تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

"البازة" والحياة الصعبة!

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أغسطس 14, 2011, 03:01:56 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

"البازة" والحياة الصعبة!



الأستاذ متي كلو

صدر أمر من مجلس الوزراء بتشكيل وفد رسمي برئاسة احد وكلاء الوزارات وضم عددا من المدراء العامين ومعاونيهم يرافقهم احد رجال الأمن*لزيارة بعض الدول الأوربية وفقا للبرتوكولات الموقعة بين الدولة وهذه الدول، وكان "سامي"احد معاوني المدير العام للشركة التي اعمل فيها من ضمن الوفد.

بعد عودة "سامي" كنت مع بعض الزملاء في زيارته للسلام عليه، وتحدث لنا عن مشاهداته لمصانع الاقشمة في إحدى الدول الأوربية والمختصة بصناعة القماش القطني المسمى "البازة" والذي يصنع منه أثواب نسائية وبجامات أو"دشاديش" رجالية وكذلك الأطفال وهذا المصنع يملكه  رجل وزوجته ويعملان معهما ابنته وزوجها وكذلك احد إخوانه مع عدد من العمال لا يتجاوز عددهم  عن الثلاثين شخصا ويصدر إنتاجه إلى عدد من دول الشرق الأوسط ومن ضمنها العراق وتم التعاقد لاستيراد مثيله إلى العراق ليصل خلال 6 اشهر بعد أن تختار الوزارة المعنية المكان الملائم لنصبه  وكانت إحدى منشئات وزارة التجارة تستورد كميات هائلة من هذا القماش من هذا المصنع بسعر الكلفة 120 فلسا للمتر الواحد مضافا ضريبة الكمرك وكان يسوق للمستهلك بسعر  180 فلسا عن طريق الوكلاء، كما حدثنا عن مشاهداته الأخرى في القطاع التجاري والصناعي ونظام السيطرة على الخزين والنظم المتبعة في التوضيب والترقيم  ودقة المعلومات في  المجمعات المخزنية  والتسويقية .

تم أكمال الأعمال الإنشائية في زمن قياسي في إحدى مدن وسط العراق وتم  نصب معدات المصنع بعد وصولها، كما حضر بعض المهندسين لانهاء عمليات نصب المعمل من الشركة المصنعة كما عاد عدد من المهندسين والفنيين بعد انتهاء دوراتهم التدربيبة وتم تعيين مدير عام واثنان كمعاونين له مع 8 مدراء أقسام وتم شراء عدد من الشاحنات لنقل الإنتاج إلى المخازن الرئيسية في المصنع وبلغ مجموع الموظفين والعمال الذين تم تعينهم أكثر من 280، وتم تشغيل المعمل بطاقة تجريبية  لفترة شهر واحد ثم بكافة طاقته الإنتاجية وتم تسويق الإنتاج من المصنع إلى  شركة التسويق في وزارة التجارة بكلفة المتر الواحد 650 فلسا!! وتم تسويق الإنتاج إلى وكلاء الأقمشة  وتكدست الحصص في محلات الوكلاء وجبة بعد أخرى  بسبب رداءة النوعية وارتفاع أسعارها وعدم الدقة في الألوان وامتنع الكثير من الوكلاء عن استلام حصتهم الأسبوعية واجتمع المدير العام للشركة المسوقة مع هؤلاء الوكلاء واقترح عليهم زيادة حصتهم من "البازة" المستورة شرط  قبولهم بالإنتاج الوطني! ولكن دون جدوى، واستمرت الاجتماعات بين الشركة المسوقة والمنتجة  لتذليل العقبات ولكن كل تلك الاجتماعات لم تثمر وتكدست المادة في مخازن الشركة المنتجة والشركة المسوقة ونتيجة التراكم والتقادم تم إتلاف الكثير منها وقدمت دراسة من "خ"احد الموظفين في الشركة المصنعة  وكانت الدراسة تحتوي على  بعض الحلول لهذه "الخسارة" ومنها:

    تقليص عدد العاملين في الشركة المصنعة بنسبة 66 بالمائة ومنها إلغاء منصب معاوني المدير العام.
    تعين موظفين من خريجي الفنون الجميلة في أقسام الفنون التشكيلية والاستفادة من دراستهم في تصميم النقشات والمقاسات والألوان بما يضاهي القماش المستورد.
    الاستفادة من خبرة بعض من تجار الأقمشة في السوق وتعينهم كمستشارين.
    تقليص آو منع استيراد هذه المادة.
    إخضاع الإنتاج إلى فحوصات دائرة المقاييس والسيطرة النوعية

وإذا نعذر تنفيذ المقترحات أعلاه يغلق المصنع ويتم توزيع العاملين إلى وزارات الدولة.

وعندما التقيت"سامي" أعلمني بفصل الموظف"خ" واعتبر انه متعاون مع تجار القطاع الخاص وضد القطاع الاشتراكي التي تتبناه الدولة، وعندما سالت عن رائيه، أجابني مبتسما: لا أريد الاستغناء عن خدماتي، لان الحياة صعبة يا عزيزي.



*جرت العادة أن يرافق رجل امني مع كل وفد يتم إيفاده إلى خارج القطر!! وروى لي أكثر من صديق كانوا من ضمن الوفود التجارية إلى أوربا الشرقية بان رجل الأمن المرافق كانت اهتماماته زيارة علب الليل وكثيرا ما كان ينسحب من الاجتماعات لجهله اللغة الانجليزية .

* معنى (دشداشة) ثوب طويل يلبسه الرجال وله ألوان مختلفة.


المصدر : نقلا عن جريدة بانوراما التي تصدر في سدني / استراليا

ماهر سعيد متي

كان الأجدى دراسة سبب الخسارة والمشكلة عموما وايجاد الحلول .. وتشجيع اصحاب الرأي والأفكار لتقديمها .. وليس العكس .. هي حكاية صغيرة لكن ذي مخزى كبير .. فبدلا من ان نستفيد من اخطاءنا نزيدها وبالا ..شكرا لك على الموضوع .. تحياتي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة