قادة جموع الـ "نعم" في مواجهة اللاءات المتصاعدة...

بدء بواسطة baretly.net, مارس 14, 2011, 02:31:36 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

baretly.net

قادة جموع الـ "نعم" في مواجهة اللاءات المتصاعدة


جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com



برزت ظاهرة الرأي والرأي الآخر بشكلها الحديث في المجتمعات المشرقية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وظهور ما اصطلح عليه سياسياً بالدول العصرية، حيث تم القضاء على النظام القديم المتأسس أصلاً على تبني زعامات دينية وعشائرية لإدارة شؤون العامة.. وإستطاعت بلدان المنطقة برعاية ومساندة من قوى الإستعمار من التهيئة لنواة دولة المؤسسات القائمة على الفصل بين السلطات وإنعاش الحياة المدنية، إضافة إلى تشجيع النشاط السياسي المرتكز على نظرية التصارع السلمي بين الحكومة والمعارضة.. وبدأ الأمر شيئاً فشيئاً يسير بالإتجاه الصحيح لبناء دولة المواطنة والإندماج الإجتماعي المتبنية للممارسات الديمقراطية في تعاملها مع الجماهير، ولم يكن هناك ما يعكر صفو النظام الجديد سوى تمادي المستعمر أحياناً في الإصرار على مصالحه الذاتية دون الإلتفات لمصلحة الدول والشعوب المستعمرة.. وسرعان ما إستطاعت حركات عسكرية رافضة وطامعة بالسلطة أكثر منها ساعية لخلاص الشعوب من ظلم المحتل والحكام (العملاء) من قلب الموازين والسلبطة على الحكم، فتوالت الإنقلابات العسكرية في معظم بلدان المنطقة ونجحت في أن تزيح الأنظمة السابقة بالحديد والنار وتستلم زمام الأمور.. وهو ما أدى إلى نشوء سلطة حاكم عسكري تربى على خلفية التعامل مع الأفكار والآراء باعتبارها أوامر فوقية غير قابلة للنقاش، حيث عندها تم القضاء نهائياً على ما تأسس قبله من إحترام الآراء وتقبلها باعتبارها قضية إختلاف وليس خلاف.
اليوم وبعد عقود من محاولات التشبث بالسلطة والبقاء في أعلى الهرم وما تخللتها من جرائم قمع وتصفية المعارضين بشتى الأساليب نرى إنصياع الحكام للرأي المخالف، والذي أيضاً لم يخلو من اللجوء إلى القوة في مواجهة الحاكم المستبد ومحاولة إسقاطه.. لكن هذا الإنصياع أما أنه يأتي متأخراً بحيث لا ترتجى منه أي فائدة عملية في الإبقاء على مفهوم إحترام الآراء، أو أن يكون بطريقة الغالب والمغلوب الذي يسارع إلى ترك الحلبة (إذا لم يكن الملعب برمته) بعد السقوط بالضربة القاضية.. كما أنه ما زلنا نشاهد يومياً تكرار تجربة القائد الذي يتعاطى مع من حوله وفق مبدأ من ليس معي فهو ضدي ومن لا يعلن ولائه في كل الظروف والأحوال فهو مهزوز لا يمكن الإعتماد عليه، أما من يجاهر بمعارضته علانية فهو الشيطان الرجيم بعينه والذي يجب إحراقه في نار جهنم وبئس المصير.. عليه نرى القادة المتأثرين بالفكر القديم في إدارة المجتمعات (وهم كثر والحمد لله) يتبنون ويشيدون ويسبغون النعم على من يحافظ على قول الـ نعم وعدم المعارضة، ويتركون ويحاربون ويبعدون كل من يجرؤ على المجاهرة بالـ لا.. وهم بهذا يصبحون حكام وقادة جزء من مواطنيهم والمنتمين لمؤسساتهم التي شطروها هم أنفسهم على خلفية من هو معي ومن هو ضدي، وهو الأمر الذي سيحتم على الجزء الآخر رفض القائد والمطالبة بتغييره (وأحياناً حتى برأسه) لأنه لم يعد يمثله أو يثق به.
وما يزيد من مأساة الواقع المؤلم الذي نعيشه هو سريان هذه المفاهيم وإستنساخ هذه التجارب وتكرار نماذجها في أغلب مفاصل الدولة بدءً من مؤسسة الحكومة ومروراً بالمؤسسات السياسية والدينية وإنتهاءً بمؤسسات المجتمع المدني في العلم الثالث.. بحيث ما أن يستلم الحاكم بأمر الله القيادة حتى يبدأ بالتفكير بكيفية الإستمرار بها وعدم تسليمها، وتبدأ معه جميع ممارسات الترويض بحق المتعاملين معه ترغيباً أو ترهيباً ويتم إختزال كامل المؤسسة بشخصه هو بحيث يُفهم الجميع أن بقاء المؤسسة ببقائه وزوالها من زواله.. ولم نرى أو نسمع طوال تاريخ المنطقة الحديث تناوب القيادة إلا باقصاء الما قبل أو على الأقل بانهائه عملياً والحكم عليه بالموت السريري، ، أو في أفضل التخريجات وبعد عمر مديد يتم التحضير لتقبل التوريث للأبناء أو لأولاد الأخ أو حتى الأخت كأحد الحلول المسموح بها.. لكن مؤخراً أصبحنا نثق أكثر بنجاح جموع الجماهير الرافضة قبل قوى المعارضة التقليدية في القيام بثورات حقيقية نابعة من رحم الفقر والحرمان والمعاناة والإستعباد ضد الدكتاتورية والطغيان، ثورات تراق فيها الدماء الزكية لتعيد الحق المغتصب لأصحابه وتذهب بالقائد الأوحد لمزبلة التاريخ.

ماهر سعيد متي

                     [size=14pt]فعلا قد ذهب الحكم الأوحد مع ادراج الريح ... تحياتي[/size]
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة