"ابو الصوف ..كنز عراقي يضاهي ما اكتشفه من اثار"...

بدء بواسطة برطلي دوت نت, نوفمبر 27, 2012, 08:36:03 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

"ابو الصوف ..كنز عراقي يضاهي ما اكتشفه من اثار"...
آثاريو نينوى يرون لـ "عنكاوا كوم " بعض ذكرياتهم مع الراحل بهنام ابو الصوف



بهنام ابو الصوف

برطلي . نت / متابعة 
عنكاوا كوم – الموصل - سامر الياس سعيد
 
لعل ابرز ما يميز العام 2012 من أحداث، رحيل الاثاري العراقي المعروف بهنام ابو الصوف الدكتور الذي أفنى عمره في البحث والتنقيب وسعى من اجل طموح جامح نحو اكتشافات مبهرة قادته الى رفد التاريخ العراقي بصفحات مفقودة.

وأبو الصوف الذي انحدر من عائلة مسيحية معروفة، أبصر النور في مدينة الموصل عام 1931 واختار دراسة اثار بلده العراق وتعلقه وانغماسه الشديد في هذا الحقل بين المعرفة  في سني حياته كلها، وحصل على الدكتوراه من جامعة كمبردج عام 1966 وهو من المؤسسين لجمعية الاثار العراقية عام 1975 وله أكثر من خمسين كتابا وبحثا ومقالة منذ العام 1946، تدور حول الحضارة العراقية والتنقيب وشؤون الاثار القديمة حتى عد مرجعا مهما في هذا المضمار. غادر العراق، حيث استقر في العاصمة الأردنية عمان حتى توفي هناك وكان يحرص قبل ان توافيه المنية، لتسجيل انطباعاته عبر مذكرات اتفق على نشرها مع احدى المكتبات في العاصمة المذكورة ونشط في هذا الامر الذي جعله يمنح ما يقارب الـ(90) مخطوطة معدة للنشر في سياق هذا العمل لصاحب المكتبة، كما اخبرني بذلك صديقه الاثاري جنيد الفخري والذي كان على تواصل معه. وكان قد جمعه اتصال هاتفي مع الراحل قبل يوم واحد من وفاته.

ويتحدث عدد من الاثاريين الأكاديميين في جامعة الموصل عن بعضا من تفاصيل ذكريات جمعتهم  بالراحل كونه عد مرجعا همها استفاد من خبرته وتجاربه مئات العاملين في المضمار الاثاري، وقد تعذر على كلية الاثار بجامعة الموصل، إقامة  احتفالية تأبينية لاستذكاره بعد تأجيلات عديدة حتى وافت الفرصة لتحتفل بهذه المناسبة، يوم الاثنين الموافق 26 تشرين الثاني. اما عن مبادرة محافظة نينوى بإطلاق اسم الراحل على إحدى المواقع الاثارية، فكانت عصية الفهم على عدد من المتابعين، حيث أكدوا استحالة تحقيق مثل تلك المبادرة خصوصا ان للمواقع الاثارية خصوصية نابعة من تسجيل أسمائها نظرا للفترة التي عايشتها تلك المواقع، وطالبوا بإطلاق اسمه على احد الشوارع الرئيسية في المدينة، تكريما واعتزازا منه لدوره الهام في اكتشاف العديد من الحواضر التاريخية للعراق.

ويقول الباحث الاثاري حكمت بشير الأسود ان معايشته للدكتور بهنام ابو الصوف في اولى سنواته الجامعية لدراسة علم الاثار اكسبته رغبة وتعلقا بهذا المجال، مضيفا، "وجدت ان هذا العلم يرد على العديد من التساؤلات التي أردت ان ابحث عن أجوبة لها من خلال الاثار  ومن خلال البحث والمطالعة وأؤكد ان أساتذة الاثار الذين قدموا مادتهم بأسلوب شيق كان احد فصول الرغبة التي تواصلت للمضي بعيدا واذكر من هؤلاء الأساتذة نخب أكاديمية متميزة  كطه باقر والدكتور بهنام ابو الصوف وعبد الجليل جواد وفوزي رشيد وطارق مظلوم واستعيد ما قاله لنا الاثاري الراحل ابو الصوف في ان الاثاري المميز من يترجم حرفيته في ان يكون عمله مهنة وليست وظيفة  والمبدع من يقدم ما يلبي خدمة للعمل الذي يزاوله".

وعن الخسارة التي منيت بها الاثار العراقية برحيل ابو الصوف، قال الأسود أن لكل آثاري رغبة في ان يضيف لسجله، إبراز الاثار العراقية واكتشاف المخفي منها، وهنالك الكثير من المواقع لم تظهر للعيان منها قبر حمورابي التي كان الراحل يطمح في اكتشاف موقعها او مدينة أكد التي لم يعرف موقعها لحد هذه اللحظة، وينبغي ان يتعلم الجيل الجديد ممن يلجون مضمار التنقيب واكتشاف المقتنيات الاثارية في ان يجدوا من طموحات من سبقهم في هذا المجال الرغبة في اقتفاء خطاهم ليسعوا الى ترجمة الأمنيات التي يبوح بها الاثاريين ولكن المؤسف ان إيقاف عمليات التنقيب وبصورة شبه تامة  يجعلنا نطالب الجهات المعنية الى الدعوة بإعادتها لإتاحة الفرصة  في صيانة وإدامة هذه المواقع.

أما الدكتور نبيل نور الدين الأكاديمي في كلية الاثار بجامعة الموصل، فقال ان الراحل بهنام ابو الصوف يعد من كنوز العراق الثمينة، مشيرا الى ان اتصالا هاتفيا جمعه بالراحل قبل شهرين من وفاته، حيث أعرب ابو الصوف عن سعادته بما يحققه الأكاديميون  في كلية الاثار بجامعة الموصل من انجازات علمية تسر كثيرين، وأثنى في ذلك الاتصال على الجهود التي تبذل، مشيرا الى صعوبة تعويض قامة علمية كقامة ابو الصوف معربا عن أمله بالكوادر الأكاديمية التي تتخرج من الجامعة في ان تحذو حذو الاثاري المعروف  وعن رغبة ابو الصوف بزيارة مدينته قال الدكتور نبيل نور الدين طالما جاهر الاثاري الراحل بأمنيته بزيارة المدينة لكن ظروف المدينة وعدم استقراره حال دون إتمام تلك الزيارة  مشيرا بان جامعة الموصل كانت تخطط لاستضافة الدكتور ابو الصوف لإلقاء محاضرات علمية في مجال الاثار على الكادر العلمي وطلبة كلية الاثار بغية توسيع المدارك الفكرية كما ان الجامعة كانت تطمح لتكريم الراحل بتقديم الشهادة الفخرية من الجامعة.

أما الدكتور عامر فتح الله الجميلي، فقال، تعرفت على الراحل  عام 2001 في مؤتمر خصص للاحتفال  بالألفية الخامسة  على ظهور الكتابة المسمارية في  العراق حيث أقيم المؤتمر في العاصمة الحبيبة بغداد  وخلال اللقاء الذي جمعني بالراحل انتهزت الفرصة للاستفسار منه  عن بعض القضايا  الاثارية ودوره بما يختص بتأصيل فخار الوركاء  وهو صنف شهير من أصناف الفخار المعروف  وهذا الفخار يؤرخ لدور من ادوار الحضارة الرافدينية  وكان المتخصصون يعدون هذا الفخار من أصل ايراني  لكن الدكتور ابو الصوف تمكن من اكتشاف أصل الفخار  واثبات عراقيته واقنع بذلك مشاهير الاثاريين  في انكلترا  وأمريكا والعالم  وتم التسليم من قبلهم بنظرية أبو الصوف برافدينية الفخار  وارتبط هذا الأمر باسمه  وأضاف الجميلي حدثت لقاءات  أخرى  بيني وبين الراحل أبو الصوف  وكانت اغلب تلك اللقاءات تجري في مدينة الموصل  كما إنني كنت أتواصل معه بواسطة الموبايل خصوصا بعد استقراره في العاصمة الأردنية ومغادرته للعراق تماما بعد العام 2003 وتمحورت تلك الاتصالات حول الاستفادة  من تراكمية الخبرة  التي كان يتمتع بها الراحل ابو الصوف.

وعن حبه لمدينة الموصل، اختتم الدكتور عامر الجميلي حديثه بالإشارة الى ان ابو الصوف كان يحب مدينته كثيرا  وكانت له عدة امنيات من أبرزها انه كان يتمنى ان يدفن في مدينته الحبيبة (الموصل) واعتقد ان هذه الأمنية لم تتحقق له لأنه مات في الغربة  كما جاهر بأمنياته باكتشاف موقع العاصمة الاكدية  الشهيرة (اكد) عاصمة سرجون الاكدي  الغير معروفة لحد الان  واكتشاف مقبرة الملك حمورابي  صاحب الشريعة  المشهورة في القانون  ولكن  وفاته حالت دون تحقيق تلك الاكتشافات وخسر العراق ومنطقة الشرق الاوسط والعالم  اثاريا كبيرا وعالما جليلا خدم الحركة الاثارية ويكفينا من عزاء المصيبة  ان الراحل ترك  طلابا وتلاميذ انتشروا في ربوع العراق وفي مواقع اثارية قديمة ينجزون ما كان قد تلقفوه منه.