مشاكسة بغــــداد تغـــــرق مرتيــــــن / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, نوفمبر 21, 2013, 08:27:26 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
مشاكسة
بغــــداد
تغـــــرق مرتيــــــن



مال اللــه فـرج
malalah_faraj@yahoo.com



هاهي بغداد الى جانب جراحاتها المأساوية وهي ما تكاد تغفو على وقع أصوات انفجارات ألمفخخات والأحزمة الناسفة , حتى تصحو عليها , لترسم تضاريس واحدة من ابشع لوحات الفواجع الانسانية المصبوغة بنجيع الدماء المتمازجة باوصال الضحايا الشهداء ,وفي مقدمتهم اطفال اختطفهم الارهاب بوحشيتة السادية من بين احلامهم الطفولية ليحولهم بلحظات الى مجرد ذكرى مؤلمة تحز القلوب والضمائر, حتى وجدت هذه العاصمة التاريخية نفسها ضحية للغرق بين طوفانين.
فما ان تم تحديد موعد الانتخابات البرلمانية القادمة , حتى انفجر بقوة واحد من اعنف الأعاصير السياسية , وراحت امطار الاتهامات الغزيرة والخطيرة والمثيرة تتساقط بقوة وبلا توقف على رؤوس السياسيين والمواطنين على حد سواء,وكل من المعنيين يلوح بالكثير الكثير من الاتهامات الكفيلة بوضع المتهمين فيها وراء القضبان بمختلف تهم الخيانة الوطنية واساءة استخدام السلطة واغتصاب المال العام (فيما لو صدقت تلك الاتهامات وقدمت الى القضاء معززة بالادلة والوثائق الحقيقية) , حتى تحولت افاق العملية السياسية الى ساحة حرب يعلوها لهب الحرائق المشتعلة وتتصاعد منها اعمدة الدخان , في وقت يقف فيه المواطن مذهولا ومتسائلا في الوقت نفسه , (ان كانت هذه الجهة او تلك متأكدة من حقيقة اتهاماتها تجاه الجهة المعنية , كيف رضيت بالعمل معها تحت مظلة التوافقات السياسية لحد الان , ولماذا بقيت صامتة لم تكشف اخطاءها او فسادها او خروقاتها او خيانتها الوطنية امام الرأي العام ان كانت فعلا تحتكم في اتهاماتها للمصلحة العامة ؟ ثم اليس السكوت عن اية جريمة او تجاوزا او خرقا للمصلحة العامة يمثل مشاركة فيها ويضع الصامت المعني تحت طائلة القانون؟) , والاهم , هل تندرج عملية (جمع مثل هذه الخروقات والاتهامات والوثائق الخطيرة والمثيرة والاحتفاظ بها وتحويلها الى عود ثقاب لاشعال حرائق حرب الملفات) ضمن اهداف المصلحة الوطنية العليا ؟ ام ضمن اهداف المصالح الشخصية والسياسية والدعاية الانتخابية؟
في خضم اعاصير وفيضانات حرب الملفات والاتهامات السياسية, ابت الطبيعة الا ان تسهم وبمنتهى النزاهة والشفافية في كشف جانب حيوي من المأسي العراقية الكثيرة المتنوعة والمتداخلة لتهمس بأذان معظم المسؤولين ان لم نقل جميعا , ولتشير اليهم بأصابع الاتهام قائلة (كلكم مشاركون في الماساة ومسؤولون عنها سواء بالفعل او بالصمت) .
فما كاد شتاء هذا العام يطرق ابوابنا , ويضع اولى خطواته على اديم حياتنا , ومع أولى بشائر الخير التي جادت بها السماء علينا , ممثلة بتساقط اولى زخات المطر حتى غرقت بغداد وتحولت الى ما يشبه (فينيسا الشرق) مع الاختلاف بالطبع , فغزت المياه الشوارع واغلقت الازقة ومنعت المواطنين من الذهاب الى مقرات عملهم وارغمت الجهات المعنية في ثاني اكبر دولة نفطية الى اعلان اليوم التالي لهذه الكارثة البيئية يوم عطلة رسمية دون ان يجرأ اي طرف من اطراف العملية السياسية على ايقاف حرائق اتهاماته ويسائل المعنيين في الحكومة , اين ذهبت تخصيصات اكبر ميزانية سنوية في تاريخ العراق تفاخرتم بانها بلغت بحدود (118) مليلر دولار ؟ في وقت عجزت فيه هذه الميزانية الخرافية عن توفير ابسط الحقوق الخدمية للمواطنين وفي مقدمتها خدمات المجاري؟بالاخص وأن امانة بغداد سبق ان اعلنت ان تخصيصاتها المالية من ميزانية تنمية الاقاليم لعام 2012 بلغت (600) مليار دينار , خصصت منها (139) مليارا لدائرة مجاري بغداد , فكيف غرقت بغداد اذا وطفحت مجاريها ونجحت مياه اول مزنة شتائية في ان تحاصرها وتوصد منافذها مع وجود هذه التخصيصات المجزية ,والاهم , هل ستواصل الجهات المعنية صمتها كالعادة ازاء مثل هذا التقصير حتى لا تثير حفيظة بعض الشركاء وغضبهم ؟ أم ان الامر من البساطة بحيث لا يستحق المساءلة ؟ ام ان الصمت يندرج تحت طائلة الدعاية الانتخابية ايضا وكسب الاصوات , ثم كيف سيكون الحال لو ان كمية هذه الامطار نفسها تكررت خلال هذا الشتاء عشرين او ثلاثين مرة؟
فيا ايها المسؤولون (الحريصون )على مصالح العراق والعراقيين وعلى الامانة الوطنية التي بين ايديكم , اليس الاجدى من حرب الملفات والاتهامات وكشف عورات هذا وذاك ان تديروا ظهوركم ولو قليلا عن معارككم السياسية وتبادرون للنزول الى الشوارع والى الاحياء الشعبية وتتفقدوا بأنفسكم الاوضاع المزرية لواحدة من اغنى البلدان النفطية ,بالاخص بعد الفضيحة التي سبق لليونسكو ان اعلنتها بحصول بغداد عاصمة بلاد الحضارة والتاريخ والابداع على المرتبة الثالثة من بين اكثر عواصم العالم (وساخة) واحتوائها على النفايات , وثامن عاصمة على مستوى التلوث البيئي.
الى ذلك فان هذا البلد فائق الغنى باحتياطياته النفطية والذي تفوق تخصيصات ميزانيته السنوية مجموع تخصيصات الميزانيات السنوية لاربعة من دول المنطقة , ما يزال ستة ملايين من   مواطنيه اي ما نسبته 18% من سكانه وفقا لتقارير دولية يعيشون تحت مستوى خط الفقر , فضلا عن ان ثلاثة ملايين طفلا من اطفاله , اي ما يعادل ربع اطفال البلد يعملون في مهن لا تتناسب واعمارهم لاعالة عوائلهم بدخل يومي يقل عن الدولارين والعشرين سنتا , وفقا لصندوق الامم المتحدة للطفولة , فأين هذا كله من متابعة مسؤولينا الذين وضع بعضهم مسؤولياته الوطنية وراء ظهره  وانغمس بحروبه السياسية ؟