضهم " .
أي خطر آخر أفضع ننتظره كي يوحدنا ؟؟ ... أم اننا مصابون بداء - عدم الشعور بالخطر - ؟ ما السبب ، هل ان عزيمتنا واهنة ام ان شجاعتنا مُحبطة ؟ ... محبة الاخر تحتاج فعلا الى عزيمة وشجاعة .