تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

زينب

بدء بواسطة برطلي دوت نت, سبتمبر 07, 2011, 09:26:37 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

زينب


الأستاذ متي كلو


الحقيقة دائماً تؤلم ...   "بيدل"           

عندما يعتزم أي باحث آو كاتب إن يكتب عن الطرب العراقي الأصيل لابد أن يكتب عن ناصر الحكيم وحضري أبو عزيز وناظم الغزالي  وكاظم الساهر وعندما يريد أن يكتب عن الفن الملتزم ،لابد أن يذكر عمالقة هذا الفن مثل جواد سليم وفائق حسن، ولابد أن يكتب عن عمالقة الشعر مثل الجواهري والسياب عندما يكتب عن الشعر وعندما يريد أن يكتب عن الفن المسرحي والسينمائي العراقي لابد يكتب عن رواد هذا الفن أمثال يوسف العاني والرائدة العراقية وفنانة المسرح العراقي"زينب"* والتي أطلق عليها فنانة الشعب، ولكن هل مازال العراقيون يتذكرون "زينب" .

وهل يروي جيل الخمسينات والستينات وبعدها لأولادهم وأحفادهم عن تلك الفنانة العملاقة الرائدة لكي لا تطويها ذاكرة النسيان ؟

بالرغم من أن البعض من الكتاب والمثقفين والنقاد يكتبون عنها اسطر هنا واسطر هناك أو نتف عابرة عندما تمر ذكرى رحيلها أو ميلادها، لكن الآخرين لا احد منهم ينسى أن يكتب صفحات عن بعض "الفنانين والفنانات " الذين ساهموا بشكل كبير بإفساد الذوق العام للمجتمع العراقي،  في 13 من شهر أب الحالي مرت ذكرى رحيلها بصمت بدون أن يكتب احد عن تلك الفنانة والتي اشتهرت بقيم أخلاقها وإيمانها المطلق بقضايا شعبها وفنها.

"زينب" تلك الفنانة التي دخلت المعترك السياسي بمشاركتها بالمظاهرات التي اجتاحت شوارع وأزقة بغداد ضد معاهدة "بورتسموث" *سنة 1948 ولنشاطها الوطني السياسي فصلت من وضيفتها كمدرسة في ثانوية الكوت سنة 1954، وبعد ثورة 14 تموز 1958 أعيدت إلى وظيفتها، وكانت من أوائل التي قادت المظاهرات في تأييد الثورة.

قدمت أول أدوراها مع فرقة المسرح الحديث مع الفنان الرائد يوسف العاني في مسرحية "أنا أمك يا شاكر" واستمرت هذه الفنانة بتقديم أعمالها المميزة إلى ان وقع انقلاب 8 شباط 1963، هربت إلى شمال العراق خوفا من بطش السلطة  وعادت إلى بغداد في سنة 1965 كمدرسة في مدرسة النجاح الأهلية.

بعد تموز 1968 أعيدت إلى وضيفتها كباقي المفصولين، ومن  خلال خشبة فرقة المسرح الفني الحديث قدمت ادوار هادفة ومميزة  وأجادت  في أدوارها في مسرحيات منها "الخرابة" و"الخان" و"تموز يقرع الأجراس" و"ست دراهم"و"بغداد الأزل بين الجد والهزل" والمسرحية التي مازالت عالقة في الأذهان"النخلة والجيران" مع خليل شوقى وناهدة الرماح وفاضل خليل ومقداد عبد الرضا  للروائي العراقي الكبير غائب طعمه فرمان وكما أبدعت في المسرح كذلك في السينما حيث قدمت "سعيد أفندي" و" أبو هيلة" و"الحارس" واستطاعت أن تقدم دورها في مسرحية "بيت برنا ردا آليا" على ضوء الشموع والفوانيس بالرغم من قطع أزلام "الأمن" التيار الكهربائي  عن المسرح وكانت هذه بداية لتضيق الخناق على القوى المناهضة للدكتاتورية .

فتم منع زينب من دخول الإذاعة والتلفزيون،فاضطرت أن تغادر الوطن في أوائل شهر كانون الثاني عام 1979.

تنقلت فنانة الشعب بين عدة دول  بعد أن تركت وطنها ،  بين الكويت وبريطانيا  وبلغاريا واليمن  وسورية  كانت محطتها قبل الأخيرة عاصمة السويد"ستوكهولم" في  تموز 1990.

قدمت أعمالا رائعة في كل محطات المنافي وكانت أدوراها مثالا للإبداع العراقي في المغتربات ، حيث أسست في عدن فرقة الصداقة التي قدمت مسرحية "مغامرة رأس المملوك جابر" وفي دمشق أسست فرقة بابل وقدمت من خلالها مسرحية "الحصار" وفي السويد أسست فرقة "سومر" وقدمت مسرحية "صور شعبية وصورة" وأخيرا استقرت في مدينة "ينبوري" في السويد.

رحلت إلى مثواها الأخير في 13 آب 1998عن عمر يناهز 67 عاما بعد أن عاشت حياة قاسية وهي تقارع الدكتاتورية بإعمالها المسرحية التي كانت تعبر عن معاناة الطبقة المسحوقة من الشعب العراقي، كما صارعت بمرارة مرض السرطان الذي أصابها في تلك المدينة الاغترابية ورحلت وعيونها شاخصة إلى وطنها التي  أعطته كل ما استطاعت .

مرت ذكرى رحيلها بدون أن تكتب صحافتنا شيء عن نضالها وبطولتها وحياتها الحافلة بالعطاء ، وكما همشت صحافتنا ذكراها، تهمشت وزارة الثقافة العراقية المبدعين من الذين قارعوا الدكتاتورية  ومنهم الفنانة الراحلة "زينب" التي حملت الوطن في قلبها وهي تقدم إبداعها على المسرح، أن مهمة الوزارة تكريم هذه الفنانة، والتكريم ليس إلا رمزا وعرفانا ووفاء لكل مبدع عراقي .



    *  ولدت الفنانة زينب عام 1931 في مدينة الكوت 1998، واسمها الحقيقي فخرية عبد الكريم
    *  بورتسموث: المعاهدة التي أبرمت في ميناء بورتسموث البريطاني بين العراق وبريطانيا في 15/ كانون الثاني/ 1948