جرح الطفولة النازف في العراق أما آن له أن يندمل؟

بدء بواسطة حكمت عبوش, مارس 14, 2013, 04:48:12 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

جرح الطفولة النازف في العراق أما آن له أن يندمل؟
                                                                                           حكمت عبوش
عندما ينظر الإنسان إلى عالم الأطفال في المجتمعات المتحضرة و يرى الأجواء المليئة بالراحة و المتعة البريئة و العناية الرفيعة التي يحاط بها الطفل في كل مراحل نموه و في كل الأوساط التي يدخل إليها و يحاول الأهل بجد أن يكون اهتمامهم متكاملا مع الأطراف الأخرى التي تساهم في تربية طفلهم و التي لا تنصب على معالجة المشاكل التي تعترض مساره ليصبح فردا نافعا اعتياديا فحسب بل و يشارك بنشاط بكل الفعاليات التي تغني فكره و شخصيته و يصبح قادرا على الإبداع في نشاطه الصفي و اللاصفي و أن يتم تطوير و شحذ طاقاته الذهنية و مواهبه التي يمتلكها في العمل العلمي و الأدبي و الفني مثل الرسم و الموسيقى و الغناء و التمثيل أو الرياضة أو أي جانب من الجوانب المتعددة للشخصية. و لكن و نحن نفكر بهذه الحقائق و التي تجسمت كواقع مزدهر مرفه يعيشه الأطفال و أهاليهم عمليا في تلك المجتمعات. أصدرت قبل أكثر من ثلاثة شهور منظمة رعاية الطفولة و الأمومة (اليونيسيف) و بالتعاون مع (وزارة التخطيط) تقريرا عن الأطفال في العراق و جاء فيه إن 5.3 مليون طفل عراقي لازالوا يعانون من وجود مشاكل أساسية في حياتهم و التي حرم تعرض الأطفال لها الإعلان العالمي لحقوق الأطفال و الذي صدر بالإجماع من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20/11/1959 أي منذ أربع و خمسون عاما و يظهر التقرير كم نحن بعيدين عن تحقيق ما نريده لأطفالنا و كم نحن عاجزون عن رفع مستوى معيشة الكثير منهم و إننا لازلنا نراوح في القاع و بيننا و بين القمة التي هم فيها مسافات شاسعة و يجب أن نخجل من مقارنة أنفسنا بهم و لأجل مناقشة ما جاء في التقرير عقدت قناة الحرية يوم 7/1/2013 ندوة قالت فيها السيدة هناء أدور الناشطة البارزة في مجال حقوق الإنسان و رئيسة منظمة أمل: يولد في كل 40 ثانية طفل عراقي جديد و يتوفى منهم كل سنة(35 ألف) طفل دون الخامسة و إن 80% من الأطفال بين عمر(2-14) سنة يتعرضون إلى شكل معين من العنف و(450) ألف طفل بعمر انتهاء الدراسة الابتدائية لا يكملون الدراسة و إن 3/10 من الفتيات العراقيات يجهلن القراءة و الكتابة. و قالت د.(عبير مهدي الجلبي) رئيسة هيئة رعاية الطفولة: رغم إن الهيئة تشترك بها 12 وزارة و لكنها غير مفعلة بالشكل المطلوب.....لماذا؟ بسبب عدم امتلاكها ميزانية رغم كثرة و خطورة المشاكل التي يعانيها 16 مليون طفل عراقي و الهيئة لم تقف مكتوفة الأيدي أمام ذلك بل خاطبنا رئاسة الوزراء و وزارة المالية و لكن الوزارة ردت بعدم وجود نص في الميزانية يوصي بتخصيص أموال للهيئة.
أما الدكتور شاكر شاهين أستاذ علم الاجتماع فقد قال و هو يشير إلى سوء وضع الأطفال: هناك(مافيات) تعمد على تعويق الطفل و خلق عاهة به ليصبح جاهزا للعمل(شحاذا) و هذه المافيات كانت موجودة منذ التسعينات.
إننا نؤكد ثانية من أن الحقائق المؤلمة التي ذكرها السيد عبد الحميد ياسر-نائب مدير عام دار ثقافة الأطفال-من أن 15% من الأطفال يعيشون دون مستوى الفقر و 10% منهم متسربون من المدارس هي حقائق سليمة و إن الخطة التي وضعتها الدولة و التي أمدها أربع سنوات(2010-2013) لتخفيف نسبة الفقر تسير ببطء السلحفاة و تشير إلى ما تعانيه مآسي الأطفال من مراوحة في مكانها الموحل، إن القضاء على بطالة الأهالي يعني توفر المعيشة لهم و عدم اضطرارهم لتشغيل أطفالهم فيداومون في المدارس بعكس بطالتهم التي تجبرهم على الاعتماد على عمل هؤلاء فيضطرون إلى تسريبهم من المدارس و زجهم في أعمال لا تنسجم مع أعمارهم و لا مع مزاجهم من اجل المساهمة في توفير لقمة العيش للعائلة. و في الحقيقة و إن كان الوضع ألمعاشي التدني احد الأسباب الرئيسية في التسرب فانه ليس الوحيد فهناك المدارس الآيلة للسقوط و حاجتنا إلى(7000) مدرسة لم يبن منها سوى الشئ القليل و ما يعنيه هذا من استمرار الدوام المزدوج و ازدحام الصفوف و المدارس بالتلاميذ و مدارس(الكرفانات) الغير لائقة و مشكلة الرحلات المكسورة و انعدام  المرافق الصحية و المياه و غيرها من المشاكل و التي كانت بمجموعها سبلا هيأت لتفشي ظاهرة تسكع الأطفال في الشوارع من متسربي المدارس و متسولين و سائرين على غير هدى و لا هدف متعرضين للانحراف و الضياع. إن الجرح المجتمعي العميق كان نازفا منذ عهد(الدكتاتور صدام) منذ أنفاله الهمجية السوداء بحق الأطفال الملائكة و منذ أن دفر المدارس برجليه و جعل التلميذ في السادس الابتدائي لا يعرف قراءة و كتابة الحروف العربية بل لا يعرف حتى كتابة اسمه. لقد نزفت الطفولة البريئة في زمنه الكارثي دما طاهرا و نزفت حرمانا و فقرا و تهجيرا و جهلا و أمية و تخلفا و لكن بسقوطه كانت الناس تأمل أن يتغير وضع الأطفال بشكل جذري و لكن لحد اليوم لم يحدث سوى شئ نسبي و جاء تأكيد وزير التخطيط على قناة الحرة يوم 13/2/2013 من أن 1/3 أطفال العراق يعانون من حالة أو أكثر من سوء الصحة أو التعليم أو المعيشة... و نسأل لماذا تستمر معيشة أطفالنا في هذا السوء و العراق ليس بلدا فقيرا. يقول الدكتور إبراهيم الجعفري رئيس التحالف الوطني إن ميزانيتنا تعادل ميزانية خمس دول و هناك حقيقة أكدها علماء الاجتماع و علماء النفس و يعرفها أغلبية المواطنين و هي إن جيلا فقيرا جائعا متخلفا لن يستطيع بناء مستقبل زاهر له و للوطن. إن الخلافات و الصراعات اللامجدية بين الكتل المتنفذة وصلت إلى أعلى مستواها و أوصلت السيل الزبى كما يقولون و جعلت أكثر من 700 مليار دولار تدخل الميزانية و لكن أكثر من 80% منها تنفق هدرا1 و نحن نقول من المخجل أن يحدث هذا في أي مجتمع من المجتمعات فكيف بالعراق؟ و نؤكد أيضا إن السبب في هذا هو بناء العملية السياسية على طريقة المحاصصة الفاشلة مما جعل الحكومات المتعاقبة عاجزة عن تحقيق شئ يذكر يتناسب و حجم إمكانيات العراق الكبيرة و نعود إلى موضوع أطفالنا و نقول إن إهمال إعدادهم و تربيتهم ليكونوا الجيل العراقي الشجاع المتحضر القادر على العمل و البناء بروحية القرن الواحد و العشرين لهو اغتيال لمستقبل الوطن يتحمل مسؤوليته كل الكتل المتنفذة و قادتها.

1-   قال وزير التخطيط الدكتور علي ألشكري في لقاء مع قناة البغدادية في 11/12/2012 من أن ميزانية العراق دخلتها من(2004الى 2012)(700 مليار) دولار و انفق هدرا 80% منها.   


ماهر سعيد متي

وهل يوجد تخطيط في العراق ام انه مليء بالتخبط ؟؟؟
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة